الاثنين، 16 يناير 2012

التقرير السنوي الثاني لحركة حماس حول أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان



kolonagaza7

الخميس، 12 كانون الثاني، 2012
خاص/ لاجئ نت
إزاء ما يتعرّض اللاجئون الفلسطينيون في لبنان من معاناة إنسانية، تزداد كل يوم وتكبر وتتسع دائرتها، عقدنا في 28 نيسان (أبريل) من العام 2010 مؤتمراً صحافياً طرحنا فيه بعض القضايا الملحّة والأزمات الطارئة التي عانينا منها كلاجئين، عبر تقرير يتضمن مطالبنا لتحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وها نحن اليوم نعقد المؤتمر الصحافي السنوي الثاني، لنلفت إلى أن بعض القضايا التي طرحناها في المؤتمر الصحفي الأول (نيسان 2010) قد جرى حلّها، ولنعرض ما استجدّ من قضايا ملحّة مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وستلاحظون أن هذه المشاكل قد زادت عن المؤتمر السابق، والسبب يعود إلى غياب الأسس السليمة في التعامل بين الجهات الرسمية اللبنانية واللاجئين الفلسطينيين في لبنان، واستمرار القوانين الظالمة بحق اللاجئين الفلسطينيين..
طرحنا في المؤتمر الصحفي الأول ثلاث قضايا فقط، هي: معاناة إنجاز المعاملات في المديرية العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين، ومنع المؤسسات الفلسطينية من العمل والنشاط في المخيم الجديد في نهر البارد، وقضية إعادة إعمار مخيم نهر البارد. القضية الأولى (المعاناة في دائرة الشؤون السياسية) جرى حلّها، والثانية (منع المؤسسات الفلسطينية من العمل والنشاط في المخيم الجديد في نهر البارد) جرى تفكيكها، أما قضية إعادة إعمار مخيم نهر البارد فما زالت تتفاقم، ومستقبلها لا يبشر بخير.
الأسس غير السليمة التي نتحدث عنها هي التعامل اللبناني الرسمي مع وجود اللاجئين الفلسطينيين كمصدر شبهة، والخوف من «بعبع التوطين» والجهل بموقف اللاجئين منه.. أو التجاهل، والتواصل غير المتوازن مع الجهات السياسية الفاعلة في مجتمع اللاجئين، والتعامل مع المخيمات الفلسطينية كملف أمني قبل أن يكون سياسياً واجتماعياً وإنسانياً، وإصرار معظم القوى السياسية اللبنانية على عدم مناقشة القوانين الظالمة للاجئين مثل منع التملك ومنع العمل، ونقص الخدمات الصحية والتعليمية.
أما القضايا والعقبات والأزمات التي استجدّت، وأصبحت ملحّة في هذا العام وباتت تهدد حياة الفلسطينيين وتؤرّق عيشهم. فقد وجدنا نحن، في حركة المقاومة الإسلامية – حماس، أن من مصلحتنا جميعاً تسليط الضوء عليها، من أجل تداركها والإسراع في معالجتها، لأن كل تأخّر يزيد من تفاقم هذه القضايا. وذلك حرصاً منا على تحقيق أعلى درجات التنسيق والتعاون بين الفلسطينيين واللبنانيين، وسعياً منا لبناء علاقات فلسطينية - لبنانية في أجواء من التفاهم والهدوء والأمن والاستقرار، ومن أجل إزالة مظاهر الخلل كافة من هذه العلاقة، وإيجاد مناخات من التلاقي والتحاور والتفاهم بين اللبنانيين والفلسطينيين، بما يحقق المصالح الفلسطينية اللبنانية المشتركة..
رغم التعديل الذي جرى في 17 آب (أغسطس) 2010 في المجلس النيابي على القوانين المتعلقة بحق العمل، فإن اللاجئ الفلسطيني في لبنان لا يزال ممنوعاً من حق العمل. كذلك، فإنه ما زال محروماً من حق التملك ويعاني من التمييز في الإجراءات والمعاملات والقوانين. وهنا نؤكد أن فزاعة التوطين أصبحت عنواناً مضللاً يستخدمه بعض الجهات من أجل التضييق على الفلسطينيين ومحاصرتهم، في سبيل تحقيق أهداف فئوية وخدمة مشاريع واضحة.
