kolonagaza7
احمد قنديل
ماحدث بالماضي لنصل الى الراهن
السؤال الذي لم أستطع الاجابة عنه: لماذا بعد هذا الانتصار العظيم، وفي أقل من شهرين، انهار التحالف الوطني الفلسطيني اللبناني السوري، وتشتت قواه ودمرت البنى الفلسطينية ....
بعد هذا الانتصار الذي تمثل في اندحار الاسرائيليين وقواتهم وعملائهم عن الجبل ( من صوفر الى جنوبي صيدا ) ومدينة بيروت في 23/24/ /9 /1983 ( الحلقة الاولى )
... واندحار الامريكيين ومتعددة الجنسيات – القوات الامريكية ( مشاة البحرية ذات الطنة والرنة ) والفرنسبة والايطالية
0 البريطانية كانت في جونية ) واساطيلها مع الاسطولين الخامس والسادس والبارجة نيو جرسي - وتتويج المعركة بإلغاء اتفاق 17 ايار الموقع بين الحكومتين اللبنانية والاسرائيلية بالرعاية الامريكية ( 6/3/1984 ) وتحقيق هذين الانتصارين في مدة زمنية لا تتجاوز الستة اشهر ( 9/1983 – 2/1984 ) الحلقة الثانية
بعد هذه الانتصارات ما الذي حصل حتى انهار هذا التحالف السوري الفلسطيني اللبناني في اقل من شهرين وتشتت قواه وعزل القاده الرئيسيين للقوى الفلسطينية واللبنانية ورحيل معظم الكوادر الفلسطينية والفتحاوية وبعض اللبنانية الى اوروبا و تونس وعمان وصيدا وبعضهم من شدة الصدمة واليأس وتشابك المؤامرات فضل الهجرة الى البلاد الاسكندنافية مثل السويد والنروج والدانمارك وقلة الى هولندة او اوستراليا ..
هنا نعيد التذكير بكلمة الاخ ابو صالح عندما قال للجميع قيادة وكوادر : "إن المنطقة، وكل اطرافها يقدم لها الآن ترغيب وترهيب، إلا نحن الفلسطينيون فلا يقدم لنا إلا ترهيب وترهيب"، فعلينا أن نأخذ الحذر.
لا أدعي احاطتي بكل التفاصيل الخفية ... ولكني لا زلت اذكر بعض العلامات المهمة في تلك المرحلة والتي لن تغيب عن ذاكرتي و سنتكلم عن التمزق الفلسطيني وتبدد قواه والذي قاده وعمل عليه كل من الجبهة الشعبية القيادة العامة والسيد عبد السلام جلود ممثلا للعقيد معمر القذافي وعبد الحليم خدام الحامل للملفين الفلسطيني واللبناني
في الشهر التالي لشهر الانتصار العظيم أي في 19/3/1984 كان هناك لقاء بين الاخ ابو صالح نمر صالح
والاخ عبد السلام جلود ممثلا للثورة الليبية وللعقيد معمر القذافي
وكان اللقاء عاصف وحاد جدا مما دار به من افكار رفضها الاخ ابو صالح جملة وتفصيلا ومن هذه الاقتراحات ( ان القرار الفلسطيني لا يجوز ان يكون بيد حركة فتح ) وكان المقصود هو نقله الى الجبهة الشعبية القيادة العامة برآسة احمد جبريل لما لدورها من تحالف قوي مع الجماهيرية الليبية وسوريا
وكان من جملة الردود التي قالها الاخ ابو صالح : ان للفلسطينيين وثورتهم اطارا متفق علية وهو ( القيادة الفلسطينية ) وهذا الاطار ينضوي في عضويته كل الامناء العامين للفصائل ..والشخصيات المهمة والمؤثرة في الساحة الفلسطينية ، واي قرار تأخذه قيادة فتح هو بعد التشاور والتنسيق مع اعضاء هذا الاطار ، إذن حركة فتح تعرف اصول الديموقراطية وممارستها في الساحة الفلسطينية ...
