السبت، 4 فبراير 2012

العلاقة ين أزمة الكهرباء والتوافق السياسي



kolonagaza7

محمود خلف
عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
سكان قطاع غزة يغرقون يومياً في الظلام لمدة 8 ساعات على أقل تقدير.. فالحال باق على حاله منذ أكثر من 5 سنوات وكأن التسليم بالأمر الواقع والخضوع للتعايش مع هذه الأزمة أن نعوّد أنفسنا على نظام الانقطاع للكهرباء.
التصريحات التي تصدر يومياً وتبشر بأن حل الأزمة بالقريب العاجل يطل علينا من يعتبر نفسه بموقع الاهتمام في الشأن العام ولكن هذه التباشير تذهب أدراج الرياح كما ذهبت ما قبلها من آمال وتوقعات ساقها لنا عديد المسؤولين سواء من شركة التوزيع أو سلطة الطاقة أو حكومة غزة أو السلطة في رام الله وغيرهم، ليكتشف المواطن الحقيقة المرة بأن من وعد لا يمتلك إمكانية الإيفاء بوعده، فالأزمة أكبر من جرعات مسكنة.
يحتاج سكان قطاع غزة ما كميته 350 ميغاواط علما ان ما هو متوفر حسب تصريحات شركة الكهرباء هو 217 ميغاواط كالتالي، 120 ميغاواط من كهرباء إسرائيل، 80 ميغاواط من شركة التوليد بغزة "إذا عملت بكامل طاقاتها الحالية 3 تربونات" و17 ميغاواط من مصر. فالعجز الفعلي 133 ميغاواط لتغطية احتياجات قطاع غزة لينعم بالكهرباء على مدار الساعة.
ويشار حسب تصريحات مدير عام شركة التوزيع ان الفاقد من كمية الكهرباء التي تصل إلى القطاع ما نسبته 30% نتيجة لعدم صيانة شبكة الكهرباء من السرقات وفاقد التوزيع، أي أن ما يصل المواطن بشكل فعلي ما نسبته 65% من الكهرباء التي بها عجز أصلا وهي 217 ميغاواط.
فإن العديد من التساؤلات مطروحة دون إجابات شافية ومنها، لماذا يتحمل المواطن دفع قيمة 30% من فاقد الكهرباء وهو لم يستخدمها أصلاً؟ بعدما تم الخصم على الموظفين ما قيمته 170 شيكل من رواتبهم ولمدة 17 شهراً تحت ضجة دفع ثمن سولار تشغيل المحطة بعد توقف الاتحاد الأوروبي عن توريد وقود للمحطة، حيث لم يتحسن وضع الكهرباء مطلقاً بل ازداد سوءاً من ذي قبل؟ لماذا تقطع الكهرباء عن العمال العاطلين عن العمل والأسر الفقيرة والمحتاجة دون مراعاة للظروف الاقتصادية بينما لم تقطع عن مقتدرين وموظفين وأصحاب شأن؟ ولماذا لم يتم الالتزام بالاتفاق الذي أبرم قبل أقل من عام بأن تورد شركة التوزيع إلى وزارة المالية في رام الله 3 مليون دولار كل أسبوع لإمكانية تسديد الفاتورة الإسرائيلية وبالتالي فشلت الجهود للتخفيف من الأزمة. فمن يتحمل الأضرار الصحية والبيئية جراء تشغيل مولدات الكهرباء المنزلية ناهيك عن التكلفة العالية سواء بالوقود أو الصيانة؟ ولماذا تأتي فاتورة الكهرباء رغم الانقطاع المتواصل كما كانت قبل واحياناً بزيادة أكبر؟ ولماذا أصبح سعر كيلو الكهرباء نصف شيكل بدلاً من 46 أغوره؟ هل لأن مستوى الخدمة قد تحسن وأصبح المواطن ينعم بالكهرباء ويستخدمها طوال اليوم وبالتالي الزيادة طبيعية؟ ولماذا لم يتم منذ زمن إعادة تأهيل شبكة كهرباء غزة، واعتبار ان هذا الأمر جزء من مشكلة يسبب الفاقد الكبير من الكهرباء؟
هذه التساؤلات وغيرها الكثير تؤرق كل من يقطن قطاع غزة جراء تلك المعاناة التي لم يظهر لها حدود أو نهاية، والغريب من هذا الأمر التعامل مع موضوع الكهرباء بأنه موضوع سيادي سواء من قبل حكومة رام الله أو حكومة غزة.
فمن جانب يتم ربط حل مشكلة الكهرباء بالجانب الوطني والمصالحة الداخلية تحت مبرر ان الربط الإقليمي لقطاع غزة مع مصر بحاجة الى موافقة حكومة رام الله، ومن جانب آخر حكومة غزة تطالب من حكومة رام الله قيمة مقاصة الضرائب التي تجبى لبضائع قطاع غزة لدفع فاتورة الكهرباء المصرية وثمن سولار المحطة، أي بالمحصلة أن موضوع الكهرباء أصبح جزءاً من الانقسام وخضعت التجاذبات السياسية والتعامل معها لاعتبارات سيادية وسياسية.
ما يهم المواطن الفلسطيني هو الحصول على هذه السلعة بيسر وديمومة، فسكان قطاع غزة بنسائهم وشيوخهم وأطفالهم يصرخون "ارحمونا من هذه التجاذبات والاتهامات وتعالوا معا لنعمل على حل الأزمة، لأن ما تتحدثون عنه هو شعبكم الذي هو منكم فأنتم منه، فلا معنى أو مبرر لأن تطول هذه الأزمة أكبر من ذلك".
فالأمر يتلخص بضرورة البحث لزيادة مصادر الطاقة من الجهات التي نحصل عليها، وهناك العديد من الحلول المقترحة بحاجة الى العمل سوياً وجدياً وبحس مسؤول للخروج من هذه الأزمة وهي:
1. الربط الإقليمي مع دول المحيط عن طريق مصر، وهذا بحاجة الى توافق وإرادة سياسية ومسؤولية وطنية، علما بأن تكاليف هذا الربط متوفر عن طريق البنك الإسلامي للتنمية.
2. تشغيل محطة التوليد بكامل طاقتها لتنتج 140 ميغاواط بدلاً من الإنتاج الحالي الذي يتراوح بين 60-80 ميغاواط.
3. بذل مزيد من الجهد مع الأخوة المصريين لزيادة كمية الكهرباء الواردة من مصر لتصل الى 35-40 ميغاواط لقطاع غزة.
4. العمل الجاد للضغط على حكومة الاحتلال لتتحمل مسؤولياتها كدولة احتلال واستمرار حصارها على قطاع غزة بزيادة نسبة الكهرباء الواردة لتغطي مساحة أكبر من القطاع.
5. صيانة شبكة الكهرباء لتخفيف قيمة الفاقد من الكهرباء.
هذه مقترحات يمكن لها ان تتحقق إذا توافرت البيئة الصادقة من الجميع بإخراج أزمة الكهرباء من التجاذبات السياسية والبحث عن مصلحة المواطن ووضع حد لتلك المعاناة التي لا حدود لها وأصبحت لا تطاق.

مشاركة مميزة