الخميس، 2 سبتمبر 2010

فياض: ما يشاع عن الرواتب غير صحيح ولن تكون خياراتنا الركوع أو الجوع حتى نصل إلى الاعتماد على الذات


kolonagaza7
رام الله-فلسطين برس-
أكد رئيس الوزراء د. سلام فياض، أن السلطة الوطنية تعاني صعوبات مالية نتيجة تدني وصول أموال المانحين، إلا أن هذه الصعوبات لن تصل لفاتورة الرواتب إلا بعد أن تستنفذ الحكومة كل محاولتها لوصول الأموال وترشيد استخدامها لمواردها، شريطة ألا تؤثر على أداء الحكومة.وشدد فياض في حوار مع 'وفا' على أن سياسة الحكومة تقوم على تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية. وأوضح أن الصعوبات المالية التي تعاني منها الحكومة تعود لعدم وصول أموال المانحين، إذ أن قيمة ما وصل من هذه الأموال حتى اليوم هو فقط 605 ملايين دولار من أصل 1.8 مليار دولار، وأشار إلى أن هناك عجزا في الميزان الجاري (وهو العجز بين النفقات الجارية والإيرادات)، بقيمة 1.2 مليار دولار، متوقعا أن تقوم الدول المانحة بتغطية هذا المبلغ قبل نهاية العام.واستعرض فياض سياسة حكومته الهادفة لتخفيض وتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية، للوصول لدرجة أفضل من الاعتماد على الموارد الذاتية، وصولا إلى إنهاء الحاجة للمساعدات الخارجية، خاصة فيما يتعلق بتمويل النفقات الجارية.وقال 'واقعنا يتطلب الحصول على مساعدات لتمكيننا من الوفاء باحتياجاتنا والتزاماتنا، والسبب الرئيسي في ذلك يعود لسياسات الاحتلال، وما يتصل بها من إجراءات تقييدية على الحركة، وأكبر مثال على ذلك الحصار المفروض على قطاع غزة، إضافة لكافة أشكال الإعاقة سواءً كانت مادية كالحواجز، أو ما يتصل بضرورة الحصول على إذن مسبق من الجانب الإسرائيلي للقيام بعمل تنموي في 60% من مناطق الضفة الغربية والمصنفة بالمنطقة 'ج'.ويرى فياض أن سياسات الاحتلال تجعل أداء الاقتصاد الفلسطيني أقل بكثير من الطاقة الكامنة لهذا الاقتصاد، وتضع صعوبات إضافية على قطاع الأعمال وتحديات جمة على قطاع الأعمال بما يضعف من قدرته التنافسية، وكل هذه الإجراءات لها ثمن، ولكن ورغم ذلك فقد وضعت الحكومة هدفاً أساسياً للسياسة المالية يتلخص، بتحقيق قدر أكبر ومتزايد من الاعتماد على الذات. وتابع 'قررنا في العام 2011 وكما تضمنت وثيقة 'موعد مع الحرية' التي أعلنّا عنها قبل عدة أيام، تكثيف الجهد الهادف لتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية، بما يتوقع أن يؤدي إلى انخفاض في العجز الجاري في الموازنة إلى ما يعادل 13% من الدخل القومي الإجمالي في العام 2011 بالمقارنة مع 18% عام 2010 و22% عام 2009، وهذا يعني تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية المخصصة لتمويل النفقات الجارية، ونحن نسير في الاتجاه الصحيح، وما نقوله اليوم عن وجود عجز بقيمة مليار دولار في موازنة عام 2011 ، يجب أن يكون مبني على توقع أكيد أن هذا المليار سيأتي، وغياب مثل هذه التوقع يعني صعوبات وتأخر في الدفع، شبيهة بالصعوبات التي نواجهها اليوم، رغم أن أداء الموازنة حتى تاريخه من هذا العام، يسير على النحو المبرمج له، لكننا نواجه صعوبات مالية، بسبب تدني وصول المساعدات الخارجية، بالقياس لما هو مبرمج، وبالتالي نحن بحاجة ماسة لاتخاذ إجراءات إضافية لتخفيف الاعتماد على المساعدات الخارجية وصولا لإنهاء الحاجة لهذه المساعدات.