kolonagaza7
بقلم: مأمون شحادة
ليس من الغريب أن يخرج قبطان سفينة مرمرة، السيد أردوغان، بخطاب ممزوج برشفة قهوة على الطريقة التركية، فعملية احتساء الأخيرة عند ذلك البحّار مختلفة، ومؤدلجة، ومتمحصة، ليصل عبقها إلى ثكنات المؤسسة العسكرية، وكأن الرشفة الأولى هي تماماً مثل ما قبل الأخيرة.
هكذا هي التلميحات الأردوغانية، احتساء جيد، وارتشاف متدرج يقلب صفحات ذكريات المؤسسة العسكرية التركية بطريقة الضرب على الخاصرة لإنهاء حكم العسكر.
قبل عام ونصف من كتابة هذا المقال نشرت مقالاً بعنوان: "الجيش والبوصلة السياسية لأردوغان"، تحدثت فيه عن سعي أردوغان للحد من العلاقة الوثيقة بين مؤسسة الجيش التركي ودولة الاحتلال الإسرائيلي- لإضعاف المؤسسة وليس استهدافاً لإسرائيل- موضحاً أمثلة تبين مدى متانة تلك العلاقة، حينما كانت مؤسسة الجيش تمنع أي إجراء يحد من العلاقة مع "إسرائيل"، تَمَثّل ذلك في العام 1997 حينما تم الاتفاق بين مؤسسة الجيش و"إسرائيل" على المناورات التدريبية العسكرية، والمسمى "تقدير المخاطر"، من دون علم أربكان، الذي أُجبر على مقابلة وزير الخارجية "الإسرائيلي" بقوة الجيش.
وهذا ما حدث أيضا في العام نفسه، حينما دعت بلدية "سنجان"، وبأمر من أربكان إلى تظاهرة ضد الأعمال الإسرائيلية في القدس، ما أدى إلى تدخُّل مؤسسة الجيش، واعتقال رئيس البلدية، الذي شكّل إحراجا لحكومة أربكان أمام هذه التصرفات.
وبما أن العلاقة "التركو-إسرائيلية" تمثل بنداً قوياً لسيادة العسكر في الجمهورية التركية، كان لا بد لأردوغان من استهداف هذا البند وإظهار نوع من قطع العلاقة بين الجانبين شكلياً، مثلما حصل في دافوس وغيرها... وأخيراً طرد السفير الإسرائيلي.
فليس المقصود بعملية الطرد دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل المقصود مؤسسة الجيش، لإظهار الكم الديمقراطي الكبير الذي أصبح يتمتع به المجتمع التركي، حكومة وشعبا،ً وفق سياسة داخلية عنوانها "استقلال القرار السياسي عن تلك المؤسسة".
إن طرد السفير "الإسرائيلي" عن الأراضي التركية ليس إلا زوبعة في فنجان، وحيثيات معالمها ترتسم بالمثل القائل: "إياك أعني واسمعي يا جارة"، لأن العلاقة "التركو-إسرائيلية" أكبر مما يتوقعه أي محلل سياسي أو خبير عسكري، فعاجلاً أم آجلا سيعاد ترميم العلاقة، لأن العمق الاستراتيجي، والثقل الإقليمي الذي تبحت عنه تركيا في المنطقة أكبر من أن يكتب في مقال سياسي أو بحث علمي.
كاتب فلسطيني
wonpalestine@yahoo.com
ليس من الغريب أن يخرج قبطان سفينة مرمرة، السيد أردوغان، بخطاب ممزوج برشفة قهوة على الطريقة التركية، فعملية احتساء الأخيرة عند ذلك البحّار مختلفة، ومؤدلجة، ومتمحصة، ليصل عبقها إلى ثكنات المؤسسة العسكرية، وكأن الرشفة الأولى هي تماماً مثل ما قبل الأخيرة.
هكذا هي التلميحات الأردوغانية، احتساء جيد، وارتشاف متدرج يقلب صفحات ذكريات المؤسسة العسكرية التركية بطريقة الضرب على الخاصرة لإنهاء حكم العسكر.
قبل عام ونصف من كتابة هذا المقال نشرت مقالاً بعنوان: "الجيش والبوصلة السياسية لأردوغان"، تحدثت فيه عن سعي أردوغان للحد من العلاقة الوثيقة بين مؤسسة الجيش التركي ودولة الاحتلال الإسرائيلي- لإضعاف المؤسسة وليس استهدافاً لإسرائيل- موضحاً أمثلة تبين مدى متانة تلك العلاقة، حينما كانت مؤسسة الجيش تمنع أي إجراء يحد من العلاقة مع "إسرائيل"، تَمَثّل ذلك في العام 1997 حينما تم الاتفاق بين مؤسسة الجيش و"إسرائيل" على المناورات التدريبية العسكرية، والمسمى "تقدير المخاطر"، من دون علم أربكان، الذي أُجبر على مقابلة وزير الخارجية "الإسرائيلي" بقوة الجيش.
وهذا ما حدث أيضا في العام نفسه، حينما دعت بلدية "سنجان"، وبأمر من أربكان إلى تظاهرة ضد الأعمال الإسرائيلية في القدس، ما أدى إلى تدخُّل مؤسسة الجيش، واعتقال رئيس البلدية، الذي شكّل إحراجا لحكومة أربكان أمام هذه التصرفات.
وبما أن العلاقة "التركو-إسرائيلية" تمثل بنداً قوياً لسيادة العسكر في الجمهورية التركية، كان لا بد لأردوغان من استهداف هذا البند وإظهار نوع من قطع العلاقة بين الجانبين شكلياً، مثلما حصل في دافوس وغيرها... وأخيراً طرد السفير الإسرائيلي.
فليس المقصود بعملية الطرد دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل المقصود مؤسسة الجيش، لإظهار الكم الديمقراطي الكبير الذي أصبح يتمتع به المجتمع التركي، حكومة وشعبا،ً وفق سياسة داخلية عنوانها "استقلال القرار السياسي عن تلك المؤسسة".
إن طرد السفير "الإسرائيلي" عن الأراضي التركية ليس إلا زوبعة في فنجان، وحيثيات معالمها ترتسم بالمثل القائل: "إياك أعني واسمعي يا جارة"، لأن العلاقة "التركو-إسرائيلية" أكبر مما يتوقعه أي محلل سياسي أو خبير عسكري، فعاجلاً أم آجلا سيعاد ترميم العلاقة، لأن العمق الاستراتيجي، والثقل الإقليمي الذي تبحت عنه تركيا في المنطقة أكبر من أن يكتب في مقال سياسي أو بحث علمي.
كاتب فلسطيني
wonpalestine@yahoo.com