الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

ثورة الشباب العربي(6) ثورة من أجل محاكمة ناهبي أموال الشعوب في البلاد العربية.....2



kolonagaza7

محمد الحنفي
والعبرة التي تؤخذ من محاكمة الفساد، والمفسدين، تتمثل في:
1) إعادة تربية جميع أفراد المجتمع، على احترام الثروة الشعبية، والعمل الدؤوب على حمايتها، والسعي إلى توظيفها لمصلحة الشعب: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والحرص على أن تصير تلك الخدمة منتجة للكرامة الإنسانية، التي هي الغاية الأساسية من وراء احترام، وحماية ثروات الشعوب، التي لا تتحقق إلا ب:
ا ـ تعليم شعبي ديمقراطي، يؤدي إلى تمكين جميع أبناء الشعب، في كل بلد عربي، من التعليم الجيد، القائم على أساس تكافؤ الفرص.

ب ـ توفير الشغل لكل أفراد الشعب في سن العمل، كحق إنساني، يجب التمتع به، مع مراعاة المؤهلات التي يحملها كل فرد، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.
ج ـ جعل الخدمة الصحية في متناول جميع أفراد الشعب، في كل بلد عربي، مهما كان لونهم، أو جنسهم، أو معتقدهم، من أجل محاربة جميع الأمراض التي يصاب بها الإنسان.
د ـ تمكين جميع الأسر، في كل شعب في البلاد العربية، من امتلاك سكن لائق يحفظ كرامة الأسرة، ويوفر لها الاستقرار، حتى يتمكن أفرادها من خدمة المجتمع، ومن القيام بدورها في فرض احترام ثروات الشعوب، وفي حماية تلك الثروات.فالكرامة الإنسانية شرط لوجود الإنسان، ولوجود الشعب، في أي بلد من البلاد العربية، وإلا فإن الإنسان غير موجود. والشعوب عبارة عن قطعان من الحيوانات، التي يرعاها الحكام، من أجل الاستفادة منها.
2) إعداد الشعوب للتصدي لكل أشكال الفساد، التي تطال الإدارة، والعمل السياسي، وخاصة في المناسبات الانتخابية، حيث يتخذ الفساد السياسي تجليات متعددة، وخاصة تلك التي ترتكز على تشغيل الشباب العاطل، للقيام بالحملات الانتخابية، دون اقتناع لا بالأحزاب، ولا بالبرامج، ولا بالأهداف، خلال أيام الحملة، ليرجعوا بعد ذلك إلى العطالة التي تنتظرهم.
والشعوب، عندما تمتلك الوعي بالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، عندما تدرك خطورة الفساد السياسي على مستقبلها، فإنها تعد
ولإدراك أهمية خطورة الفساد السياسي، على مستقبل الشعوب، لا بد من:
ا ـ تحديد مفهوم الفساد السياسي، الذي يؤدي إلى تزوير إرادة الشعب، في كل بلد عربي، لإيجاد مؤسسات تمثيلية، لا تعبر بالضرورة عن إرادة الشعوب العربية، بقدر ما تأتي استجابة لإرادة الحكام، وأذنابهم، لخدمة مصالح الطبقات، التي ينتمي إليها أولئك الحكام.
ب ـ تحديد مظاهر الفساد السياسي: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، حتى تستطيع الشعوب إيجاد الآليات المناسبة، لمحاربة كل مظهر من المظاهر، التي يتم تحديدها، والتي يتم تفعيل معظمها على مدار السنة، حتى يتأتى جعل الفساد السياسي جزءا من الحياة العامة، كما هو حاصل، أو التي يتم تفعيلها بالخصوص، كلما كانت هناك انتخابات، من بداية التسجيل في اللوائح الانتخابية، إلى إعلان النتائج.
ج ـ تحديد المناصب السياسية، التي يتم عن طريقها تكريس الفساد السياسي، من أجل إيجاد آليات للعمل، على مواجهة مستغلي المناصب السياسية، لممارسة كافة أشكال الفساد السياسي، الذي تتضرر منه الشعوب في البلاد العربية، في أفق جعل مختلف المناصب السياسية، غير منتجة للفساد السياسي، حتى تصير الشعوب العربية خالية منه.
د ـ تحديد الأضرار التي تلحق الشعوب في البلاد العربية، بسبب إشاعة الفساد السياسي، بين أفراد كل شعب، سواء كانت اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، باعتبارها مجالات ينعكس عليها الفساد السياسي، مما يجعل الأضرار التي تلحق المجتمعات العربية مضاعفة، ومن أجل وضع برنامج شامل لمحاربة أضرار الفساد السياسي. وبناء على التحديد المذكور، يصير إعداد الشعب، بجميع فئاته العمرية، وبجميع طبقاته الاجتماعية، وسيلة من الوسائل الأساسية، التي يمكن اعتمادها لمحاربة مظاهر الفساد السياسي، في أفق استئصاله، وبصفة نهائية، من الحياة السياسية.
