السبت، 6 أغسطس 2011

هل يمكن ان يهزم الصمود الفلسطيني الصهيونية في نهاية الامر؟

kolonagaza7

كنعان

يستعرض المحلل في صحيفة "ذي غارديان" البريطانية ديفيد هيرست في مقال نشرته الصحيفة اليوم تحت عنوان "هل يمكن ان يهزم الصمود الفلسطيني الصهيونية في نهاية الامر؟"التحديات التي تفرضها اسرائيل على الشعب الفلسطيني، سواء ضمن اسرائيل نفسها او في الضفة الغربية وقطاع غزة والاستراتيجية التي يتبعها الفلسطينيون لمكافحة الخلل الهائل في ميزان القوى بينهم وبين اسرائيل. وفي ما يأتي نص المقال: "هناك كلمة عربية كثيراً ما يسمعها المرء عندما يتحدث الفلسطينيون عن مستقبلهم. انها كلمة "الصمود" التي تحولت الى استراتيجية: عندما يكون ميزان القوى مختلاً الى هذه الدرجة، يكون اهم شيء ينبغي عمله هو الصمود.يعتبر الصمود في وجه تحديات ساحقة انتصاراً. ولكنه اكثر من مجرد كلمة. انه النظرة في عيني رفقة الكرد وهي تكافح ضد اجلائها من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية. انها تعيش بينما ثيابها ومتعلقاتها موضوعة في صناديق لأنها لا تريد، عندما تأتي الشرطة وتلقي بها الى الخارج ويدخل المستوطنون، ان ترمى ملابسها في الشارع. الصمود هو العناد الذي يتمسك من خلاله محمود حسين جبور، وهو مزارع، بقطعة ارض حافلة بالصخور في تلال الخليل الجنوبية في جو تبلغ حرارته 38 درجة. لقد دمر خزان مائه ثلاث مرات هذه السنة لأنه لا يملك رخصة له، مع ان المحكمة تقر بان الارض ارضه. الصمود يلخص موقف البدو المكافحين للبقاء في 45 قرية غير معترف بها (من جانب اسرائيل) في النقب، من دون امدادات مياه او كهرباء او مدارس. كان النقب برمته يوماً ما ملكهم، والآن لم يبق منه سوى 6 في المئة. اسرائيل تريد وضع البدو في بلدات بينما تقوم بانشاء 130 قرية ومستوطنة زراعية يهودية على تلك الارض. ويقول طلب الصانع، النائب الذي يمثلهم: "يريدون لليهود ان يكونوا بدواً وللبدو ان يصبحوا اشكناز (أي يهوداً اوروبيين)".يبرز "الصمود" في بعض الأماكن غير المتوقعة – ليس فقط في القدس الشرقية، والضفة الغربية أو غزة، ولكن في يافا واللد والتجمعات العربية في إسرائيل، بين الناس الذين يملكون اسميا الحقوق نفسها كأي مواطن آخر. وبينما يلوح أيلول (سبتمبر) في الأفق ومعه محاولة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، فإن الضوء قد بدأ يتركز على هؤلاء.هذا ليس تحولا عارضا، ويمكن أن يكون مؤثرا. إذا أنهت إسرائيل احتلالها للضفة الغربية، وسمحت لها بالانضمام إلى غزة، فإن النتيجة ستكون دولتين – دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. لكن إذا ترافق ذلك مع حركة للحقوق المدنية داخل إسرائيل، فإن الهدف سيكون مختلفا تماما – دولة علمانية ديموقراطية "لكافة مواطنيها"، سواء كانوا يهودا، مسيحيين أو مسلمين. حل الدولة الواحدة حيث يفقد اليهود الغالبية. أي نهاية الصهيونية، وليس أقل من ذلك.بقي أكثر من 100 ألف عربي بعد عام 1948، وصار عددهم الآن أكثر من مليون ونصف المليون نسمة، أي خمس السكان في إسرائيل تقريبا. عرب عام 48 كما يشار إليهم، لم يعودوا يعتبرون منفصلين، أو متميزين أو أصحاب وضع خاص. فبعد سنوات عديدة، أصبح كفاحهم من أجل الحقوق المدنية داخل إسرائيل مثل نضال أي فلسطيني تحت الاحتلال. لم يكن الوضع هكذا دائما. فقد كانوا ينتقدون على أنهم "من الداخل"، وفقا للمؤرخ الإسرائيلي المعارض إيلان بابي، الذي ألف كتابا يتحدث عنهم. محاولة أن يكونوا "عربا طيبين" في العيون اليهودية كان مساويا للعمالة في العيون العربية. لكن الكثير تغير.