وعندما احتد الخلاف مع السيد عبد السلام جلود وهو يكرر طلبه بتنازل حركة فتح عن قيادة القرار الفلسطيني
نهض ابو صالح لينهي اللقاء محتدا قائلا : اخ عبد السلام انا سأخبر العقيد معمر بالذي تعمل علية وإن كان هو خلف هذا الامر فسيكون لنا حديث اخر .....
ارتبك عبد السلام جلود من هذا التهديد وغادر مسرعا للقاء بالسيد عبد الحليم خدام نائب رئيس الجمهورية والمكلف بالملفين اللبناني والفلسطيني مستنجدا به . لعلمه ان الاخ ابو صالح إذا قال فعل ....
تدخل عبدالحليم خدام مبردا الخلاف بين الاخ ابو صالح والسيد عبد السلام جلود ومذكرا الاخ ابو صالح ان الدعم المالي الليبي مرتبط بما ينقله جلود للقيادة الليبية ......
رد الاخ ابو صالح : على جلود ان يبتعد عن التدخل في الاساسيات الفلسطينية
رد خدام : لك ما تريد
اخبرنا الاخ ابو صالح بالذي جرى مع جلود وتدخل خدام لتبريد الموقف وقال كلمته الشهيرة والتي يعرفها كل الكوادر الفتحاوية
" إن المنطقة، وكل اطرافها يقدَم لها الآن ترغيب وترهيب، إلا نحن الفلسطينيون فلا يقدم لنا إلا ترهيب وترهيب"، فعلينا أن نأخذ الحذر.
واضاف : وصلتني برقية من الاخ ابو اياد ( صلاح خلف ) يشعرني فيها بانضمامه قريبا مع الاخ فاروق القدومي ( ابو اللطف ) الى صفوفنا وهذا سيدعم مناعتنا ويعزز وجودنا في ارض الصراع ....
· قال جورج شولتز وزير الخارجية الامريكية بعد الانتصار في بيروت : ان المنطقة قد عادت عشرة سنوات الى الوراء ...لقد هدموا كل ترتيباتنا التي صنعناها
· قال حيدر علييف عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء السوفياتي اثناء رآسة تشيرننكو وسيطرة غورباتشيف على السلطة الفعلية بالاتحاد السوفياتي واثناء زيارته لدمشق بتاريخ 10/3/1984 ومقابلة عبد الحليم خدام :
ما الذي يجري في دمشق ؟؟ هل تراهنون على برنامج ابو صالح ..
رد عبد الحلبم خدام نافيا قائلا : ابدا ... ابدا ( الصحف اللبنانية )
قال حيدر علييف : إذن اوقفوا اندفاعة ابو صالح ( الى اين يأخذنا هذا الرجل )
للتذكير فقط : زيارة حيدر علييف كانت بعد وفاة يوري اندروبوف 13/2/1984 وصعود نجم غورباتشييف وراسة صورية لتشيرننكو ( اللذي كان مريضا وشبه ميت )
في الفترة ما بين 19/3/1984 و 19/4/1984 كانت هناك جملة من المؤامرات تحاك بأيدي فلسطينية وعربية ودولية لتجريد حركة فتح خاصة والعرب عامة من نتائج الانتصار العظيم الذي تم في شهر شباط 1984 من نفس العام
· في اوائل الشهر الرابع اجتمعت القيادة الفتحاوية برآسة الاخ ابو صالح نمر صالح ، وفي الاجتماع هذا ، بعد التداول في جدول اعماله قال الاخ ابو صالح ( القيادة متواجدة في ساحة واحدة وهذا خطر عليها وبعد الذي جرى في بيروت اتوجس مما هو قادم والقادم خطير ...لا تنسوا اننا هزمنا الاطلسي ومتعددة الجنسيات ..اي اننا هزمنا الامريكيين في الشرق الاوسط عندما طردناهم من بيروت ..وادارة ريغان محرجة من نتائج المعركة وانهيار ترتيباتها في المنطقة وانسحاب المارينز المهين من الشواطيء اللبنانية ... سأل احدهم وما الاقتراح ؟؟
قال الاخ ابو صالح : لدينا عدد من المدن لنا فيها تواجد جيد وحلفاء اقوياء وعلينا الانتشار الان وكل قائد يذهب الى مدينة وعدد بعضها .. دمشق بيروت صيدا طرابلس اللبنانية طرابلس الليبية ...الخ وكان بذلك يحاول ان يتحاشى الضغوط التي ستتعرض لها قيادة الحركة عندما تكون في ساحة واحدة وخاصة ان حركة فتح بعد 9/5/1983 قد تجاوزت كل الخطوط الحمر التي كبلت بها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والقيادات الفلسطينية أي انها تحررت من الشروط والخطوط الحمر وغيرها والتي تراكمت طيلة مسيرتها ....
