kolonagaza7
كفاح محمود كريم
عشية انتفاضة كوردستان ربيع عام 1991م كانت الأيام الأخيرة القاتمة والكالحة من سنين القهر والعبودية والاستبداد، حينما بدأت تنهار تلك الأهرام الورقية التي زرعتها الدكتاتورية في المدن والبلدات والقرى أمام صرخات الأهالي وهي تتجاوز حاجز الخوف والرعب من تلك النمور الكارتونية التي التهمتها نيران الانتفاضة وأحالت ظلام الأيام والسنين الى ضياء وأنوار وحقبة جديدة من الحياة!
كان التحدي الأول والخطوة الأهم كيف ستؤسس الأحزاب والثوار لهذه الحقبة في إدارة الحكم وتنتقل من شرعيتها الثورية الى وجودها القانوني والدستوري أمام تحديات كبيرة في الداخل والخارج ربما اقلها الصراع على السلطة، ومن سيكون في قمة الهرم على عادة الشرقيين عموما في الصراع والاستحواذ على القوة والمال والمواقع!؟
أيام عصيبة مرت على جميع الأحزاب والحركات والقيادات وأصعبها كان على المواطن الذي أنسته فرحة الحرية بقية تفاصيل الحياة الجديدة بعد أن توقف كل شيء في إدارة تلك الحياة حينما تقهقرت الدكتاتورية وسحبت كل طواقمها الإدارية والفنية وكل ما يتعلق بإدارة الدولة وتشغيل مؤسساتها، ومن سيكون البديل لتلك السلطة أمام هذا الطوفان من الأسلحة ومراكز القوة وانهيار حواجز الخوف والانعتاق.
لم تدم التساؤلات طويلا فقد خرج الرئيس مسعود بارزاني الى الناس في خطاب يرسم خارطة طريق لتداول السلطة سلميا في المناطق التي غادرتها قوى الدكتاتورية المقيتة من إقليم كوردستان اثر انتفاضة آذار 1991م، حيث أعلن في أول خطاب له أمام الآلاف من الجماهير المنتفضة اننا ندعو الى انتخابات عامة تشرف عليها الأمم المتحدة والمراقبين الدوليين لتأسيس مجلس وطني (برلمان ) يمثل الشعب وقواه السياسية والاجتماعية لإدارة الأراضي المحررة من الإقليم.
حقا كان تحديا كبيرا لم يمض على تنفيذه كثيرا حتى اجتمعت على إفشاله كل قوى الظلام، ونجحت في إشعال حرب داخلية مؤلمة كادت ان تحرق الأخضر واليابس لولا حكمة العقلاء ومساعدة الأحرار من الأصدقاء، والإصرار على إنجاح التجربة فتوقفت نافورة الدماء لتدق ساعة العمل والبناء إيذانا بظهور عصر جديد وشروق شمس كادت ان تنطفئ وراء غيوم مدلهمة وداكنة، حيث نجح الكوردستانيون في خيارهم السلمي لتداول السلطة تدريجيا، فأقاموا مؤسساتهم وبدأوا بتوحيد إدارتيهما التي أنتجتها الحرب الأهلية، والتفرغ كليا لأعمار البلاد وتطوير مؤسساتها والدخول كفريق واحد، بالتعاون مع كل الفعاليات السياسية العراقية لبناء نظام سياسي جديد يقوم على أساس الاتحاد الاختياري والتعددية والديمقراطية في تداول السلطة، بعد سقوط نظام الحزب الواحد ودكتاتوريته المقيتة.
وخلال سنوات ليست قصيرة نجح الكوردستانيون في تطوير إقليمهم والانتقال به نقلة نوعية في كافة مجالات الحياة المتعلقة بالفرد والمجتمع سواء بالخدمات التي انتقلت هي الأخرى نقلة نوعية واضحة خلال السنتين الأخيرتين في الكهرباء الذي أصبح يغطي عشرون ساعة يوميا في كافة أرجاء الإقليم، بالإضافة الى تحسن كبير في مشاريع الماء وشبكاتها والمواصلات وطرقها التي تشهد تحديثا مهما وبالذات في الريف الذي أصبح يتمتع في معظمه بالكهرباء والاتصالات والطرق المعبدة.