ونفى فياض صحة ما يشاع حول طلب البنك الدولي من السلطة الوطنية تخفيض قيمة فاتورة الرواتب أو التخلص من عدد من موظفيها، وقال: ربما يجري مثل هذا الحديث في المجالس.. لكن البنك الدولي لم يطلب منا إطلاقا اتخاذ أية إجراءات خارج إطار ما هو معتمد في موازنتنا المتعاقبة وآخرها موازنة عام 2010.ورد فياض على سؤال لـ'وفا' هل ستصل الصعوبات المالية التي تعاني منها الحكومة لفاتورة رواتب الموظفين، وإذا وصلتها هل سنشهد أزمة شبيهة بأزمة العام 2006، وهل نستطيع من مواردنا المحلية تغطية جزء من هذه الفاتورة، وإذا لم تصل المساعدات لسبب ما هل سيؤثر هذا الأمر على النمو الاقتصادي وعلى خطط الحكومة، وهل وضعت الحكومة سيناريو لمواجهة مثل هذه الاحتمالات؟، قال: جزء من السؤال افتراضي، وأنا بطبيعة الحال لا أحب الإجابة على الأسئلة الافتراضية، من نوع طول الأزمة، أقول عندنا صعوبات مالية، الوضع ليس سهلا، ولكن علينا أن نتذكر أن السلطة الوطنية ومنذ بداياتها واجهت مثل هذه الأزمات، وجزء كبير من إدارة المال في الفترات السابقة كانت تصب على إدارة الأزمة، ما جعل من غير الممكن أن يكون هناك تخطيط هادئ للأمور، أو إدارة خطة الموازنة وتنفيذها كما وردت بسبب الصعوبات المالية، لأن أموال المانحين لم ترد بالكميات الكافية ولا في الأوقات المحددة .وأضاف رئيس الوزراء 'وصلنا لغاية اليوم 605 ملايين دولار من أصل المبلغ 1.8 مليار دولار، والعام لم ينته بعد، ولا استطيع الافتراض أن الأموال لن تصل، كونها تأخرت كل هذا الوقت، هذا يخلق لنا مشاكل، ويتصل بالتوقيت أيضا، لأن السلطة لا يمكن لها الاقتراض من البنوك إلى ما لا نهاية، وليس من المستحب اللجوء إلى البنوك.وأوضح 'ما أقصده أننا في خضم مشروع تحرر وطني، ونمر بمرحلة انتقالية، وليس لدينا فيها السيطرة الكاملة على كل مقدراتنا، وهدفنا الأساسي يتمثل في إنهاء الاحتلال، وضمن هذه الرؤية نحن معرضون لكل شيء، ولكن علينا عدم فقدان الثقة والأمل، وأقول مررنا بظروف صعبة، ودائما وجدنا طريقة ما للتعامل معها، وما أشدد عليه هنا هو ضرورة المصارحة والمكاشفة، ووضع الأمور قدر الإمكان بأعلى درجة من الوضوح، والابتعاد عن الكلام الذي يسبب حالة من الذعر، والذي يمكن له أن يزيد الصعوبات عمقا أو إطلاق الشعارات التي تحشر الناس بين خيارات، وكأنه لا يوجد غيرها، وتحرر المسؤول من مسؤوليته في البحث عن طريق، ودائما نجح هذا الشعب في إيجاد طريقه، وأنا عندي ثقة بذلك شريطة أن نكون جديين، ولا يجوز أن نقول للناس أن خياراتنا الركوع أو الجوع.