kolonagaza7
محمد الحنفي
إلى:
ـ
نساء، ورجال التعليم، العاملات، والعاملين في التعليم العمومي، المخلصات،
والمخلصين في أداء رسالتهم، الحريصات، والحريصين على تطوير أدائهم.
ـ
التلميذات، والتلاميذ، الصامدات، والصامدين في إعطاء أهمية لدراستهم في التعليم
العمومي، من أجل إعطاء وجه مشرف لهذا التعليم في المغرب.
ـ
الأمهات، والآباء، والأولياء، والإدارة التربوية، والمراقبة التربوية، الحريصات،
والحريصين جميعا، على إنجاح العملية التربوية التعليمية التعلمية، في إطار المدرسة
العمومية.
محمد الحنفي
مفهوم التعليم العمومي:.....2
والفرق القائم بين التعليم كمهنة، والتعليم
كرسالة، يتمثل في:
1) أن التعليم
كرسالة، والتعليم كمهنة، يجمع بينهما التناقض، حتى وإن كان المجال واحدا، وصار
الهدف كذلك واحدا.
فالتعليم كرسالة، يفرض الحرص الدؤوب،
على ضرورة أن تبلغ الرسالة إلى أصحابها، وبالطرق المفيدة، والناجحة، والتي تجعل
الرسالة مؤدية دورها لصالح المتلقين، من أطفال، ويافعين، وشباب، عندما يصيرون في
مستوى تحمل المسؤولية في المجتمع.
أما التعليم كمهنة فإن حمل الرسالة،
وتبليغها، غير وارد فيه؛ لأن صاحب المهنة، يحرص، فقط، على الحضور إلى مقر، ومكان
العمل، ويحاول تعليم أبناء الشعب، بعض المقرر، دون أن يراعي أن تكون الطريقة
مفيدة، وناجعة.
وبالتالي، فإن نساء، ورجال التعليم،
الذين يتعاملون مع التعليم كمهنة، لا يهمهم، من وراء ممارسة المهنة، إلا ما
يتقاضونه في آخر الشهر، ولا عبرة للتعليم عندهم كرسالة.
ومعلوم أن التناقض قائم، بين اعتبار
التعليم رسالة، وبين اعتباره مجرد مهنة؛ لأنه في الحالة الأولى، يحضر الإخلاص
لبناء الشعب، وفي الحالة الثانية، يغيب هذا الإخلاص، وفي الحالة الأولى تحضر
التضحية، وفي الحالة الثانية تغيب هذه التضحية، وفي الحالة الأولى يتم تبليغ
الرسالة التعليمية، وفي الحالة الثانية لا يتم هذا التبليغ.
ولذلك، نجد أن نساء، ورجال التعليم،
الذين يعتبرون التعليم رسالة، يجب تبليغها إلى أصحابها، يسعون، باستمرار، إلى جعل
الأجيال الصاعدة ، تشعر بمسؤوليتها، في تلقي الرسالة، واستيعاب مضمونها، والعمل
على تمثله، والتفاعل معه، من أجل إعادة إنتاجه متطورا، تبعا لتطور الواقع، ولا يهم
إلا قيام الأجيال بدورها، لصالح الشعب مستقبلا.
أما نساء، ورجال التعليم، الذين
يعتبرون التعليم مجرد مهنة، فإنهم لا يسعون إلى جعل الأجيال الصاعدة، تشعر
بمسؤوليتها، في تلقي الرسالة، ولا يهمهم استيعاب مضمونها، كما لا يهمهم تمثل
الأجيال لذلك المضمون، وإعادة إنتاجه. وما يهمهم، فعلا، هو أن تصير الأجيال التي
تمر أمامهم، مجالا لممارسة الابتزاز على الآباء.
2) أن التلميذ،
عندما يتلقى دروسه على الأساتذة الحاملين للرسالة، التي يحرصون على تبليغها،
يستوعب الدرس استيعابا جيدا، ويكتسب المهارات المرتبطة به، ويدرك ما يجب عمله،
لجعل فهمه متطورا، موظفا، في سبيل ذلك، كل الإمكانيات المعرفية، التي توفرت له،
سعيا إلى أن يصير حاملا، هو بدوره، لرسالة إنسانية، يحرص على تبليغها إلى الأجيال
القادمة.
