السبت، 21 يناير 2012

نحن والاسلام السياسي: خطوة الى الأمام أم خطوة الى الوراء؟

kolonagaza7

بقلم : كمال الساكري

حركـة الشعب

أشعل الشعب العربي من المحيط إلى الخليج شرارة الثورات على أنظمةالاستبداد والفساد والإقليمية والعمالة فسقطت رؤوس وأنظمة واحترقت أخرىوترنحت ثالثة وشعر الجميع أننا أمام الربيع العربي يخلف خريف الأنظمةالبالية ...ولكن حصاد البيدر يبدو أنه مكذب للآمال المعقودة على الحقول ففي أولانتخابات نيابية لكل من تونس ومصر والمغرب صعد الإخوان المسلمونوالسلفيون والعدالة والتنمية والنهضة وكلها حركات تنتمي إلى الإسلامالسياسي وسقط من غربال الصندوق آلاف الشباب الذين فجروا هذه الثوراتوأقصيت القوى الوطنية والقومية التي ضحت طويلا ....وإزاء هذا المشهد السياسي الجديد حريّ بنا أن نتساءل ما الإسلام السياسي؟وما هي طروحاته؟ هل هو بديل جذري في خدمة الربيع العربي أم هو مضاد بديليعيق تحقيق أهداف هذه الثورات في الحرية والديمقراطية والعدالةالاجتماعية؟ الإســـــــلام السيــــــاسي:بالعودة إلى المصادر والمراجع المختصة نكتشف أن هذا المفهوم جديد وأول ماظهر مع أواسط الثمانينات ثم تبلور أكثر بعد أحداث الجزائر الدامية فيالتسعينات وكان قد اقترن هذا الإسلام بالإرهاب لكونه يطلب الحكم بالعنفمستغلا الدين الإسلامي.يعرفه محمد سعيد العشماوي بأنه"صفة للجماعات والهيئات التي تهدف إلىالسياسة أساسا وترمي إلى الحزبية أصلا وإن غلفت أهدافها بأردية من الدينوبأقنعة من الشريعة (انظر المستشار محمد سعيد العشماوي الإسلام السياسيسنا للنشر ط 3، سنة 1992 ص 5).وبهذا التعريف فإننا نطلق مفهوم الإسلام السياسي على كافة الحركاتالسياسية الموظفة للدين الإسلامي مرجعية عليا سواء أكانت حركات سنية أوشيعية وسلفية أو تقدّمية ومعتدلة أو إرهابية فهي كلها توظّف الدين أيالمجال المقدس sacré في فهم السياسة أي المجال الدنيوي المدنّسprofane .وهكذا نجد أنفسنا في تونس والمغرب العربي بل والوطن العربي والعالم ومنذقرنين تقريبا مرة أخرى أمام حكم الحركات أو الفرق الإسلامية وهو واقعجديد موغل في القدامة يستدعي الانتباه والفهم والتحليل قصد معرفة أفضلالسبل في التعامل معه.وأول تحد يفرض نفسه علينا اليوم هل يمثل صعود الإسلام السياسي للحكموهيمنته على السلطة خطوة تاريخية على درب الحرية وتحقيق أهداف الثورةمحليا وقوميا وعالميا وبأي مقياس ؟ أم أنه خطوات إلى الوراء كارثية تعودبنا إلى أزمة القرون الوسطى البغيضة وتلجم الشعوب عن التعبير والاجتهادوالجهاد في سبيل تحررها وانعتاقها من الجهل والتخلف والتبعية لدوائرالهيمنة الإمبريالية والصهيونية والماسونية؟.I- نحن والإسلام السياسي:1- من نحن؟من الأفكار الأولى التي تتبادر إلى الذهن أن المقصود بنحن هم التونسيونوهذا صحيح ولكن التونسيين اليوم بعد انتخاب 23 اكتوبر أصبحنا فرقين واحدامع النهضة وآخر ضدها.