kolonagaza7
د. مصطفى يوسف اللداوي
في خطوةٍ لافتةٍ ورائدة، وإعلانٍ شجاعٍ وجرئ، وقرارٍ مسؤول ورشيد، قد يكون هو الأول في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، إذ لم يسبقه إليه في الوطن العربي أحد، ولم يخطط أو يعد نفسه لمثله قائدٌ أو مسؤول، ممن يرون أنهم سيخلدون في مواقعهم، وسيبعثون في مراكزهم، وستدوم لهم الدنيا بنعيمها، والآخرة بخيراتها، فقد أبدي خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" صادقاً عزمه على ألا يرشح نفسه لرئاسة المكتب السياسي للحركة في دورته القيادية القادمة، وأن يفسح المجال لآخرٍ من أبناء حركة حماس ليتسلم المسؤولية، ويحمل الأمانة، ويتقدم الركب، ويأخذ بزمام القافلة، ويواصل المسيرة، ويتابع العمل، وهو على يقينٍ بأن حركة حماس غنية بالرجال، وتزخر بالأبطال، وتعج بأصحاب المواقف وأساتذة التضحية والفداء، وفيها من القادة العظام من يستطيع حمل الراية، ورفع لواء المقاومة، وحماية أهداف الحركة وغايات الأمة والشعب، ليكون من بعده خير خلفٍ لخير سلف، يحفظ الأمانة ويبلغ الرسالة، ويمضي بالأمة كلها نحو وعد الله الخالد بالنصر والعزة والتمكين.
إنه موقفٌ لخالد مشعل يحفظه التاريخ، وسيبقى ذكره خالداً مع الأيام، وسيذكره الفلسطينيون مشعلاً على مر الزمان، فلن ينسوا يوماً أن قائداً فلسطينياً يتربع على قمة المجد، ويقود أعظم ثورات الأمة، ويشرف على حركةٍ هي خير ما جاد بها الرحمن على أمتنا، وأعظم ما امتن الله به على المسلمين في هذا الزمان، فكانت حركةً ربانية ملء سمع الدنيا وبصرها، تنتقل من نصرٍ إلى مجد، ومن كرامةٍ إلى عزة، وهو على رأس قيادتها يحذو الركب، ويشد العزم، ويشحذ الهمم، وينهض بالرجال ويعبئ الطاقات، وينفذ السياسات ويخطط للأيام القادمات، ولكنه يقرر وهو على صهوة جواده الأصهب أن يترجل ليمتطي صهوة الجواد فارسٌ آخر، ينبري كسهمٍ مارق من قادة الحركة ورجالها، وينطلق من بين الصفوف كازاً على أسنانه، ماضياً على طريقه، ثابتاً على ظهر جواده، منطلقاً بكل القوة والعزم نحو ذات الأهداف والغايات، التي رسمتها الحركة، وخطها رجالها وشهداؤها وجرحاها ومعتقلوها وأهلها الرجال الصيد الكماةُ الأباة، مقتدياً بنهج السابقين، وماضياً على طريق القادة الشهداء الراحلين، يلبي الواجب، ويستجيب إلى النداء، وهو يعلم أنهم اختاروه ليبتلوه، وانتخبوه ليحاسبوه، وقدموه ليرشحوه إلى غيبٍ لا يدركه، ومجهولٍ لا يعلمه، ولكنه على يقينٍ أنه لله ومن أجله، وفي سبيله تهون كل الخطوب، وتضمحل كل الصعاب.