لقد رافق ذلك ظاهرة الفساد الإداري والمالي من خلال اندساس عناصر غير كفوءة وتسلقها الى تلك المراكز المالية او الإدارية اما بسبب بقايا النزاعات والتنافسات الحزبية او تحت سقف المحسوبية والمنسوبية التي تنتجها طبيعة المجتمعات القبلية، وغدت تلك الظاهرة واحدة من الظواهر التي تقلق الشارع الكوردستاني، وتعمل على عرقلة وتأخير تنفيذ خطة النهوض بالإقليم، خصوصا وان برامج الحكومة لم تك بمستوى مكافحة تلك الظاهرة بشكل عملي وواضح، مما استدعى تدخل الرئاسة وشخص الرئيس مباشرة لتبدأ مرحلة جديدة في إعادة النظر بكثير من الأمور ومنها ما أعلنه ديوان الرئاسة حول إجراءات الحكومة في العشرات من ملفات الفساد وإيقاف منابعه وتجفيفها.
لقد وضع الرئيس مسعود بارزاني قبل ما يقرب من عشرين عاما خارطة طريق أمام الشعب وفعالياته السياسية والاجتماعية، خارطة تضمنت محورين أساسيين:
الأول؛ اعتماد الانتخابات الحرة والمباشرة وسيلة لتداول السلطة، وقد أجريت فعلا وأنتجت أول برلمان كوردستاني حاز على احترام واعتراف الداخل والخارج لما تميزت به انتخاباته من شفافية مطابقة لمعايير عالمية معتمدة لدى الدول ذات النظم الديمقراطية.
والمحور الثاني تناول جانبين مهمين جدا الا وهما السلم والأمن الاجتماعيين، حيث تم إصدار قانون العفو التام عن ما اقترفته قوات الجحوش وأمرائها بحق الشعب والوطن، والتي كانت تسمى بالأفواج الخفيفة ( أفواج وسرايا صلاح الدين ) التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية العراقية، إلا ما له علاقة بالحق الشخصي للأفراد، حيث دعا القانون هنا ايضا الى المسامحة والعفو والانتقال الى مرحلة جديدة من البناء الوطني والاجتماعي للإقليم.
وبعد عشرين عاما يتعرض الإقليم بشكل يتنافي ومبادئ ثورة أيلول ومصالح البلاد العليا الى ظاهرة الفساد المالي والإداري التي لا تليق بكوردستان وتاريخها الوطني وأحزابها المناضلة ومشروعها الذي أنجزته بهذا الشكل مئات الألوف من الشهداء وعذابات عشرات السنين في الترحيل والنفي والتهجير والسجون والمعتقلات، وتدمير ما يقرب من نصف البلاد، لا يمكن لمجاميع من الانتهازيين واللصوص والمنحرفين ان يفسدوا او يشوهوا هذا المشروع الحضاري الكبير، ولذلك انبرى الرئيس والمخلصين في إدارة الإقليم كما عهدهم الشعب مرة أخرى ليضعوا خارطة طريق تعتمد الشفافية والإصلاح بعيدا عن أسلوب التشهير او الانتقام من اجل بناء إقليم متحضر ومزدهر، يخضع جميع سكانه ومواطنيه من رئيس الدولة وحتى اصغر موظف او مواطن لسلطة القانون الذي يشرعه البرلمان وتنفذه الحكومة بشكل عادل وعلى كل الناس دون تفرقة او تمييز.
إن المرحلة الجديدة التي بدأت في إقليمنا متمثلة ببداية تبلور معارضة وطنية تعمل تحت قبة البرلمان وتحترم المصالح العليا للبلاد، وتحول نوعي في الخدمات الأساسية وبالذات في الكهرباء والمواصلات والأمن الداخلي والسلم الاجتماعي، ويقابلها بدأ حملة الرئاسة والحكومة بفتح ملفات الفساد ومكافحته بأسلوب يعتمد الشفافية ومصالح البلاد ومواطنيها العليا، وإذا كان هذا الشعب وقيادته قد تحدت الدكتاتورية وجبروتها وانتصرت قبل عشرين عاما فهي ستنتصر اليوم في مواجهة دكتاتورية الفساد والإفساد في هذه المرحلة التي تتطلب من الجميع معاونة الرئاسة والحكومة كل حسب موقعه وطاقته ودائرة تأثيره للعمل من اجل تطهير البلاد من الظواهر والشوائب التي تعرقل تطور عملية البناء والأعمار والتصنيع.