يقول بابي: "الناس في الضفة الغربية فهموا ما تمر به الأقليات داخل إسرائيل، بعد سنوات من اعتبارهم أقل فلسطينية، وعلموا انه حين يكون الدافع الأساسي للقوة التي تتحكم بكل شيء في حياتك هو الاقصاء، فإن البقاء في مكانك هو إنجاز بحد ذاته".مؤرخ آخر هو سامي أبو شحادة، يعد رسالة دكتوراة عن يافا باعتبارها أكبر مركز ثقافي واقتصادي عربي خلال فترة الانتداب. فقد كانت لديها صحافتها الخاصة، وثماني دور سينما، وخمسة مستشفيات وكان يعيش فيها نحو 120 ألف نسمة. وبعد حرب عام 1948، بقي فيها 3900 شخص فقط.إنه إجراء ثابت لدى المؤرخين في جامعة تل أبيب بأن يشرحوا الجدول الزمني لبحثهم ولماذا ينتهي على النحو الذي انتهى عليه. توقف شحادة عند عام 1948 لأنه العام الذي توقفت فيه يافا عن الوجود كمدينة. يقول ابو شحادة: "قال لي أستاذي: سامي، قد نتفق أو لا نتفق على كلمة "تهجير"، لكنني لا أعرف من سيجلس في لجنة نقاش رسالتك إذا أصررت على استخدامها"، وتم التوصل إلى حل وسط – وهو أمر نادر في هذا الجزء من العالم. كتب شحادة أنه نتيجة للحرب، فإن عرب يافا "كان عليهم الرحيل ولم يسمح لهم بالعودة".وأضاف: "انس السياسة، حتى في الحقائق التاريخية الأساسية نحن نتعارك بشأن كل شيء، أنا لا أعرف أين أبدأ محادثة عادية. نحن نعيش حياة منفصلة تماما. الناس من الخارج لا يرون هذا".هناك في اسرائيل كيانات مختلفة لليهود والعرب. وتكمن المشكلة في ان الغالبية العظمى من النخبة، ليس السياسية فقط بل الاقتصادية والمثقفة، تصف نفسها بانها جزء من الديمقراطية اليهودية وتركز كل تفكيرها على حقوق اليهود. اما غير اليهود، سواء منهم المسيحيون او المسلمون، فانهم خارج اطار اي عمية لصنع القرار الجاد في حياتهم".وينطبق هذا على الاسرائيلي يساريا كان ام يمينيا. وبصفتته عضواً في المجلس البلدي لتل ابيب – يافا فقد حاول ابو شحادة ان يقنع يائيل ديان، رئيسة الجناح اليساري المسؤول عن المجلس، تقسيم تل ابيب – يافا الى ضواح، مثلما هو الحال بالنسبة الى المدن الكبرى الاخرى. ولكن قيل له لعل من الافضل بالنسبة الى اهالي يافا من العرب ان نواصل ادارة الامور بالنيابة عنهم.غير ان شحادة يقول "الشيء الوحيد الذي يعرفه العالم عن يافا هو البرتقال. انا لست برتقالة. ولقد وصف (بنيامين) نتنياهو، عندما كان وزيرا للمالية، امثالي من الاهالي بانني قنبلة ديموغرافية موقوتة. كيف يمكنني ان اشرح لابنائي انهم قنبلة؟".هناك دلائل جلبة على التمييز الذي يعاني منه ابناء هذه الجالية. فنصفهم يعيش تحت خط الفقر، و48 في المائة لا يستطيعون بناء مساكن لهم على مدى 15 عاما لعدم وجود تصاريح او خطط. و19 في المائة فقط من الفتيات العربيات اللائي حصلن على الجنسية الاسرائيلية يعملن، مقارنةً بـ 65 في المائة من النساء اليهوديات. ولا سبيل لترسيم مسار هويتهم وولاءاتهم المتغيرة. فاسرائيل تطالبهم باعلان ولائهم لها. ويتساءلون لاي شيء يكون الولاء؟ هل هو لدولة ديموقراطية ام لدولة المؤمنين بالتفوق؟.

مشاركة مميزة