إنه قرارٌ كبير، وموقفٌ شجاع، ومسؤولية عظيمة، أن يقرر مسؤولٌ في ثورتنا الفلسطينية أن يفسح المجال لغيره بغير موتٍ أو شهادة، ودون ضغطٍ أو إكراه، وهو في عقله الراشد وقمة عطائه الرائع، فيعلن عزمه على عدم التجديد لنفسه أو المبايعة لولده أو تبعه، ويقرر أن يضحي بالموقع ليبقي على النظام، وأن يتخلى عن المنصب ليحافظ على القانون، وأن يترك المركز والقوة والنفوذ لتبقى الحركة هي الأقوى والأعظم والأكثر سلطةً ونفوذاً، وهو الذي يعلم أن الحركة بمقاومتها وتضحيات رجالها وعطاءات أبنائها هي الأساس، وأنها هي التي تصنع الرجال، وتأتي بالعظام، فالحركة المقاومة المقاتلة التي أنجبت أعظم الرجال بقيت في الوقت الذي فيه ذهبوا، وارتفعت أسهمها في الوقت الذي سمت فيه أرواحهم، وسطعت نجومها في الوقت الذي غابت فيه صورهم عن الدنيا، وارتفع صوتها وتعاظم أثرها في الوقت الذي غابت فيه أصواتهم وسكنت ألسنتهم، لهذا فإنه يمضي وهو يعلم أن حركته في كنف الله ورعايته، يكلؤها برحمته، ويحفظها بعينه، ويقيض لها الأفضل والأحسن، ليقودها ويواصل بها المسيرة.
إنه درسٌ عظيم للثورة الفلسطينية في زمن الربيع العربي، وفي ظل الثورات الشعبية العربية، يقدمه خالد مشعل لقادة العمل الوطني الفلسطيني ورواد الثورة المعاصرة، أن القائد الغيور على وطنه، والحريص على شعبه، والمضحي من أجل أهله، هو ذاك الذي يحترم النظم والقوانين، والذي لا يبدل فيها لصالحه، ولا يغير لأجل معارفه، ولا يتمسك في السلطة حباً في نفوذها وحرصاً على بقائه فيها، وخوفاً على نفسه من نزعها منه، وهو الذي يقدم مصالح وطنه قبل مصالحه الخاصة، ويصغي السمع للمخلصين من أهله قبل أن يطرق السمع لبطانة الشر عنده، وأنه هو الذي لا يرى أن الخير فيه وحده، أو أنه يمثل الخيرية والأفضلية والصلاح دون غيره، وأنه هو القائد الأحد الفرد الملهم الذي لا شبيه له ولا مثيل، ولا يوجد من يحل مكانه أو أن يقف إلى جواره، أو أن يحفظ البلاد مثله، أو أن يصون الأرض ويدافع عنها مثله.
ينبغي على الأمة العربية والإسلامية كلها قبل الشعب الفلسطيني في داخل الوطن وخارجه، أن تقدم الشكر والتقدير لخالد مشعل مرتين، مرةً أنه حمل الأمانة، وقاد الحركة، وتحمل الأعباء، وواجه الصعاب والتحديات، وواجه الحكومات والسياسات، وتعرض لمحاولة اغتيال، واعتقل وطرد من بيته، وضيق عليه في عيشه، وضحى بالكثير من أجل أن تبقى هذه الحركة قوية عزيزة كريمة، ومن أجل أن يبقى الشعب الفلسطيني حراً عزيزاً معافى في سربه وبدنه، وألا يضام أو يحاصر، وألا يعتدى عليه أو يقاتل، وألا يبقى أحدٌ من أبنائه معتقلاً أو أسيراً، فكان صوته منبراً يعبر به عن أماني الشعب الفلسطيني وطموحاته، وكانت كلماته صدىً لأحاسيس شعبه ومشاعر أمته، وكانت جهوده وجولاته لرفع الحصار وتخفيف المعاناة، وتوفير لقمة العيش الكريمة لشعبه وأهله.