علمنا فيما بعد ان احد المسؤولين الفلسطينيين قد نقل محضر هذا الاجتماع الى احد الاجهزة الامنية العسكرية ....!!! ؟
المهم الان العودة الى مؤامرة عبد السلام جلود ومن تواطأ معه .... ( وسأتكلم بالمليان )
كانت الجماهيرية الليبية تدعم حركة فتح بمبلغ ( خمسة مليون دولار كل اربعين يوما ) تاتي باسم الاخ ابو صالح نمر صالح ليحولها الى المالية المركزية التي يرأسها ابو نضال العملة وكان هذا المبلغ يستثير بعض القيادات الفلسطينية وترغب به ( علما ان الليبيين لم يبخلوا في دعم كل من ساهم او شارك في انتصار بيروت) .... وفي 19/4/1984 دعي الاخ ابو صالح لاجتماع القيادة الفلسطينية ( قادة الفصائل الفلسطينية ) وقد تغيب عنه كلا الجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية ... وقد استغرب الدعوة والالحاح على حضوره ومكان الانعقاد - وكانت في احد فنادق دمشق – أي ان كل ما يجري في الاجتماع لم يكن فلسطينيا ولا يملك السرية رغم ان الحضور فلسطيني ...
في هذا الاجتماع تكرر طرح فكرة القرار الفلسطيني ومن يقوده وبعد جدال طويل وحاد ادرك ابو صالح نمر صالح انه استجر الى فخ فلسطيني المظهر وغير فلسطيني المضمون فنهض غاضبا قائلا كلمته المعروفة : يظهر اني اعمل مع اولاد بالسياسة ....
وغادر الفندق الى مقر القيادة في العباسيين وجلس قليلا ثم غادر الى منزله .... لقد كان هذا ما يريدوه منه ان يغادر ويغادر القرار من يده لتتسلمه حفنة لم تستطع الحفاظ عليه ...تبددت بسرعة وتلاشت عن الساحة والفعل وصار مساعدا بالامن يحدد لها ما يكون وما لايكون ....
المجزرة السياسية :
نقلت الصورة الى عبد الحليم خدام ... وبعد ايام طلب خدام اللقاء مع ابو صالح وكان ذلك في مكتب خدام الذي حاول ان يستكمل ويتأكد مما تم في اجتماع القيادة الفلسطينية في احد الفنادق
وعندما رفض ابو صالح حديث وطروحات خدام قال له عبد الحليم خدام التالي :
اولا انتم ضيوفنا وعليكم العيش كمواطنين صالحين بيننا
رد الاخ ابو صالح : نحن مناضلين ومشاريع شهادة
قال خدام بعد حديث قصير :
1 - لن يكون لكم بعد اليوم الحق في قاعدة أي قاعدة عسكرية
2 – لن يكون لكم بعد اليوم منبرا اعلاميا
3 – لن يكون لكم بعد اليوم اسما تستظلون به ويكون لكم عنوانا
4 – لن يكون لكم بعد اليوم مقرا للقيادة
ادرك ابو صالح انه وكوادر الحركة اول من سيدفع الثمن ... وتسأءل ( لقد باعونا ) انها المجزرة التي يقودها خدام .... واسرع ابو صالح ليدعوا الى اجتماع عاجل لأهم الكوادر المحيطة به وفي الاجتماع الذي ضم اكثر من مئة من الكوادر القيادية ابلغ ابو صالح ما جرى بينه وبين القيادة الفلسطينية في اجتماع 19/4/1984 وفي اللقاء الذي تم اليوم مع عبد الحليم خدام وكرر كلمة مواطنين صالحين
فرد عليه احد الكوادر قائلا نحن عندما التحقنا بالثورة الفلسطينية لم نكن نبحث عن المواطنية الصالحة في هذا البلد او ذاك بل كنا مناضلين مشاريع شهداء من اجل الحلم الفلسطيني ..
