kolonagaza7
التجديد
قد يكون التقارب في موعدي مؤتمر دول الصحرء والساحل ومكافحة الإرهاب بالجزائر واجتماع مجلس وزراء التعاون الخليجي في جدة هذا الأسبوع أمرا عاديا لم يجري التخطيط له، إلا أنه في المقابل يطرح من جديد التعارض بين استراتيجيتين متوازيتين بالنسبة للمغرب في المنطقة، وتحديات ذلك على مستقبل السياسة الخارجية لبلادنا في ظل تحولات محيطها المغاربي والعربي، ثم انعكاسات سياساتها الداخلية على تقوية أو أضعاف موقعها وكذا هامش المناورة في خيارتها.الباعث على طرح ما سبق من إشكالات هو ما حصل من غاب أو تغييب للمغرب عن مؤتمر الجزائر والذي حضرته بالإضافة إليها كل من موريتانيا ومالي والنيجر ومعهم الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن من ناحية أولى، وبمشاركة المغرب في اجتماع دول التعاون الخليجي لمدارسة حيثيات الانضمام المغربي بمعية الأردن إلى هذا المجلس من ناحية ثانية، مع تسجيل غياب كل من تونس وليبيا عن اجتماع الجزائر من ناحية ثالثة، ورغم استمرار هواجس التحالف ضد الثورات العربية الديموقراطية في اجتماع جدة فإن ما لوحظ من نزوع جل دول التعاون نحو الاصطفاف لصالح التحولات القائمة في مصر وليبيا وسوريا أخذ يخفف من هذه المقولات من ناحية رابعة.في الواقع هذا جزء من سيرورة تحولات عميقة في المنطقة ككل، تضع المغرب بين خيارين، إما الانخراط الفعال في بناء محور ديموقراطي إصلاحي عربي، وإما الارتهان لعهد ما قبل الربيع الديموقراطي العربي، وكلاهما له استحقاقاته الداخلية وتحدياته الخارجية، إلا أن التطورات الأخيرة تكشف عن أن المغرب مدعو للحسم لصالح الخيار الأول، بعد أن ظهرت أهميته في تجاوز الخوف من عزلة متوهمة بفعل نجاح الجزائر في إبعاد المغرب عن المشاركة في مشروع مكافحة الإرهاب في الساحل والصحراء، وهو أمر كان مطروحا بحدة في عهد ما قبل الربيع العربي، لكنه اليوم لا يعد قائما ولاسيما بعد أن التحقت ليبيا بالمغرب في عدم المشاركة، فضلا عن تونس التي لم تكن جزءا من المؤتمر، وظهر في خطابات المؤتمر حجم الضغط الذي يمثله الوضع الجديد على الرؤية الجزائرية القديمة، بحيث أن خطر العزلة أصبح قائما بالنسبة للجزائر أكثر من المغرب والذي في عهد ما قبل الربيع العربي احتج على استثنائه. وللعلم فقد شكلت هذه العزلة هاجسا للمغرب بفعل استغلال الجزائر لموضوع الإرهاب في الصحراء من أجل صناعة قيادة إقليمية حولها في هذا المجال الحيوي ذي التأثير على استراتيجيات القوى الكبرى، وعوضا عن ذلك فإن وجوده ضمن دول مجلس التعاون الخليجي مثلت البديل لتجاوز تلك العزلة المتوهمة.لقد سعى المغرب في السابق إلى القول بكون أي دولة فاشلة وهشة جديدة في الصحراء لن تكون سوى ملاذا آمنا لشبكات الإرهاب، وهو ما كان له دوره في ترجيح مواقف عدد من الأطراف في الساحة الدولية، بحيث اعتبرت ذلك مبررا لدعم مشروع الحكم الذاتي المقترح. إلا أن المغرب اليوم بيده ورقة أكبر تتحقق بوجوده ضمن المحور الديموقراطي العربي، وتجعل من نجاحه في التحول الديموقراطي الأداة الأساسية في خطابه الجديد حول قضية الصحراء، بعد أن كانت الورقة الحقوقية عنصر ضغط وابتزاز للمغرب في الخارج من قبل خصومه، مما يفرض التقدم وبوتيرة أسرع في تنزيل مقتضيات ذلك، وكل تراجع أو تخلف أو ارتداد فإن الثمن هو قوة المغرب في محيطه.
مصطفى الخلفي
مصطفى الخلفي