الجمعة، 13 أغسطس 2010

الكنتينة في سجون الاحتلال.. بقرةٌ حلوب وحقٌّ ضائع

kolonagaza7
الكنتينة في سجون الاحتلال.. بقرةٌ حلوب وحقٌّ ضائع
مصلحة السجون تعتبرها امتيازاً والقانون الدولي يعتبرها حقاً مكفولاً
الأسير البرغوثي: مصلحة السجون أغرقت السجناء بالكنتينة لتحافظ على حالة الهدوء
الأسير إسكافي: الأسعار خيالية.. والأرباح غير مكشوفة
الأسير بلال: أرباح الكنتينة تذهب للجنائيين في الحفلات الموسيقية والفطام عن المخدرات
الأسير الهور: هل تتابع السلطة الفلسطينية قيمة الضريبة المضافة لاستردادها؟

أمامة - 11/8/2010 م
بعد (60) يوماً من الإضراب عن الطعام عام 1976 خضعت مصلحة السجون النازية لأهم مطلب على قائمة المطالب التي أعدّها أسرى المقاومة وسمحت فيه بإدخال (العدس) كوجبة رئيسية في طعام المعتقلين، كانت الكنتينة آنذاك إلى عام 1994 لا تلبي أبسط حاجات المعتقل الأساسية، واعتمد الأسرى على المواد العينية التي كانت توفرها إدارة السجون –على قلتها– وتسمى (الأسبكاه) أما حبّة "الملبس" فكانت من الكماليات النادرة.
الكنتينة:
هي مقصف (دكان) يوفر للأسرى مشتريات عينية من المواد الغذائية والتنظيفية والقرطاسية وأدوات الاستعمال اليومي، وهو حقّ مكفول للأسرى وفق اتفاقيات جنيف لعام 1949، في فصلها الثاني من المادة 28، أما عند مصلحة السجون فهي واحدة من الامتيازات الممنوحة للسجناء والحصول عليها مرهون بسلوك السجين ويستطيع مدير السجن حرمان الأسير من شراء هذه الحاجيَات بالتوافق مع أحكام الحرمان، وبهذا تحوّلت الكنتينة من حقّ مكتسب إلى منّة وأداة ابتزاز للأسرى في العرف الصهيونازي.
العصا السحرية:
يؤكد نائل البرغوثي عميد الأسرى الفلسطينيين والذي أمضى (11770) يوماً في السجن (33 عاماً) أنّ عام 1994 شهد تحولاً في السلوك الصهيوني تجاه الأسرى، حيث فتحت أبواب الدخل المادي على مصارعها، أما الباب الأول فعلى (الأسبكاه) وهي المواد المحصلة من إدارة السجن والتي تمنح للأسير مجاناً من مواد التنظيف وبعض الملابس الداخلية وغيرها، والباب الثاني: فأشبه ما يكون بمصباح علاء الدين ومنه المواد الداخلة عن طريق الزيارات الأهلية وهي كثيرة على العد والإحصاء وميزتها أنها أقل كلفة من أسعار الكنتينة، والباب الثالث: شبيه بـ (سوبر ماركت) لكل سجن هي الكنتينة.
فهل هناك عصا سحرية غيّرت المعادلة؟ وكيف استوعبت ذلك مصلحة السجون وهي التي منحت (وجبة العدس) بعد إضراب الستين يوماً؟ هذا التساؤل أجابنا البرغوثي عليه في سطرين قائلاً: "هذا ناتج عن تراكمات الإضرابات المتلاحقة عن الطعام ثم إن هناك عاملاً سياسياً مهماً قضى بإسكات المعتقلين وترويضهم والذين مكثوا في السجن رغم اتفاقيات السلام فضاعفت المدخلات المادية، حتى وصلت مستوى فوق الحاجة الأساسية بكثير لتحافظ على حالة الهدوء والاستقرار داخل السجون لتشغل الأسرى عما يدور من حولهم من أحداث سياسية كبرى تمس قضيتهم العظمى التي ضمّوا من أجل رفعتها.
مصاصوا الدماء:
قال المتحدث العام في سجن إيشل جمال عبد الفتاح الهور والذي أمضى (4745) يوماً في السجن: مع بداية العام ألفين بدأت مصلحة السجون تحت مظلة الدواعي الأمنية بإغلاق الباب المفتوح من الأهل تدريجياً، وما كان مسموحاً بالأمس صار يمنع من الدخول اليوم، وفي سياسة ممنهجة صار ما يُمنع إدخاله عن طريق الأهل يُوفر في الكنتينة كمشتريات مسموح بها إضافة إلى إلغاء (الأسكباه) وتحويلها إلى مبيعات في الكنتينة.
فما الذي يحدث بالضبط أهي التجارة بأموال الأسرى وسرقتها ؟ أجاب الهور: نعم ببساطة فإنّ الحذاء الرياضي – مثلاً – يشتريه الأهل بـ 100 شيكل يوفر في كنتينة السجون الصهيونية، وتابع الهور حديثه قائلاً "وبحسبة صغيرة فإن متوسط ما يصرفه المعتقل من الكنتينة الشهرية يساوي (564) شيكل وحيث أنّ عدد أسرى المقاومة في السجون وصل إلى (7600) معتقلاً فإنّ الصرف الشهري يساوي لأسرى المقاومة يبلغ (4.286.400) شيكل إي بمبلغ سنوي يقدر بـ (51.436.800) شيكل.