بعد هذا الاجتماع تفرق الكوادر القيادية والافراد من عناصر الحركة واسرع اكثرهم للعودة الى ظلال ابو عمار وكان ابو عمار قد استقبل كل من عاد اليه بدون أي عتاب او نقاش او لوم .... الخ
والبعض الاخر غادر الى المنافي البعيدة في المهاجر الاسكندنافية
وبقي بعض الافراد الكوادر القيادية القليلة حول ابو صالح املا في متغيرات تعيد امتلاك زمام القيادة والفعل
وبقي في دمشق حفنة مع الطرف الذي ظن انه برحيل الاخ ابو صالح سيكون بمقدورهم الاستمرار بالاندفاع السياسي والعسكري وحماية القرار الفلسطيني وخاصة بوجود ابو خالد العملة وابو موسى وعدد من القادة العسكريين والمدنيين معهم وابو حازم ( قدري ) عضو اللجنة المركزية و د. الياس شوفاني عضو المجلس الثوري ....... وبعد عدة اسابيع .... ابعد الاخ قدري ابو حازم من المجموعة ...بعد مماحكات غير لائقة ثم ابعد الياس شوفاني وبنية جماعة المئة ...... ورحل العديد من العسكريين الذين بقوا لفترة متأخرة لبستقر الباقي في قبضة ابو خالد العملة الذي اندفع في بيع ممتلكات حركة فتح في سوريا لتمويل اقربائة واستمراره
لقد انتقل القرار الى يد الجبهة الشعبية - القيادة العامة وخرجنا من دائرة الفعل في مرحلة مبكرة جدا لم يتسنى لنا بها الفرح بالمنجز العظيم ألا وهو دحر الامريكيين من الساحة اللبنانية وبدأت مضايقات الامن لندخل الى العزل التام والتشرد والجوع والملاحقات الامنية التي استمرت عدة سنوات ......
يومها قال لنا ابو صالح : لن اجتمع مع أي قائد فلسطيني في هذه البلاد ....وسياتي يوم يكون الفلسطيني حاملا لشنطة السامسونايت لتسويق الاسرائيلي ...ستكونون خارج الملعب وستسمعون اصوات المتفرجين على المؤامرة وهتافاتهم ..... وكان ذلك بالامس واليوم ...... الى ان جائته تلك المخابرة الهاتفية القاسية والعنيفة من احد ضباط الامن والتي سقط اثنائها شهيدا في العام 1991 من شدة الاهانة التي تعرض لها ....
النتائج :
كانت البندقية الفلسطينية والقيادة الفلسطينية مقاتلة وكان حلفائنا مقاتلين وبعد انجاز اسقاط اتفاق 17 ايار غفلنا عن الحدود التي يمكن ان يستمر معنا بها حلفائنا .... فالسوفييت تخلصوا من يوري اندروبوف بالقتل ، والسوريين حددوا سقف معاركهم في تلك المرحلة باسقاط اتفاق 17 ايار ، واللبنانيين تفكك تحالفهم باسرع مما كنا نتصور... فابراهيم قليلات غادر الى فرنسا ...وجورج حاوي غير اتجاه بندقيته ( ووصفنا باحد مقابلاته الصحفية بالصهاينة الجدد )....ووليد جنبلاط ضعفت حركته.... ونبيه بري تحرك لحصار المخيمات تلك المعركة السوداء في سجله.... وابو صالح وضع بالعزل والحصار والمقاتلين تشردوا وتبددوا ....
مالذي قاد الى هذه النتائج ، هل هو سقف طموحاتنا ، ام غفلتنا عن مدى سقوف حلفائنا ، ام عن عجز قدراتنا وامكانياتنا في صد الهجمات السياسية ....والمؤامرات الامنية لخصومنا .... اظن انها مجتمعة مترافقة بمحدودية تواصلنا مع العالم وبناء منظومات تحالف خارج المنطقة العربية لقصر المدة التي كانت في عمر مشروع المواجهة وللإمكانيات غير العادية التي يمتلكها الاخرين بالتاثير على مجرى الاحداث
ماحدث بالماضي لنصل الى الراهن
السؤال الذي لم أستطع الاجابة عنه: لماذا بعد هذا الانتصار العظيم، وفي أقل من شهرين، انهار التحالف الوطني الفلسطيني اللبناني السوري، وتشتت قواه ودمرت البنى الفلسطينية ....
