kolonagaza7
راصد
ففي أواخر الألف الرابع وأوائل الألف الثالث قبل الميلاد تعرضت فلسطين لموجة عربية سامية كبيرة هي الموجة المعروفة باسم الأمورية الكنعانية فنزل الأموريون داخل بلاد الشام وجنوبها الشرقي ، واستوطن الكنعانيون ساحلها وجنوبها الغربي أي فلسطين . ونسبة لهؤلاء سميت فلسطين أرض كنعان ، وكان أقدم اسم سميت به البلاد. وبقيت للكنعانيين السيادة ما يقرب من ألف وخمسمائة سنة أي من 2500 ق . م . إلى نحو1000ق م . حين تمكن اليهود من إعلان مملكتهم . وفي هذه الفترة توطنت عدة قبائل عربية أخرى اشتهرت بالتجارة . وحدث أثناء فترة سيطرة الكنعانيين نحو عام 1805 ق . م . أن هاجر النبي إبراهيم إلى بلاد الشام واستقر بعد فترة في شكيم (نابلس ) في فلسطين . ثم ما لبث أن انتقل إلى بئر السبع. وفي نحو عام 1794 ق . م . رزق إبراهيم بولده إسماعيل جد العرب العدنانية . وبعد مولد إسماعيل بنحو أربع عشرة سنة رزق إبراهيم من زوجته الأولى سارة بولده الثاني إسحاق والد يعقوب الذي لقب بإسرائيل والذي أطلق اسمه على جميع ذرية يعقوب . ونزح يعقوب وأولاده الذين بلغ عددهم بضع عشرات إلى مصر نحو عام 1656 بسبب القحط الذي نزل بفلسطين وهناك استعبدهم فراعنة مصر فاضطروا إلى النزوح عن مصر بقيادة النبي موسى بعد إقامة دامت حوالي أربعمائة سنة. أما قصة نهجهم الحربي في فتح فلسطين على يد يوشع فمدونة في أسفار العهد القديم : "صعد الشعب إلى المدينة - أريحا - وأهلكوا كل من في المدينة من رجل وامرأة وطفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف ".
مملكة يهودية في فلسطينوعلى الرغم من ذلك فإن سيطرة يوشع على فلسطين لم تكن كاملة إذ بقي الكثير من المدن الكنعانية خارج سيطرة اليهود كما أن استيطان الفلسطينيين وهم أول من نزل أرض كنعان من سكان أوروبا (كريت ) في غزة وجوارها وامتداد استعمارهم حتى الكرمل أخذ يهدد وجود القبائل اليهودية المتناثرة مما دفع هؤلاء إلى جمع كلمتهم في وحدة مؤقتة ونصبوا شاول بن قيس ملكا عليهم نحو عام 1520 ق . م . وقتل شاول بعد ستة عشر عاما من توليه الملك على يد الفلسطينيين في إحدى معاركه معهم . وتولى من بعده داود بن يسي فأدخل المركبات الحربية في الجيش وحارب الفلسطينيين وانتصر عليهم وعلى غيرهم من الأقوام التي كانت تقطن فلسطين وشرق الأردن وبطش بهم . وفي مطلع حكم داود كانت الخليل عاصمة ملكه لكنه انتقل إلى القدس إثر فتحه لها وجعل "جبل صهيون" مقرا لحكمه وبنى عليه قلعة وقصرا من خشب الأرز اللبناني. وفي عهد داود بلغت المملكة اليهودية أقصى اتساعها فامتدت من جبل الكرمل وتل القاضي إلى جبل الشيخ شمالا وإلى حدود مصر ونهر الموجب جنوبا وإلى الصحراء شرقا ولكن الساحل الفلسطيني الممتد من شمالي يافا إلى جنوب غزة كان تابعا لمصر وبالتالي فإن عموم فلسطين لم تقع تحت حكم اليهود حتى في ذروة فتوحاتهم . وخلف داود ابنه سليمان الذي تميز عهده بالازدهار التجاري والعمراني وشيد المعبد المعروف بهيكل سليمان وذلك بمساعدة الفينيقيين إلا أنه لم يتمكن من المحافظة على جميع أجزاء المملكة التي ورثها عن أبيه . ففي أواخر عهده أدى التذمر من الضرائب المرهقة إلى انقسام اليهود فكان ذلك إيذانا بأفول عزهم الذي لم يدم أكثر من سبعين سنة .