عشية انتفاضة كوردستان ربيع عام 1991م كانت الأيام الأخيرة القاتمة والكالحة من سنين القهر والعبودية والاستبداد، حينما بدأت تنهار تلك الأهرام الورقية التي زرعتها الدكتاتورية في المدن والبلدات والقرى أمام صرخات الأهالي وهي تتجاوز حاجز الخوف والرعب من تلك النمور الكارتونية التي التهمتها نيران الانتفاضة وأحالت ظلام الأيام والسنين الى ضياء وأنوار وحقبة جديدة من الحياة!
كان التحدي الأول والخطوة الأهم كيف ستؤسس الأحزاب والثوار لهذه الحقبة في إدارة الحكم وتنتقل من شرعيتها الثورية الى وجودها القانوني والدستوري أمام تحديات كبيرة في الداخل والخارج ربما اقلها الصراع على السلطة، ومن سيكون في قمة الهرم على عادة الشرقيين عموما في الصراع والاستحواذ على القوة والمال والمواقع!؟
أيام عصيبة مرت على جميع الأحزاب والحركات والقيادات وأصعبها كان على المواطن الذي أنسته فرحة الحرية بقية تفاصيل الحياة الجديدة بعد أن توقف كل شيء في إدارة تلك الحياة حينما تقهقرت الدكتاتورية وسحبت كل طواقمها الإدارية والفنية وكل ما يتعلق بإدارة الدولة وتشغيل مؤسساتها، ومن سيكون البديل لتلك السلطة أمام هذا الطوفان من الأسلحة ومراكز القوة وانهيار حواجز الخوف والانعتاق.
لم تدم التساؤلات طويلا فقد خرج الرئيس مسعود بارزاني الى الناس في خطاب يرسم خارطة طريق لتداول السلطة سلميا في المناطق التي غادرتها قوى الدكتاتورية المقيتة من إقليم كوردستان اثر انتفاضة آذار 1991م، حيث أعلن في أول خطاب له أمام الآلاف من الجماهير المنتفضة اننا ندعو الى انتخابات عامة تشرف عليها الأمم المتحدة والمراقبين الدوليين لتأسيس مجلس وطني (برلمان ) يمثل الشعب وقواه السياسية والاجتماعية لإدارة الأراضي المحررة من الإقليم.
حقا كان تحديا كبيرا لم يمض على تنفيذه كثيرا حتى اجتمعت على إفشاله كل قوى الظلام، ونجحت في إشعال حرب داخلية مؤلمة كادت ان تحرق الأخضر واليابس لولا حكمة العقلاء ومساعدة الأحرار من الأصدقاء، والإصرار على إنجاح التجربة فتوقفت نافورة الدماء لتدق ساعة العمل والبناء إيذانا بظهور عصر جديد وشروق شمس كادت ان تنطفئ وراء غيوم مدلهمة وداكنة، حيث نجح الكوردستانيون في خيارهم السلمي لتداول السلطة تدريجيا، فأقاموا مؤسساتهم وبدأوا بتوحيد إدارتيهما التي أنتجتها الحرب الأهلية، والتفرغ كليا لأعمار البلاد وتطوير مؤسساتها والدخول كفريق واحد، بالتعاون مع كل الفعاليات السياسية العراقية لبناء نظام سياسي جديد يقوم على أساس الاتحاد الاختياري والتعددية والديمقراطية في تداول السلطة، بعد سقوط نظام الحزب الواحد ودكتاتوريته المقيتة.
وخلال سنوات ليست قصيرة نجح الكوردستانيون في تطوير إقليمهم والانتقال به نقلة نوعية في كافة مجالات الحياة المتعلقة بالفرد والمجتمع سواء بالخدمات التي انتقلت هي الأخرى نقلة نوعية واضحة خلال السنتين الأخيرتين في الكهرباء الذي أصبح يغطي عشرون ساعة يوميا في كافة أرجاء الإقليم، بالإضافة الى تحسن كبير في مشاريع الماء وشبكاتها والمواصلات وطرقها التي تشهد تحديثا مهما وبالذات في الريف الذي أصبح يتمتع في معظمه بالكهرباء والاتصالات والطرق المعبدة.