بعد هذا الانتصار الذي تمثل في اندحار الاسرائيليين وقواتهم وعملائهم عن الجبل ( من صوفر الى جنوبي صيدا ) ومدينة بيروت في 23/24/ /9 /1983 ( الحلقة الاولى )
... واندحار الامريكيين ومتعددة الجنسيات – القوات الامريكية ( مشاة البحرية ذات الطنة والرنة ) والفرنسبة والايطالية
0 البريطانية كانت في جونية ) واساطيلها مع الاسطولين الخامس والسادس والبارجة نيو جرسي - وتتويج المعركة بإلغاء اتفاق 17 ايار الموقع بين الحكومتين اللبنانية والاسرائيلية بالرعاية الامريكية ( 6/3/1984 ) وتحقيق هذين الانتصارين في مدة زمنية لا تتجاوز الستة اشهر ( 9/1983 – 2/1984 ) الحلقة الثانية
بعد هذه الانتصارات ما الذي حصل حتى انهار هذا التحالف السوري الفلسطيني اللبناني في اقل من شهرين وتشتت قواه وعزل القاده الرئيسيين للقوى الفلسطينية واللبنانية ورحيل معظم الكوادر الفلسطينية والفتحاوية وبعض اللبنانية الى اوروبا و تونس وعمان وصيدا وبعضهم من شدة الصدمة واليأس وتشابك المؤامرات فضل الهجرة الى البلاد الاسكندنافية مثل السويد والنروج والدانمارك وقلة الى هولندة او اوستراليا ..
هنا نعيد التذكير بكلمة الاخ ابو صالح عندما قال للجميع قيادة وكوادر : "إن المنطقة، وكل اطرافها يقدم لها الآن ترغيب وترهيب، إلا نحن الفلسطينيون فلا يقدم لنا إلا ترهيب وترهيب"، فعلينا أن نأخذ الحذر.
لا أدعي احاطتي بكل التفاصيل الخفية ... ولكني لا زلت اذكر بعض العلامات المهمة في تلك المرحلة والتي لن تغيب عن ذاكرتي و سنتكلم عن التمزق الفلسطيني وتبدد قواه والذي قاده وعمل عليه كل من الجبهة الشعبية القيادة العامة والسيد عبد السلام جلود ممثلا للعقيد معمر القذافي وعبد الحليم خدام الحامل للملفين الفلسطيني واللبناني
في الشهر التالي لشهر الانتصار العظيم أي في 19/3/1984 كان هناك لقاء بين الاخ ابو صالح نمر صالح
والاخ عبد السلام جلود ممثلا للثورة الليبية وللعقيد معمر القذافي
وكان اللقاء عاصف وحاد جدا مما دار به من افكار رفضها الاخ ابو صالح جملة وتفصيلا ومن هذه الاقتراحات ( ان القرار الفلسطيني لا يجوز ان يكون بيد حركة فتح ) وكان المقصود هو نقله الى الجبهة الشعبية القيادة العامة برآسة احمد جبريل لما لدورها من تحالف قوي مع الجماهيرية الليبية وسوريا
وكان من جملة الردود التي قالها الاخ ابو صالح : ان للفلسطينيين وثورتهم اطارا متفق علية وهو ( القيادة الفلسطينية ) وهذا الاطار ينضوي في عضويته كل الامناء العامين للفصائل ..والشخصيات المهمة والمؤثرة في الساحة الفلسطينية ، واي قرار تأخذه قيادة فتح هو بعد التشاور والتنسيق مع اعضاء هذا الاطار ، إذن حركة فتح تعرف اصول الديموقراطية وممارستها في الساحة الفلسطينية ...
وعندما احتد الخلاف مع السيد عبد السلام جلود وهو يكرر طلبه بتنازل حركة فتح عن قيادة القرار الفلسطيني
نهض ابو صالح لينهي اللقاء محتدا قائلا : اخ عبد السلام انا سأخبر العقيد معمر بالذي تعمل علية وإن كان هو خلف هذا الامر فسيكون لنا حديث اخر .....