انقسمت مملكة سليمان إلى قسمين : مملكة إسرائيل في الشمال ومملكة يهوذا في الجنوب . وقد نشبت بينهما حروب ونزاعات كثيرة ولا سيما فيما يتعلق بالشؤون الدينية . وعاشت المملكة الإسرائيلية نحو قرنين ( 923- 722 ق . م . ) وكان القسم الأكبر من أهالي المملكة وملوكها يعبدون الأوثان . . وكانت نهاية إسرائيل على يد الأشوريين الذين سبوا نخبة أهلها إلى بلادهم في العراق.أما المملكة اليهودية فقد اشتملت على القسم الجنوبي من فلسطين وكانت أفقر من أختها في الشمال ودامت نحو 136 سنة بعد خراب المملكة الشمالية. وكانت المملكتان خاضعتين في معظم فترات حياتهما لنفوذ الدول القوية المجاورة في العراق ومصر. وكانت نهايتها على يد بختنصر الكلداني الذي فتح القدس وأحرق الهيكل وبيت الملك عام 586 ق . م . وسبى زهاء 50 ألف أسير نقلهم إلى بابل. مكث اليهود في بابل نحو سبعين سنة تغير خلالها لسانهم وتنوعت آدابهم ، فلما استولى كورش ملك الفرس على بابل عام 539ق . م ومن ثم على بلاد الشام أمر بإرجاع اليهود الذين ساعدوه حين فتح بابل ولكن قسما من هؤلاء آثروا البقاء في بابل حيث كانوا يتعاطون التجارة. وقد تمكن الذين عادوا إلى القدس من أن يعيدوا في عام 516ق . م بناء هيكلهم الذي تهدم في عام 586ق . م وجعلوا رئيس كهنتهم زعيما لهم . امتد عهد الفرس في فلسطين من 538 إلى 332 ق . م وكانت نهايته على يد الإسكندر المقدوني الذي نشر قواده الذين تولوا الحكم بعد موته الثقافة اليونانية بين اليهود وفرضوا عليهم آدابهم وحضارتهم فانقسم اليهود إلى قسمين : قسم اقتدى باليونان وحضارتهم الراقية واخر تعصب لعقائده الدينية وتشبث بأساليب الحياة اليهودية التقليدية . وكان من نتائج هذا التشديد على اليهود قيام ثورة بقيادة العائلة المكابية عام 167 ق.م ويعزو أرنولد توينبي نجاح الثورة المكابية إلى تأخر اجتياح الجحافل الرومانية للمنطقة على أثر ضعف الدولة السلوقية لا إلى قوة المكابيين الذاتية .وسرعان ما تحول المكابيون من ثورة على الاضطهاد ومقاومة لفرض الحضارة الهيلينية (اليونانية) على اليهود إلى قوة اضطهدت الشعوب التي كانت تعيش في فلسطين وشرقي الأردن أبشع اضطهاد وفرضت الدين اليهودي عليها قسرا في الفترة الواقعة ما بين 102- 76 .ومن الخطأ الاعتقاد أن سيطرة المكابيين على المنطقة المشار إليها كان مطلقا فقد كانوا موضع تحدي العرب الأنباط . الذين بسطوا سيطهرتهم على جنوبي فلسطين عندما امتدت مملكتهم في أوج مجدها من سهل البقاع شمالا حتى مدائن صالح (شمالي الحجاز) جنوبا. وقد نشبت بين المكابيين والأنباط معارك عديدة كان النصر في معظمها للأنباط .جاءت نهاية الأنباط على يد الرومانيين الذين بسطوا سيطرتهم على البلاد وعينوا "هيرودس بن أنتيباتر" الأدومي (وأمه من الأنباط ) ملكأ على اليهود عام 37 ق . م . وكان على صلة حميمة بالإمبراطور أغسطس وعلى الرغم من تهوده وإعادة بنائه للهيكل فقد كرهه اليهود لأنه لم يكن من جنسهم ولأنه نشر الحضارة الرومانية واليونانية التي كانوا يكرهونها فحقد عليهم .وفي آخر سنة من حكم هيرودس (4 ق . م . ) ولد السيد المسيح في بلدة بيت لحم ونشأ في الناصرة وعاش المسيح طول حياته في فلسطين ، وفيها نشر تعاليمه . وكان أكثر تلاميذه وحوارييه من الجليل.
