الأحد، 24 أكتوبر 2010

يا طارق، منطقك مارق!


kolonagaza7

د. فايز أبو شمالة
استفزني السيد طارق الحميد، لم استطع أن أمر على مقاله "حلال لحماس حرام لعباس" دون محاسبة، ولاسيما أن الرجل يفتري الظلم على حقائق القضية الفلسطينية، ويشوه لون الدم الفلسطيني، ويطعن بسكين كلماته روح الأسرى الفلسطينيين، ويشق بالغضب صدورهم، وهو يخلط بين ألف باء السياسة بشكل يوحي وكأن أحداً يسلط هذا الكاتب طارق الحميد على فلسطين، ويدفع له أجراً كي يشوه الحقيقة، ويلف حبل العداوة على رقبتها.
وحتى لا يظن القارئ العربي أنني أدافع عن حماس ضد السيد عباس، أجد لزاماً علي التأكيد أنني لا أنتمي لحركة حماس، وإنما أنتمي إلى فلسطين، لذا أقول قولي دون خوف من أحد، ودون انتظار شكر من أحد، وكل قول لا يتجرد من الحيادية السياسية، والتبعية الفكرية لا يخدم قضية العرب الأولى، ولا يضع باقة ريحان على قبور الشهداء.
ملخص مقال السيد طارق الحميد في صحيفته الشرق الأوسط التي تصدر في لندن يقول: كيف تلوم حركة حماس انخراط السيد عباس في مفاوضات مع إسرائيل من أجل تحرير الأرض، في الوقت الذي تفاوض فيه حماس إسرائيل من أجل تحرير الأسير "شاليط"؟إن ظاهر المقال يوحي بصدق المقاربة، ووضوح الرؤية السياسية للرجل، إلى حد أن كثير من المواقع الفلسطينية نشرت المقال، وكأنها عثرت على سيف "كليب" الذي سيقطع لسان كل من ينادي بوقف التفاوض مع إسرائيل، وما دامت حماس تفاوض على تحرير "شاليط" فجميع الفلسطينيين في الهمّ سواء، والجميع في اللهاث على طاولة التفاوض سواء، ولا يختلف الوسيط الألماني لإطلاق سراح "شاليط" عن الوسيط الأمريكي لإطلاق سراح الأرض!.
يا سيد طارق الحميد، منذ بدء الخليقة والمقاتلون يتفاوضون على تبادل الأسرى أثناء المعارك، ودون أن تنتهي بينهم الحرب، ولم يحدث في التاريخ أن فاوض سياسي على التخلي عن أربعه أخماس وطنه مقابل الحصول على خمسٍ بلا سيادة! ومن اللحظة التي قال في الإنسان هذا لي، وهذا إليك، وهو يتفاوض مع عدوة على تحقيق هدنة، يسعى كل طرف خلالها على أعداد نفسه بشكل أفضل لجولة قادمة، ولم يحدث في تاريخ المواجهات بين الشعوب أن قيد رجل نفسه، وشحذ السكين، وسلمها لعدوه كي يختار طريقة تصفية دمه.
هذا هو الفرق بين مفاوضات لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير مقابل إطلاق سراح ألاف الأسرى الفلسطينيين الذين كان يجب أن يطلق سراحهم قبل التوقيع على اتفاقية أوسلو 1993، وقبل الشروع في مفاوضات تمتد سبعة عشر عاماً، وستتواصل لسبعة عشر عاماً أخرى تمكن خلالها المستوطن من نهب الأرض، وأهمل ألاف الأسرى الذين لم يبق لهم أمل في الحرية إلا من خلال صفقه تبادل الأسرى مع الجندي الأسير "شاليط".
يا سيد طارق، أثق أنك تدرك الفرق بين مفاوضات ومفاوضات، وبين تقبل التعليمات وفرض الإرادات، ولكنك لا تدرك الفرق بين منطقٍ مارقٍ وعشقٍ خارقٍ؟!.

مشاركة مميزة