ثم ان هذا النحن يمكن أن تتجاوز أسوار القطر التونسي إلى فضاء الوطنالعربي الكبير بنجاح حركات الإسلام السياسي: الحرية والعدالة (الإخوانالمسلمون) والسلفية العلمية بمصر. (العدالة والتنمية سليلة الإخوانالمسلمين " جمعية الشبيبة الإسلامية" بالمغرب اضافة الى حكم الإخوانالمسليمن بالسودان وهيمنة الوهابية على السعودية وصعود السلفية العلميةبالكويت والسلفية الجهادية بالصومال وليبيا وتهديدها للجزائر. وقيادةحزب الله الحركة الشيعية للمقاومة في لبنان تماما مثل قيادة حركة حماسوالجهاد بفلسطين ضد الصهاينة وتنامي حزب التحرير في عموم الوطن العربيبعد أن هيمن في ماليزيا واندونيسيا.إذا النحن أصبحت بحجم العرب على طول الخارطة القومية و تعاظم المدّالإسلامي الحركي لا يعني التونسيين والعرب فحسب وإنما بات يثير انتباهالانسانية في مختلف أصقاع الكرة الأرضية بما ينقل المواجهة من محيطهاالوطني والقومي إلى المحيط الإقليمي والكوني ولكن قبل معرفة طبيعةالعلاقة بين نحن والإسلام السياسي حريّ بنا أن نتساءل ما الإسلامالسياسي؟2 - الإسلام السياسي:بالعودة إلى المصادر والمراجع المختصة نكتشف أن هذا المفهوم جديد وأولما ظهر مع أواسط الثمانينات ثم تبلور أكثر بعد أحداث الجزائر الدامية فيالتسعينات وكان قد اقترن هذا الإسلام بالإرهاب لكونه يطلب الحكم بالعنفمستغلا الدين الإسلامي.يعرفه محمد سعيد العشماوي بأنه " صفة للجماعات والهيئات التي تهدف إلىالسياسة أساسا وترمي إلى الحزبية أصلا وإن غلفت أهدافها بأردية من الدينوبأقنعة من الشريعة (انظر المستشار محمد سعيد العشماوي الإسلام السياسيسنا للنشر ط 3، سنة 1992 ص 5).وبهذا التعريف فإننا نطلق مفهوم الإسلام السياسي على كافة الحركاتالسياسية الموظفة للدين الإسلامي مرجعية عليا سواء أكانت حركات سنية أوشيعية وسلفية أو تقدّمية ومعتدلة أو إرهابية فهي كلها توظّف الدين أيالمجال المقدس sacré في فهم السياسة أي المجال الدنيوي المدنّسprofane .وهكذا نجد أنفسنا في تونس والمغرب العربي بل والوطن العربي والعالم ومنذقرنين تقريبا مرة أخرى أمام حكم الحركات الإسلامية أو الفرق (سنة/شيعة /خوارج/ معتزلة/ حنفية/ مالكية/حنبلية ...) وهو واقع جديد موغل في القدامةيستدعي الانتباه والفهم والتحليل قصد معرفة أفضل السبل في التعامل معه.وأول تحد يفرض نفسه علينا اليوم هل يمثل صعود الإسلام السياسي للحكموهيمنته على السلطة خطوة تاريخية على درب الحرية وتحقيق أهداف الثورةمحليا وقوميا وعالميا وبأي مقياس ؟ أم أنه خطوات إلى الوراء كارثية تعودبنا إلى أزمة القرون الوسطى البغيضة وتلجم الشعوب عن التعبير والاجتهادوالجهاد في سبيل تحررها وانعتاقها من الجهل والتخلف والتبعية لدوائرالهيمنة الإمبريالية والصهيونية والماسونية؟.II- الإسلام السياسي بديل أم مضاد بديل؟لئن كان من التعسف أن نحكم على النهضة في تونس باعتبارها احدى مكوناتالاسلام السياسي قبل أن تمارس الحكم وتنفذ برامجها المختلفة فإنه ليس منالمستحيل الانطلاق من إيديولوجيتها وبرامجها الحالية للحكم لها أوعليها في المستقبل.