نهاية صلة اليهود بفلسطينوعلى الرغم من المعاملة المميزة التي منحها الرومان لليهود كإعفائهم من عبادة الإمبراطور وخدمة الجيش وبقاء أحكامهم الدينية في يد محاكمهم الخاصة، فقد استمر الاحتكاك بين الطرفين مما أدى في النتيجة إلى ثورة اليهود عام 66 م ، وتم سحقها عام 75 م . علي يد طيطوس الروماني بمساعدة الفرق العربية والسورية والأرامية الموضوعة تحت قيادته. ولكن اليهود ثاروا مرة أخرى بقيادة سمعان المدعو أيضا بركوكب والذي ادعى أنه المسيح المنتظر. وتم القضاء على هذه الثورة على يد هدريان الذي نكل باليهود أشد تنكيل ومنعهم من دخول القدس والسكن فيها بل الدنو منها والجدير بالذكر أن ثلاثة أرباع اليهود كانوا يسكنون خارج فلسطين قبل سقوط القدس بمدة طويلة ولم يكن لجماهير اليهود المبعثرين في الإمبراطورية الإغريقية ثم في الإمبراطورية الرومانية إلا اهتمام ثانوي جدا بالمملكة اليهودية في فلسطين وبثورة بركوكب انتهت صلة اليهود بفلسطين حتى القرن التاسع عشر وازداد تشتتهم في مختلف أقطار العالم في أوروبا واسيا وإفريقيا. وهكذا نجد أن اليهود لم يدخلوا إلى فلسطين إلا في حقبة متأخرة من الزمن ولم يحكموا البلاد إلا مدة قصيرة نسبيا، ناهيك بأنهم لم يحكموا سوى أجزاء من فلسطين حتى في ذروة عزهم. ولقد تميزوا بالتعصب الشديد واستعداء الشعوب الأخرى التي كانت تقطن المنطقة. كذلك يلاحظ أنهم توزعوا في البحر الأبيض المتوسط في وقت مبكر سعيا وراء التجارة والرزق ولم يعد يربطهم بفلسطين سوى الحنين إلى جبل صهيون أي القدس . ومن هنا لخص د. ج. ولز في كتابه "موجز التاريخ " تاريخ اليهود العبرانيين بما يلي : "كانت حياة العبرانيين في فلسطين تشبه حالة رجل يصر على الإقامة وسط طريق مزدحم فتدوسه الحافلات والشاحنات باستمرار. . ومن البدء حتى النهاية لم تكن ممتلكاتهم سوى حادث طارئ في تاريخ مصر وسوريا وأشور وفينيقيا ذلك التاريخ الذي هو أكبر وأعظم من تاريخهم".
ففي أواخر الألف الرابع وأوائل الألف الثالث قبل الميلاد تعرضت فلسطين لموجة عربية سامية كبيرة هي الموجة المعروفة باسم الأمورية الكنعانية فنزل الأموريون داخل بلاد الشام وجنوبها الشرقي ، واستوطن الكنعانيون ساحلها وجنوبها الغربي أي فلسطين . ونسبة لهؤلاء سميت فلسطين أرض كنعان ، وكان أقدم اسم سميت به البلاد. وبقيت للكنعانيين السيادة ما يقرب من ألف وخمسمائة سنة أي من 2500 ق . م . إلى نحو1000ق م . حين تمكن اليهود من إعلان مملكتهم . وفي هذه الفترة توطنت عدة قبائل عربية أخرى اشتهرت بالتجارة . وحدث أثناء فترة سيطرة الكنعانيين نحو عام 1805 ق . م . أن هاجر النبي إبراهيم إلى بلاد الشام واستقر بعد فترة في شكيم (نابلس ) في فلسطين . ثم ما لبث أن انتقل إلى بئر السبع. وفي نحو عام 1794 ق . م . رزق إبراهيم بولده إسماعيل جد العرب العدنانية . وبعد مولد إسماعيل بنحو أربع عشرة سنة رزق إبراهيم من زوجته الأولى سارة بولده الثاني إسحاق والد يعقوب الذي لقب بإسرائيل والذي أطلق اسمه على جميع ذرية يعقوب . ونزح يعقوب وأولاده الذين بلغ عددهم بضع عشرات إلى مصر نحو عام 1656 بسبب القحط الذي نزل بفلسطين وهناك استعبدهم فراعنة مصر فاضطروا إلى النزوح عن مصر بقيادة النبي موسى بعد إقامة دامت حوالي أربعمائة سنة. أما قصة نهجهم الحربي في فتح فلسطين على يد يوشع فمدونة في أسفار العهد القديم : "صعد الشعب إلى المدينة - أريحا - وأهلكوا كل من في المدينة من رجل وامرأة وطفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف ".
