الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

هل الناتو بريء من دم القذافي ؟



kolonagaza7

بقلم / رمزي النجار / باحث وكاتب
بعد وقت قصير من زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون المفاجئة إلى طرابلس، وحديثها وتمنياتها ان يتم العثور على القذافي مقتولا، أعلن عن مقتل القذافي بطريقة أو بأخرى، فالقصص التي سيقت والروايات التي تم تداولها عن الطريقة التي مات بها القذافي، تم تكذيبها من خلال مقاطع الفيديو التي بثت على القنوات الفضائية العربية والأجنبية وشبكات الانترنت، فالقذافي ظهر واقفا يقاوم بيديه الثوار ويبصق عليهم، ولكن في مقطع آخر تم تصوير القذافى وهو ملقى على الأرض ميتا وفي بركة من الدماء في ذات المكان الذي ظهر فيه في مقاطع الفيديو، فضلا عن إثارة تساؤلات حول الجهة المنفذة لهذا الإعدام والتي لها مصلحة بالتخلص منه ولو بتصفيته جسديا، فهل سقط القذافي وابنه في كمين نصبته لهم مجموعة مسلحة تابعة للثوار ام ان الناتو بريء من دمائه براءة الذئب من دم يعقوب وان الرصاص الذي خردق جسده قد انطلق من أسلحة فرقة إعدام جهزت خصيصا لإعدام القذافي ؟
وتسارعت جميع دول الناتو من فرنسا وأمريكا وأعلنت في بيانات صحفية عن مشاركتهم في قصف رتل سيارات كان القذافي بداخلها وإصابته بشكل مباشر وقتل عدد من مرافقيه وتدمير الرتل وخروج القذافي مصابا في رأسه فقبض عليه الثوار وقتلوه.
وهل هي مجرد مصادفة ان يقتل القذافي بعد ساعات من زيارة هيلاري الى طرابلس ؟ ولماذا ظهرت في مسرح الجريمة جثه القذافى ولم تظهر جثث الذين كانوا برفقته من ابنه المعتصم ووزير دفاعه وحرسه الشخصي ؟
ان الإجابة على هذه الأسئلة تزيل الغموض وتضعنا أمام الحقائق، وعليه نقول أن وصول كلينتون الى طرابلس جاء بعد معلومات استخبارتيه أمريكية بأن قوات التحالف حددت مكان القذافي وانه محاصر وليس له مفر للهرب، فالزيارة جاءت لوضع الترتيبات النهائية لمرحلة ما بعد القذافى ورحيله عن الوجود ، وربما يكون قد تم القبض عليه وأعدم وتم إرجاء الإعلان عن النبأ لحين ترتيب سيناريو اعدامة بطريقة معينة ليكون عبرة للآخرين.
الشواهد على أرض الواقع كثيرة ، فالتصريحات الإعلامية التي سبقت مقتل القذافي والصادرة عن دول الناتو والمجلس الانتقالي والزيارات المتعاقبة لكبار مسئولي دول الناتو الى طرابلس والفرقعات الإعلامية التى كانت تسرب إلى وسائل الإعلام حول القذافي وأولاده أعطت انطباعا منذ الوهلة الأولى على ان أمر ما سيحصل في ليبيا، وهذا بالفعل ما حصل مقتل القذافي ، كما أن كل التصريحات التى صدرت بعد مقتل القذافي أكدت أن هناك ارتياحا كبيرا فى عواصم غربية متعددة لوفاة القذافي.
ان إعدام القذافي كان بقرار أكبر من الثوار الذين قبضوا عليه حيا، وان قتل القذافي عمدا وإعدامه بدم بارد لا يبشر بخير، ولا ندري كيف ستكون ليبيا عنوانا للتغيير والحرية والديمقراطية؟ ولا نعلم كيف ستكون العلاقة بين ليبيا الجديدة والغرب خاصة فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية؟ وقد لا تجري الأمور كما يريد الشعب الليبي ومصالحه في علاقته بالغرب.
لا احد يمكن أن يجادل في ديكتاتوريه نظام القذافي، فلقد حكم البلاد بالحديد والنار خلال ما يزيد على الأربعين عاما، لكن الطريقة البشعة التي تعامل بها من يدعون الثورة على الظلم، ليست الطريقة التي يمكن أن تضع ليبيا في مصاف الدول الديمقراطية او الحرية، فهذا الذي حصل وما زال يحصل من عمليات الثأر والقتل العمد لأشخاص مواليين للقذافي أو مقربين منه، لا علاقة له بالديمقراطية او الحرية او حقوق الإنسان، وان ما ارتكبه النظام الليبي زمن القذافي لا يمكن أن يكون مبررا للقيام بجرائم مماثلة.
على كل حال إن ما حدث للقذافى جريمة حرب ضد الإنسانية، وجريمة يعاقب عليها القانون الدولي الإنساني، وقتل خارج نطاق القانون، ومخالفا للدين الإسلامي الحنيف ، فمن المفترض كان لابد أن يعامل القذافى معاملة الأسير، باعتباره فى قبضة العدالة، فالناتو هو المسئول الأول والأخير عن دم القذافي، وهي جريمة حرب بالدرجة الأولي يجب محاكمه مرتكبيها، فعندما تدخل الغرب في ليبيا كان ذلك من أجل حماية حقوق الإنسان وحماية الشعب الليبي من بطش القذافي، واليوم الغرب لم يهتم بالطريقة التي قتل فيها القذافي، ولم يشكل له ذلك انتهاكا لحقوق الإنسان، فالغرب الذي يطالب بليبيا الجديدة، على أسس الديمقراطية والحرية واحترام الحقوق ، هو الغرب ذاته الذي ضحى في السابق بحقوق الإنسان والحريات وتغييب الليبيين، من اجل الحفاظ على مصالحهم الاقتصادية بنهب ثروات البلاد خاصة النفط.
http://es.mc239.mail.yahoo.com/mc/compose?to=palramzy@yahoo.com

مشاركة مميزة