ورغبة في الاختصار فإننا نضع إمكانية الجواب تحت ضاغطة هذه الإشكالية:هل الإسلام السياسي بديل مجتمعي ينتصر للحريات الفردية والجماعية ويتبنيقيم الجمهورية في فصل السلط وعلوية القانون والتداول على السلطةوالديمقراطية والشفافية والمساءلة وتحقيق تنمية اقتصادية عادلة ومنحازةللشعب ومستقلة عن دوائر الامبرياليةوالهيمنة الإقليمية والعالمية أم أنها ورغم كل ما ترفعه من شعارات فإنهاليست سوى إعادة إنتاج للاستبداد والتبعية لقوى الهيمنة والامبرياليةوتعريب للتبعية وأسلمة لنظام الاقتصاد الرأسمالي تحت شعارات ظاهرهاإسلامي وباطنها ربوي امبريالي؟1- النهضة في مرآة برامجها :لن نبتعد بعيدا للحكم على النهضة /الإسلام السياسي عموما أو عليها.فبرنامج حركة النهضة نموذج من برامج الإخوان في الوطن العربي يعلنإيمانه بالنظام الجمهوري والدولة المدنية والاندماج في النظام الرأسماليالعالمي العولمي.ويقتدى بالنموذج القديم الخالد للخلفاء الراشدين ومنبهر بحكم العدالةوالتنمية بتركيا غير أن تفحص أدبيات النهضة سرعان ما يكشف ازدواجيةالخطاب وتعمده استراتيجية الإنسياب داخل قوانين اللعبة الديمقراطية ضدامن استراتيجية مصادمة الديمقراطية وتكفيرها على غرار السلفية بمختلففروعها العلمية والجهادية.وبهذا نفهم تنازل النهضة وما شابهها من الحركات في الوطن العربيكالعدالة والتنمية في المغرب- ظرفيا عن شعاراتها الإيديولوجية كالخلافةوالشريعة والحدود ودونية المرأة الخ في مقابل وصولها الى سدة الحكم. ثمهي تعوّل على أسلوب التدرج في اسلمة المجتمع والذي يتحقق عندها عبرالحكم وتغيير أخلاق المجتمع عبر التعليم والاعلام والزكاة والوقف ومختلفاليات صوغ العقول وترويضها معتمدة على سلطة الدين وأثرها في تحقيقالاسلمة.عندها ستتوفر الشروط الضرورية لتطبيق الشريعة الإسلامية واعلاندولة الخلافة وفي هذا الصدد يقول الشيخ يوسف القرضاوي المرجع الاعلىللاستاذ الغنوشي "والشريعة اكتملت بلا شك غير أن تطبيقها يحتاج الى تهيئةواعداد لتحويل المجتمع الى الالتزام الصحيح"(انظر د.عبد الا لهبلقزيز،الدولة في الفكر الاسلامي المعاصر،م.د.و.ع.ط2،بيروت،سبتمبر2004،ص166)ولن تكون النهضة عندئذ في موقف الفارض للخلافة وانما في موقف المطالببالاستجابة لمطالب الشعب ورأيه وبطبيعة الحال لن يكون مطلب الشعب أنذاكمختلفا جوهريا مع مفهوم الإسلام السياسي للشريعة وأدلتنا على ذلك كثيرةنقتصر على بعض النقاط منها:في الدولة المدنية : صحيح نحا الخطاب عند النهضة وزعيمها راشد الغنوشي فيتونس وبن كيران والعثماني في المغرب نحو ترديد الدولة المدنية فيالخطابات والتنظيرات لكن قواعد النهضة وحتى بعض قياديها لا يصدق هذاالزعم لان ألف باء الالتزام في حركات الإسلام السياسي الإيمان بالإسلاموالإسلام في مذهبها دين ودولة وهذه الدولة هي خلافة حتى ولو ناورنا فيالساحات السياسية والإعلامية وقلنا دولة مدنية وما زلات اللسان المنسوبةللسيد راشد للغنوشي و السيد حمادي الجبالي حول المناداة بالخلافةوالتراجع عند ثورة الخصوم والمخالفين إلا اقرار بمركزية الخلافة فياللاشعور السياسي وان اللاشعور جزء من الحقيقية تماما مثل الشعور كمانعلم ويكفي للتدليل على صحة ما نقول ما يقرره الشيخ القرضاوي"فالدولةالاسلامية دولة دستورية أو شرعية لها دستور تحتكم اليه وقانون ترجع اليهودستورها يتمثل في المبادئ والاحكام الشرعية ...