لقد رافق ذلك ظاهرة الفساد الإداري والمالي من خلال اندساس عناصر غير كفوءة وتسلقها الى تلك المراكز المالية او الإدارية اما بسبب بقايا النزاعات والتنافسات الحزبية او تحت سقف المحسوبية والمنسوبية التي تنتجها طبيعة المجتمعات القبلية، وغدت تلك الظاهرة واحدة من الظواهر التي تقلق الشارع الكوردستاني، وتعمل على عرقلة وتأخير تنفيذ خطة النهوض بالإقليم، خصوصا وان برامج الحكومة لم تك بمستوى مكافحة تلك الظاهرة بشكل عملي وواضح، مما استدعى تدخل الرئاسة وشخص الرئيس مباشرة لتبدأ مرحلة جديدة في إعادة النظر بكثير من الأمور ومنها ما أعلنه ديوان الرئاسة حول إجراءات الحكومة في العشرات من ملفات الفساد وإيقاف منابعه وتجفيفها.
لقد وضع الرئيس مسعود بارزاني قبل ما يقرب من عشرين عاما خارطة طريق أمام الشعب وفعالياته السياسية والاجتماعية، خارطة تضمنت محورين أساسيين:
الأول؛ اعتماد الانتخابات الحرة والمباشرة وسيلة لتداول السلطة، وقد أجريت فعلا وأنتجت أول برلمان كوردستاني حاز على احترام واعتراف الداخل والخارج لما تميزت به انتخاباته من شفافية مطابقة لمعايير عالمية معتمدة لدى الدول ذات النظم الديمقراطية.
والمحور الثاني تناول جانبين مهمين جدا الا وهما السلم والأمن الاجتماعيين، حيث تم إصدار قانون العفو التام عن ما اقترفته قوات الجحوش وأمرائها بحق الشعب والوطن، والتي كانت تسمى بالأفواج الخفيفة ( أفواج وسرايا صلاح الدين ) التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية العراقية، إلا ما له علاقة بالحق الشخصي للأفراد، حيث دعا القانون هنا ايضا الى المسامحة والعفو والانتقال الى مرحلة جديدة من البناء الوطني والاجتماعي للإقليم.
وبعد عشرين عاما يتعرض الإقليم بشكل يتنافي ومبادئ ثورة أيلول ومصالح البلاد العليا الى ظاهرة الفساد المالي والإداري التي لا تليق بكوردستان وتاريخها الوطني وأحزابها المناضلة ومشروعها الذي أنجزته بهذا الشكل مئات الألوف من الشهداء وعذابات عشرات السنين في الترحيل والنفي والتهجير والسجون والمعتقلات، وتدمير ما يقرب من نصف البلاد، لا يمكن لمجاميع من الانتهازيين واللصوص والمنحرفين ان يفسدوا او يشوهوا هذا المشروع الحضاري الكبير، ولذلك انبرى الرئيس والمخلصين في إدارة الإقليم كما عهدهم الشعب مرة أخرى ليضعوا خارطة طريق تعتمد الشفافية والإصلاح بعيدا عن أسلوب التشهير او الانتقام من اجل بناء إقليم متحضر ومزدهر، يخضع جميع سكانه ومواطنيه من رئيس الدولة وحتى اصغر موظف او مواطن لسلطة القانون الذي يشرعه البرلمان وتنفذه الحكومة بشكل عادل وعلى كل الناس دون تفرقة او تمييز.
إن المرحلة الجديدة التي بدأت في إقليمنا متمثلة ببداية تبلور معارضة وطنية تعمل تحت قبة البرلمان وتحترم المصالح العليا للبلاد، وتحول نوعي في الخدمات الأساسية وبالذات في الكهرباء والمواصلات والأمن الداخلي والسلم الاجتماعي، ويقابلها بدأ حملة الرئاسة والحكومة بفتح ملفات الفساد ومكافحته بأسلوب يعتمد الشفافية ومصالح البلاد ومواطنيها العليا، وإذا كان هذا الشعب وقيادته قد تحدت الدكتاتورية وجبروتها وانتصرت قبل عشرين عاما فهي ستنتصر اليوم في مواجهة دكتاتورية الفساد والإفساد في هذه المرحلة التي تتطلب من الجميع معاونة الرئاسة والحكومة كل حسب موقعه وطاقته ودائرة تأثيره للعمل من اجل تطهير البلاد من الظواهر والشوائب التي تعرقل تطور عملية البناء والأعمار والتصنيع.