الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

ركلات ترجيحية لعميد الحكام العرب



kolonagaza7

د. فايز أبو شمالة
لا يليق بعميد الحكام العرب إلا ميتة تناظر مستواه الرفيع بين الحكام، فطالما كان استثنائياً في طريقة حكمه، فمن الجدير أن يكون الموت الذي يلاقيه استثنائياً، لأن العقاب من جنس العمل، ولما كان سفك دم الليبيين من مميزات حكم القذافي، فإن من العدل أن يرتد الظلم إلى نحر مطلقه، وتكون الطريقة التي يموت فيها القذافي تتماثل مع شخصيته، فالرجل الذي سخر من الشعب الليبي، وسخّف حاضره، واحتقر طاقاته، وعاث فساداً في الأرض، يليق فيه الموت صفعاً على وجهه، وسفعاً بناصيته كما ظهر على "اليوتيوب"، لقد مات القذافي بالركلات الترجيحية، مات بعد أن أغرقه الثوار بالبصاق والاحتقار، مات عميد الحكام العرب بمحاكمة ميدانية عفوية استمرت ست ساعات، حدد بأفعاله الشنيعة القضاة والشهود والمنفذين للحكم فيه، لقد استحث بتصرفاته وماضية المجرم أيادي الثوار كي تتخطفه، وتشده ذات اليمين وذات الشمال، حتى صار جرذاً استفزت رائحته مخالب القطط، ليموت عميد الحكام العرب بما يليق بجلال اللقب، مات القذافي صفعاً وركلاً ونهشاً وهبشاً.
لا شماتة في الموت، إنها حقيقة، ولكننا نفرح لتصفية الحساب مع صاحب الأفعال الدنيئة التي أوصلته إلى حوافي الموت، ليلفظ أنفاسه تحت النعال، فرحنا لموت غبيٍّ أجوفٍ أبلهٍ اغتصب لقب عميد الحكام العرب، ليؤكد للقاصي والداني أن الجهل والتخلف والحقد والتعسف من مقومات الحكم في بلاد العرب، بل راح القذافي يمارس عملياً ما يؤهله للاحتفاظ بلقب عميد الحكام العرب بلا منازع، فاستبد وبغى، وتسلط وطغى، وقهر الشرفاء بقسوة، حتى ظن نفسه الإله معمر القذافي، دون أن يدرى أنه يمشي مترنحاً إلى مصيره الغامق، كي يمحق أثره، ويحتقر ذكره، وتنطبق عليه الآية الكريمة "ما أغنى عنه ماله وما كسب".
راقبت ردة فعل الفلسطينيين في قطاع غزة، واستمعت لتعليقات الكثيرين منهم على الطريقة التي مات فيها معمر القذافي، وأعجبني قول اثنين:
الأول قال: ليت القذافي لم يمت بهذه السرعة، وليت ثوار ليبيا نجحوا في التحقيق معه، لمعرفة الأسباب الكامنة خلف تدميره طاقة الشعب الليبي، ولصالح من تعمد إهدار موارد البلاد؟ وما علاقته باليهود؟ وأي الجهات الدولية التي اقترحت عليه فكرة "إسراطين" لحل الصراع مع إسرائيل؟ ولماذا أعلن الحرب على مصر العربية؟ ولماذا عمل على تقسيم السودان، وتدمير الصومال؟ ولماذا طرد الفلسطينيين من ليبيا، وتركهم يضوون جوعاً على الحدود المصرية؟ لصالح من ذبح الليبيين؟ ومن نظيره من الحكام في ارتباطاته الخارجية، وخيانته للأمة؟
الثاني قال: موت القذافي خلق حالة من الفرح في قلوب الفلسطينيين لا يضاهيه إلا الفرح الذي غمر قلوب الليبيين بتحرير الأسرى الفلسطينيين! لقد تلقت إسرائيل ضربتين موجعتين في أسبوع واحد؛ فإذا كان تحرير الأسرى عنوة قد أوجع اليهود، فإن موت عميد الحكام العرب قد أوجعهم أكثر، لأنهم خسروا قلعة من القلاع التي ساندت الإسرائيليين، وفقدوا ركيزة من ركائزهم في المنطقة العربية، وخسروا حليفاً حميماً عزز وجودهم في المنطقة، وسهل مع أمثاله اغتصاب فلسطين، وتهويد القدس، ومكّن اليهود ـمن استنزاف الثروة العربية.

مشاركة مميزة