ارتبك عبد السلام جلود من هذا التهديد وغادر مسرعا للقاء بالسيد عبد الحليم خدام نائب رئيس الجمهورية والمكلف بالملفين اللبناني والفلسطيني مستنجدا به . لعلمه ان الاخ ابو صالح إذا قال فعل ....
تدخل عبدالحليم خدام مبردا الخلاف بين الاخ ابو صالح والسيد عبد السلام جلود ومذكرا الاخ ابو صالح ان الدعم المالي الليبي مرتبط بما ينقله جلود للقيادة الليبية ......
رد الاخ ابو صالح : على جلود ان يبتعد عن التدخل في الاساسيات الفلسطينية
رد خدام : لك ما تريد
اخبرنا الاخ ابو صالح بالذي جرى مع جلود وتدخل خدام لتبريد الموقف وقال كلمته الشهيرة والتي يعرفها كل الكوادر الفتحاوية
" إن المنطقة، وكل اطرافها يقدَم لها الآن ترغيب وترهيب، إلا نحن الفلسطينيون فلا يقدم لنا إلا ترهيب وترهيب"، فعلينا أن نأخذ الحذر.
واضاف : وصلتني برقية من الاخ ابو اياد ( صلاح خلف ) يشعرني فيها بانضمامه قريبا مع الاخ فاروق القدومي ( ابو اللطف ) الى صفوفنا وهذا سيدعم مناعتنا ويعزز وجودنا في ارض الصراع ....
· قال جورج شولتز وزير الخارجية الامريكية بعد الانتصار في بيروت : ان المنطقة قد عادت عشرة سنوات الى الوراء ...لقد هدموا كل ترتيباتنا التي صنعناها
· قال حيدر علييف عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء السوفياتي اثناء رآسة تشيرننكو وسيطرة غورباتشيف على السلطة الفعلية بالاتحاد السوفياتي واثناء زيارته لدمشق بتاريخ 10/3/1984 ومقابلة عبد الحليم خدام :
ما الذي يجري في دمشق ؟؟ هل تراهنون على برنامج ابو صالح ..
رد عبد الحلبم خدام نافيا قائلا : ابدا ... ابدا ( الصحف اللبنانية )
قال حيدر علييف : إذن اوقفوا اندفاعة ابو صالح ( الى اين يأخذنا هذا الرجل )
للتذكير فقط : زيارة حيدر علييف كانت بعد وفاة يوري اندروبوف 13/2/1984 وصعود نجم غورباتشييف وراسة صورية لتشيرننكو ( اللذي كان مريضا وشبه ميت )
في الفترة ما بين 19/3/1984 و 19/4/1984 كانت هناك جملة من المؤامرات تحاك بأيدي فلسطينية وعربية ودولية لتجريد حركة فتح خاصة والعرب عامة من نتائج الانتصار العظيم الذي تم في شهر شباط 1984 من نفس العام
· في اوائل الشهر الرابع اجتمعت القيادة الفتحاوية برآسة الاخ ابو صالح نمر صالح ، وفي الاجتماع هذا ، بعد التداول في جدول اعماله قال الاخ ابو صالح ( القيادة متواجدة في ساحة واحدة وهذا خطر عليها وبعد الذي جرى في بيروت اتوجس مما هو قادم والقادم خطير ...لا تنسوا اننا هزمنا الاطلسي ومتعددة الجنسيات ..اي اننا هزمنا الامريكيين في الشرق الاوسط عندما طردناهم من بيروت ..وادارة ريغان محرجة من نتائج المعركة وانهيار ترتيباتها في المنطقة وانسحاب المارينز المهين من الشواطيء اللبنانية ... سأل احدهم وما الاقتراح ؟؟
قال الاخ ابو صالح : لدينا عدد من المدن لنا فيها تواجد جيد وحلفاء اقوياء وعلينا الانتشار الان وكل قائد يذهب الى مدينة وعدد بعضها .. دمشق بيروت صيدا طرابلس اللبنانية طرابلس الليبية ...الخ وكان بذلك يحاول ان يتحاشى الضغوط التي ستتعرض لها قيادة الحركة عندما تكون في ساحة واحدة وخاصة ان حركة فتح بعد 9/5/1983 قد تجاوزت كل الخطوط الحمر التي كبلت بها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والقيادات الفلسطينية أي انها تحررت من الشروط والخطوط الحمر وغيرها والتي تراكمت طيلة مسيرتها ....
