السبت، 3 نوفمبر 2012

غزة وحسابات الحرب

kolonagaza7
الكاتب علاء الريماوي
كثرت في الآونة الأخيرة في (إسرائيل) الدعوات لشن حرب خاطفة على غزة بعد زيادة وتيرة إطلاق الصواريخ منها على جنوب فلسطين المحتلة ، حيث بلغ تعداد الصواريخ حتى مساء أول أمس أكثر من ألف قذيفة مختلفة الأنواع  بني جنتس رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الذي تعهد منذ أيامه الأولى في رئاسة الاركان معالجة ملف غزة وكرر حديثه في الأمس متوعدا بحرب أليمة عليها
باراك الآ خر تحدث في ذات السياق وتوعد بمعالجة تصعيد غزة ، أما نتنياهو فرفع وتيرة التهديد من خلال حديث واضح عن نيته ضرب المقاومة بكل قوة
. حديث الثلاثي تناولته صحيفة هارتس واصفة اياه " بالضجيج الفارغ " مستبعدة قيام جيش الاحتلال بشن حرب واسعة في هذه الأثناء التي يبحث فيها نتنياهو عن صورة المسيطر على الأوضاع الأمنية التي يمكن لها المساعدة في حسابات الانتخابات المقبلة
 . صحيفة معاريف العبرية ذهبت إلى أبعد من وصف عمل القيادة الأمنية بالضجيج متجاوزة ذلك إلى قولها " إن الجيش وضع في زاوية العجز مع قطاع غزة ، خياراته محدودة وسيناريوهات التحرك لن تتجاوز الخيارات الثلاث الاتية : حرب شاملة ، أو تصعيد منضبط يركز على الضربات المنتقاة ، أو الخيار الأقرب للواقع سعي نتنياهو من خلال مصر الى تثبيت حالة التهدئة القائمة لحين الانتهاء من ملف الانتخابات الإسرائيلية
 "حديث معاريف شخص التوجهات المحتملة للخيارات الإسرائيلية في التعاطي مع نار غزة لكنه أغفل الفرامل الحقيقية التي تكبح توجهات (إسرائيل) نحو حرب كانت تعد لها بشكل كبير خلال سنوات 2009 ، 2010 ، 2011 عبر ما يعرف بتدريبات ( نقطة تحول ثلاث وأربعة وخمسة ) .
هذا التخطيط لم يتناسب مع التغيرات التي فاجأت المنطقة، والتي جاءت من خلال موجة الربيع العربي في الشرق العربي محققة جملة من المتغيرات المهمة والتي حدت من قدرة الاحتلال على التحرك بالحيوية المعهودة والتي يمكن تلخيصها من خلال الآتي
1 المتغير المصري وصعود الرئيس محمد مرسي : لم تخفي القناة العبرية الثانية حديثها عن قيام مصر بوضع شبكة أمان لغزة التي وصفتها صحيفة " يدعوت العبرية" بفخ (إسرائيل) الأكبر الذي يمكن له في حال التصعيد إنهاء ملف السلام مع مصر التي تبحث الذرائع لتعديل إتفاق كامب ديفد .
2.
المتغير الشعبي : لم يكن المواطن العربي منذ خمسين عاما في حساب دولة الاحتلال حين تدبيرها حرب على العرب ، لكن ما فعلته الشعوب العربية من إسقاط بعض الأنظمة جعل راسم السياسة في (إسرائيل) يحذر من استفزاز كبير يقلب وجهة الغضب العربي اليه ، هذا الحديث كان حاضرا في أوراق بحثية كثيرة قدمت خلال السنة الحالية
. 3. المتغير الأردني : تقرير الخارجية والأمن الإسرائيلي كان واضحا فيه التخوف من حالة الاستقرار الأردني و الذي وصف بالهش و قصير الأمد ، حيث أوضح التقرير أن أحد أهم العناصر المؤثرة فيه حالة التصعيد في الأراضي الفلسطينية وخاصة "حرب على غزة " من الحتمي أنها ستخرج المخيمات الفلسطينية من الحياد الى المشاركة الفاعلة في الملف الداخلي
 . 4 . المقاومة الفلسطينية : تشير التقارير الإسرائيلية الى إمتلاك فصائل المقاومة وسائل قتالية قادرة على تهديد مناطق في عمق الكيان لم تستهدف بعد ، عدا عن وجود أسلحة متطورة قد تستعمل في أي حرب برية كالمضادات للدروع للطائرات المروحية .
هذه المتغيرات الأربع يضاف إليها الملف السوري ، قدرة النظام على حماية الحدود ، شكل تعاطي المقاومة اللبنانية مع ملف التصعيد مما يرشح مشهد الحرب على غزة المنطقة ، إلى انفجار لن تعرف حدوده ولا نتائجه .
حديث التصعيد الأخير على غزة أراده نتنياهو لتعزيز موقفه الانتخابي من خلال اختياره توقيت زيارة أمير قطر لغزة وتوقعات قيام حماس بمنع فصائل المقاومة من إطلاق الصواريخ في هذا التوقيت ، لكن ما فاجأ المؤسسة الأمنية قيام كتائب القسام قيادة الرد على التصعيد الإسرائيلي بشكل علني وتبنيها العملية التي أدت إلى إصابة ضابط كبير بجراح خطيره .
المشاركة هذه غيرت حسابات المستوى السياسي في ( إسرائيل )واضطرته إلى البحث عن تدخل مصري يضبط حالة التصعيد في هذه المرحلة التي تسبق الانتخابات الإسرائيلية
في عادتنا في تناول السلوك الإسرائيلي وتوقعاته يبقى التحذير بأن إسرائيل تحسن التصرف عكس المتوقع إذ لا يمكن الاعتماد على المعطيات الحسابية فقط لفهم مخططات إسرائيل تجاه غزة .

مشاركة مميزة