الثلاثاء، 17 يناير 2012

طائرة التجسس الأمريكيةR-Q-170 ، في عهدة أوباما !



kolonagaza7

د. عادل محمد عايش الأسطل
لاشك بأن الأيام القليلة الماضية، كانت شهدت انحدراً خطراً، في العلاقات الأمريكية - الإيرانية، وكان له أثراً واضحاً في تصاعد حدة الأزمة بينهما، جراء تراكمات سياسية غلب عليها استعداء الجمهورية الإيرانية للولايات المتحدة الأمريكية، منذ نجاح الثورة الإيرانية في العام 1979، باعتبارها الشيطان الأكبر، وإظهار العداء الصارخ من قبل حكام طهران الجدد لما يسمى بدولة "إسرائيل" والعمل على تطوير آلتها العسكرية المختلفة، وخاصةً أسلحتها الصاروخية، إضافةً إلى اتهام طهران باللجوء منذ بدايات العقد الماضي، إلى عسكرة برنامجها النووي، بهدف مد نفوذها والسيطرة على دول المنطقة، بعد فشل العديد من المحاولات، من خلال المفاوضات الدولية – الأوروبية- المكثفة، وتدخلات دول إقليمية مختلفة، التي تهدف إلى إغلاق الملف النووي بالطرق والوسائل السلمية، ومن ثم إخراج إيران من دائرة الشر – حسب التصنيف الأمريكي- ودخولها بالمشاركة والتفاعل إلى "العالم الحر" المنظومة الدولية، ومن جانبٍ آخر، كان لتوقف تلك المفاوضات أثراً سالباً آخر، لوجود كثرة من العقبات بفعل الجانبين، حالت دون التوصل إلى حل مناسب، وحتى حين تم الاتفاق للوهلة الأولى على مبدأ التبادل النووي، الأمر الذي أدى إلى تصاعد وتيرة "الحرب الباردة" بين الطرفين، وكان آخرها التصعيد في مجال فرض المزيد من العقوبات الأمريكية والأوروبية، ومحاولات جادة، لثني الدول والشركات الوطنية والمتعددة الجنسية الأخرى، إلى عدم التعامل مع إيران، وأيضاً محاولة الغرب بقيادة الولايات المتحدة إلى تكديس قطعها الحربية البحرية، في منطقة الخليج ومياه عدن، ثم مساعي الولايات المتحدة إلى العمل على تشجيع وإنشاء الحركات المناوئة، في الداخل الإيراني، بهدف زعزعة الاستقرار في أرجاء البلاد، ويمكن إضافة مسألة الاغتيالات التي استهدفت علماء ذرة إيرانيين، حيث أشارت المعطيات إلى ضلوع الموساد الإسرائيلي، في تنفيذ تلك العمليات، وخاصةً الأخيرة، التي راح ضحيتها العالم النووي"مصطفى روشان" حيث كانت كشفت صحيفة "الصنداي تايمز" البريطانية، بأن عملاء الموساد الإسرائيلي، يقفون وراء اغتيال "روشان" في الأسبوع الماضي، وعلى أساس أن ذلك الفعل لم يكن ليتم، إلاّ من خلال حصول "إسرائيل" على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة، حيث اعتبرت خطوة الاغتيال، لأجل التمهيد لتنفيذ ضربة عسكرية، الأمر الذي يجعل إعادة بناء المنشآت النووية لإيران أكثر صعوبة.
هذه المعطيات، كان لها الأثر البالغ، في تأجيج الأوضاع لدى القادة في إيران، حيث قاموا إلى التوعد بالانتقام، بالرغم من إنكار كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، ضلوعهما في مثل هذه الحوادث، لكن إيران كانت أعلنت أنها تملك أدلة دامغة، تثبت وقوف جهات أجنبية وراء تصفية علمائها، وكان أوضح المندوب الإيراني لدى الأمم المتحدة "محمد خزاعي" أن هذه التصفيات، تهدف إلى تشويش ما وصفه بالبرنامج النووي الإيراني السلمي، على أساس الافتراض الكاذب، بأن المجهود الدبلوماسي وحده لا يكفي. وطالب مجلس الأمن الدولي باستنكار هذه الحوادث بأشد لهجة.
إضافة إلى إعلان إيران عن نيّتها، باللجوء إلى إغلاق مضيق هرمز، إذا ما شعرت بمساس التهديدات العسكرية والاقتصادية الغربية لها، تجلى ذلك في الاستمرار باستعراض القوة الإيرانية، على مدار الوقت، ومعاودة الزوارق الإيرانية الحربية السريعة، إلى مضايقة السفن الحربية الأمريكية في منطقة مضيق هرمز، بعد أن كانت قامت بتلك المضايقات من قبل، الأمر الذي أثار غضب الولايات المتحدة،