مملكة يهودية في فلسطينوعلى الرغم من ذلك فإن سيطرة يوشع على فلسطين لم تكن كاملة إذ بقي الكثير من المدن الكنعانية خارج سيطرة اليهود كما أن استيطان الفلسطينيين وهم أول من نزل أرض كنعان من سكان أوروبا (كريت ) في غزة وجوارها وامتداد استعمارهم حتى الكرمل أخذ يهدد وجود القبائل اليهودية المتناثرة مما دفع هؤلاء إلى جمع كلمتهم في وحدة مؤقتة ونصبوا شاول بن قيس ملكا عليهم نحو عام 1520 ق . م . وقتل شاول بعد ستة عشر عاما من توليه الملك على يد الفلسطينيين في إحدى معاركه معهم . وتولى من بعده داود بن يسي فأدخل المركبات الحربية في الجيش وحارب الفلسطينيين وانتصر عليهم وعلى غيرهم من الأقوام التي كانت تقطن فلسطين وشرق الأردن وبطش بهم . وفي مطلع حكم داود كانت الخليل عاصمة ملكه لكنه انتقل إلى القدس إثر فتحه لها وجعل "جبل صهيون" مقرا لحكمه وبنى عليه قلعة وقصرا من خشب الأرز اللبناني. وفي عهد داود بلغت المملكة اليهودية أقصى اتساعها فامتدت من جبل الكرمل وتل القاضي إلى جبل الشيخ شمالا وإلى حدود مصر ونهر الموجب جنوبا وإلى الصحراء شرقا ولكن الساحل الفلسطيني الممتد من شمالي يافا إلى جنوب غزة كان تابعا لمصر وبالتالي فإن عموم فلسطين لم تقع تحت حكم اليهود حتى في ذروة فتوحاتهم . وخلف داود ابنه سليمان الذي تميز عهده بالازدهار التجاري والعمراني وشيد المعبد المعروف بهيكل سليمان وذلك بمساعدة الفينيقيين إلا أنه لم يتمكن من المحافظة على جميع أجزاء المملكة التي ورثها عن أبيه . ففي أواخر عهده أدى التذمر من الضرائب المرهقة إلى انقسام اليهود فكان ذلك إيذانا بأفول عزهم الذي لم يدم أكثر من سبعين سنة .انقسمت مملكة سليمان إلى قسمين : مملكة إسرائيل في الشمال ومملكة يهوذا في الجنوب . وقد نشبت بينهما حروب ونزاعات كثيرة ولا سيما فيما يتعلق بالشؤون الدينية . وعاشت المملكة الإسرائيلية نحو قرنين ( 923- 722 ق . م . ) وكان القسم الأكبر من أهالي المملكة وملوكها يعبدون الأوثان . . وكانت نهاية إسرائيل على يد الأشوريين الذين سبوا نخبة أهلها إلى بلادهم في العراق.أما المملكة اليهودية فقد اشتملت على القسم الجنوبي من فلسطين وكانت أفقر من أختها في الشمال ودامت نحو 136 سنة بعد خراب المملكة الشمالية. وكانت المملكتان خاضعتين في معظم فترات حياتهما لنفوذ الدول القوية المجاورة في العراق ومصر. وكانت نهايتها على يد بختنصر الكلداني الذي فتح القدس وأحرق الهيكل وبيت الملك عام 586 ق . م . وسبى زهاء 50 ألف أسير نقلهم إلى بابل. مكث اليهود في بابل نحو سبعين سنة تغير خلالها لسانهم وتنوعت آدابهم ، فلما استولى كورش ملك الفرس على بابل عام 539ق . م ومن ثم على بلاد الشام أمر بإرجاع اليهود الذين ساعدوه حين فتح بابل ولكن قسما من هؤلاء آثروا البقاء في بابل حيث كانوا يتعاطون التجارة. وقد تمكن الذين عادوا إلى القدس من أن يعيدوا في عام 516ق . م بناء هيكلهم الذي تهدم في عام 586ق . م وجعلوا رئيس كهنتهم زعيما لهم . امتد عهد الفرس في فلسطين من 538 إلى 332 ق . م وكانت نهايته على يد الإسكندر المقدوني الذي نشر قواده الذين تولوا الحكم بعد موته الثقافة اليونانية بين اليهود وفرضوا عليهم آدابهم وحضارتهم فانقسم اليهود إلى قسمين : قسم اقتدى باليونان وحضارتهم الراقية واخر تعصب لعقائده الدينية وتشبث بأساليب الحياة اليهودية التقليدية . وكان من نتائج هذا التشديد على اليهود قيام ثورة بقيادة العائلة المكابية عام 167 ق.