ان هذه الدولة ليست مخيرةفي الالتزام بهذا الدستور أو القانون ،فهذا مقتضى اسلامها ودليل ايمانها...فهي لا تكون اسلامية الا به .كذلك شرعيتها ليست اجتماعية أو مدنية بلدينية ذلك أن الالتزام في الدولة بقانون الشريعة هو الذي يعطيها الشرعية...فأما اذا حادت عن هذا المنهج فهذا يسلبها حق الشرعية ويسقط عن الناسواجب الالتزام بطاعتها .."انظر يوسف القرضاوي من فقه الدولة في الاسلام،القاهرة بيروت ،دار الشروق 1997ص32و33).ب – في الإقتصاد :جاء في النطقة 17 :" تتبنى الحركة اقتصادا حرّا ذا بعد اجتماعي يقوم علىالتكامل بين القطاعات الثلاث الخاص والعام والتعاوني ويكون دور الدولةفيه تعديليا لرعاية التوازن الاجتماعي وضبط حركة السوق وتشجع الحركةالمبادرة والإبداع والمنافسة الشريفة والكسب المشروع وتحترم الملكيةالخاصة وتحميها " (انظر برنامج حركة النهضة : من أجل تونس الحريةوالعدالة والتنمية ، سبتمبر 2011).تتبنى حركة النهضة إذا كما هو واضح مثلها مثل حركة العدالة والتنميةالمغربية والتركية نهج الاقتصاد الحرّ وتدعو للتعايش بين قطاعات ثلاثة (خاص – عام - تعاوني) وتلح على تشجيع المبادرة والمنافسة وتحترم خاصةالملكية الخاصة وتحميها وقد يحاول انصار النهضة او العدالة و التنميةتأويل هذه العبارات – تأويلا آخر لكن النهضة لا تجد حرجا في اعلانايمانها بإقتصاد السوق والاندماج في العولمة الاقتصادية وتشجيع السياحةواباحة بيع الخمور وما يصحبها من منكرات الأمور كمظاهر العري والإباحيةفي الملاهي والنزل والشارع التونسي المسلم والحرص على العلاقاتالإقتصادية المتطوّرة مع أوروبا وأمريكا الشمالية لا الجنوبية. (الزياراتالمكوكية لزعماء النهضة الاستاذين الغنوشي والجبالي للولايات المتحدةالأمريكية تشبيكا للعلاقات بين النهضة والأمريكان وطلبا للاعتراف والقبولمن لدن دوائر المال والأعمال والساسة واللوبيات النافذة...).وأمام هذا التوجه الصريح والمعلن للدوائر الرأسمالية قمين بنا أن نتساءلهل خرجنا من قمقم الرأسمالية وسجن الامبريالية أم هرولنا الى كسب ودهاوإعطائها الأمان والضمان للاستثمار في بلاد الإسلام؟ج- في الإجتماع : جاء في البند 18 من برنامج النهضة:" تعمل الحركة علىتطوير قطاع الاقتصاد الاجتماعي التعاوني بما يمكن مؤسسات المجتمع المدنيمن المساهمة في تمويل التنمية وفي النشاط الاقتصادي والتكافل الاجتماعيوذلك من خلال تدعيم دور الجمعيات في بعث المؤسسات وتأسيس صناديق الوقفوالزكاة) نفس المرجع أعلاه(ولعل ما يلفت الانتباه هنا حقا هو إطلالة متعلقات دولة الخلافة والشريعةالإسلامية وذلك في مؤسسات الوقف والزكاة. وعلاوة على أنه الازدواج بيننظام الرأسمالي العالمي الربوي الغربي الحديث والمعاصر ونظامي الزكاةوالوقف الاسلاميين القديمين فإن اقتراح هاتين الأليتين للتكافلالاجتماعي تكريس لمفهوم المجتمع الطبقي المكوّن من الاغنياء والفقراء.