علمنا فيما بعد ان احد المسؤولين الفلسطينيين قد نقل محضر هذا الاجتماع الى احد الاجهزة الامنية العسكرية ....!!! ؟
المهم الان العودة الى مؤامرة عبد السلام جلود ومن تواطأ معه .... ( وسأتكلم بالمليان )
كانت الجماهيرية الليبية تدعم حركة فتح بمبلغ ( خمسة مليون دولار كل اربعين يوما ) تاتي باسم الاخ ابو صالح نمر صالح ليحولها الى المالية المركزية التي يرأسها ابو نضال العملة وكان هذا المبلغ يستثير بعض القيادات الفلسطينية وترغب به ( علما ان الليبيين لم يبخلوا في دعم كل من ساهم او شارك في انتصار بيروت) .... وفي 19/4/1984 دعي الاخ ابو صالح لاجتماع القيادة الفلسطينية ( قادة الفصائل الفلسطينية ) وقد تغيب عنه كلا الجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية ... وقد استغرب الدعوة والالحاح على حضوره ومكان الانعقاد - وكانت في احد فنادق دمشق – أي ان كل ما يجري في الاجتماع لم يكن فلسطينيا ولا يملك السرية رغم ان الحضور فلسطيني ...
في هذا الاجتماع تكرر طرح فكرة القرار الفلسطيني ومن يقوده وبعد جدال طويل وحاد ادرك ابو صالح نمر صالح انه استجر الى فخ فلسطيني المظهر وغير فلسطيني المضمون فنهض غاضبا قائلا كلمته المعروفة : يظهر اني اعمل مع اولاد بالسياسة ....
وغادر الفندق الى مقر القيادة في العباسيين وجلس قليلا ثم غادر الى منزله .... لقد كان هذا ما يريدوه منه ان يغادر ويغادر القرار من يده لتتسلمه حفنة لم تستطع الحفاظ عليه ...تبددت بسرعة وتلاشت عن الساحة والفعل وصار مساعدا بالامن يحدد لها ما يكون وما لايكون ....
المجزرة السياسية :
نقلت الصورة الى عبد الحليم خدام ... وبعد ايام طلب خدام اللقاء مع ابو صالح وكان ذلك في مكتب خدام الذي حاول ان يستكمل ويتأكد مما تم في اجتماع القيادة الفلسطينية في احد الفنادق
وعندما رفض ابو صالح حديث وطروحات خدام قال له عبد الحليم خدام التالي :
اولا انتم ضيوفنا وعليكم العيش كمواطنين صالحين بيننا
رد الاخ ابو صالح : نحن مناضلين ومشاريع شهادة
قال خدام بعد حديث قصير :
1 - لن يكون لكم بعد اليوم الحق في قاعدة أي قاعدة عسكرية
2 – لن يكون لكم بعد اليوم منبرا اعلاميا
3 – لن يكون لكم بعد اليوم اسما تستظلون به ويكون لكم عنوانا
4 – لن يكون لكم بعد اليوم مقرا للقيادة
ادرك ابو صالح انه وكوادر الحركة اول من سيدفع الثمن ... وتسأءل ( لقد باعونا ) انها المجزرة التي يقودها خدام .... واسرع ابو صالح ليدعوا الى اجتماع عاجل لأهم الكوادر المحيطة به وفي الاجتماع الذي ضم اكثر من مئة من الكوادر القيادية ابلغ ابو صالح ما جرى بينه وبين القيادة الفلسطينية في اجتماع 19/4/1984 وفي اللقاء الذي تم اليوم مع عبد الحليم خدام وكرر كلمة مواطنين صالحين
فرد عليه احد الكوادر قائلا نحن عندما التحقنا بالثورة الفلسطينية لم نكن نبحث عن المواطنية الصالحة في هذا البلد او ذاك بل كنا مناضلين مشاريع شهداء من اجل الحلم الفلسطيني ..
