الأحد، 8 أغسطس 2010

قطاع غزة: بين أزمة كهرباء وعجز إدارة الأزمة

kolonagaza7
د. حسن أبو حشيش / رئيس المكتب الإعلامي الحكومي
تتلخص أزمة الكهرباء في قطاع غزة الذي يقطنه حوالي مليون وسبعمائة ألف نسمة بنقص أكثر من خمسين بالمائة من احتياجات المواطن .وبات المواطن يعلم جيدا أن الأزمة في تفاصيلها وإجمالها هي سياسية بالدرجة الأولى، خلقتها سياسة الاحتلال العقابية لسكان القطاع منذ أسر الجندي الصهيوني القاتل (شاليط )، وسياسته في فرص الحصار الشامل، وعززتها سياسة تنفيذ وتطبيق لمعالم هذا الحصار من قبل حكومة حركة فتح بقيادة سلام فياض التي تتلذذ على معاناتنا، وكرستها سياسة التواطؤ من قبل الاتحاد الأوروبي الذي حول أموال سولار محطة التوليد للخزينة فياض مباشرة وتركه يتحكم في مصير المحطة وارتهانها لاشتراطات يفكر الاحتلال مليا قبل فرضها لبعدها القانوني والإنساني ولعدم واقعيتها. مما أدى إلى توقف المحطة عن إنتاج الجزء اليسير الذي يساهم نسبيا في تقليص عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي.
هذه الأزمة الحقيقية ثلاثية الأبعاد، تفهمناها، وعلمنا ثمنها السياسي المطلوب الذي لا يمكن أن ندفعه لارتباطه بالكرامة والحقوق بل والوجود، وأيقنا أن ورقة الكهرباء إحدى أهم الأوراق الضاغطة على الشعب واستخدامها ضمن منظومة إجراءات الحصار.وفهمنا أن الأزمة تحتاج إلى إدارة للتقليل من آثارها، وهنا السؤال عن النجاح في إدارة الأزمة ... الميدان والواقع ونبض المواطن لا يرى نجاحا في ذلك، حيث قبل الناس انقطاع الكهرباء لمدة قد تصل إلى عشرة ساعات، وتهيئوا، ورتبوا أعمالهم البيتية وحياتهم على النظام الذي تضعه شركة التوزيع.
لكن للأسف يكمن الفشل والعجز في إدارة الأزمة في زاويتين:
الأولى: عدم إيجاد بدلائل حتى اللحظة لتوفير الكمية التي تنتجها شركة التوليد سواء في توفير أموال مستقلة كثمن للسولار الصناعي، أو في توفير مولدات بديلة...لقد ظل البكاء هو سيد الموقف على مدار السنوات الثلاثة الماضية ويعلو البكاء فقط عند اشتداد الأزمة من قبل حكومة فياض أو الاحتلال، وكان الأجدر أن يتم التحرك بناء على التجربة والخبرة في توقعات الأزمات، ولو تم التفكير جديا ووضعت الحلول لكان التنفيذ العملي للحلول رأى النور ... والواقع يقول أن الأزمات الكبرى التي تمس عصب الحياة اليومية قد تم التغلب عليها، لأنها وُضعت تحت مجهر الاهتمام وخاصة الوقود والأسمنت والحديد ...
أما الثانية : فهي في إطلاق يد شركة توزيع الكهرباء لتتحكم في مصير المواطنين، فلقد عجزت الشركة عن إدارة أوقات سريان التيار الكهربائي أو انقطاعه فلم تلتزم بالمواعيد المعلنة،ولم تلتزم بالتراتبية للمناطق، ثم هي تسعى لحل مشكلة الديون المتراكمة على المواطنين التي تراكمت على مدار خمسة عشر عاما بدون تدرج وبدون خطة وبدون واجبات وحقوق، وتعمل ألان على معاقبة من يتأخر عن الدفع لشهر أو شهرين أو ثلاثة وتترك أصحاب الشركات والمصانع وبعض التجمعات التي لها سنوات كبيرة ترفض حل مشكلتها مع الشركة...ثم نجد أنها لم تقدم أي حل عملي ومنطقي لفكفكة اشتراكات العائلات الكبيرة الممتدة بعد أن تحولت في غالبيتها إلى عائلات صغيرة نووية مستقلة عن الوالدين أو الأجداد... ثم تنقطع الكهرباء عن المواطن حوالي نصف شهر وتأتي الفاتورة الشهرية بنفس القيمة بل زيادة... كذلك تطالب الشركة بحقوقها ولكن من سيعوض المواطن خسائره بالممتلكات وعطل الأج! هزة الكهربائية بسبب الانقطاع المفاجئ أو الروتيني للتيار الكهربائي...
إن مسئولية أزمة كهرباء غزة جماعية، ولتذهب إجراءات فياض والاحتلال إلى الجحيم...فعلى الجميع التعاون والتكاتف والخروج عن السلبية والصمت والعجز والاستسلام...فالمواطن يأمل من الحكومة أن تتدخل لصالحة لإنهاء حالة التشابك بينه وبين إجراءات شركة توزيع الكهرباء لتحسن وتطور من إدارتها للازمة، ويأمل كذلك في إبداعات الحكومة التي تغلبت على جزء كبير من العراقيل والعقبات في التخفيف من هذه الأزمة على طريق إنهائها .
كذلك على الفصائل الفلسطينية والكتل البرلمانية ومؤسسات المجتمع الأهلي التوقف عن المسك بالعصا من الوسط والخروج من سلبية النقاش، وأطالب الجميع بتشكيل حالة ضغط منظمة ومتواصلة على الاتحاد الأوروبي ووكالة الغوث للاطلاع بمسئوليتهم تجاه حق المواطن الفلسطيني في غزة للحصول على الكهرباء كحق من حقوق الإنسان في القرن الحادي والعشرين .كذلك أطالب كل الزملاء في وسائل الإعلام الوطنية والمسئولة بتوضيح حقيقة الأزمة وسبل علاجه وتشكيل رأي عام ضاغط على الأطراف التي تتحكم في مصير كهرباء أطفالنا ومرضانا وطلابنا ... وليعلق الجميع الجرس بشكل سليم وبالطريقة الصحيحة .!!!

مشاركة مميزة