أما الشكر الآخر الأعظم والأسمى، والأكبر والأشمل، فهو على قراره الشجاع، وخطوته الرائدة، الذي أراد منها أن تكون درساً ومثلاً يحتذى، يتعلم منه القادة والحكام، ويقتفي أثره الملوك والرؤساء، وتستفيد منه الأجيال والشعوب، ويصبح تقليده منجاة، والتشبه به فوز، والعمل وفق هداه رفعةً للأمة وكرامةً للشعب، فالشكر الآخر هو على قراره بعدم الترشح لولايةٍ جديدة، وفترةٍ أخرى، رغم أن القانون واللائحة يبيحان له الترشح، ويجيزان له التمديد، إلا أنه اكتفى بما قدم، ورضي بما أعطى، وأعلن أنه ليس الأفضل، وأن في الشعب من يقوى أن يكون مثله وأحسن، ومن يقود المقاومة نحو نصرٍ مؤزرٍ جديد، وأن الحركة التي قدمته ورفعته قادرة على أن تأتي بجديدٍ أعظم وأكبر، لأجل هذا فإنه يستحق الشكر الجليل على الأولى والثانية، والله نسأل له الأجر والثواب والعافية على السنة الحسنة، وحسن الخاتمة على ما قدم وضحى وأعطى.
إنه موقفٌ لخالد مشعل يحفظه التاريخ، وسيبقى ذكره خالداً مع الأيام، وسيذكره الفلسطينيون مشعلاً على مر الزمان، فلن ينسوا يوماً أن قائداً فلسطينياً يتربع على قمة المجد، ويقود أعظم ثورات الأمة، ويشرف على حركةٍ هي خير ما جاد بها الرحمن على أمتنا، وأعظم ما امتن الله به على المسلمين في هذا الزمان، فكانت حركةً ربانية ملء سمع الدنيا وبصرها، تنتقل من نصرٍ إلى مجد، ومن كرامةٍ إلى عزة، وهو على رأس قيادتها يحذو الركب، ويشد العزم، ويشحذ الهمم، وينهض بالرجال ويعبئ الطاقات، وينفذ السياسات ويخطط للأيام القادمات، ولكنه يقرر وهو على صهوة جواده الأصهب أن يترجل ليمتطي صهوة الجواد فارسٌ آخر، ينبري كسهمٍ مارق من قادة الحركة ورجالها، وينطلق من بين الصفوف كازاً على أسنانه، ماضياً على طريقه، ثابتاً على ظهر جواده، منطلقاً بكل القوة والعزم نحو ذات الأهداف والغايات، التي رسمتها الحركة، وخطها رجالها وشهداؤها وجرحاها ومعتقلوها وأهلها الرجال الصيد الكماةُ الأباة، مقتدياً بنهج السابقين، وماضياً على طريق القادة الشهداء الراحلين، يلبي الواجب، ويستجيب إلى النداء، وهو يعلم أنهم اختاروه ليبتلوه، وانتخبوه ليحاسبوه، وقدموه ليرشحوه إلى غيبٍ لا يدركه، ومجهولٍ لا يعلمه، ولكنه على يقينٍ أنه لله ومن أجله، وفي سبيله تهون كل الخطوب، وتضمحل كل الصعاب.
إنه قرارٌ كبير، وموقفٌ شجاع، ومسؤولية عظيمة، أن يقرر مسؤولٌ في ثورتنا الفلسطينية أن يفسح المجال لغيره بغير موتٍ أو شهادة، ودون ضغطٍ أو إكراه، وهو في عقله الراشد وقمة عطائه الرائع، فيعلن عزمه على عدم التجديد لنفسه أو المبايعة لولده أو تبعه، ويقرر أن يضحي بالموقع ليبقي على النظام، وأن يتخلى عن المنصب ليحافظ على القانون، وأن يترك المركز والقوة والنفوذ لتبقى الحركة هي الأقوى والأعظم والأكثر سلطةً ونفوذاً، وهو الذي يعلم أن الحركة بمقاومتها وتضحيات رجالها وعطاءات أبنائها هي الأساس، وأنها هي التي تصنع الرجال، وتأتي بالعظام، فالحركة المقاومة المقاتلة التي أنجبت أعظم الرجال بقيت في الوقت الذي فيه ذهبوا، وارتفعت أسهمها في الوقت الذي سمت فيه أرواحهم، وسطعت نجومها في الوقت الذي غابت فيه صورهم عن الدنيا، وارتفع صوتها وتعاظم أثرها في الوقت الذي غابت فيه أصواتهم وسكنت ألسنتهم، لهذا فإنه يمضي وهو يعلم أن حركته في كنف الله ورعايته، يكلؤها برحمته، ويحفظها بعينه، ويقيض لها الأفضل والأحسن، ليقودها ويواصل بها المسيرة.
