الخميس، 5 أغسطس 2010

مصداقية "قريع" وشفافية "البرغوثي"


kolonagaza7
د. فايز أبو شمالة
قد نختلف في تفسير الأسباب التي جعلت السيد "أبو علاء قريع" عضو اللجنة التنفيذية يقول: إنني أشتكى من قلة الوفاء في حركة فتح، وأرى أنها غادرت مرحلة الانتصارات" ولكن لا يختلف معي اثنان حول صراحة "أبو علاء قريع" ومصداقيته وهو يقول: "يستحيل الاتفاق مع الإسرائيليين، فخلال تسعة عشر عاما من التفاوض معهم، حيث كنت أنا المفاوض، لم يغلقوا ملفا واحدا". هذا الكلام عندما يصدر عن رجل خبر الحوار والحديث والتفاوض مع الإسرائيليين كل تلك السنوات، وبكل المستويات، يجب أن يكون له صدى، ولاسيما أن الاتفاق الاقتصادي الذي وقعه السيد قريع، مع السيد "شمعون بيرس" وزير الخارجية السابق قدمه أبو علاء؛ هدية لعيد ميلاد شمعون بيرس!
بغض النظر إن كان ذاك اليوم هو عيد ميلاد "بيرس" حقيقة، أم كذباً، إلا أنه رد على الهدية بأعمال وحشية ضد الفلسطينيين، لتأتي صحوة السيد "قريع" بعد كل تلك السنوات، وبعد تجربة طويلة من التفاوض، والوصول إلى النتيجة باستحالة الوصول إلى اتفاق مع الإسرائيليين، إن في حديث الرجل إشارة إلى أن كل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة التي تعامل معها أبو علاء، وتفاوض معها، جميعها تحمل رأس واحدة، وفكراً واحداً، وهدفاً واحداً، ولاسيما أن الرجل قد تفاوض مع حزب العمل متحالفاً مع حزب ميرتس، وتفاوض مع حزب العمل متحالفاً مع حزب كاديما، وتفاوض مع حزب الليكود قبل الانشقاق متحالفاً مع حزب العمل، وتفاوض مع حزب الليكود متحالفاً مع أحزاب اليمين، بمعنى آخر: لقد مر على المفاوض "أبو علاء قريع" كل ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي، وبالتالي فهو لا يأمل خيراً تفاوضياً لو تغيرت الحكومة الإسرائيلية اليمينية الراهنة، كما يأمل بعض الفلسطينيين الأقل تجربة تفاوضية.
ليس بعيداً عن رأي السيد أبو علاء قريع" جاء رأي المناضل "مروان البرغوثي" في سجن هادريم، حين انتقد القائلين: إن البديل لفشل المفاوضات هو المزيد منها، ودعا إلى إنجاز المصالحة الوطنية وتفعيل المقاومة الشعبية والعمل مع حركات التضامن الدولية كبدائل لاستمرار المفاوضات. وهنا تجدر الإشارة أن البرغوثي سجيناً، والسجين في زنزانته شفاف كالثلج، متجرد من أطماع الدنيا، والمصالح الضيقة، ومن الرغبات السياسية المشبوهة، "البرغوثي" يلتقي بالرأي الرافض للمفاوضات مع السيد "قريع" الذي فقد مقعده في اللجنة المركزية، ليشكلا صوتاً وطنياً فلسطينياً رافضاً للنهج السياسي السائد في الساحة الفلسطينية، الرأي الذي يصر على تجريب المجرب.

مشاركة مميزة