الثلاثاء، 24 أغسطس 2010

الكهرباء: لعبة عض أصابع المواطنين!

kolonagaza7
مصطفى إبراهيم
24/8/2010
عانى الناس وما زالوا يعانون في قطاع غزة من أزمة الكهرباء التي وصلت ساعات انقطاعها 20 ساعة في اليوم.
الأزمة تفاقمت منذ بداية العام، وزادت من معاناة الناس، ومرت عليهم أيام صعبة وقاسية، وما تزال قائمة، وتجددت مع قدوم صيف مبكر وقائظ، وتأثير ذلك على حقوق المواطنين التعليمية والصحية والخدمية، وحرمان الناس من وصول مياه الشرب لمدة وصلت الى أكثر من 40 ساعة في بعض المناطق.
الأزمة مستمرة منذ سنوات عدة وتفاقمت منذ 8 أشهر، وعلى رغم المعاناة والوساطات والضغط الذي مارسته منظمات حقوق الانسان وشبكة المنظمات الأهلية، والشخصيات المستقلة التي رعت اتفاقاً توصلت إليه سلطة الطاقة التابعة لحكومة حماس وشركة توزيع كهرباء غزة من جهة، ومن جهة أخرى حكومة فياض في شهر نيسان (أبريل) الماضي، ظلت الحكومتان في غزة ورام الله متمسكتان بمواقفهما وتبادلتا الاتهامات والمناكفات السياسية وتلذذتا على جرح الناس النازف دوماً.
الاتفاق يقضي بأن تلتزم شركة توزيع كهرباء غزة بتمويل أربعة ملايين دولار شهرياً كمساهمة منها في توفير الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء بقدرة مولد واحد فقط، ولم تلتزم سلطة الطاقة وشركة توزيع كهرباء غزة بتنفيذ الاتفاق، وبدلاً من دفع 4 ملايين دولار دفعت مليونين فقط، على ان تقوم حكومة فياض بتسديد مبلغ 36 مليون شيكل ثمن السولار الصناعي لتشغيل محطة توليد كهرباء غزة.
وتفاقمت الأزمة من جديد وأكثر من السابق، وكان واضحا أن الحكومتين في غزة ورام الله تمارسان لعبة عض أصابع المواطنين، ومن منهما التي تستطيع لي ذراع الأخرى، ومن تنتصر مستعينة بمعاناة الناس المستمرة.
الأزمة مستمرة ومحطة التوليد توقفت بسبب نفاد السولار لتشغيل مولداتها، وتبادل الاتهامات مستمر، حكومة حماس حملت المسؤولية لحكومة فياض بامتناعها عن دفع الأموال اللازمة بدل ثمن السولار الصناعي المستورد من إسرائيل، والثانية حملت المسؤولية للأولى، وأنها لم تلتزم تطبيق الاتفاق، وأنها تفتعل أزمة لأغراض سياسية، واستغلال معاناة الناس لكسب التعاطف والتحريض ضد السلطة الفلسطينية.
حكومة حماس لم تلتزم بواجبها ولم تفِ بالتزاماتها وتعهداتها، وتطبق الاتفاق من خلال الضغط على سلطة الطاقة في غزة وشركة توزيع الكهرباء، وحكومة فياض تمارس الضغط على حكومة حماس وشركة توزيع الكهرباء لرفع كفاءة تحصيل الجباية من الناس وتحصيل ما يمكن تحصيله من أموال، وسد العجز في خزينة السلطة التي تعاني من أزمة مالية كبيرة.
طالعتنا وسائل الاعلام الأحد 21 آب (اغسطس) 2010 بخبر مفاده التوصل لاتفاق لحل أزمة الكهرباء خلال 24 ساعة، وفرح الناس بالخبر واعتقدوا أن الأزمة ستنتهي ومعاناتهم ايضاً، لكن سرعان ما تبدد الأمل بنفي سلطة الطاقة في غزة في اليوم التالي الخبر.
كان بالامكان التوصل الى حل الأزمة، ربما في ساعة او ساعتين أو ربما 24 ساعة، الحكومتان استغلتا معاناة الناس وشكلتا عبئاً عليهم ولم تفيا بالتزاماتهما، وتعهداتهما للمواطنين، وأثبت الأزمة أن الحكومتين غير أمينتين على مصلحة الناس، ما عزز لديهم قناعة عدم الثقة بهما، وشجعت المواطنين على ثقافة عدم الإيفاء بواجباتهم والتزاماتهم، واستمرارهم في عدم دفع مستحقاتهم المالية المطلوبة منهم للشركة.
وبدا وكأن الحكومتين تعمدتا إذلال الناس والمتاجرة بمعاناتهم والخدمات مدفوعة الأجر التي يتلقونها.
الحكومتان (الحركتان فتح وحماس) توصلتا في عدد من المجالات كالتعليم والصحة، والحج الى اتفاقات محاصصة وتقاسم مجالس إدارات عدد من الأندية الرياضية، ما يعني أنه باستطاعتهما التوصل الى إتفاق في حل أزمة الكهرباء لو أرادتا ذلك.
لماذا الانتظار كل هذا الوقت؟ واللعب بأعصاب الناس ومصالحهم، فمن الذي سيعوض الناس عن معاناتهم النفسية والجسدية والاجتماعية والاقتصادية، وخسائرهم المادية والمالية، وتعطل الأجهزة الكهربائية؟ ولماذا لم تفكر السلطة الوطنية بالتوصل الى آليات تلزم المواطنين بالإيفاء بالتزاماتهم المستحقة عليهم لشركة الكهرباء، وإيجاد حلول إستراتيجية لازمة التيار الكهربائي المستفحلة، وعدم الاعتماد كليا على المنح والتبرعات الخارجية.

مشاركة مميزة