3) التخطيط، والبرمجة، من أجل العمل على إنضاج الشروط الموضوعية، التي تؤدي إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، ذلك أن جميع الشعوب العربية، عرفت، وتعرف فسادا سياسيا، لا محدودا، نظرا لكون الشروط الموضوعية المؤدية إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، غير متوفرة، باعتبارها أهدافا كبرى.
ومن الشروط الموضوعية المؤدية إلى تحقيق الأهداف الكبرى، المشار إليها، نجد:
ا ـ قيام دستور ديمقراطي شعبي، يصير فيه الشعب سيد نفسه، ومصدرا لجميع السلطات، حتى يستطيع الشعب في كل بلد عربي تقرير مصيره الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.
ب ـ إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، لإيجاد مؤسسات تمثيلية حقيقية، تعكس إرادة الشعب في كل بلد عربي، وتعمل على خدمة مصالحه.
ج ـ إيجاد حكومة من الأغلبية البرلمانية، تكون مسؤولة امام البرلمان، وتخضع لمحاسبته، ومراقبته.
د ـ العمل على إيجاد حلول للمشاكل العامة، كمشكل التشغيل، والتعليم، والصحة، والسكن، والنقل العمومي، ومد الطرقات إلى مختلف التجمعات السكنية، ومد الكهرباء، والماء، وخطوط الهاتف إلى جميع المنازل، في كل بلد عربي، حتى يصير كل ذلك في متناول المواطنين.
ه ـ تحرير الاقتصاد الوطني من التبعية، ونهج سياسة تنموية اقتصادية حقيقية، حتى يتأتى توفير المزيد من مناصب الشغل للعاطلين، والمعطلين، في جميع القطاعات الاقتصادية، والاجتماعية.
و ـ اعتماد التصنيع، ومكننة الزراعة في المدن، والقرى، كوسيلة تنموية ناجعة، من أجل دعم استقلال الاقتصاد الوطني، في كل بلد من البلاد العربية.
ز ـ تمتيع جميع أفراد الشعب، في كل بلد عربي، بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، حتى يكتسبوا جميعا حقهم في المواطنة.
ح ـ ملاءمة جميع القوانين الوطنية، في كل بلد عربي، مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى تصير القوانين الوطنية، في خدمة تمكين المواطنين، في كل بلد عربي، من التمتع بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. فالعمل على إنضاج هذه الشروط، لا بد أن يؤدي، بالضرورة، إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، باعتبارها أهدافا كبرى، تسعى الشعوب العربية إلى تحقيقها، نظرا لحرمانها منها، بسبب سيطرة الأنظمة الاستبدادية على مصيرها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مما يجعلها تعيش حالات الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال. ومحاكمة ناهبي ثروات الشعوب، لا تأتي هكذا، بدون أهداف، بل لا بد من أهداف تسعى ثورة الشباب إلى تحقيقها من وراء ذلك.والأهداف المتوخاة من وراء من محاكمة ناهبي ثروات الشعوب:
1) الانطلاق من أن لا أحد فوق القانون، مهما كانت المسؤولية التي يشغلها، مادام يستغل نفوذه في نهب ثروة الشعب، مهما كان هذا الشعب، وفي كل بلد من البلاد العربية
2) التأكيد على ضرورة استقلال القضاء عن السلطتين: التشريعية، والتنفيذية، حتى يستطيع متابعة أي مسؤول، مهما كانت درجة مسؤوليته، في بنية أجهزة الدولة، بمجرد تلقي شكاية من أبسط مواطن، يدرك ما يمارس من نهب على ثروة الشعب، في البلد العربي الذي ينتمي إليه.
3) حماية أموال الشعب، في كل بلد عربي، من عملية النهب، حتى تصير تلك الأموال في خدمة مصالح الشعب: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
4) استرجاع أموال الشعب، التي تم نهبها من قبل المسؤولين، في مختلف درجات المسؤولية، بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، حتى وإن تقادمت عملية النهب المذكورة.
5) إعادة تربية المسؤولين على تحمل المسؤولية، في حماية ثروات الشعوب، والتصدي لممارسي النهب، مهما كان مستواهم، وتقديمهم إلى المحاكمة، في كل بلد من
6) التربية على استحضار ضرورة الالتزام بما هو منصوص عليه في القوانين ذات الطابع المحلي، أو الوطني، أثناء ممارسة المسؤولية، في تدبير الشأن العام، واتخاذ الإجراءات الضرورية ضد كل الأعوان، والمساعدين، الذين لا يلتزمون بتطبيق القوانين المختلفة، أثناء ممارستهم لمهامهم.
