الاثنين، 26 ديسمبر 2011

في الطريق إلى الدولة الواحدة:



kolonagaza7

تحسين يقين
الدولة الواحدة نظرية قائمة وقد طبقت تاريخيا في الكثير من البلاد..
أي هي معنى عادي كانت وظهرت إلى الوجود..
لكن المهم هو: كيف يمكن إيجادها على أرض الواقع هنا..
ليس جديدا أن نرى من يدعو إلى الدولة الواحدة في فلسطين التاريخية..
لكن الجديد هو من يضع تصوراته عن الدولة الواحدة للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي من خلال أربعة مرتكزات:
- كيفية الطريق إلى الدولة الواحدة..
- القوانين والعلاقات الداخلية فيها.
- تصوره للدولة الواحدة ضمن سياق قومي عربي.
- تصور علاقات الدولة إقليميا وأوروبيا وأمريكيا.
قلت للكاتبة إيفيت ناهميا مسيانز وأنا أحاورها:
أقيمت هنا ندوة حول إمكانية وجود دولة واحدة لشعبين؛ بالنسبة لي أعتقد أن من المهم إيجاد دولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيل، ثم بعد بضع سنوات يتم دمجهما معا من خلال إرادة الشعبين، فما رأيك إيفيت؟
فقالت: لقد كنت أفضل وجود دولة لشعبين، لكنني أوافق بأن من الضروري أولا تأسيس دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل. إننا نحتاج لبناء الثقة بيننا، الإسرائيليون اليهود لا يثقون بالفلسطينيين، والفلسطينيون لا يثقون بالإسرائيليين أيضا..وبلا ثقة لا نستطيع تأسيس الشراكة بين الشعبين..
صار هناك تاريخ يمكن البحث فيه وتتبع محطاته حول الاجتهادات الفلسطينية والعالمية والإسرائيلية حول العيش المشترك في كيان واحد يضم الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي..هو تاريخ الفكرة والأفكار، يجد الباحث فيه مبررات الدعوات في كل مفصل تاريخي وسياسي وتنازعي –صراعي.
من الداعي؟
وما هي الدعوة؟
سنترك ذلك لباحثين متحمسين لحلول ذكية-إنسانية-حقوقية، لتتبع التاريخ وفحص الأفكار ومن ثم اقتراحات للحل..
لي أن أبدأ من انتخابات الكنيست الإسرائيلي عام 1998 حين رفع د. عزمي بشارة شعار دولة لكل مواطنيها، يقصد بها دولة إسرائيل في فلسطين المحتلة عام 1948، ومواطنيها الفلسطينيين العرب واليهود....
وأن أنتهي بدعوى د.مازن قمصيّة إلى تبني خيار "الدولة الواحدة لجميع مواطنيها"..ويقصد بها فلسطين التاريخية، أما المواطنون فهم الفلسطينيون والإسرائيليون..
انطلقت فكرة د.بشارة من العدالة والمساواة، في ظل الإجراءات العنصرية التي يعاني منها المواطنون العرب الفلسطينيون في دولة إسرائيل.. فكرة د.قمصية انطلقت من "ستة مبررات لإقناع الحضور بالدولة الواحدة، وهي: من ناحية الطبيعة والموارد والبيئة، فلا يعقل أن يعيش الفلسطينيون في دولة لا تزيد مساحتها عن 22% من مساحة فلسطين، وتفتقر إلى الموارد الطبيعية، حتى بدون إضافة أعداد اللاجئين المتوقع عودتهم إلى مثل هذه الدولة. ومن الناحية الإنسانية والحضارية، ففلسطين هي مهبط الديانات وبينها ارتباط وثيق. ومن ناحية حقوق الإنسان، فهناك قرارات لا يمكن أن تتوافق وحل الدولتين، فلا يمكن تطبيق الحق الفلسطيني بالعودة وتقرير المصير في إطار حل الدولتين، فضلا عن قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي الذي يصون مثل هذه الحقوق، لاسيما حق العودة. ومن ناحية البرامج السياسية، من الأسهل لحركتي فتح وحماس وغيرهما من الفصائل الاتفاق على حل الدولة الواحدة أكثر من حل الدولتين. وأخيرًا من الناحية الأمنية، سيتوفر الأمن بشكل أفضل في ظل الدولة الواحدة، أما في ظل الدولتين فسيحصل الفلسطينيون على دولة من دون سيادة ودون مقومات الاستقلال بحجة الأمن.