إنه درسٌ عظيم للثورة الفلسطينية في زمن الربيع العربي، وفي ظل الثورات الشعبية العربية، يقدمه خالد مشعل لقادة العمل الوطني الفلسطيني ورواد الثورة المعاصرة، أن القائد الغيور على وطنه، والحريص على شعبه، والمضحي من أجل أهله، هو ذاك الذي يحترم النظم والقوانين، والذي لا يبدل فيها لصالحه، ولا يغير لأجل معارفه، ولا يتمسك في السلطة حباً في نفوذها وحرصاً على بقائه فيها، وخوفاً على نفسه من نزعها منه، وهو الذي يقدم مصالح وطنه قبل مصالحه الخاصة، ويصغي السمع للمخلصين من أهله قبل أن يطرق السمع لبطانة الشر عنده، وأنه هو الذي لا يرى أن الخير فيه وحده، أو أنه يمثل الخيرية والأفضلية والصلاح دون غيره، وأنه هو القائد الأحد الفرد الملهم الذي لا شبيه له ولا مثيل، ولا يوجد من يحل مكانه أو أن يقف إلى جواره، أو أن يحفظ البلاد مثله، أو أن يصون الأرض ويدافع عنها مثله.
ينبغي على الأمة العربية والإسلامية كلها قبل الشعب الفلسطيني في داخل الوطن وخارجه، أن تقدم الشكر والتقدير لخالد مشعل مرتين، مرةً أنه حمل الأمانة، وقاد الحركة، وتحمل الأعباء، وواجه الصعاب والتحديات، وواجه الحكومات والسياسات، وتعرض لمحاولة اغتيال، واعتقل وطرد من بيته، وضيق عليه في عيشه، وضحى بالكثير من أجل أن تبقى هذه الحركة قوية عزيزة كريمة، ومن أجل أن يبقى الشعب الفلسطيني حراً عزيزاً معافى في سربه وبدنه، وألا يضام أو يحاصر، وألا يعتدى عليه أو يقاتل، وألا يبقى أحدٌ من أبنائه معتقلاً أو أسيراً، فكان صوته منبراً يعبر به عن أماني الشعب الفلسطيني وطموحاته، وكانت كلماته صدىً لأحاسيس شعبه ومشاعر أمته، وكانت جهوده وجولاته لرفع الحصار وتخفيف المعاناة، وتوفير لقمة العيش الكريمة لشعبه وأهله.
أما الشكر الآخر الأعظم والأسمى، والأكبر والأشمل، فهو على قراره الشجاع، وخطوته الرائدة، الذي أراد منها أن تكون درساً ومثلاً يحتذى، يتعلم منه القادة والحكام، ويقتفي أثره الملوك والرؤساء، وتستفيد منه الأجيال والشعوب، ويصبح تقليده منجاة، والتشبه به فوز، والعمل وفق هداه رفعةً للأمة وكرامةً للشعب، فالشكر الآخر هو على قراره بعدم الترشح لولايةٍ جديدة، وفترةٍ أخرى، رغم أن القانون واللائحة يبيحان له الترشح، ويجيزان له التمديد، إلا أنه اكتفى بما قدم، ورضي بما أعطى، وأعلن أنه ليس الأفضل، وأن في الشعب من يقوى أن يكون مثله وأحسن، ومن يقود المقاومة نحو نصرٍ مؤزرٍ جديد، وأن الحركة التي قدمته ورفعته قادرة على أن تأتي بجديدٍ أعظم وأكبر، لأجل هذا فإنه يستحق الشكر الجليل على الأولى والثانية، والله نسأل له الأجر والثواب والعافية على السنة الحسنة، وحسن الخاتمة على ما قدم وضحى وأعطى.