بعد هذا الاجتماع تفرق الكوادر القيادية والافراد من عناصر الحركة واسرع اكثرهم للعودة الى ظلال ابو عمار وكان ابو عمار قد استقبل كل من عاد اليه بدون أي عتاب او نقاش او لوم .... الخ
والبعض الاخر غادر الى المنافي البعيدة في المهاجر الاسكندنافية
وبقي بعض الافراد الكوادر القيادية القليلة حول ابو صالح املا في متغيرات تعيد امتلاك زمام القيادة والفعل
وبقي في دمشق حفنة مع الطرف الذي ظن انه برحيل الاخ ابو صالح سيكون بمقدورهم الاستمرار بالاندفاع السياسي والعسكري وحماية القرار الفلسطيني وخاصة بوجود ابو خالد العملة وابو موسى وعدد من القادة العسكريين والمدنيين معهم وابو حازم ( قدري ) عضو اللجنة المركزية و د. الياس شوفاني عضو المجلس الثوري ....... وبعد عدة اسابيع .... ابعد الاخ قدري ابو حازم من المجموعة ...بعد مماحكات غير لائقة ثم ابعد الياس شوفاني وبنية جماعة المئة ...... ورحل العديد من العسكريين الذين بقوا لفترة متأخرة لبستقر الباقي في قبضة ابو خالد العملة الذي اندفع في بيع ممتلكات حركة فتح في سوريا لتمويل اقربائة واستمراره
لقد انتقل القرار الى يد الجبهة الشعبية - القيادة العامة وخرجنا من دائرة الفعل في مرحلة مبكرة جدا لم يتسنى لنا بها الفرح بالمنجز العظيم ألا وهو دحر الامريكيين من الساحة اللبنانية وبدأت مضايقات الامن لندخل الى العزل التام والتشرد والجوع والملاحقات الامنية التي استمرت عدة سنوات ......
يومها قال لنا ابو صالح : لن اجتمع مع أي قائد فلسطيني في هذه البلاد ....وسياتي يوم يكون الفلسطيني حاملا لشنطة السامسونايت لتسويق الاسرائيلي ...ستكونون خارج الملعب وستسمعون اصوات المتفرجين على المؤامرة وهتافاتهم ..... وكان ذلك بالامس واليوم ...... الى ان جائته تلك المخابرة الهاتفية القاسية والعنيفة من احد ضباط الامن والتي سقط اثنائها شهيدا في العام 1991 من شدة الاهانة التي تعرض لها ....
النتائج :
كانت البندقية الفلسطينية والقيادة الفلسطينية مقاتلة وكان حلفائنا مقاتلين وبعد انجاز اسقاط اتفاق 17 ايار غفلنا عن الحدود التي يمكن ان يستمر معنا بها حلفائنا .... فالسوفييت تخلصوا من يوري اندروبوف بالقتل ، والسوريين حددوا سقف معاركهم في تلك المرحلة باسقاط اتفاق 17 ايار ، واللبنانيين تفكك تحالفهم باسرع مما كنا نتصور... فابراهيم قليلات غادر الى فرنسا ...وجورج حاوي غير اتجاه بندقيته ( ووصفنا باحد مقابلاته الصحفية بالصهاينة الجدد )....ووليد جنبلاط ضعفت حركته.... ونبيه بري تحرك لحصار المخيمات تلك المعركة السوداء في سجله.... وابو صالح وضع بالعزل والحصار والمقاتلين تشردوا وتبددوا ....
مالذي قاد الى هذه النتائج ، هل هو سقف طموحاتنا ، ام غفلتنا عن مدى سقوف حلفائنا ، ام عن عجز قدراتنا وامكانياتنا في صد الهجمات السياسية ....والمؤامرات الامنية لخصومنا .... اظن انها مجتمعة مترافقة بمحدودية تواصلنا مع العالم وبناء منظومات تحالف خارج المنطقة العربية لقصر المدة التي كانت في عمر مشروع المواجهة وللإمكانيات غير العادية التي يمتلكها الاخرين بالتاثير على مجرى الاحداث