الأحد، 18 سبتمبر 2011

كردســـــتان بلدي

kolonagaza7

فلاح المشعل*
أحتفظ بحب استثنائي وانتماء وجداني فريد لكردستان العراق بصفتها الملاذ الذي لم تطفئ فيه ضياء الحرية وهي ترسم قصة شعب ووطن يعيش دورات متوالية من التحدي والصراع من أجل الحياة بكرامة والبقاء كراية تحمل تاريخ نضالي وأحلام شعب يهفو للتحرر والاستقلال ومغازلة الشمس في كل نهارات الزمن الكردي.
انا عشت في كردستان ردحا من الزمن وتنافذت احاسيسي وأعماقي مع الحياة الكردية وشممها المطلق وكرمها وطيبتها المنفتحة على الأزمنة رغم الفقر والعوز والخوف والتشرد والحرمان الذي هيمن على أغلب سنوات نضالها ومخاضاتها السياسية والاجتماعية ، لهذا أجيز لنفسي استعارة عنوان الشاعر الداغستاني الكبير رسول حمزاتوف لكتابه الشهير {داغستان بلدي } الذي تغزل فيه بأمجاد داغستان وقدسيتها ، وأقول سأضع عنوان كردستان بلدي مع ايماني بأن كردستان الحبيبة وعمق التحولات التي حدثت فيها أبان العشرين سنة الأخيرة تستحق منا كتابا موسعا وليس مقالا فحسب ..فكيف الحال مع تاريخ من النضال والجمال والحكايا..؟
الشعب الكردي يمتاز بقدرة عالية على الحب والتماهي مع الطبيعة وتحمل المصاعب الجسام وتحدي المستحيل بهدف صناعة حياة تليق بأحلامه المتاحة لكل شعوب وأمم الأرض ألا وهي الوطن المستقل الذي لا ينحني للاضطهاد او للسلطان الجائر او للتبعية القومية التي تسحق خصوصيته الروحية والقومية التي ترتقي لمصاف المقدسات الواجب احترامها والتضحية من أجلها ، وتلك هي اسرار القوة الداخلية لهذا الشعب الذي أعطى حقيقة أنه شعب مكرس للبناء والحضارة والنضال والتجدد لهذا فهو شعب لا يموت رغم عنف هجمات القتل والتشريد والتغريب التي مورست بحقه كما لم تمارس ضد اي شعب في العالم عبر التاريخ، لهذا يستحق الشعب الكردي ان تقام له النصب والتماثيل التي تمجد صموده وبطولاته الأسطورية من أجل الحرية والكرامة والسيادة الكردية .
الرئيس مسعود البارزاني جدير بزعامة حكومة إقليم كردستان فهذا الرجل سليل عائلة قائدة لنضالات الشعب الكردي وتتصدر قوائم التضحية والفداء لذا فهي تحافظ على خليط من نزعات قومية نضالية وأخرى دينية عقائدية وثالثة ذات بعد شعبي جعل من البيت البارزاني منتخب شعبيا في التعبير عن هموم ونضال الكرد وتطلعاتهم لحياة تقوم على شروط الكرامة والاستقلال والحرية ،وفي قراءة سريعة لمنجزه السياسي والاقتصادي والعمراني في حكومة الإقليم خلال ثماني سنوات ،فأن القياس الموضوعي يدفع لترشيحه ان يكون رئيسا للعراق بهدف تخليص الوطن من أزماته ومقاربته لما تحقق في الإقليم من نهضة عمرانية وصناعية وتطوير للبنى التحتية والتنمية الاجتماعية والصحية والإعلامية والثقافية مع استتباب للأمن والاستقرار السياسي الذي دفع بالشعب الكردي وبعض قواه الوطنية للمطالبة بالمزيد من الإصلاحات والتنمية ودعم القطاعات والفئات الفقيرة التي لم تزل تعاني من البطالة وانحسار فضاء الحرية ، ومحطة الاحترام للأخ البارزاني تكبر بسبب قدرة على إنضاج التجربة السياسية وقيادتها بنجاح وسط محيط إقليمي قومي وسياسي مضاد للتجربة ان لم نقل معادي لها ومتقاطع مع نجاحها وامتداد أفقها لكل من كورد ايران وتركيا وسوريا ، نجاح البارزاني يعيد تجديد الثقة بنهوض الأمنية في دولة قومية حديثة بقيت تومض في أفق أحلام الشعب الكردي منذ أحكمت الصراعات الدولية على نهاية دولة مهاباد .
كردستان بلدي، آوتنا يوم اشتدت علينا قسوة الفاشست في بغداد وهي تفتح ذراعيها لكل الأحرار والثوار والمناضلين من أجل حقوقهم وحرياتهم، كريمة كانت كردستان ولم تزل رغم جراحها المخبوءة في الذاكرة التي عادت تتهجى من جديد بأن قانون الحرية لكردستان لا يمكن ان يتحقق دون الديمقراطية للعراق وهو ما يتكفله الوطنيون الاحرار وليس الطائفيون و المذهبيون المنغلقون و التابعون لأجندات إقليمية، كردستان بلدي لن تخيفها قنابل الجوار وسخام دخانها الأسود لان فوق كل ذلك ثمة علم يرفرف يشع بشمس كردستان، كردستان بلدي وحبيبتي.
Falah_almashal@yahoo.com
* فلاح المشعل كاتب وصحفي عراقي، رئيس تحرير جريدة الصباح سابقا.

مشاركة مميزة