الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

أربع فتيان يجسدون الواقع بصور فوتوغرافية

kolonagaza7

د. عادل محمد عايش الأسطل
بعد أن تابع الأمريكيون والإسرائيليون ومعهم الأوروبيين، كابوس مشروع إعلان الدولة الفلسطينية، من داخل أروقة الأمم المتحدة، أواخر الشهر الماضي، وسعيهم الدءوب بالمحفزات تارة والتهديدات تارة أخرى، في محاولتهم إبعاد أو ثني الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن طلبه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، من قِبل الأمم المتحدة، وبعد استنفاذ ما تدبجت به حملتهم ضد الرئيس، بكل ما من شأنه التشكيك بجدوى الإعلان (الأحادي) للدولة، حيث يرون الخطوة الفلسطينية، ليس لها من الحظ، لأن تلبي الرغبات المتوخاة، بل ستبعد الفلسطينيين عن تحقيق طموحاتهم المشروعة، وأيضاً بعد أن وُضع الطلب الفلسطيني في عهدة الأمم المتحدة، بهدف دراسته ومن ثم البت فيه، الأمر الذي بدا وكأنه فرصة لكل من الولايات وإسرائيل لالتقاط الأنفاس، التي كادت تنقطع أحياناً وازدادت وتيرتها أحياناً أخرى، وخاصةً في الفترة التي سبقت تقديم الطلب الفلسطيني، وحتى ما بعد ذلك.
فجأة سقط وزير الدفاع الأميركي " ليون بانيتا " على إسرائيل، وفي أول زيارة له منذ توليه منصبه، بهدف لقاء عدداً من قادة إسرائيل وخاصةً رئيس الوزراء نتانياهو، ووزير دفاعه إيهود باراك، بهدف المواساة المتبادلة، بعد الضربة الموجعة لكليهما، معنوياً على الأقل، المواساة التي تحمل في طياتها عدداً من القضايا الهامة التي يجب الانتقال إليها فوراً، كنوع من أنواع الهروب الأمامي، لبحث وتفتيش مواضيع أخرى وأهمها، الملف الإيراني النووي، للتغطية على الطلب الفلسطيني، وشغل العالم من جديد في القضية الإيرانية القديمة الجديدة، خاصةً في مثل هذه الأجواء المكتنزة للأنواء الغير تقليدية، التي عصفت بالمنطقة وبالعالم، وعلى غير العادة، من حيث التحدي والإصرار الفلسطيني، على خرق حاجز الخوف السياسي وحتى الاقتصادي، وكسر القاعدة الإسرأمريكية، التي طالما كانت آمرة معظم الوقت، وصلبة كل الوقت في وجه الفلسطينيين بخاصة، والعرب على وجه العموم.
يعتبر "ليون بانيتا" المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية، وفي وقت سابق من حياته المهنية، كرئيس لموظفي البيت الأبيض في عهد الرئيس "بيل كلينتون"، من أصدقاء إسرائيل القدامى، الذي ساهم إلى حد كبير، في تعزيز العلاقات الثنائية بين إسرائيل والولايات المتحدة والحفاظ على تفوق إسرائيل العسكري والتقني. في ضوء التحالف الغير مألوف بين الدول الأخرى عموماً، من حيث الالتزام الدائم والشراكة النادرة والقوية لصالح الطرفين.
لقد كانت الولايات المتحدة طوال الوقت، بمثابة مرساة آمنة، لجميع مشكلات إسرائيل على اختلافها السياسية والعسكرية والاقتصادية، وعمليات تبادل المعلومات الاستخبارية، وغيرها من مجالات المساعدة الفورية، فهي حاضرة في أي وقت وجاهزة للتقديم، من أجل التغلب على العقبات والمشاكل، التي تنشأ في أي مجال من المجالات بحيث يتم دوام عملية توثيق العلاقات بينهما، وخاصة العلاقة (الأمنية) مكمن المشكلة الإسرائيلية، استناداً إلى عمق القيم المشتركة بين الشعبين الإسرائيلي والأميركي،
تلك العلاقات المتنامية يوماً بعد يوم، على الرغم من التشوشات التي تظهر في بعض الأحيان، يغلب عليها الطابع الثانوي التي تقع بين البلدين، والتي تكون على مثل القضايا التجسسية، أو عدم امتثال إسرائيل، للنصح الأمريكي، وإن كان على الحساب الأمريكي، مع اعتراف إسرائيلي بذلك، حينما يقولون، إن الولايات المتحدة هي أفضل صديق لإسرائيل، ونحن نرى مع التعاون الكثير والبنّاء، وحتى عندما نسمع رأيهم في بعض الأحيان، فإنها ليست بالضرورة هي نفسها كما في رأينا".