وحين توجّهنا للأسير زهير سكافي والذي أمضى في السجن (3650) يوماً وهو المسؤول عن إدارة الكنتينة في سجن إيشل، سألناه عن نسبة الأرباح لشركة المبيعات الصهيونية أجاب: "هذا أمر تتملص منه الشركة من إطلاعنا عليه ولا نستطيع تحديده بالضبط لعدم معرفتنا بأسعار السوق، ولكنّ الأسعار خيالية، وتقدر من خلال بعض المشتريات أن النسبة تصل في أعلى معدلاتها إلى (500%) ولا تقل عن (200%) ولكنا متأكدون أنّ أرباح مصلحة السجون تبلغ (7%) من إجمالي الأرباح.
وبناءً على قوله هذا فإن أرباح مصلحة السجون السنوية تساوي (3.600.000) شيكل في أدنى تقدير لها.
المصير المجهول:
اتفاقيات جنيف لعام 1949 القسم الثاني / الفصل الثاني / المادة 28 تنص على أنّه (تستخدم الأرباح التي تحققها مقاصف المعسكرات لصالح الأسرى وينشأ صندوق خاص لهذا الغرض ويكون لممثل الأسرى الحقّ في الاشتراك في إدارة هذا الصندوق، غير أنّ جمال الهور نفى وجود هذا الصندوق وقال "مصلحة السجون لا تجيب عن أي استفسار بهذا الشأن"، وأضاف الهور "هي تراوغ بقولها أنها تعيد الأرباح كمشتريات عامة كالمراوح والتلفاز وطاولة التنس"، وأردف الهور حديثه بالقول "حتى ولو كان هذا على حسابنا فإن الأرباح فوق ذلك بكثير".
وعقّب ممثل المعتقل الأسير عثمان بلال (5475) يوماً في الأسر على هذا القول بقوله: "هناك صندوق يسمى (صندوق رفاهية الأسير) ولا علاقة لنا بإدارته، ولا نملك أي معرفة حجم الواردات أو المخرجات منه وإليه، وأعتقد أنّ الجزء الأكبر من الصرف يذهب لصالح الأسرى الجنائيين على الحفلات الموسيقية والقضايا الترفيهية والفطام عن المخدرات، أما نحن أسرى المقاومة فحقنا مهضوم وضائع.
والغريب أنّ اتفاقيات جنيف في فصلها الخامس / المادة 94 ضمنت للأسير حقّه في الأنشطة الذهبية والتعليمية والترفيهية والرياضية، وتتخذ جميع التدابير الممكنة التي تكفل ممارستها، فهي ليست على حساب الأسير ولا تقتطع مصاريفها من أمواله وإنّما هي واجبٌ يقوم به السجان فكيف تنظر لما يحدث؟ فقال عثمان: "(تسمية الصندوق) رفاهية الأسير بهذا الاسم ابتداءً هو اعتداء على حقوق الأسرى الأساسية وعدم إطلاع ممثل الأسرى على هذا الصندوق هو اعتداء آخر، وأن تُصرف أمواله لمعالجة مدمني المخدرات وتسرق أموالنا لترفيه أسرى الجرائم والسرقات هو أشدّ الاعتداءات لأنّها جريمة أخلاقية وإنسانية أن يساوى ويخلط بين أسير المقاومة وأسرى الجرائم".
وأضاف بلال "هذا في ميزان النازية الصهيونية لا شيء مادامت الربحية عالية والتجارة تدرُّ الأموال الطائلة".
الضرائب.. من يتابعها؟
وفي رسالة موجهة لوزارة الأسرى لأنها الخاسر الأكبر لأن حجم مدفوعاتها السنوية تصل إلى (27.360.000) شيكل قال جمال الهور: (لو حُصّلت الأرباح وأعيدت للأسرى لخفّ الحمل عن الوزارة ولقلّ حجم المدفوعات) وفي تعليقه على الضرائب قال (هناك حقّ للسلطة الفلسطينية بالضرائب التي تحصلها دولة الاحتلال من الكنتينة والتي تقدر سنوياً (8.229.888) شيكل وهو حقّ كفلته اتفاقية باريس الاقتصادية) وتابع الهور حديثه بالقول (هذه الأرباح والضرائب المسروقة يجب أن تتابع قضائياً وقانونياً هي رسالة للجمعيات الحقوقية والإنسانية لتعقب مصاصي الدماء في المحاكم لتعود للأسرى حقوقهم الإنسانية المشروعة أخلاقياً ودولياً على رأسها أموالهم المسروقة).
ولا عجب...
إذا كان المحتل سرق منا أحلامنا وأعمارنا لا يعني ذلك أن نسمح له بسرقة أموالنا والحقيقة تقول (إنّ الذي يفرط بالدرهم يضيع الدينار).
المصدر kolonagazza

مشاركة مميزة