وما تصدق أغنيائنا على فقرائنا الا استئناف لمجتمع سلطاني طبقي سادمنذ الخلفاء الراشدين الى سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924 وأخفق فيتحقيق العدالة والمساواة بين المسلمين وشرع العبودية والشعوبية والتخلفوالانحطاط وفتح علينا جهنم الاستعمار الغربي الرأسمالي بعد أن استعبدناوأمعن في تخلفنا الاستعمار العثماني التركي المتلحف بأردية الخلافةالاسلامية.III- النهضة كما نراها :إن في هذا الحل أي نظام رأس مالي تابع ومندمج في رأس المالية العالميةوالعولمة الوحشية مع وجود مؤسسات تكافل اجتماعي تكرس التفاوت الطبقيوتلطفه بتصدق الأغنياء على الفقراء كل الحقيقة حقيقة المشروع الإسلاميالسياسي.. المزاوجة بين خطاب حداثي مغر وتلوينه بعبارات تراثية دينيةتسبح في بحر العولمة غايتها لفت انتباه القواعد الى اسلامية البديل ولكنحقيقتها تلفيق الحلول وعدم جديتها او جذريتها لذلك كله واقتصارا على هذهالعينات بإمكاننا ان نقرر فنقول أن ما قدمته النهضة في تونس والعدالةوالتنمية في المغرب وما يقدمه الإخوان المسلمون في مصر واخوتهم السلفيونإي الاسلام السياسي ليست إلا مضادا للبديل وليس بديلا مضادا. البديلالمضاد يقضي على أنظمة الاستبداد والرجعية والعمالة والتطبيع معالصهيونية والماسوسية أما مضاد البديل فليس سوى امتداد لطبيعة الأنظمةالعربية الاستبدادية التابعة والمطبعة ولكن بشعارات إسلامية براقة ظاهرهاالعدل والكفاية والمساواة وحقيقتها نظام سلطاني قروسطي يكرس الاستبدادوالطبقية ودونية المرأة وتبعية الاقتصاد وتخلف الثقافة بسيادة ولايةالفقيه عند الشيعة وبابوية الفقيه المفتي عند السنة أو الحاكمية .إننا أمام حركة سياسية نقلت الصراع من دوائره الحقيقية إلى دوائر خاطئة.اننا امام تحول سياسي خطير يقلب الصراع من تناقض بين قوى ثورة ضد أعدائهاإلى قوى إسلامية وقوى غير إسلامية. إننا نقسم وحدة المجتمع إلى مسلمينوغير مسلمين وإلى مؤمنين وكفار...وبهذه النقلة المغالطة وعوض ان نتقدم بالثورة ومكاسبها فإننا نتراجع الىمربع قديم وعقيم هو مربع مجتمعات الأزمنة العقدية ديار كفر وديار إيمانعوض ان تسود أزمنة قوى تقدمية ثورية وقوى رجعية وشعوب وأمم متقدمةوشعوب وأمم متخلفة. وبقدرة قادر يصبح كل من أعلن دخوله إلى بيت أبيسفيان الجديد " الإسلام السياسي" وأحزابه مسلما آمنا ولو كان من الرجعيينوالمستبدين والمستغلين والمستلبين. ان انقلابا خطيرا حدث مع الاسلامالسياسي فأصبح هو الاسلام وكل ماينسب الى الاسلام يتطلب أن ننسبه اليه.فيصبح التاسلم تماما بديلا من الاسلام والتأسلم يجب ما قبله كأنناقلنا الاسلام يجب ما قبله. اننا لا نعني بهذا رفض المصالحة الوطنية بينمن أذنب في حق الشعب بعد محاسبتهم وإنما نحن نرفض إعادة خلط الأوراقونقل الصراع من تحقيق أهداف الثورة وبناء اقتصاد وطني يحقق التنميةالعادلة بين الجمعات والفئات الى استقطاب جديد/ قديم مسلمين وغيرمسلمين ومؤمنين وكفار بل ديار كفر وديار اسلام وأهل كتاب وكفار...ان هذاالمعيار القديم الجديد هو رأس فتنة جديدة ستقسم المجتمع الواحد الىمجتمعات وتعيد الفرزبين الدول دول مؤمنة ودول كافرة .