kolonagaza7
بقلم الإعلامي: خالد الفقيه
نالت السلطة الفلسطينية وبعد عمل إستمر لأعوام في المحافل الدولية صفة الإعتراف بفلسطين كدولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة بعد فشلها أو إفشالها بنيل صفة دولة كاملة العضوية قبل عام بسبب التدخل الأمريكي المباشر وقتها.
الفلسطينيون هللوا وكبروا للإنجاز الذي وصفوه بالتاريخي والذي من شأنه تعزيز حضور بلدهم المحتل في معظم المؤسسات الدولية ومنها إمكانية اللجوء لمحكمة الجنايات الدولية لتقديم قادة الاحتلال أمامها على جرائمهم التي إرتكبوها ولا زالوا بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، وهو ما دفع ببعض الدول لإشتراط دعم الطلب في الجمعية العامة للأمم المتحدة بتعهد فلسطيني بعدم الذهاب نحو هذا المسلك.
ولكن ما أن نال الفلسطينيون هذا الإعتراف وحققوا هذا الإنجاز حتى قرأنا وسمعنا تغريدات عدة على مواقع إلكترونية ورأينا البعض يقول أصبح للفلسطينيين وطن وهنا لا بد من التفريق بين الوطن والدولة. فمواصفات الدولة حتى لم تكتمل بعد فأحد أركانها الأساسية لا زال غير قائم وكلنا يعلم أن مكونات الدولة هي: تجمع بشري يقيم على إقليم محدد بصفة دائمة أو بقعة إرض يتمتعون فيه بشخصية معنوية وبنظام حكومي وهذه الشروط الثلاثة متوافرة وإن كان بعض الفلسطينيين لا يقيمون على هذا الإقليم بشكل دائم قهراً، ولكن الشرط الرابع غير والمتمثل بالاستقلال السياسي بسبب الاحتلال الصهيوني منذ قرابة السبعين عاماً.
أما الوطن فهو مكان إقامة الإنسان ومقره وإليه إنتماؤه ولد فيه أم لم يولد. فالدولة هي نظام غيبي التلامس ، إداري الإرساء والنُظم وعليه فنحن دولةً تحت الاحتلال وما حدث في المنظمة الدولية لم يعد لنا الوطن، ما يعني ضرورة الحرص الشديد على عدم الحديث عن وطن للفلسطينيين كبديل لوطنهم التاريخي الذي ألفوه في وعيهم ووجدانهم التاريخي منذ الأزل وإلى الأبد.
وبالعودة إلى التاريخ المعاصر كلنا يتذكر وعد بلفور الذي يعد الأساس الذي جاء تتويجاً لمؤتمر الحركة الصهيونية في بازل السويسرية والذي جاء فيه بالنص: إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين. ومنذ ذلك التاريخ لم يستخدم الصهاينة المصطلح بل باتوا يتحدثون عن دولة "إسرائيل" في كل مخاطباتهم وحياتهم اليومية والدبلوماسية وحتى العسكرية. ومؤخراً نستذكر مطالبة رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو للرئيس محمود عباس الاعتراف "بإسرائيل" كدولة قومية لليهود لإستئناف المفاوضات المتجمدة رغم ما يحمله هذا الإعتراف فيما لو حدث على مستقبل اللاجئين الفلسطينيين في الشتات وعلى واقع الفلسطينيين في المحتل من فلسطين عام 1948.
الإسرائيليون المحتلون حتى اليوم لا يعترفون بوطن لهم إنطلاقاً من قناعاتهم المستمدة من نصوص تلمودية توراتية. فالوطن من وجهة نظرهم لم يكتمل بعد فبسط السيطرة على المنطقة الممتدة من النيل إلى الفرات لم يتحقق بعد بشكل مباشر وإن كانوا ولجوها بشكل أخر.
إذاً الدولة ليست الوطن وإن كانت كاملة السيادة فلبنان وحتى ما قبل إنتصار المقاومة في آيار عام 2000 وطرد المحتل الصهيوني وكنسه من جنوبه كان لديه دولة سبقت ولود الوطن للمرة الثانية.
وعلينا اليوم أن لا نخلط بين الدولة والوطن، وفي هذا المقام يتحدث القادة السياسيون في الشارع الفلسطيني عن قرب إتمام مصالحة وطنية بين غزة والضفة بعد نيل الإعتراف بفلسطين بالإستناد إلى دعم كل أطياف اللون السياسي للخطوة التي قادها الرئيس عباس على وجه لم يتوفر في المحاولة السابقة لإحقاق إعتراف بدولة كاملة العضوية، يرى الكثير من المراقبين وليس من باب الإنكفاء على الذات بأن المصالحة باتت أبعد من أي وقت مضى لا سيما وأن السلطة فقدت مصر بنظامها السابق وحماس باتت ترتكز على نظام إخواني تتفق معه في الرؤى والتخطيط للمستقبل ولكن هذا النظام الجديد لا زال يترنح رغم عقده الصفقات مع المركز الإمبريالي بقيادة الولايات المتحدة غراق اليوم في تثبيت أركانه ولو بالدم.
كما أن حماس إبتعدت عن الحضن السوري الذي مكنها مالياً وعسكرياً وسياسياً بالتعاون مع حلفائه وذهبت نحو الدوحة بما تعنيه هذه المشيخة وما تبني له على الصعيد الإقليمي بما في ذلك الدور الوظيفي الذي تطلع به بإشراف أمريكي غربي.
ويضاف إلى ذلك الإشتراطات اليومية التي تصدر من هذا وذاك لإتمام هذه المصالحة التي طال إنتظارها وما نخشاه هنا أن يصل الأمر في أحسن أحواله لإتفاق على إدارة الأزمة لا حلها في ظل دولة بصفة مراقب.
فإشتراط حركة حماس إستباق أي مصالحة بانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني كمدخل لإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية بما يحمله ذلك من إستحالة إجراء هذه الانتخابات على بعض الساحات كالساحة الأردنية سيعني إعادة تشكيل المنظمة بطريقة المحاصصة التي ملها الشعب الفلسطيني ولم تجلب له إلا الويلات، كما أن شرطها الثاني والمتمثل بدعوة المجلس التشريعي للإنعقاد بكامل هيئته ستعني أيضاً إمكانية إلغاء قرارات رئاسية كثيرة صدرت خلال سنوات الإنقسام بما في ذلك إمكانية صدور قوانين تحدد شكل الانتخابات القادمة وحل الهيئات المحلية المنتخبة. بدوره الرئيس محمود عباس لا زال يصر على أن المدخل الحقيقي للمصالحة يتمثل بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وأمام وجهتي النظر المذكورتين فإن المصالحة أو الحديث عنها لا زال يراوح مكانه.