ولكن كما يبدو وفي خطوات تكتيكية، بدأت بإجراءات عملية على الأرض، من قبل الجانبين الأمريكي والإسرائيلي، من مثل قيام الإدارة الأمريكية بالاتصال بالمسئولين في طهران، بشأن التهديدات الواردة، والخاصة بإغلاق مضيق هرمز، ثم الإقدام الأمريكي على قرار بإلغاء المناورات الأمريكية – الإسرائيلية المشتركة، التي كانت ستجرى في المنطقة أواخر هذا الشهر، إضافةً إلى إيفاد رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الأمريكي "مارتين دمبسي" إلى "إسرائيل" هذا الأسبوع، لبحث وتنسيق المواقف واختيار الطريق الأفضل، للتعامل مع المشروع النووي الإيراني، وهو الابتعاد عن التدخل العسكري حتى هذه الفترة، خاصةً في ضوء الوقائع السياسية والمستجدات العسكرية على الأرض، والتي تظهر بجلاء عن التحديات الإيرانية الجادة، لكل ما صدر من إجراءات غربية وإسرائيلية حتى اللحظة، بحيث تقوم بخطوات تحذيرية واستفزازية متقدمة وأخرى ساخرة أشد تقدماً، حينما بدأت السلطات في إيران، بتوجيه التحذيرات إلى الدول الغربية والولايات المتحدة، بإقرار العقوبات الجديدة، ومن ناحيةٍ أخرى تحذيرات مماثلة، للدول العربية المنتجة للنفط، من مغبة تعويض النقص الحاصل في السوق الدولية، في حال نفذت الدول الغربية تهديداتها.
ومن جانبٍ آخر فقد لجأت السلطات في إيران، إلى شن حملة صارمة على بيع الدمية "باربي" التي تنتجها شركة "ماتال" الأمريكية، بحجة حماية الجمهورية الإيرانية، مما تعتبره ثقافة غربية خبيثة، تعمل على تآكل القيم الإسلامية، لا سيما وأن القادة في إيران، يعتبرون أن من ضمن سياسة الغرب، هي "الحرب الناعمة" ضد الثقافات الإيرانية والأخلاقيات الإسلامية، وكانت إيران قد طالبت بمحاربة الدمية باربي، وبعض المنتوجات الأمريكية منذ العام 1996، من القرن الماضي.
وفي حادثةٍ أخرى، فقد أوردت الإذاعة الرسمية في إيران، اليوم الثلاثاء، بأنه في أعقاب طلب الرئيس الأمريكي "أوباما" استعادة طائرة التجسس الأمريكية المتطورة "بدون طيار"، من طراز (R-Q-170 الحارس) والتي أسقطتها إيران شرق البلاد، في موقع قريب إلى الحدود مع أفغانستان، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بطريقة تقنية "معجِزة" فقد قررت إيران نزولاً عند رغبة الرئيس "أوباما" إلى الإسراع بإرسال نموذج مصغر"لعبة" للطائرة ضمن إرسالية خاصة إلى البيت الأبيض، ومن ثم نشرها - إذا ما تم قبول الفكرة- في الأسواق الأمريكية والأوروبية، في مقابل الإبقاء على الدمية باربي، وبثمنٍ لا يزيد على أربعة دولارات.
وكانت أعلنت وكالة أنباء "فارس" التابعة للحرس الثوري، في السابق بأن إيران لا تنوي إعادة الطائرة، قبل دراستها والاستفادة منها في مجالي أنظمة الرادار والتجسس، وقبل أن يطلب "أوباما" نفسه استعادتها. وكانت نشرت وكالة "فارس" للأنباء، عدة رسومات كاريكاتيرية تسخر من "أوباما"، وتصوره على أنه طفل يسعى لاستعادة لعبته التي كان فقدها في إحدى مغامراته.
أحداث كثيرة ومتتابعة، شهدتها وتشهدها الساحتين الغربية والإيرانية، بالرغم من الأحداث والمتغيرات المتلاطمة، بين دول العالم من ثورات وسياسات وانهيارات مالية واقتصادية، إلاً أن المسألة النووية الإيرانية، ظلت وستظل الشغل الشاغل، لدى كل من الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة و"إسرائيل" ومصدر قلق لها، إلى حين التوصل إلى حل ملائم، يتضمن رضا الأطراف، وإن كان مستبعداً حصوله، إن لم يكن مستحيلاً، ولكن هذا لا ينفي، بل إن من الممكن جداً أن نشاهد الرجلين الأمريكي والإيراني " معاً " في إحدى مدن الملاهي.

مشاركة مميزة