م ويعزو أرنولد توينبي نجاح الثورة المكابية إلى تأخر اجتياح الجحافل الرومانية للمنطقة على أثر ضعف الدولة السلوقية لا إلى قوة المكابيين الذاتية .وسرعان ما تحول المكابيون من ثورة على الاضطهاد ومقاومة لفرض الحضارة الهيلينية (اليونانية) على اليهود إلى قوة اضطهدت الشعوب التي كانت تعيش في فلسطين وشرقي الأردن أبشع اضطهاد وفرضت الدين اليهودي عليها قسرا في الفترة الواقعة ما بين 102- 76 .ومن الخطأ الاعتقاد أن سيطرة المكابيين على المنطقة المشار إليها كان مطلقا فقد كانوا موضع تحدي العرب الأنباط . الذين بسطوا سيطهرتهم على جنوبي فلسطين عندما امتدت مملكتهم في أوج مجدها من سهل البقاع شمالا حتى مدائن صالح (شمالي الحجاز) جنوبا. وقد نشبت بين المكابيين والأنباط معارك عديدة كان النصر في معظمها للأنباط .جاءت نهاية الأنباط على يد الرومانيين الذين بسطوا سيطرتهم على البلاد وعينوا "هيرودس بن أنتيباتر" الأدومي (وأمه من الأنباط ) ملكأ على اليهود عام 37 ق . م . وكان على صلة حميمة بالإمبراطور أغسطس وعلى الرغم من تهوده وإعادة بنائه للهيكل فقد كرهه اليهود لأنه لم يكن من جنسهم ولأنه نشر الحضارة الرومانية واليونانية التي كانوا يكرهونها فحقد عليهم .وفي آخر سنة من حكم هيرودس (4 ق . م . ) ولد السيد المسيح في بلدة بيت لحم ونشأ في الناصرة وعاش المسيح طول حياته في فلسطين ، وفيها نشر تعاليمه . وكان أكثر تلاميذه وحوارييه من الجليل.
نهاية صلة اليهود بفلسطينوعلى الرغم من المعاملة المميزة التي منحها الرومان لليهود كإعفائهم من عبادة الإمبراطور وخدمة الجيش وبقاء أحكامهم الدينية في يد محاكمهم الخاصة، فقد استمر الاحتكاك بين الطرفين مما أدى في النتيجة إلى ثورة اليهود عام 66 م ، وتم سحقها عام 75 م . علي يد طيطوس الروماني بمساعدة الفرق العربية والسورية والأرامية الموضوعة تحت قيادته. ولكن اليهود ثاروا مرة أخرى بقيادة سمعان المدعو أيضا بركوكب والذي ادعى أنه المسيح المنتظر. وتم القضاء على هذه الثورة على يد هدريان الذي نكل باليهود أشد تنكيل ومنعهم من دخول القدس والسكن فيها بل الدنو منها والجدير بالذكر أن ثلاثة أرباع اليهود كانوا يسكنون خارج فلسطين قبل سقوط القدس بمدة طويلة ولم يكن لجماهير اليهود المبعثرين في الإمبراطورية الإغريقية ثم في الإمبراطورية الرومانية إلا اهتمام ثانوي جدا بالمملكة اليهودية في فلسطين وبثورة بركوكب انتهت صلة اليهود بفلسطين حتى القرن التاسع عشر وازداد تشتتهم في مختلف أقطار العالم في أوروبا واسيا وإفريقيا. وهكذا نجد أن اليهود لم يدخلوا إلى فلسطين إلا في حقبة متأخرة من الزمن ولم يحكموا البلاد إلا مدة قصيرة نسبيا، ناهيك بأنهم لم يحكموا سوى أجزاء من فلسطين حتى في ذروة عزهم. ولقد تميزوا بالتعصب الشديد واستعداء الشعوب الأخرى التي كانت تقطن المنطقة. كذلك يلاحظ أنهم توزعوا في البحر الأبيض المتوسط في وقت مبكر سعيا وراء التجارة والرزق ولم يعد يربطهم بفلسطين سوى الحنين إلى جبل صهيون أي القدس . ومن هنا لخص د. ج. ولز في كتابه "موجز التاريخ " تاريخ اليهود العبرانيين بما يلي : "كانت حياة العبرانيين في فلسطين تشبه حالة رجل يصر على الإقامة وسط طريق مزدحم فتدوسه الحافلات والشاحنات باستمرار. . ومن البدء حتى النهاية لم تكن ممتلكاتهم سوى حادث طارئ في تاريخ مصر وسوريا وأشور وفينيقيا ذلك التاريخ الذي هو أكبر وأعظم من تاريخهم".