انها فتنة فاتكةتجعل الصديق عدوا (كل شيعي أو خارجي أو لا دين له يصبح عدوا) والعدوصديقا (الصهاينة يهود فمن حقهم التواجد في فلسطين لانهم ليسوا كفارايستحقون القتال والامريكيون الامبرياليون أهل كتاب وليسوا أعداء)ويكفي القاء نظرة على برنامج الإسلام السياسي من تونس الى المغرب الأقصىومن ليبيا الى اليمن لنكتشف رفض الديمقراطية صراحة " فالديمقراطية كفر 'كما أعلن حزب التحرير ذلك في وثائقه فحمل هذا العنوان كتابا في الغرضاستدل بالقرآن والأحاديث ليدحض فكرة الديمقراطية وينتصرلرفضها واقصائهااو رفع شعار الديمقراطية ولكن اختزالها في الصندوق الانتخابي ورفضهاكمنظومة قيم تميز بين الديني والسياسي وتكرس حقوق الإنسان واحترام الرأيالمخالف ونسبية الشان السياسي ومنزلة القانون فيه متذرعة بعلوية الشريعةعلى القانون والدين على السياسة. سالكة طريق الرفض الصريح للديمقراطيةوالرفض المقنع لها مكرسة إزدواجية في الخطاب واحدة للنخبة الحداثيةوالغرب واخرى لاوسع أفراد الشعب والسلفية التكفيرية الدعوية والجهادية.وفي هذا السياق نفهم تصريح السيد الغنوشي الرافض للخلافة في تونسوالمطالبة بها في مصر . وتبشيرالسيد حمادي الجبالي بالخلافة الراشدةالسادسة في اجتماع شعبي بسوسة والتراجع عما صرح به عند احتجاج المعارضينللخلافة زاعما انها فلتات لسان.انها ليست فلتات لسان وحتى وان قبلنا انها كذلك فإن علم النفس يعلمنابان اللاشعور الفردي والجماعي جزء من الحقيقة فما لا تقدر على التصريح بهفي وعينا ينتقل الى اللاوعي ويفرض حضوره في الأحلام والفلتات اللسانية.ولا أظن ان الإسلام السياسي قد تجاهل "الخلافة " وتخلص منها نهائيا. بلانها مكبوته عند بعض الحركات الإسلامية المتزينة بالحداثة وحديثة الإيمانبالديمقراطية ولا بد للمكبوت من فلتان.اما الحركات الإسلامية المنسجمة مع ذاتها كالسلفية فإنها تعاديالديمقراطية والحداثة والقانون وحقوق الإنسان والمساواة والمواطنةوالعدالة الاجتماعية والمساواة جهارا وتختلف في أسلوب تحقيق أهدافها منالتدرج والصبر على الحكام والمحكومين إلى إعلان الجهاد عليها لتخليصهامن الجاهلية الجديدة.على حد تعبير سيد قطب في كتابه " معالم في الطريق"ونشر الغزوات من طورا بورا الى سليمان وفاس و أسيوط بل والتحالف مع أعداءالله حلفاء الناتو لاستباحة ليبيا والسيطرة على نفطها وقتل القذافي شرقتلة بعدما أفتى الشيخ يوسف القرضاوي باباحة دم حاكم عربي فشل في الحكمكغيره من الحكام العرب ويذكر له التاريخ أنه لم يكن يوما عميلا أو مطبعامثل الغالبية العظمى لبقية الحكام العرب كأمير قطر أو ملك السعوديةوالاردن والمغرب الخ...والذين لم يرتكبوا من الجرائم ولم يقترفوا منالذنوب حسب رأيه ما يسترعي انتباه كبير مفتي الديار الاسلامية الشيخالقرضاوي ليشملهم بالتكفير واهدار دمهم ..