الأربعاء، 8 فبراير 2012

الثورة السورية- و خيارها بعد الاعتراض الروسي- الصيني

kolonagaza7

لقد ثبت للعالم أجمع خلال أحد عشر شهرا مضت على الثورة عجز النظام و فشل حله الأمني العسكري في إخماد لهيبها المتصاعد، برغم كل ما ارتكبه من مجازر و ابتكار عقله المريض لأساليب في الهمجية و الوحشية يعجز عنها الوصف.
إن استخدام حق النقض المزدوج الروسي- الصيني و الذي ُتدينه الحركة السورية للديمقراطية و العدالة و تستنكره بشده، لأنه يتناقض مع مقاصد الأمم المتحدة و مهام مجلس الأمن في حفظ السلم و الأمن الدوليين، و مع مطالب الشعب في حريته و تقرير مصيره.
إن هذا الاعتراض ليس فقط غطاء منح النظام فرصة لزيادة غطرسته بل شجعه و رفع وتيرة هجماته و هذا ما جعلهم شركاء في المسؤولية الجنائية و استخدام العنف المفرط و القتل و الإبادة الجماعية. و ما يجري على الساحة السورية بشكل عام و في حمص و ريف دمشق خير دليل على ذلك.وعلى المجتمع الدولي الذي يدعي أنه حضاري و إنساني أن يتخلى عن مسؤوليته الأخلاقية تجاه الشعب السوري، و يتركه تحت رحمة آلة القتل الممنهج.
و مع تقدير الحركة لجهود الجامعة العربية ومقرراتها المتواضعة، ألا أنها ترى في كلمة أمينها العام و الذي يفترض أن يكون أمينا قي تنفيذ مقرراتها لا معارضا لها، إذ لم يكن موفقا بها مما يدعو إلى القلق و أخذ الحيطة والحذر، كما يجب اليقظة لطروحات و تحركات وزير خارجية روسيا و مدير مخابراتها و زيارتهما لدمشق و الدعوة للنظام بالإصلاحات، إن هذه الطروحات هي تمييع للقضية و احتيال لإجهاض الثورة، ولإخراج النظام من الباب وإعادته من الشباك، تحت سراب الإصلاح و في حقيقته تضليل لإستمرار التسلط، لأن عملية الإصلاح قد فات وقتها و تجاوزها زمن التضحيات و تطور الثورة,و في نفس الوقت فهي قضية مستحيلة في ظل الدولة الأمنية,و أن التغيير لا بد منه و يبدأ بتخلي الرئيس عن سلطاته و رحيله للبدء بمرحلة جديدة تعمل على تظليل الدولة الأمنية والانتقال إلى الديمقراطية في ظل الحرية بعيدا عن كل وسائل العنف و الإرهاب.
و على المجلس الوطني الذي منح قسطا من الشرعية مشروطة بأداء واجباته في دعم الثورة و التعبير عن تطلعاتها أن يكون حذرا و ليس شاهد زور على ما يجري من مساومات و تنازلات كالتي تمت في أروقة مجلس الأمن و خلق الكواليس و أفرغت المقررات العربية بحدها الأدنى من محتواها الأساسي و في مقدمتها تنحي الرئيس و التخلي عن سلطته...
إن فشل مجلس الأمن باتخاذ قرار حاسم يناصر حق الشعب السوري لاستخدام حق النقض، أظهر حقيقة واضحة للعيان أن الثورة تتمتع بالتأييد من معظم دول العالم وإكتسبت شرعية شعبية و واقعية بعد أن حسمت أمرها و اتخذت قرارها النهائي بالاستمرار حتى إنجاز أهدافها بإسقاط آخر الطغاة العرب، و بأنها ثورة حتى النصر و الجميع يردد كلمات الشهيد الخالد عمر المختار( لن نستسلم ننتصر أو نموت). لقد ألغي الثوار من قاموسهم الثوري مصطلحات الحوار مع النظام و الإصلاح و المساومة و الوقوف في منتصف الطريق أو التراجع... بل إلى الأمام حتى تحقيق النصر.
و لكن ما هي الخيارات المستقبلية؟
ترى الحركة السورية للديمقراطية و العدالة أن الخيار الوحيد هو الاعتماد على الذات و الدفاع بكل الوسائل عن النفس و الإستمرار على منهج التظاهر السلمي و دعم الجيش السوري الحر كذراع لهذه الثورة لضمان استمرارها. فمسيرة الثورة أفرزت خلال الفترة الماضية دعامتين أساسيتين متكاملتين.
_التظاهر السلمي و الأحتجاج المدني بكل صوره و أشكاله.
_ والدعامة الثانية الأساسية هي الجيش السوري الحر.
و هذا يوجب وضع الخطط الكفيلة للأعتماد على القوى الذاتية للشعب أولا و أخيرا، إذ ما الفائدة لو كسبنا العالم و خسرنا شعبنا و ثورته، و هذا الخيار يضعنا أمام ضرورة العمل على التعبئة الشعبية العامة للحفاظ على استمرار التظاهر و تصعيد زخم الإحتجاجات و الدفاع عن النفس بكل الوسائل المتاحة. و يأتي دعم الجيش الوطني الحر الذي وضع النظام أفراده بين أمرين أحدهما شر إما أن يقتل أو ُيقتل، فأختار هؤلاء الشرفاء الأبطال طريقا ثالثا هو الدفاع عن النفس و حماية الشعب بعد أن شاهدوا بأعينهم الفظاعة و القسوة و الإجرام، و هو حق مشروع في كل الشرائع السماوية و الأرضية. ألم يأذن سبحانه و تعالى للمسلمين حين تعرضوا للأذى في بداية الدعوة بالدفاع عن انفسهم بقوله (وُأذن للذين يُقاتلون بأنهم ظُلموا وأن وعد الله على نصرهم لقدير).