كان اجتمع بانيتا مع نتانياهو في القدس ونظيره إيهود باراك، في تل أبيب، ناقش معهما التطورات في الشرق الأوسط، وأهمها درس القضية النووية الإيرانية، والتي كانت محل اتفاق ووفاق بين الجانبين، على أن حل المسألة النووية الإيرانية يكمن فقط من خلال التعاون بين البلدين.
وكان بدأ بانيتا حديثه، بما اعتاد الأمريكيون قوله وفي كل مناسبة، من أن الولايات المتحدة وإسرائيل، لديهما علاقات أمنية، أفضل اليوم من أي وقت مضى في التاريخ"، وأضاف، بأن الشعب الإسرائيلي، لن يكون في مأمن، بعيداً عن التزام الولايات المتحدة بحريته وأمنه وسلامته، لا سيما في أوقات المتغيرات الكبيرة التي حدثت وتحدث في الشرق الأوسط، باعتبارها تحديات طارئة، فإن أحداث "الربيع العربي" تملي على كلا الجانبين للدخول في مفاوضات عاجلة، وأيضاً من شأنها أن تفرض العمل من جانب الولايات المتحدة، على مواجهة هذه التحديات مع إسرائيل، كحليف وحيد ومتميز في المنطقة، وخاصةً مناقشة البرنامج النووي الإيراني وسبل وقفه، وكانت الرسالة الأميركية واضحة بين إسرائيل وأميركا ضد التهديد الإيراني، لكلا البلدين الأمريكي والإسرائيلي.
من جانبه قال نتانياهو إن "الشرق الأوسط يمر عبر تغييرات كبيرة، في حين أن من المهم بصفة خاصة، السير قدماً بتعزيز العلاقات الأمنية بين إسرائيل والولايات المتحدة.وتنمية كل التعهدات الأمريكية التي قطعتها لصالح إسرائيل وخاصة في كل ما يتعلق بالمسألة الأصعب، القضية النووية الإيرانية، والسلوك الإيراني بشكلٍ عام.
بانيتا قال في شأن مسألة التهديد الإيراني بوضوح، نحن ندرك التهديد الوارد من إيران، في ظل سعيها الدءوب والمستمر، باتجاه تطوير قدرات نووية، ودعم الإرهاب وتطوير الأسلحة التي تقتل الجنود الأميركيين، الأمر الذي يفرض التعامل مع هذا التهديد، وخاصةً في ظل عدم تعاون إيران بشأن التوصل إلى إيجاد حل للمسألة النووية الإيرانية بالطرق الدبلوماسية، من جهة، وهي لا تفي بالمعايير القانونية، من خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لهذا سنعمل معاً لنفعل الشيء الصحيح بحيث لا تشكل تهديداً منذ الآن".
بين القدس وواشنطن هناك نزاع خفي، بشأن كيفية التعامل مع التهديد النووي الإيراني، وخاصة عندما عارضت الإدارة الأمريكية هجوماً إسرائيلياً. لأسباب كثيرة ومنها على سبيل المثال، التورط الأمريكي في كلس من أفغانستان والعراق، إلى غير ذلك، وشدد بانيتا على أن ضرورة الاتفاق على الجبهة الإيرانية، لأنها الجبهة التي لا يتوجب أن تأخذها دولة فحسب، وإنما ينبغي تقاسمها، وقال "سنعمل معاً، لأن الإيرانيين يشكلون خطراً حقيقياً، ليس على إسرائيل فقط، وإنما على العالم بأسره. وهذه للعلم هي ذاتها المقولة الإسرائيلية، التي تحاول من خلالها جلب المزيد من الأعداء لإيران، وبالتالي تحجيم السلوك الإيراني النووي أولاً، وصولاً إلى تغيير إيران نظاماً ومنهجاً نهاية المطاف.