وقد وعدتنا الحكوماتُ اللبنانيةُ المتعاقبةُ بإيلاءِ أوضاعِ شعبنا الفلسطيني في لبنان اهتماماً من أجل تحسين مستوى معيشتنا وإنهاء معاناتنا في هذا البلد. غير أن الواقع كان مخالفاً تماماً، فإلى اليوم لم نجد أية خطوات أو إنجازات عملية لتحسين أوضاعنا كلاجئين فلسطينيين مقيمين في لبنان على أي صعيد. بل إن الوضع ذاهب باتجاه التفاقم، والمؤشرات على ذلك عديدة، حيث أشارت دراسات أكاديمية جادّة (الجامعة الأمريكية في بيروت بالتعاون مع الأونروا) إلى أن 66% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هم تحت خط الفقر، وفق المعايير الدولية.
إن سياسة لبنان الرسمية تجاه اللاجئين الفلسطينيين المقيمين على أراضيه ظهرت بشكلها السلبي المزعج حين رفضت الجهات الرسمية اللبنانية اثنتي عشرة توصية من أصل ثماني عشرة توصية في تقرير (الاستعراض الدوري الشامل) الصادر عن مجلس حقوق الإنسان في جنيف، وهذه التوصيات هي مطالب إنسانية عادلة تتعلق بحق العمل والتملّك والتنقّل، ولقد فوجئ ممثلو الهيئات الإنسانية الدولية برفض لبنان لهذه المطالب دون تقديم أي مبررات.
* * *
من هنا، نجد لزاماً علينا، أن نطرح في هذا المؤتمر الصحفي معاناتنا كلاجئين فلسطينيين في لبنان، من خلال القضايا الملحّة التالية:
أولاً: حقوق اللاجئين
فيما يتعلق بحق العمل، فإنه لم يحدث حتى الآن أي تقدّم، بل إن القرارات والتعديلات والقوانين التي جرت في شهر آب/أغسطس من العام 2010 في المجلس النيابي كانت شكلية وخالية من أي مضمون، ولم تسهِم مطلقاً في نيل اللاجئين حقّهم في العمل.
أما حق التملك، فإن اللاجئ الفلسطيني لا يزال ممنوعاً من تملّك العقارات والشقق السكنية، والقيود تزداد، وإجراءات المنع تتسع، والتضييق يتمّ على كل تخفيف يجري التوصل إليه، وتصدر قرارات إدارية رسمية تمنع التخفيف عن اللاجئين.
ولا يزال اللاجئ الفلسطيني في لبنان ممنوعاً من نقل ملكية منزله أو أرضه التي اشتراها سابقاً وفق القوانين اللبنانية، وممنوعاً من توريث أملاكه، وهذا ما يُعتبر مخالفة واضحة للحقوق الإنسانية ولقانون الأحوال الشخصية المعمول به في لبنان.
ثانياً: أداء الحكومة اللبنانية الحالية
منذ أن تولّت الحكومة اللبنانية الحالية مهامها لم تتخذ أية خطوة إيجابية لتحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وتطويرها. والعبارات التي صيغت في البيان الوزاري في الشأن الفلسطيني لم تُحوّل إلى واقع ملموس.. وزيارتنا الأخيرة لدولة الرئيس نجيب ميقاتي في 14/11/2011، أظهرت لنا حسن نوايا رئيس الحكومة في مقابل غياب الآلية الإدارية الرسمية في توصيل الصوت إلى الحكومة ورئيسها. ونحن نعتبر أن ما جاء في البيان الوزاري عن تحسين أوضاع اللاجئين هو خطوة جيدة، إلا أنها غير كافية.
والمفاجأة كانت في حدثٍ مثير للاستغراب كاد يُمرر في مجلس الوزراء من خلال وجود بند على جدول أعماله الذي كان مقرراً أن ينعقد في 2/8/2011، وتبين أنه كان يهدف لاتخاذ إجراءات أمنية حول المخيمات تحت عنوان السماح بالإعمار، وكاد يمرَّر لولا تدارُك المعنيين للأمر.
ثالثاً: الإجراءات الأمنية حول المخيمات
لا تزال السلطات اللبنانية تتخذ إجراءات أمنية مشددة حول المخيمات الفلسطينية في لبنان، وتقوم بأعمال تفتيش قاسية وغير مبررة عبر الحواجز المنتشرة، وتُخضع جميع الأهالي والسيارات للتفتيش بشكل يلحق الأذى والضرر باللاجئين.
ورغم الكثير من المطالبات التي نادينا بها، لا نلمس استجابة جدية في هذا الأمر، ونلمس إصراراً على الاستمرار بها، والمعالجات تتم لكل حالة على حدة.
ويندرج في هذا البند أيضاً منعُ دخول مواد البناء لإعمار البيوت الآيلة للسقوط أو ترميمها في مخيمات الجنوب اللبناني.