إن على المجلس الوطني إنطلاقا من واجباته في دعم الثورة و التعبير عن إرادتها، العمل بكل الوسائل لتوفير متطلبات صمود الثورة بجناحيها المدني و العسكري الشعب و الجيش الحر و الحفاظ على الوحدة و التلاحم. و هذا يتطلب تشكيل هيئتين إداريتين لهذا الغرض، إحداهما مهمتها توفير الدعم المادي و الإنساني الغذائي و المستلزمات الطبية، وتأمين وصولها بالتعاون مع المنظمات الإنسانية الدولية بممارسة الضغوط على النظام لإيصالها بالسرعة القصوى لإغاثة الشعب السوري المنكوب.
و الهيئة الأداريه الأخرى من عسكريين متخصصين لتحديد مستلزمات الجيش السوري الحر من سلاح و عتاد تتناسب مع حرب التحرير الشعبية و العمل على توفيرها لتمكنه من أداء واجبه بالدفاع عن النفس و الثورة و حماية التظاهرات السلمية لضمان إستمرارها و القدرات على إسقاط النظام.
· والعمل بشكل سريع و جاد مع الدول العربية و الدول الداعمة لمطالب الشعب المشروعة لإقناع كل من الأردن و تركيا لتحديد مناطق أمنه على حدودها بما لا يقل عن 25 كم، و التنسيق معها إستعداد لأسوء الإحتمالات، وهو يقلب موازين القوى على الأرض، لأن تعنت النظام وإصراره على الإجرام قد يقود إلى صراع طويل و طريق شاقة و مكلفة و لا بد من بذل التضحيات إذ لا بد مما ليس منه بد ليحيا الشعب بكرامة و تحرير الوطن من الأشرار و المجرمين، وهذا يفرض الارتقاء لإعلى درجات المسؤولية و تجنب الحسابات الخاطئة للحفاظ على وحدة الجيش الحر و تشتيت قواه و احتواء الخلافات سريعا و تماسك المجتمع و عدم الوقوع في شباك النظام الساعية لتفكيكه في ظروف بالغة الحساسية و التعقيد.
· الطلب من الدول العربية و الإسلامية رسميا و شعبيا تقديم كافة أنواع الدعم المادي و السياسي و تشكيل لجان لنصرة الثورة في هذه الدول.
· الطلب من الدول العربية و الإسلامية تجميد عضوية سورية في الجامعة العربية و منظمة العمل الإسلامي و طرد سفرائها و دعوة الدول الصديقة لتحذو حذو تونس الشقيقة و الذي نقدر موقفها القومي و الإنساني عاليا و كذلك بعض دول الخليج.
· و كذلك العمل لإتخاذ إجراءات إقتصادية دبلوماسية و احتجاجا على الموقف الروسي و الصيني و لإجبارهم للعودة إلى الطريق الصواب.
· إعادة النظر بالتحرك الدبلوماسي بعد فشل مجلس الأمن و ما أفرزه عناد روسيا و تمسكها بمصالحها الخاصة و يأتي في مقدمتها الاعتبارات الانتخابية في شهر آذار القادم على المبادئ الإنسانية و الأخلاقية، و بلورة بدائل عملية لإنقاذ الشعب و تحرير سورية. يعني
إن الإعتماد على الذات هو العامل الحاسم و هذا لا يعني تجاهل أهمية الدعم العربي و الدولي على كل المستويات فهي عوامل مساعدة لإختزال الزمن و تقليص الخسائر البشرية و المادية للشعب الذي حسم أمره بإسقاط النظام. و يأتي في مقدمة الإجراءات المستعجلة حث الأمم المتحدة على تأمين الحماية الدولية للمدنيين بعد تصاعد حملة الإبادة و خاصة في حمص و الزبداني و مضايا و ريف دمشق في يوم 6/2/2012 و استخدام كافة أنواع الأسلحة.
إ ن الشجب و الإستنكار و الإدانة مهما كانت البلاغة في صياغتها فهي كالبكاء على الأطلال لا تغيير واقعا ولا تزيد قوة، بل بإعادة النظر و مراجعة خطط التحرك و آليات العمل و دعم الشعب و الجيش السوري الحر و مضاعفة الجهود لتحقيق أهداف الشعب هي الطريقة لتحرير الوطن و نيل الحرية و الكرامة.
وليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يُرى
الرحمة للشهداء و الشفاء العاجل للجرحى و الحرية للمعتقلين تحية إجلال و إكبار للثوار.

الحركة السورية للديمقراطية و العدالة
دمشق
حرر بتاريخ 7-2-2012

مشاركة مميزة