بقلم د. رفعت سيد أحمد
لقد فضلنا أن ننتظر لأسبوعين حتى تتضح صورة المشهد السياسى لحوار الإخوان مع الأمريكان ، ذلك الحوار الذى سيسىء إلى الإخوان تاريخاً ومستقبلاً أياً كانت المبررات ، انتظرنا حتى تهدأ ردود الفعل فتعاود من منطلق المحبة ، قراءة القصة ودلالاتها كاملة ؛ فمع اليوم الأول من شهر يوليو الحالى ، صدمتنا السيدة هيلارى كلينتون بإعلانها أنها ستستأنف الاتصالات مع جماعة الإخوان المسلمين ، وجاء في الخبر الذى طيرته وكالات الأنباء من واشنطن ، وفقاً للمنشور في الأهرام (1/7/2011) في الصفحة الأولى ، ما يلى نصاً : [قالت كلينتون - خلال مؤتمر صحفى فى بودابست - إنه نظرا لتغير المشهد السياسى فى مصر؛ فمن مصلحة الولايات المتحدة التعامل مع كل الأطراف السلمية الملتزمة بنبذ العنف، التى تعتزم التنافس فى انتخابات البرلمان والرئاسة. وأضافت أن بلادها تواصل التأكيد على أهمية المبادئ الديمقراطية ودعمها، خاصة الالتزام بنبذ العنف، واحترام حقوق الأقليات، وإشراك المرأة بشكل كامل فى أى (نظام) ديمقراطي.
وتأتى تصريحات كلينتون بعد أن أعلن مسئول أمريكى رفيع المستوى - رفض الإفصاح عن اسمه فى وقت سابق - أن الولايات المتحدة قررت استئناف الاتصال الرسمى بجماعة الإخوان المسلمين فى مصر، قائلا: إن الخريطة السياسية فى مصر تتغير، وسيكون فى مصلحة الولايات المتحدة التواصل مع كل الأحزاب المتنافسة فى السباق الانتخابي، سواء البرلمانى أو الرئاسي.
وأشار المراقبون إلى أن الإدارة الأمريكية تعتزم هذه المرة أن يكون الحوار مع الجماعة على جميع المستويات حتى الكوادر الصغيرة، وليس القيادات فقط. وأضافوا أن واشنطن كانت تتحاور مع قيادات فى جماعة الإخوان فى السابق، إلا أنهم كانوا أعضاء فى البرلمان، وتعد هذه هى المرة الأولى التى تعلن التحاور مع الجماعة بمختلف مستوياتها.
وفى غضون ذلك، صرح محمد سعد الكتاتنى المتحدث الرسمى باسم جماعة الإخوان المسلمين بأن الجماعة ترحب بأى اتصالات رسمية مع الولايات المتحدة الأمريكية، لأن هذا من شأنه توضيح رؤيتها ] .
انتهى الخبر – الصدمة ، وانتظرنا لأسبوعين كاملين لعل الإخوان يتراجعوا عنه ، ولكنهم استمرأوا في (الصدمة) ، ولكن لماذا هو (صدمة) .. الإجابة في الآتى : يعلم قادة الإخوان ، وشبابها ، أن شريعتها الشعبية (إذا جاز الوصف) قامت هى وابنتها الفلسطينية (حماس) على مقاومة المشروع الأمريكى العدوانى في المنطقة الذى هو نفسه المشروع الصهيونى ، فما الذى تغير حتى تقبل الجماعة أو ترحب (وفقاً لسعد الكتاتنى) بهذا القرار ؟ وهل هى بحاجة لتوضيح رؤيتها فعلاً ، وأى رؤية تلك يريد (القاتل) استيضاحها من الضحية ؟ وهل أمريكا هى التى تغيرت أم الجماعة حتى تقبل بمثل هذا الحوار ؟ وهل تعلم الجماعة أنها بهذا القرار إن نفذته ، فإنها تختلف كثيراً عن نظام حاربته وساهمت مع الشعب في إسقاطه ، اسمه نظام حسنى مبارك ؟ وهل تقامر الجماعة بهذه الشرعية الشعبية مقابل أن يرضى عنها اليهود والأمريكان ، وهى خير من يعلم أن الرضى لن يكون (حتى تتبع ملتهم !!) أليس العدوان والتدمير والإرهاب الأمريكى لايزال قائماً من أفغانستان إلى العراق وفلسطين ، أم أن الأخ الدكتور سعد الكتاتنى والجماعة لا تراه أو لا تحب أن تراه ؟ ما الذى تغير حتى تفرح جماعة الإخوان كل هذا الفرح ، بالعدو وهو يتفضل عليها بالحوار ؟ .
* لقد كان البعض من معارضى (الجماعة) ، يقول أن هذا هو أسلوب الإخوان المسلمين وفلسفتهم في العمل السياسى منذ ثورة عبد الناصر وحتى اليوم وأسماه بـ (البرجماتية السياسية) ، وكنا دائماً نرد عليهم بأن هذا غير صحيح ، وأن الإخوان أصحاب مبادىء وقيم والتى من أبرزها مقاومة المشروع الأمريكى / الصهيونى ، وأن شريعتهم السياسية مستمدة من هذه المقاومة ، ولا يمكن أن يغامروا بالتضحية بها لمجرد التلويح لهم بجزرة اسمها الحوار مع من كانت الجماعة تسميه بـ (الشيطان الأكبر) !! ترى بماذا نجيب هذا (البعض) الآن ، بعد أن صار اللعب على المكشوف مع هذا الشيطان !! .
* أتمنى ، بحكم المودة التاريخية التى تربطنا بالإخوان ، ألا يسيئوا إلى أنفسهم ، وإلى مرشدهم الأول – حسن البنا – وإلى تاريخهم ، وأن يوقفوا هذا الحوار مع القتلة ؛ وأن يكون الترحيب ، والفرح به ثم الاستمرار فيه سراً داخل السفارة الأمريكية المشبوهة بالقاهرة ، كان كل هذا مجرد زلة لسان أو زلة (موقف) من الكتاتنى وبعض إخوانه !! .