ونفس التلميذ، عندما يتلقى دروسه على
الأساتذة، الذين يعتبرون التعليم مهنة، يهدف من ورائها إلى اكتساب المزيد من
الثروات، لا يبلغون ما يجب، ولا يفهم عنهم التلميذ أي درس، ولا يكتسب أية مهارة،
ويعدم ما يجب عمله، من أجل تطوير معارفه، ولا يسعى إلى توظيف ما لديه من معارف، لتطوير
فهمه، لكونه لا يفهم شيئا، في الوقت الذي نجد أن أولئك الأساتذة، يعملون، بإخلاص،
في المدارس الخصوصية، وفي إعطاء الدروس الخصوصية في البيوت، ويقفون وراء انعدام
تكافؤ الفرص بين التلاميذ، ويرفعون نقط التلاميذ الذين يتلقون عنهم الدروس
الخصوصية، ويحرمون التلاميذ الآخرين من تلك النقط... إلخ.
والأساتذة الأوفياء لأبناء الشعب
المغربي، هم الحاملون للرسالة التربوية التعليمية التعلمية، المبلغون لها،
الحريصون على إعداد الأجيال الصاعدة إعدادا جيدا.
أما الأساتذة الذين يعتبرون التعليم
مجرد مهنة، فإنهم مجرد تجار، يبيعون المعرفة المدرسية، لمن يدفع أكثر، ويحرصون على
أن تصير نقط الامتياز، لصالح أبناء الطبقات الإقطاعية، والبورجوازية، وأبناء
الطبقة الوسطى، ضدا على أبناء العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
والفرق كبير بين أن تعتبر نساء ورجال
التعليم، التعليم رسالة، يجب تبليغها، وبين أن تعتبر نساء ورجال التعليم، التعليم
مجرد مهنة.
والفرق، كذلك، واضح بين أداء
الأساتذة الحاملين للرسالة، وأداء الأساتذة القائمين بالمهنة.
وتبعا لذلك، فإن الفرق كبير بين
التلاميذ الذين يتلقون دروسهم على الأساتذة، الحاملين للرسالة، وبين التلاميذ الذين
يتلقون دروسهم على الأساتذة القائمين بالمهنة.
ولذلك، يجب التمييز بين من، ومن، من
الأساتذة، وبين من، ومن، من التلاميذ، في العملية التربوية التعليمية التعلمية،
حتى ندرك طبيعة تعليمنا، الذي تتحدد مستوياته، تبعا لاختلاف رؤى الأساتذة للتعليم
كرسالة، أو كمهنة.
3) أن المدرسة
المعتبرة عمومية، تكتسب إشعاعا كبيرا في المجتمع، إذا كان أساتذتها يعتبرون
التعليم رسالة، يجب تبليغها، وبإخلاص، إلى الأجيال الصاعدة، الذين يكتسبون
المهارات الضرورية، التي تمكنهم من التطور المعرفي، والعلمي، والرياضي، وغير ذلك،
مما يجعل الآباء، والأمهات، والأولياء، يعتزون بتلك المدرسة، وبطاقمها التربوي،
وبكل ما يتعلق بها، ويعتزون بالنتائج المشرفة، التي يحصل عليها أبناؤهم.
أما المدرسة المعتبرة عمومية، والتي
لا تكتسب الإشعاع الضروري لها، بسبب كون أساتذتها، يعتبرون التعليم مجرد مهنة من
المهن، يقومون بها، في حدود معينة، ولا يبذلون من خلال القيام بها، أي مجهود يجعل
التلاميذ يكتسبون مهارات معينة، ولا يفرضون احترامهم على التلاميذ، ولا يساوون
فيما بينهم، ويعملون على الارتباط بالتلاميذ، الذين ينتمون إلى أسر البورجوازيين،
والإقطاعيين، وإلى أسر الطبقة الوسطى، ويدفعون بهم إلى العمل على تلقي دروس إضافية
مؤدى عنها، من أجل الحصول على نقط مرتفعة. وهذه المدرسة، غالبا ما تكون نتائجها
سيئة، ويصير تلاميذها ضحايا رؤيا محرفة للتعليم، الذي يعتبر الأصل فيه أن يصير
رسالة. ولذلك، نجد أن الفرق واضح بين مدرسة، ومدرسة، على جميع المستويات.