ولكن صدرت عن الحكومة تصريحات تقول إن السلطة لديها القدرة على تأمين فاتورة راتب شهر آب، ولكن بعد ذلك قد نواجه مشاكل، هذه التصريحات غير واضحة وضبابية وتخلق الكثير من التساؤلات؟وقال رئيس الحكومة 'يعود مثل هذه التصريحات لعدم قدرتنا على السيطرة على مقدراتنا، كما هي في الدول الأخرى، ولذلك نقول عندما نسأل عن الرواتب، إن شاء الله، و نحاول من خلال الثبات على مواعيد معينة في دفع الرواتب أن نخلق حالة من الاستقرار والثقة، ليس فقط في القدرة المالية للسلطة، ولكن أيضاً في قدرتها الإدارية، وهذا أمر يطال مكانة السلطة، ولذلك أيضا لا نستطيع الجزم أن هناك رواتب بعد شهرين أو ثلاثة.وأضاف: 'من هذا المنطلق علينا التصرف بطريقة تعزز ثقة المواطن بالحكومة، وتضع المواطنين بصورة الصعوبات، ولكن ليس لدرجة التهويل والتخويف'.وأكد فياض أن ما يشاع عن عدم صرف الرواتب ليس صحيحا، وأحيانا يستسهل الحديث فيه كثيرا، 'وأنا لم أطرحه يوما ما بهذه الطريقة، وما أقوله في هذا الأمر، إنه يتوجب علينا أن نكون مستعدين لكل شيء، وشعبنا يعرف الطريق، ولا يعدم الوسيلة، نحن بحاجة للفعل الإضافي للسعي للحصول على المساعدات'.وحول الخطوات التقشفية، وما قيل عن توجه لتخفيض الرواتب، قال رئيس الوزراء: علينا اخذ الأمور بالتدرج، ووضعها في سياقها الصحيح، ونحن بموجب السيناريو المعتمد لإعداد الموازنة ليس فقط موازنة 2010 وإنما موازنة 2011، لم نطرح تخفيضا للرواتب، ولكن نحن الآن في وضع مالي صعب، إذا طال أمده وتراكمت المشكلة لأشهر ماذا سنفعل؟وأضاف: 'بدأنا بالفعل نؤشر لهذا الاتجاه من خلال بيانات مجلس الوزراء، الموضوع لا يجري الحديث عنه من يوم ليوم ولا عشية المفاوضات المباشرة، القضية لها علاقة بالتقييم، ومن واجبنا الانتباه لأنفسنا، وإذا أصبح هناك تأخير أكثر ماذا نفعل؟، اليوم عندنا تأخير في الوفاء بالتزاماتنا، صحيح أننا نقوم بدفع الرواتب، ولكننا لا نقوم بالدفع للموردين والمتعهدين، هؤلاء لهم حقوق مالية عندنا، وسنسددها، وهذه السلطة لم تأكل مليم واحد على أحد ولن يضيع لأحد عندها مليم واحد، وهذا جزء من المسؤولية.وتابع: 'صحيح بدأنا بإجراءات من نوع شراء المباني الحكومية، رغم أنها لا توفر الكثير، وعندنا خطوات تنظيمية الطابع، دائما علينا تحسين الأداء وتطويره وتحسين فعالية المؤسسات وتقويتها، وتعزيز قدرتها على الأداء، ونحن نتساءل هل ندير مواردنا بالطريقة الأمثل؟ لأن طريقة إدارة الموارد عنصر حاسم في مدى النجاح، وتحسين سوية الأداء، والاستفادة بدرجة أكبر مما هو متاح من الموارد، لأنها تحسن في فعالية استخدام الموارد، وتوفر علينا، ولها بعد تنظيمي وإصلاحي، وقرار سحب المركبات الحكومية جاء في هذا السياق، وأكد وجود خطوات أخرى متدرجة، ولكن بما لا يمس بجوهر أداء السلطة.وشدد فياض على أنه لا يريد بهذه التصريحات إخافة الناس، 'أريد فقط إيصال المعلومة، بأننا نحاول بأقصى طاقة لنا، ونتجنب المس بجوهر الخدمة التي تقدمها السلطة الوطنية'.وأضاف 'ولكن حصل من قبل، وحصل في دول أخرى وفي أوقات ليست بعيدة، أن يأتي وقت تضطر الدول فيها لإلغاء خدمات معينة غير قادرة عليها، أو تخفض الرواتب مثلما حصل في اليونان.