إننا مقبلون على صراع جديد محوره القوى الوطنية الديمقراطية الوحدوية منجهة وقوى الإسلام السياسي السلفية والرجعية عدوة الشعوب والحرية من جهةاخرى اننا مضطرون الى أن نوسع قائمات العراقيل على طريق استكمال ثوراتناالعربية وبالتالي توسيع قائمات مهامنا.IV-الآفاق:كانت المسألة ثورة تونسية تستكمل اهداف ثورتها ولقد خطت خطوات محترمةتوجت بانتخاب مجلس وطني تاسيسي وبعد 23 أكتوبر وصعود نجم الإسلام السياسيوطنيا وقوميا كبرت المشكلة واتسع مداها لتضع القوى الوطنية القومية فيمواجهة قوى معادية للثورة سلفية في جوهرها تنادي بالعود الى خلافة لمتتحقق أبدا ولم تكن قط مطلبا شعبيا كما انها تذكرنا بالحكم السلطانيالاستبدادي الطبقي المعادي لحرية الانسان عامة والمراة خاصة.وليكن واضحا نحن الشعوب العربية والقوى الوطنية والقومية والتقدمية فيكافة أركان العالم نرفض عودة القرون الوسطى ولو كانت مقنعة في ثيابعصرية.واول نقطة اختلاف بيننا وبينها الدخول في طاعة الراسمالية للحصول علىشهائد حسن سلوك امريكية وصهيونية ونحن نرفض الديمقراطية إذا كانتديمقراطية ليبيرالية تكتفي بالثرثرة في الإذاعات والصحف وتوكل تحقيقمطالب المجتمع الى الصدقات والمعونات والزكوات.نحن نطالب بديمقراطية حقيقية الرأي الحرفيها مكفول والشغل مضمونوالاقتصاد متنح ومبدع ولا تبعية ولا تطبيع.أما الصدقات والزكوات فرافد صغير يحقق التكافل الاجتماعي ولا يلغيالتنمية الاقتصادية الحقيقة وقد نحتاجه في مرحلة تاريخية انتقالية منالخصاصة الى الكفاية ولكننا سنتخلى عنها داخليا على الاقل حينما نحققمجتمع الرفاه والعدل.نحن لا نقول بتعطيل أحكام القرآن المرجع الوحيد الذي يلزمني شخصيالخلوّه من كل تحريف او تشويه وهذا القرآن ميدان للنظر العقلي والتاويلالمنهجي يستنهضنا للتأمل والتفكير أما العيش في جلباب الاب والجد والسلففلا يلزمني فهم رجال ونحن اليوم نساء ورجال . وهم لهم زمانهم ونحن لنااليوم زماننا .اننا ندعو الى نظام اقتصادي يحقق حاجاتنا دون طبقية تسمح بوجود متصدقوفقير يستحق الصدقات لقد تجاوزنا عهد الزكاة والوقف ولسنا في هذامبتدعين فقد عطل عمر بن الخطاب من قبل قطع اليدين.واوقف صدقات المؤلفة قلوبهم وكان مجتهدا.ولا أحد كفره من المسلمين وحتى الشيعة قتلته بسبب الإمامة وأحقية عليبها منه ولم تقتله بسبب عدله في الحكم والاجتهاد في الدين.إن الثورة في تونس وفي عموم الوطن العربي لم تتوقف ولن تتوقف إن ربيعالثورات لا يقتصر على قطع رؤوس الأنظمة وإنها ثورة طويلة الأمد انتقلت منالمحلي إلى القومي ولامست الكوني . فهي تتصدى اليوم لمقولات الإسلامالسياسي المتخلفة المقنعة بالدين وسيثبت التاريخ أن كشف مواطن الاستبدادومقاومتها يعد من أعظم الفتوحات المحسوبة للثورات العربية إضافة إلىاستعدادها لمواجهة الامبرياليين والصهاينة .نعم لقد بدأت ثورات تونس ومصر واليمن والبحرين محلية محدودة المدىوالأثر و ذلك مبتغى البعض لكن وحدة الوجود القومي وامتداداته العالميةنقل ثوراتنا من المحلية إلى القومية ومن القومية إلى العالمية(انتفاضةالأمريكيين في وول ستريت وشعاراتها المرددة لشعاراتنا الشعب يريد إسقاطالنظام / الشعب يريد إسقاط وول ستريت)وفي هذا المستوى اتسع نطاق المواجهة وتعددت مستوياته اليوم ظهر الإسلامالسياسي وغدا نحن واثقون سيعاود الأعداء الكبار من امبرياليين وصهاينةالظهور من جديد وسيطرح الإشكال من جديد كيف نواجه هذه التحديات؟عندها سيكون لكل حادثة حديث.

مشاركة مميزة