رابعاً: مخيم نهر البارد
من غير المعقول، منطقياً وإنسانياً، استمرار الحالة العسكرية والأمنية التي تمنع تحسين الأوضاع ولا يعزز الثقة بين الطرفين، بل إنه يؤدي إلى تشنج العلاقة بينهما.
ومن غير المقبول أن يستمر «تفهُّم» الأعذار والتبريرات والأسباب في التأخر في إعمار مخيم نهر البارد. فالجهات الرسمية لم تبذل جهداً كافياً لجذب الدعم من المانحين، لمتابعة وتيرة الإعمار بالسرعة المناسبة. وقد تم تسليم رزمة واحدة فقط، مع أن المخطط كان يفترض زمنياً البدء بالرزمة الثالثة.
ونسجل هنا أن تفاقم الأوضاع الاقتصادية الصعبة، بسبب التهجير والحصار الأمني والبطالة وقوانين العمل اللبنانية تشكل عاملاً إضافياً وفاعلاً في مضاعفة أزمة أهلنا في مخيم نهر البارد المنكوب.. حيث ما زال أهلنا في المخيم يعانون من فرض التصاريح الأمنية عليهم وعلى زوّارهم، ويسألون عن مصير الموقوفين من أبنائهم في السجون اللبنانية منذ أكثر من أربع سنوات، ويتخوفون من عملية إخلاء منطقة البركسات بالقوة من دون بدائل لائقة، كذلك فإن قضية طريق المدارس الطويلة على الطلاب أخذت بالتفاقم والتدهور مع حلول الشتاء والعواصف والمطر الغزير، من دون أن يحرك أحدٌ ساكناً. كل ذلك، من دون أن ننسى قضية مصادرة منطقة (A برايم) ورفض تسليم العقارات إلى أصحابها الذين اشتروها بطريقة شرعية من أصحابها قبل منعهم من التملك.
ولا نبرّئ هنا وكالة «الأونروا» من التقصير الحاصل في قضية إعادة إعمار المخيم، مما ينعكس تأخيراً في تسليم المنازل إلى أصحابها.
خامساً: المطلوبون والموقوفون
أصبح عدد المطلوبين الفلسطينيين للجهات الأمنية اللبنانية كبيراً، وبات يُلقَى ثِقلُ هذه القضية على المخيمات. وقد تبيّن لنا بالدراسة الميدانية أن الغالبية العظمى من هؤلاء المطلوبين، سُطّرت بحقهم مذكرات الجلب بسبب تقارير أمنية قد تكون في كثير من الأحيان تقارير كيدية. بالإضافة إلى أن كثيراً من الشكاوى لا تصل إلى صفة الجنحة، وبعضها سقط بمرور الزمن. وقد بات من الضروري والمُلِحّ إيجاد حلّ لكل هذه القضايا والتقارير وتنظيف ملفات المستحقين بشكل هادئ وإيجابي.. ونقوم بجهود حثيثة مع قيادة الجيش اللبناني لمعالجة قضية المطلوبين، وقد بدأنا خطوات عملية في هذا الشأن.
أما الموقوفون، فمن الُمعيب استمرار مأساة الموقوفين في السجون اللبنانية ومعظمهم من مخيم نهر البارد، وعددهم 31 موقوفاً، وهم الذين سلّموا أنفسهم كي لا يبقوا في المخيم، فحُسبوا على تنظيم «فتح الإسلام»، حيث إن القضايا التي اتهموا بها تعود إلى ما قبل حرب نهر البارد، وقد سلّموا أنفسهم بناءً على ضمانات ووعود من الجهات المعنية. وكل ما نطالب به محاكمة عادلة وسريعة، والإفراج عن البريء منهم.
سادساً: لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني
خلال السنة الأخيرة، وبسبب التغيير الإداري المستجد، لم تقم لجنة الحوار بتنفيذ مشاريع أو أعمال مميزة، واقتصر أداؤها على متابعات روتينية ودراسات بحثية.
كذلك فإن هذه اللجنة لا تملك سلطة إجرائية، بل إن دورها يقتصر على الاستشارات، وهو الأمر الذي يقلّص قدرتها على اتخاذ القرار، ناهيك عن بطء السير بقرارات متخذة سابقاً.
لذلك نطالب الحكومة اللبنانية بمنح اللجنة سلطات أوسع في اتخاذ القرار وتنفيذه، من أجل تسهيل التعامل مع اللجنة وتسهيل تنفيذ القرارات المتفق عليها.
سابعاً: رفْضُ لبنان تطبيقَ توصيات مجلس حقوق الإنسان
تميز العام 2011 برفض لبنان عشرات المقترحات التي تقدمت بها جهات أوروبية ومنظمات إنسانية لتحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، ومن ذلك حق العمل بالكامل وحق التملك والتنقل.