4) الاجتهاد في
استيعاب البرنامج، يقتضي التواصل مع التلاميذ، ومع الآباء، على مستوى الإدارة
الترابية، وعلى مستوى المدرسين، من أجل جعل التعاون الثلاثي بين الآباء، وبين
التلاميذ، وبين أطر المدرسة العمومية قائما؛ لأنه بدون ذلك التواصل، يبقى التلميذ
مسجونا بين المؤسسة، وبين البرنامج، وبين البيت، مما يجعله عاجزا عن القدرة على
الفهم، وعن الجرأة في طرح السؤال، وعن الشجاعة في إبداء الرأي، وعن الإبداع في
التعامل مع البرنامج، في أفق قيام تكامل بين ما يفهمه الأستاذ، وما يفهمه التلميذ،
وما يدور في المجال المعرفي العام، والخاص، والذي يجب أخذه بعين الاعتبار، في
التعامل مع التلميذ. ذلك أن التواصل، يلعب دورا كبيرا، وأساسيا، في انفتاح المدرسة
العمومية على المحيط، وفي انفتاح البرنامج الدراسي أمام التلاميذ، وفي التعامل
الإيجابي مع الإدارة التربوية، وطاقم التدريس، ومع التلاميذ، وفي إطلاع الآباء،
والأولياء، على الحياة الدراسية لأبنائهم، وفي اندماج المدرسة في محيطها، وفي ربط
العملية التربوية التعليمية التعلمية بالتنمية: الاقتصادية، والاجتماعية،
والثقافية.
5) أن التقييم
التربوي الإيجابي في المدرسة العمومية، يجب أن تتوفر له شروط النزاهة، التي تجعله
يراعي تكافؤ الفرص بين التلاميذ، الذين تلقوا نفس الدروس، بنفس الحصص، وبذل كل
واحد منهم مجهودا فرديا، لاستيعاب البرنامج، ليجيب على نفس الأسئلة، التي تستهدف
قياس القدرات، وذكاء التلاميذ، ومدى استيعاب التلاميذ للبرنامج الدراسي، من أجل
تحديد استحقاقات التلاميذ، على جميع المستويات، وتأهيلهم للمستقبل، في مختلف
المجالات. ذلك أن التقييم، يعتبر مسألة أساسية، في العملية التربوية التعليمية
التعلمية، ويشمل مجمل العلاقة التربوية، والمعرفية، والإدارية، والتفاعلية، ومدى
اكتساب المهارات، وامتلاك القدرات، والقدرة على التفاعل مع البرنامج الدراسي، ومع
التلاميذ، ومع الطاقم التربوي، ومدى المساهمة في بناء الشخصية المعرفية، والعلمية،
كشخصية معدة لاكتساب التلميذ، القدرة على مواجهة متطلبات المستقبل. ولذلك، نجد أن
أهم ما يجب أن تتميز به المدرسة العمومية، هو إنضاج شروط التقويم السليم، الذي
نتجنب، عن طريقه إلحاق الحيف بالتلاميذ.
فالتعليم كمهنة، من خلال ما رأينا،
لا يراعي إلا ما يجنيه إطار التعليم في نهاية كل شهر، من أجر، يشرع في استثماره في
أمور أخرى.
والتعليم كرسالة، يحرص على الأداء
التربوي المنتج، والهادف إلى جعل الأستاذ متواصلا مع التلاميذ، ومع الآباء، في أفق
النهوض بالعملية التربوية التعليمية التعلمية، باعتبارها عملية مجتمعية.
ولذلك، فمفهوم التعليم العمومي،
يرتبط بمدى احترام مقاييس جودة الأداء، والتضحية، والتطور، والتجدد المستمر،
والتفاعل مع الواقع في تجلياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية،
ومع مختلف المعارف الأدبية، والفلسفية، والعلمية، والتقنية، وطنيا، وعربيا،
وعالميا، مما يساعد، فعلا، على تطور، وتطوير التعليم العمومي، كمنتوج جيد للمدرسة
العمومية، التي تتوفر لها شروط الجودة.