وإن محاولات التوصل إلى حل الدولتين على أساس تقسيم أرض فلسطين إلى كيان فلسطيني على 22% من أرض فلسطين التاريخية، وكيان إسرائيلي على 78% منها، فشلت لأنها عجزت عن توفير الحد الأدنى من العدالة، كما أن حل الدولتين يتجاهل الواقع الجغرافي والسياسي، ويؤسس لسياسة التجزئة والفصل وعدم المساواة.".
لعلي هنا أفحص تلك المرتكزات الأربعة التي أدعي أنه بدونها مجتمعة سيكون الكلام ناقصا حول الدولة الواحدة في فلسطين التاريخية.
في حديث د. مازن قمصية اهتمام بالمرتكز الثاني، وهو:
القوانين والعلاقات الداخلية فيها..
وقد عبّر عنها في المبررات التي ساقها، والتي تم اقتباسها، إضافة إلى حديثه عن نتائج الدولة الواحدة، ومقترحاته الافتراضية عن شكل العلاقة بين المواطنين "إن حل الدولة الواحدة سينتج عنه بناء البلد لكل الشعب الساكن فيه بسلام ووئام، ليكون نموذجًا للتعايش على مستوى العالم، وأن لهذه الدولة برنامجًا وافق عليه عدد من الفلسطينيين والإسرائيليين، من خلال مذكرة حملت تواقيعهم، وينص هذا البرنامج على أن يقوم سكان فلسطين من الفلسطينيين والإسرائيليين بصياغة دستور جديد يكفل الحقوق والحريات والمساواة والعدالة الاقتصادية لجميع المواطنين، ويضمن أيضًا حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار 194. ويشتمل البرنامج على أمور أخرى تتعلق بالأراضي العامة والثقافة والحقوق والأسرة واللغة، بحيث ستكون العبرية لغة رسمية إلى جانب العربية والإنجليزية".
على ضوء المرتكز الأول وهو: كيفية الطريق إلى الدولة الواحدة، فقد رشح من ندوة المركز الفلسطيني لأبحاث السّياسات والدّراسات الإستراتيجيّة التي تحدث فيها د. قمصية، آلية لازمة لهذه الدولة الواحدة، من خلال "إمكانية الربط بين خيار الدولتين وخيار الدولة الواحدة، بحيث يؤسس الأول إلى الثاني ولا يتناقض معه تناقضًا مستعصيًا بالضرورة."
أي لا بدّ من الدولة الفلسطينية، وليست دولة بالمفهوم الصهيوني. وهنا نعود إلى حديث د. مازن قمصية: "إن حل الدولتين الذي تنادي به السلطة الفلسطينية والعديد من الفصائل والأحزاب الفلسطينية هو وهم، لأن هذا الحل وفق المفهوم الصهيوني يختلف عن حل الدولتين وفق المفهوم الفلسطيني، فالسلطة الفلسطينية بدأت ببناء مؤسسات الدولة الصغيرة المرتقبة في ظل تصاعد المخططات الاستيطانية ومصادرة الأراضي والعدوان والمستمر والجدار والحصار، وفي وضع لا يمكن لإسرائيل أن تسمح فيه للفلسطينيين بالسيطرة على الموارد الطبيعية والمياه والأرض والحدود والهواء، منوها إلى أن استمرار التمسك سياسيا بهذا الحل في المرحلة الراهنة لا ينبغي أن يلغي أهمية التفكير في خيارات إستراتيجية أخرى، في مقدمتها الدولة الواحدة،.."
وهذا يعني ضرورة وجود دولة فلسطينية بالمفهوم الفلسطيني:
أي دولة ذات سيادة "وسيطرة على الموارد الطبيعية والمياه والأرض والحدود والهواء"..
أما المرتكزان الثالث والرابع وهما:
- تصوره للدولة الواحدة ضمن سياق قومي عربي.
- تصور علاقات الدولة إقليميا وأوروبيا وأمريكيا.
فلم يتم بحثهما، وأزعم أن بحثهما أمر استراتيجي، كون إسرائيل حليفا للغرب، للولايات المتحدة خصوصا، ذلك أن تأسيس هكذا دولة لا يمرّ فقط من خلال الإرادتين الفلسطينية والإسرائيلية، بل وأيضا لا بدّ من توفرّ إرادة أوروبية وأمريكية..ذلك أن قيام الدولة الفلسطينية الإسرائيلية في فلسطين ستنسف تحالفات دولة إسرائيل، حيث ستتجه الدولة الجديدة نحو علاقات متوازنة مع المحيط العربي كون الفلسطينيون أشقاء للشعوب العربية، وكونهم (والإسرائيليون بشكل خاص) أصدقاء وحلفاء لأوروبا والولايات المتحدة.