وقد شهد مجلس حقوق الإنسان في جنيف في «الاستعراض الدوري الشامل»، لدى انعقاد جلسته النهائية في 14 آذار (مارس) 2011، رفضَ لبنان لاثنتي عشرة توصية من أصل ثماني عشرة توصية تتعلق بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
ثامناً: دائرة شؤون اللاجئين والأمن العام
- لا بدّ، قبل عرض قضايا هذا البند، من التأكيد على ضرورة تعيين مدير أصيل في «دائرة الشؤون السياسية واللاجئين»، لأن عدم وجوده يعرقل عملها تجاه بعض الحالات الإدارية، مما يزيد من أزمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ويعرقل حياتهم، كما هو الحال مع قضية الطفل جلال مصطفى عابد (مخيم شاتيلا -11 سنة) والطفلين محمد وأحمد أبو سعيد (مخيم عين الحلوة – 2009)، غير المسجلين في «الشؤون».. وتسجيلهم يحتاج إلى مدير أصيل، وهو أمر من صلاحيات الحكومة.
- معاناة فاقدي الأوراق الثبوتية لم تنتهِ بعد، وما زالت الحلول مجتزأةً، ولا بد من تقنين وجودهم ليصبح شرعياً، لا أن يكون بطريقة التفافية على وجودهم، كما أن مدة جوازات سفرهم لا تزيد عن السنة الواحدة، الأمر الذي يفقدهم الأمان والاستمرارية في حق التنقل والسفر.
- ما زالت بطاقات الهوية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين في لبنان ووثائق الولادة والزواج والطلاق والوفاة غير ممكننة، وما زالت الأخطاء البشرية الملحوظة في كتابة الأسماء والأرقام تعرقل حياة اللاجئين ومعاملاتهم الرسمية.
- بخلاف جوازات السفر في أنحاء العالم، ما زالت وثائق سفر الفلسطينيين في لبنان كبيرة الحجم وغير مُمَكننة وتُكتب بخط اليد، مما يسبب للمسافرين الفلسطينيين في لبنان معاناة إضافية في المطارات بسبب الكتابة اليدوية التي يكون فيها أخطاء أحياناً، وتكون غير واضحة أحياناً أخرى.
أهمّ المطـالب الفلسطينية في لبنان:
1- إقرار الحقوق المدنية والاجتماعية وعلى رأسها حق العمل والتملك بشكل واضح ونهائي وكامل.
2- العمل على تحسين العلاقة بين الحكومة اللبنانية واللاجئين وتحصينها.. وندعو الحكومة إلى الوقوف عند مسؤولياتها في حلّ قضايا اللاجئين والتعاون مع المجلس النيابي لإزالة الظلم عنا في لبنان..
3- إزالة الحالة الأمنية حول المخيمات وبالأخص مخيم نهر البارد.
4- الإسراع في إعمار مخيم نهر البارد ووضعُ سقف زمني للانتهاء من الإعمار.
5- إيجاد حل جذري وعاجل لمشكلة المطلوبين والموقوفين.
6- تسريع الإجراءات الرسمية، وتسهيل عمل لجنة الحوار وتوسيعه، لتحاور كل الأطراف ومنحها صلاحيات أوسع في اتخاذ القرار.
7- منح فاقدي الأوراق الثبوتية مستندات تسمح لهم بالتنقل والإقامة والعمل وحق الرعاية الصحية والتعليم.
8- مكننة المديرية العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين لتصبح قادرة على حفظ ملفات اللاجئين بشكل أفضل، وإصدار بطاقات الهوية وإخراجات القيد وغيرها بشكل حديث.
مع تأكيدنا أن شعبنا الفلسطيني في لبنان متمسك بحق العودة الكاملة والواضحة، ويرفض مشاريع التوطين والتهجير، وقد أكّد ذلك عملياً في مسيرة العودة في 15 أيار (مايو) الماضي، عندما قدّم كوكبة من الشهداء والجرحى، على حدود فلسطين المحتلة في مارون الراس. فإننا، إزاء كل هذه القضايا، مستعدون للتعاون في سبيل حلّها وإيجاد المخارج الملائمة للأزمات، وحلّ العالق منها، ولدينا القدرة على تحقيق إنجازات نوعية في هذا الشأن. المهم أن نجد أفق التعاون مفتوحاً لتصبح حلول كل هذه القضايا متاحة وممكنة.
ومع وجود النيّات الصادقة والصافية، سيُثمر التعاون أداءً جيداً ونتائج طيبة.. وهذا وعدٌ منا وسنلتزم به، وندعو كل الأطراف للتعاون لتحقيق هذه المطالب.

مشاركة مميزة