7) التربية على استحضار مضامين المواثيق، والمعاهدات الدولية، وخاصة منها تلك المتعلقة بحقوق الإنسان، وسمو المواثيق، والمعاهدات الدولية على القوانين المحلية، والوطنية.
8) التربية على احترام الشعب، في كل بلد عربي، حتى يمتنع المسؤولون عن القيام بأي عمل يسيء إلى الشعب. وذلك من خلال احترام كرامة المواطن، أنى كان لونه، أو جنسه، أو معتقده، أو لغته، أو طبقته الاجتماعية.فتحقيق هذه الأهداف، من وراء محاكمة ناهبي ثروات الشعوب، يقف وراء تحول الواقع، في اتجاه الأحسن، سعيا إلى تخليصه من ناهبي ثروات الشعوب، ومن مصاصي الدماء، الذين يطلبون المزيد من الاستفادة، ودون التوقف عند حدود معينة. وهو ما يعني إعطاء الفرصة للشعوب، من أجل تحقيق التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يجعل الشعوب العربية تشرع في بناء حضارتها المعاصرة، التي لا يحضر فيها إلا الصراع الديمقراطي، الهادف إلى الاتقاء بالشعوب العربية إلى الأحسن.والأهداف المتحققة من وراء محكمة ناهبي ثروات الشعوب، قد تكون تربوية، وقد تكون مرحلية، وقد تكون إستراتيجية.فهي تصير تربوية، عندما تسعى إلى تقويم سلوك الأفراد، والجماعات، حتى يتخلص الجميع من مجرد التفكير في نهب ثروات الشعوب، عندما يتحملون مسؤوليات تمكنهم من ذلك. وهي مرحلية، عندما تتخذ طابع التدرج، الذي يرقى بالمجتمع من مرحلة، إلى أخرى، في أفق الوصول إلى وضع حد لناهبي ثروات الشعوب، وبصفة نهائية. وهي إستراتيجية، عندما تضع في اعتبارها تغيير الاختيارات المنتجة لمسلكية نهب ثروات الشعوب، باختيارات تنتفي فيها نهائيا، إمكانية إنتاج تلك المسلكية، لتتخلص الشعوب العربية من كل أشكال النهب، التي تتعرض لها ثرواتها، لتصير بذلك خالصة لها، وفي خدمة مصالحها، الضامنة للتوزيع العادل للثروة.
وفي حالة وجود قوانين صارمة، تهدف إلى محاكمة ناهبي ثروات الشعوب، مهما كان مستواهم، فإن التخلص من ناهبي ثروات الشعوب، على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد، تصير ضرورية، ليصبح المسؤولون شيئا آخر، مع التحول الإيجابي، الذي يعرفه الواقع، عن طريق التخلص من الشروط الموضوعية الفارزة لكل أشكال الفساد الإداري، والسياسي، المنتج لنهب ثروات الشعوب على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد.
فالتخلص من الشروط الموضوعية الفارزة لكل أشكال الفساد، معناه إنضاج شروط موضوعية نقيضة، منتجة للحس الإنساني، وللشعور بتحمل مسؤولية تدبير أمور الشعوب العربية، وبأن تلك المسؤولية تقتضي الحرص على حماية ثروات الشعوب، وتوظيفها لخدمة مصالح الشعوب: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد. وهذا الشعور بالمسؤولية، لا يعفي من ضرورة إيجاد هيئات للمراقبة، والمحاسبة على جميع المستويات، وفي كل بلد عربي على حدة، من:
1) التأكيد على سلامة، وحماية ثروات كل شعب على حدة، من عملية النهب، التي قد تحدث هنا، أو هناك.
2) محاسبة، ومحاكمة كل من تجرأ على نهب، ولو جزء يسير من ثروة الشعب، في كل بلد عربي، مهما كان مستواه الإداري، ومهما كانت مسؤوليته السياسية.
3) الإشراف على توجيه عملية الصرف المركزي، والجهوي، والإقليمي، والمحلي، انطلاقا من أولويات خدمة مصالح الشعب في كل بلد عربي.وهيئات المراقبة المذكورة، تكون ذات بعد وطني، وجهوي، وإقليمي، ومحلي، وتكون منفتحة على جميع أفراد الشعب في كل بلد عربي، ومتتبعة لما ينشر في الإعلام السمعي / البصري، والسمعي، والمقروء، والإليكتروني، من أجل الإحاطة بما يجري على مستوى نهب الثروات، التي ترجع ملكيتها إلى الشعوب، أو على مستوى الأوجه التي تصرف فيها:
وهل يستفيد منها الشعب، أم لا؟
رغبة من المسؤولين، ومن المشرفين على عملية الصرف، في جعل ثروات الشعوب لا تخدم غير مصلحة الشعوب. وإلا فإن إجراءات المحاسبة، في أفق المحاكمة، تبدأ بسبب التبذير، الذي تتعرض له ثروات الشعوب؛ لأن التبذير، هو نفسه شكل من أشكال النهب.

مشاركة مميزة