ففي حالة حل النزاع-الصراع هنا، لن تعود تحالفات إسرائيل ضرورية، لأنها ستصبح من بنية المنطقة، حيث ستنتهي إسرائيل العنصرية والكولينيالية، وستندمج إسرائيل الديمقراطية بفلسطين الديمقراطية. وستكون دولة علم وصناعة وتكنولوجيا وثقافة..لا دولة عسكرية في الدرجة الأولى، وإن كانت ستكون دولة قوية بالمفهوم العسكري، للدفاع عنها وليس للهجوم على أحد.
وهذا هو المرتكز الرابع..والذي من خلاله سنفضي للمرتكز الثالث: تصوره للدولة الواحدة ضمن سياق قومي عربي.
هذا المرتكز يعنى بالعلاقة ما بين الدولة الواحدة والدول العربية والإسلامية..
من الطبيعي أن تزول علاقة العداء، ويتم استبدالها بعلاقة حسن جوار..
علاقات تقوم على التعاون والصداقة، وهي صداقة من نوع خاص، كون نصف سكان الدولة فلسطينيين عربا لديهم صلات طبيعية مع دول الجوار العربي والإسلامي.
ستكون الدولة فيها الأديان الإسلام والمسيحية واليهودية..ومن اللغات العربية والعبرية والإنجليزية..وستكون عروبية غربية..وهي بهذه المعاني ستكون دولة مميزة، تستطيع الاستفادة من هذه المزايا..
ستكون لها علاقات مع المحيط العربي..
وستكون لها علاقات مع الغرب والولايات المتحدة..وربما ستتوسط الشرق- والغرب..بالمعنى الرمزي والواقعي..حيث سيكون حل النزاع هنا بين العرب والمسلمين وإسرائيل، حلا لمشاكل تاريخية بين العرب وأوروبا والغرب عموما..
أي ستكون عضوا في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وربما الاتحاد الأوروبي..
قد يبدو ذلك رومانسية فكرية وسياسية، لكنها فكرة إنسانية لحل القضية من جذورها، وهناك ما يشجع "خصوصا أن أوساطا واسعة في العالم يمكن ان تبدي تفهما أكبر للأبعاد المتعلقة بالمساواة والعدالة وحقوق الإنسان كما يمكن ان يجسدها هذا الخيار" والاقتباس من د. قمصية.
لذلك يدعو د. مازن قمصية إلى التفكير الجدي على مستوى القيادة الفلسطينية والفصائل والمؤسسات البحثية والأهلية في خيار “الدولة الواحدة لجميع مواطنيها”، بحيث تكون دولة ديمقراطية يعيش فيها الجميع بسلام وتعايش وعدالة وكرامة بغض النظر عن اللغة أو الدين أو العرق".
كما دعا إلى "تحويل فكرة الدولة الواحدة إلى مشروع سياسي يتبناه التيار المركزي الفلسطيني والرأي العام ويمكن أن يحظى بدعم من أوساط إسرائيلية،.."..
وأرى أن على الفصائل الفلسطينية والأحزاب الإسرائيلية المؤمنة بهكذا مستقبل للعلاقة بين الشعبين وبينهما وبين الشعوب العربية والعالم أن يضعا ذلك الطموح في برامجها الحزبية..
ومن ثم يكون وصول تلك الفصائل والأحزاب في فلسطين وإسرائيل للحكم، من أجل تسهيل الوصول لهذا الحل، ويتم عن طريق:
أولا: منح إسرائيل الاستقلال للشعب الفلسطيني على معظم أراضي عام 1967.
ثانيا: إزالة الحواجز وجدار الفصل العنصري.
ثالثا: مساهمة إسرائيل في تنمية فلسطين.
رابعا: تعاون شامل كبير بين الدولتين.
خامسا: وضع ما يلزم من متطلبات في التعليم واللغة والإعلام.
سادسا: حرية التنقل والعمل والتجارة.
وسابعا وثامنا....بما يخفف من الفجوات والتناقضات، وبما يزرع الثقة بين الشعبين كما قالت لي إيفيت..الشاعرة الإسرائيلية..التي قالت لي في الرسالة نفسها:
"إنني أثق بالناس الذين يشاركونني القيم وليس الدين أو الجنسية أو اللغة أو اللون..ومن أجل مجتمع متعاون بمحبة نحتاج إلى المشاركة في القيم"..
أما قيمة الحياة التي ما زلنا أنا وإيفيت نتحاور حولها فلها مقال آخر..
Ytahseen2001@yahoo.com
* خلال لقاء نظّمه المركز الفلسطيني لأبحاث السّياسات والدّراسات الإستراتيجيّة



مشاركة مميزة