السبت، 30 يوليو 2011

بلا مكابرة، كلنا شحّاذون

kolonagaza7

د. فايز أبو شمالة
نحن الشعب الفلسطيني الأكثر خبرة ودراية في فن الشحاذة، نعم؛ نحن فنانون في الشحاذة، وبلا مكابرة، ودون كرامة زائفة، كلنا شحاذون، ولا يسمح الواقع لأي فلسطيني بأن يخرج علينا ويقول: لا، أنا لست شحاذاً! وأرفض هذا التشويه للشخصية الفلسطينية!
لقد صرنا جميعاً شحاذون! فيكف ومتى؟
منذ ذلك اليوم الأول الذي طردنا فيه اليهود من أرضنا في فلسطين، سنة 1948، وصرنا لاجئين، منذ ذلك الزمن ونحن نقف على أبواب وكالة هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين، نشحذ كيس الطحين، وبعض السكر، والبيض المجفف، وعلبة اللحم، والسردين، والتمر، فمن لم يقف على باب الأمم المتحدة للشحاذة، وقف على أبواب الدول العربية التي استوعبت اللاجئين يشحذ الأمن، والمسكن، والعمل الوظيفي!
لقد تربينا على الشحاذة ونحن أطفالٌ، منذ ذلك الزمن الذي وقف أمثالي على باب مراكز التغذية، وقفنا ساعات الطفولة لنشحذ وجبة الطعام، ثم تطور الأمر، صرنا نشحذ الدواء والعلاج من عيادات الأونروا، وصرنا نشحذ الكتاب والكراس في المدرسة، وكبرنا وكبرت معنا الشحاذة، فصرنا نشحذ الملابس الذي تبرع فيها المحسنون الغربيون، وكلما كبرنا كبرت الشحاذة معنا، حتى صرنا نشحذ غرفة نوم تنشئها الأمم المتحدة بجوار بيت القرميد، ثم صرنا نشحذ الأمم المتحدة أن تبني لنا بيتاً، ولم تقف شحاذتنا عند هذا الحد، بل تطورت الشحاذة مع اتفاقية أوسلو لتصل إلى أعلى مستوياتها المعيشية، عندما صرنا نشحذ الرواتب، ونقف في آخر الشهر على أبواب دول العالم متوسلين: اعملوا معنا معروفاً، وشحذونا رواتبنا.
ليت أمر الشحاذة الفلسطينية توقف عند هذا الحد، وحافظنا على بعض كرامتنا، ولم نرتق في الشحاذة سنة 2011 إلى المستوى الذي لم يسبقنا إليه شعب من الشعوب، حيث صار على موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية أن تفرد لنا فصلاً في فن الشحاذة، ولاسيما أن مندوب فلسطين في الأمم المتحدة، السيد رياض منصور، وقف قبل أيام متوسلاً إلى دول العالم، قائلا: أعطونا دولة، أرجوكم، أعطونا دولة، لقد آن للشعب الفلسطيني أن ينال استقلاله، وآن للاحتلال أن ينتهي. قال الرجل كلامه بصدق، وحرقة، وبدموع الملتاع، ويضيف: لقد أعطيتم جنوب السودان قبل أيام دولة، فلماذا نحن الفلسطينيين بلا دولة؟. الرجل ينادي: يا ناس، يا محسنين، يا ذوي القلوب الرحيمة، أعطونا دولة، لقد شحذنا منكم بطاقة التموين، وشحذنا بطاقة التغذية، وشحذنا الرواتب آخر الشهر، اليوم نشحذ منكم دولة، فقط نشحذ دولة، تبرعوا للفلسطينيين بدولة، ولكم الأجر والثواب من عند الله!

مشاركة مميزة