لكن بانيتا اقترح على القيادة في إسرائيل، على عدم اتخاذ عمل عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، خاصةً وأن إسرائيل قد غقترحت عدة سيناريوهات مختلفة منها ما هو متعلق بالهجوم الأمريكي فحسب، أو التي تتعلق بالهجوم الإسرائيلي على انفراد، على غرار الهجوم على المفاعل النووي العراقي(أوزيراك) إبان الحرب العراقية الإيرانية أوائل يونيو/حزيران من العام 1981، وشدد بانيتا على أنه يجب حل المشكلة من خلال التنسيق بين البلدين وإشراك الدول الكبرى أيضاً،
وفي إشارة إلى الوضع السياسي بين إسرائيل والفلسطينيين، قال بانيتا بعد لقائه بالرئيس عباس، وكان قد أعلمه بأنه ضد التقارير، التي تفيد بأن الكونغرس، قام بإلغاء تحويل الأموال إلى السلطة الفلسطينية، واعتبر أن هذا ليس من الضرورة بمكان، أن تتخذ إجراءات أمريكية من هذا النوع في وقت حرج، وخاصةً عندما نحاول إقناع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، على استئناف المفاوضات، كان توقيت سيء لمثل هذه الخطوة"، وفي الوقت نفسه طلب من الرئيس عباس، قبول الخطوط العريضة للجنة الرباعية، بعد أن شجع في لقاء مع نتانياهو على استئناف المحادثات فوراً وبدون شروط مسبقة، ودعا كلا الطرفين إلى السعي لاتخاذ (خطوات جريئة" لإحلال السلام)، قدماً نحو حل الدولتين.
وشدد على إن إسرائيل والفلسطينيين، على أن لا يقوم أي طرف، باتخاذ أي خطوة من شأنها أن تشكل خطراً، من خلال استئناف المفاوضات بينهما. وقال: إنه سيكون من المهم، إجراء محادثات مباشرة بين الطرفين، وتقديم تنازلات.
وكان حذر وزير الدفاع الأمريكي، أن إسرائيل أصبحت في وضع تبدو فيه أكثرعزلة، وهذه الحالة التي يتم عزل إسرائيل خلالها ليست الأمثل، لأنها تداعياتها ستطال أيضاً دولاً في المنطقة، لذلك يتوجب علينا العمل لتحقيق السلم والأمن الحقيقي، ونسج أفضل للعلاقة بين الدول في المنطقة."نحن نعرف أن لدينا مسؤولية لكبح وتهدئة التوتر". ليس لدي شك في أن (إسرائيل) ستكون قادرة على المحافظة على تفوقها العسكري، ولكن هل يكفي للحفاظ على تفوقها العسكري عند عزل نفسها في الساحة الدبلوماسية.
إن من الطبيعي تماما،ً أن هذه الفترة المثيرة في الشرق الأوسط، والتي تتضح من خلال العديد من التغييرات، التي تجري وخاصة تقديم الطلب الفلسطيني، بشأن إعلان الدولة ليست جيدة بالنسبة لإسرائيل لأنها بالفعل ستجد نفسها معزولة على نحو متزايد، وهذا ما يحدث الآن، الأمر الذي من شأنه التأثير على الدولة الإسرائيلية ولو لمدة من الوقت.
لهذا قال وزير الدفاع للتخفيف من هذا الأمر، إن الولايات المتحدة، تريد أن توحي بالثقة في قدرتها على "المجازفة من أجل السلام" وتنوي، إعطاء مهلة لها بشأن إدارة المفاوضات في المستقبل.
وأضاف بانيتا "إننا نواجه تحديات معقدة، وخاصةً في هذا الوقت والأكثر خطراً، ولكن في حين أن الإرهاب والتطرف لا يزالان يهددان المنطقة، فإننا سنعمل على تشجيع تعظيم العلاقة الأمنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مع أنها أفضل اليوم من أي وقت مضى في التاريخ".
لاشك بأن الدعم المتواصل لإسرائيل، خلال هذا الوقت وكل وقت" وما ينتج عنه من تدخلات سافرة في مركز الشئون الفلسطينية والعربية، يعتبر تحدياً هائلاً للفلسطينيين وللعرب بل وللمسلمين جميعهم، وهم ينتهزون الفرص كما كل مرة، سواءً كان بحجة الإرهاب أو مدافعةً عن حقوق الإنسان، أو حرصاً على أمن إسرائيل، مما سيترتب على ذلك، عواقب خطيرة بالنسبة للقضية الفلسطينية بخاصة ولمنطقتنا العربية بوجه عام، ونحن ندافع عن حرياتنا، ونطالب بحقوقنا، والكل يعلم الولايات المتحدة والدور الذي تلعبه، باعتباره دوراً يجافي الحقيقة، من حيث العدل والمساواة في تسوية الأمور بالنسبة للقضية الفلسطينية، وفي تحقيق السلام والاستقرار الإقليمي والدولي.

مشاركة مميزة