الأحد، 22 يناير 2012

الرئيس الإيراني القادم



kolonagaza7

هادي جلو مرعي
حاز الرئيس الإيراني الحالي على أغلبية أصوات الطبقات الفقيرة في دورتين انتخابيتين سابقتين ، ولا أدري هل هو مستعد لمواصلة الحضور في المشهد السياسي الإيراني بعد نهاية دورته الرئاسية الثانية أم لا ؟
الواضح أن شخصاً مثل نجاد يحتفظ بهذا الكم الهائل من الافكار الدينية والرغبة في التواصل مع مشروع الثورة الإسلامية لا يمكن أن يغادر مساحة المشاركة في أي جهد إيراني مستقبلي وعلى الصعد كافة . ولا أجد من المبررات الكثير ليحافظ نجاد على الدعم الذي حظي به طوال السنوات الماضية من المرشد الأعلى السيد علي خامنائي وتشير التحركات على الساحة الايرانية الى وجود رغبة أكيدة لدى المرشد لدعم قاسم سليماني رجل ايران القوي في مجال الأمن والإستخبارات ليكون مرشحه في انتخابات الرئاسة الإيرانية القادمة لكن على ايران ان تجتاز أولاً مرحلة من الإختبارات الصعبة قبل الوصول الى موعد الممارسة الإنتخابية في مجال صراعها مع الولايات المتحدة والغرب وتهديدات اسرائيل بتوجيه ضربة جوية لمفاعلاتها النووية عدا عن الوضع في سوريا والذي يشكل أهمية فائقة للسياسة الإيرانية الخارجية وتحالفاتها الإقليمية والإختبار الأصعب سيكون على المستوى الداخلي ، فالعقوبات الأمريكية الغربية على الاقتصاد الإيراني تشكل عامل ضغط إستثنائي بحاجة إلى وضع خطط إستثنائية غير مسبوقة لمواجهته وتقليل كلفته الاساسية ..وهناك المواجهة مع قادة الحركة الخضراء المنزوين منذ أشهر مير حسين موسوي، ومهدي كروبي، ومحمد خاتمي، وهاشمي رفسنجاني، إضافة إلى التقاطع في وجهات النظر بين معسكر المرشد الأعلى والرئيس نجاد.
لدى الجمهورية الإسلامية مهام جسيمة خلال الفترة المقبلة وفي هذا العام تحديداً ترتبط بالمحور (السوري، العراقي ، اللبناني) أوضحها السيد سليماني بتصريحه الاخير الذي تناولته وسائل الإعلام المختلفة والذي قال فيه : إن إيران حاضرة في جنوب لبنان والعراق ، وقادرة على التحكم في الثورات العربية لأنها مستوحاة من الثورة الإسلامية في إيران التي تفجرت عام 1979 .
هذه العبارة سبقتها في العراق تصريحات لمسؤولين وحتى مثقفين أشاروا الى ان الربيع العربي تأثر بالتغيير في العراق عام 2003 .
نجح قاسم سليماني في إدارة العديد من الملفات المرتبطة بالمصالح الحيوية لإيران في إطار علاقاتها الخارجية خاصة خلال فترة وجود القوات الأمريكية التي آشتكت مراراً من ضربات تلقتها على يد جماعات مسلحة على صلة وثيقة بأيران ومع النفي المستمر من طهران لأي شكل من اشكال دعم العنف في العراق إلاّ أن من الواضح وجود تأثير قوي للإيرانيين في ملف مواجهة الوجود الأمريكي حتى وقت الإنسحاب نهاية 2011 . وفي الجنوب اللبناني لا ينكر حزب الله صلته الوثيقة بطهران وكثيراً ما أشار زعيم الحزب السيد حسن نصر الله إلى علاقته الوطيدة بالمرجعية الدينية للمرشد الأعلى ، ويشير سليماني إلى طبيعة الصراع مع إسرائيل وربما هو يهدد بتحريك الجهود العسكرية على جبهة الشمال الإسرائيلي من خلال الترسانة الهائلة من الاسلحة التي في حوزة مقاتلي الحزب في حال قامت تل أبيب بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية في إيران .
وفي العراق وبرغم الإنسحاب الأمريكي فليس من المقنع الحديث عن إنحسار للنفوذ الإيراني لآعتبارات عدة من بينها صلتها الوثيقة بجماعات مسلحة واجهت القوات الأمريكية وهي قادرة على العودة إلى حمل السلاح في مواجهة أي نشاط عسكري أمريكي قد يستهدف إيران وهناك الصلات السياسية المتينة من المنظومة السياسية والدينية في العراق .
أما أن تكون الثورات العربية مستوحاة من الثورة الإيرانية فهو تصريح لا يثير الإستفزاز باعتبار أن الثورة الإيرانية استقطبت الحركات الأصولية في البلدان العربية دون تجاهل علاقة طهران بحركة الإخوان المسلمين في مصر ووجود قيادات منهم في الجمهورية الإسلامية إلى وقت قريب من نجاح ثورة 25 يناير في القاهرة ومدن مصر الأخرى التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك ونظامه وكذلك العلاقة الودية مع حركة حماس والنهضة في تونس وجماعات يمنية.
لا أحد يستطيع تخمين الحال الذي ستكون عليه المنطقة بأسرها في الأسابيع والأشهر القادمة وما هي الخيارات التي ستتعامل بها إيران مع جملة التحديات في إطار صراعها مع الولايات المتحدة وحليفاتها وأيّ منها سيكون ملائماً لظروف المواجهة .
السيد سليماني يملك العديد من الأوراق ليبعث برسائل التهديد إلى الحلفاء الغربيين وفي حال بقائه في منصبه الأمني أو فوزه في انتخابات الرئاسة القادمة فهو غير بعيد عن وضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة لحماية المصالح الحيوية لبلاده خاصة وأنه يحظى بثقة المرشد الأعلى ودعمه المحتمل له خلال المرحلة القادمة.
هناك من الأوساط السياسية العراقية من يرفض شكل الحضور الإيراني في بلادنا بينما تلزم أوساط أخرى الصمت ولا تبدي ثالثة قلقاً من ذلك لاعتبارات مرتبطة بحتمية وجود دور لإيران في العراق ليس المجال بمتاح لتعدادها لكثرتها وتنوعها ويبقى الوضع في العراق رهناً بطبيعة التماسك السياسي ونظام الحكم الذي سيسود والذي يمكنه رسم العلاقة مع الجارة إيران على قاعدة المصالح المشتركة وحسن الجوار وهي قواعد معتمدة في إطار العلاقات الدولية المتعارف عليها.

مشاركة مميزة