وأوضح فياض أن مسألة تخفيض الرواتب من الناحية الفنية أسهل الإجراءات لتحسين الوضع المالي، أو التخفيف من وطأة الصعوبات المالية التي تواجهها السلطة، ولكن هذه ليست طريقة عملنا، علينا التدرج بالإجراءات التي لها بعد تنظيمي وإصلاحي، ولا يجوز لنا التفكير بالمس بالرواتب، وهناك قضايا تقنن وقضايا لا تقنن، وأنا معني بإشاعة ثقافة تحسين سوية الأداء، حتى لو عندنا مصادر مالية دون حدود. وأضاف: في حال قمنا بكل الإجراءات المطلوبة، ولم تصل المساعدات المطلوبة، فقط في هذا الإطار يمكن طرح المسألة، ومرة أخرى، والسعي لإنهاء الحاجة للمساعدات الخارجية هدف وطني تملية علينا ضرورة الانتصار لكرامتنا الوطنية، وهذا يعزز الثقة بالسلطة الوطنية محليا على اعتبار أن هناك نضج في الإدارة وفي تحمل المسؤولية، النظام لا يحكم عليه فقط من خلال أن الأمور تسير بهدوء ، ولكن في كيفية مواجهته للصعوبات، هذا جزء من عملية النضج المؤسسي والذي تتحقق معالمه وأسسه، هذه هي الجاهزية التي نتحدث عنها وفي أسمى معانيها، لقيام الدولة، ويجب علينا عدم فقدان الثقة، والتعامل مع هذه الأزمات بأناة وبرباطة جأش وبثقة أننا لن نضل الطريق.ويعيد فياض السبب في التحسن الذي تشهده الجباية الفلسطينية لتفعيل عمل الدوائر الحكومية العاملة في الجباية، وللنمو الاقتصادي الذي تحقق خلال السنتين الماضيتين. وقال: 'تعتمد حصيلة الإيرادات على وضع الاقتصاد الكلي، النمو الطبيعي للإيرادات يعرف بأنه نمو يوازي النمو الاسمي في الناتج المحلي، ولكن التحسن الذي نشهده يعود بصورة رئيسية لتحسين فعالية الإدارة الضريبية، وأن نسبة النمو في الإرادات العامة مرتفعة مقارنة بالنمو بالناتج المحلي'، موضحا أن النمو في الإيرادات يشكل نسبة كبيرة في موازنة الحكومة تاريخيا، من ناحية كمية.وعن مستوى تحقق فكرة العدالة في توزيع الموارد القومية بين الضفة وغزة المعفية من الضرائب، خاصة وأن غزة ما زالت تحظى بالنسبة الأكبر من ميزانية الحكومة، قال فياض: 'واحدة من القضايا التي حرصنا عليها منذ اليوم الأول لإدخال إصلاحات على النظام المالي الفلسطيني، ألغينا من البيانات تصنفيات الضفة وغزة، ونشر المعلومات عن قطاع غزة كان فقط للتوضيح، لأن الانطباع السائد بعد الانشقاق أن السلطة الوطنية الفلسطينية تخلت عن غزة، ولا تصرف شيئا فيها، والنظام في وزارة المالية لم يكن يميز بين إيرادات الضفة الغربية وغزة، وأي دولة تدير مواردها تضع أولويات الصرف فيها لصالح المناطق الريفية والمهمشة والمحرومة من التركيز عليها تنمويا، هذه سياسة رشيدة. وقطاع غزة منكوب، لا يمكن النظر لهذه القضية من زاوية العدالة لأن الموضوع ليس موضوع عدالة، بل هو ضرورة وواقع يتطلب التعامل مع الاحتياجات على هذا الأساس، وفي أي دولة تدار فيها السياسة الاقتصادية بشكل رشيد وفيها مساءلة، نجد أنها تخصص وتصرف موارد للمناطق التي هي بحاجة لتدخل أكثر.

مشاركة مميزة