الأحد، 7 أبريل 2013

حوانيت الفتاوى الدينية في الوطن العربي بقلم الناصر خشيني

kolonagaza7

الناصر خشينيلقد انتشرت الفتاوى الدينية في وطننا العربي بشكل مذهل وصلت حد الابتذال اذ تصدى لهذا الأمر من ليسوا أهلا لذلك اذ عمدت عديد الدول الى تسمية مفتين واقامة مراكز للفتوى تنسجم مع سياستها العامة وبالتالي تطويع الدين لينسجم مع تلك السياسة حتى وان كانت خرقاء وتطيح بالدين وذلك أن الأصل في الفتاوى أن ينزل بها القرآن أو يخبر بها صلوات اللّه عليه وسلامه بجوامع كلمه مشتملة على فصل الخطاب، وهذه الأخيرة من السنة الشريفة فى المرتبة الثانية من كتاب اللّه تعالى، ما لم تنقل متواترة ليس لأحد من المسلمين العدول عن العمل بها أو القعود عن اتباعها، بل على كل مسلم الأخذ بها متى صحت امتثالا لقوله تعالى { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } الحشر 7 ، وقوله { فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى اللّه والرسول إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } النساء 59 ، ومن بعده – صلى اللّه عليه وسلم – قام بالفتوى الفقهاء من الصحابة والتابعين ، وقد أورد ابن حزم ( الاحكام فى أصول الأحكام ج 5 ص 89 وما بعدها فى الباب الثامن والعشرين ) رحمه اللّه تعالى، أسماء عدد كثير من الصحابة والتابعين الذين تصدوا للإفتاء، منسوبين إلى البلاد التى أفتوا فيها .
ولكن نجد مخالفة صريحة لهذا الأصل الذي أجمعت الأمة عليه منذ قرون وخرجت عن هذا الاجماع عديد الدول اذ استقر في أذهان الناس أن مؤسسات علمية مرموقة كالأزهر في مصر أو الزيتونة في تونس يؤخذ عنها العلم الشرعي والفتاوى دون جدل من الناس لكن السياسة فعلت فعلها واستبدل الحكام المؤسسات التقليدية للافتاء بمؤسسات أخرى موهومة وموبوءة لانها تخدم أجندة هذا الحاكم أو ذاك مثل ما فعلت دويلة قطر وبحكم ما تملكه من امكانيات مادية متأتية من بيع النفط العربي حيث لجأت الى استقدام يوسف القرضاوي الذي تخرج من الأزهر وكان أقصى طموح له أن يكون مؤذنا أو كاتب عقود فوفرت له كل الامكانيات المادية والاعلامية وسوقته عبر الجزيرة كعلم من أعلام المسلمين وكونت له جمعية علماء المسلمين لتجعله على رأسها وكانت كل فتاواه تتناغم مع السياسة القطرية الهادفة الى تفتيت الامة العربية وتقسيمها واثارة الفتنة بين المسلمين وعدم المساس بالكيان الصهيوني وكانت فتاواه لقتل القذافي وبشار الاسد وتدمير طرابلس ودمشق ولم نسمع عنه فتوى يدعو فيها الى الجهاد في فلسطين وتحريرها من الغاصبين الصهاينة بل سمعنا ما هو أخطر من ذلك عن طريق طليقته أسماء بن قادة الجزائرية حيث أشارت الى أن له صلات مع الصهاينة وأنه زار الكيان الصهيوني سرا وأنه يتكلم ويكتب باللغة العبرية بطلاقة واذا علمنا انه الان يعتبر من الأثرياء جدا فمن هنا نفهم أن مصالحه المادية دفعت به الى هذا الدرك اضافة الى علمه بوجود قواعد امريكية عسكرية ساهمت في تدمير العراق وقتل الآلاف من شعبها دون ان نسمع له فتوى بهذه المسألة الجوهرية .
أما في السعودية فان هذه المملكة التي أنشأها الأنقليز للعمل على حماية الكيان الصهيوني وتفتيت الوطن العربي والجميع يذكر جيدا كيف أنها وقفت في مواجهة عبد الناصر في الحرب اليمنية ووقفت الى جانب الامام البدر وما يمثله هذا الامام من قمة في التخلف والرجعية وكانت بذلك من أسباب هزيمة مصر في عام 1967 لان مجهودا عسكريا وماديا وبشريا وظفته مصر لتخليص اليمن من الرجعية التي يمثلها نظام الامام البدر فان السعودية بدورها وبحكم الوفرة المالية عملت على نشر المذهب الوهابي كبديل عن الدين الاسلامي الحق وأسست هيئة الافتاء العامة وكونت رابطة علماء الاسلام ومقرها بمكة كتوظيف للمكان للتاثير في النفوس بحيث ان هذه المؤسسات الافتائية لم ينتخبها أحد ولم تكن نتيجة لمؤسسات علمية عريقة كالأزهر أو الزيتونة وكانت في خدمة الحكام الذين لا يكادون يفقهون شيئا بما في ذلك حتى مستواهم التعليمي المتواضع جدا وقد راينا في خطبهم الرسمية والمتسمة بالقصر ولكن مع الاخطاء الفظيعة في النحو والصرف والتهجي بشكل مقزز فكيف لهؤلاء أن يمثلوا الدين الاسلامي انهم بجهلهم يقدمون نموذجا سيئا للاسلام والاسلام الحق بريئ مما يصنعون .
أما في تونس وبعد الثورة فقد استبعد قصدا علماء الدين المؤهلين علميا وعقليا لما يمكن اعتباره افتاء شرعيا وسمح لاناس مستوياتهم العلمية ضئيلة جدا ومعظمهم ليسوا من أصحاب الشأن كأن يكون الواحد منهم دهانا أو خضارا مع احترامي لهذه المهن لكن أن نمكن هؤلاء من الافتاء بمنع المرأة من السفر لوحدها الا بمحرم أو تحريم عصيدة الزقوقو في المولد النبوي أو المطالبة بتعدد الزوجات في الوقت الذي يشهد مجتمعنا حالة مزرية من البطالة والتهميش الا يفكر امثال هؤلاء المتسلقين على الدين في القضايا الجوهرية لشعبنا ام ان همهم خدمة أجندات مشبوهة لابعاد الناس عن قضاياهم الجوهرية واهتمامهم بقضايا هامشية حتى لا يحدث التغيير النوعي المطلوب بعد الثورة وافراغها من مضامينها الحقيقية
وبناء عليه فاننا ننبه الشباب العربي الى ضرورة الانتباه الى مخاطر المتاجرة بالدين والحذر من الدعوات الضالة لهؤلاء التجار من مثل مشروعية الجهاد في سوريا والصمت المريب عن الجهاد في فلسطين وكأن سوريا أضحت بلد الكفر والصهاينة المحتلين للأرض الفلسطينية تحولوا الى حمائم سلام انها دعوات مسمومة تغلف لكم بغلاف الدين الا فانتبهوا لمن تأخذوا عنه الدين انها مسألة في غاية الخطورة اذ هي عبارة عن فتح حوانيت للتجارة بالدين خاصة وانها تدر على اصحابها ملايين الدولارات على حساب الشباب العربي والمسلم فلنعمل جميعا على الاطاحة بهكذا تجارة فاسدة بالدين .

مشاركة مميزة