السبت، 6 أغسطس 2011

قصة قريتين فلسطينيتين بقلم / توفيق أبو شومر



kolonagaza7

القريتان ،ليستا (قصة مدينتين) لتشارلز ديكنز في القرن التاسع عشر،وهي قصة مدينتين، إحداهما فرنسية والثانية إنجليزية، تحكي قصة الثورة والظلم والفسق والحكمة، بل هما قريتان فلسطينيتان يجري اغتصابهما أمام أنظارنا وأنظار العالم بالصوت والصورة!
القرية الأولى هي جزء من أملاك أربعة فلسطينيين من قريتي برقة ودير دبوان في رام الله ، فأزال الاحتلال اسم القريتين وأسماء المالكين للأرض وأسماها مستوطنة ميغرون!!
وحيث أن مالكي الأرض الفلسطينيين يملكون طابو الملكية القانونية، لذا فقد قامت حركة السلام الآن - باراك الله فيها- برفع شكواهم للمحكمة العليا عام 2005 وحكمت المحكمة وأمرت بإزالة كرفانات (ميغرون) !!
ولكن الشرطة لم تتمكن من إزالة أي بناء حتى عام 2008 وظلت المستوطنة تتوسع على حساب شرايين مالكيها الأربعة، إلى أن أُصيب المالكَانِ الفلسطينيان بضيق شرايين قلبيهما وتوفيا حسرة على أملاكهما، وهما يشاهدان إمبراطور المستوطنة اللص السارق إيتي هارئيل ينعم بأملاكهما ويتحدى الجيش والشرطة، ويقطف ثمار أرضهما، بدعم من أكبر التنظيمات الإرهابية في العالم، وهي ( حركة يشع) الاستيطانية .
وبقي مالكان فلسطينيان اثنان فقط يراقبان أملاكهما، وهما ينتظران أن يلحقا برفيقيهما قهرا وحسرة على جرائم الاحتلال وممارساته القمعية!!
وأخيرا أقرَّتْ محكمة العدل العليا إمهال مستوطني ميغرون ثمانية أشهر أخرى للانتقال منها إلى مستوطنة مسروقة أخرى في منتصف عام 2012، على الرغم من أن القرار الذي لم ينفذ من ست سنوات، لن ينفذ أبدا !!
فقد حذر مسؤول منظمة الاستيطان الإرهابية(يشع) داني دايان وقال مُحذرا:
إن محاولة إخلائها ستكون مثلما نشعل عود كبريت في ديناميت!!
أما القرية الثانية فهي القرية البدوية المسكينة المقهورة (العراقيب) وهي قرية عربية تحمل الوشم البدوي، ورفات الأجداد، وحتى بقايا أشجارهم وزروعهم وعظام ماشيتهم!! هذه القرية التي يملكها سكانها ملكية خالصة، لا ينازعهم فيها أحد بشهادة وثائق الطابو، هي القرية الوحيدة التي لا تحتاج إلى محكمة عدل، ولا إلى محاكم قضائية أو مركزية، بل تسمي اليوم قرية الجرَّافات والبلدوزرات!!
فالجرافات لا تغادر محيطها أبدا، وهي تُدمرها صباح مساء، بقوة محركاتها، وليس بقوة المحكمة العليا.
فقد احتفلت العراقيب منذ ثلاثة أيام، وأشعلت الشمعة السابعة والعشرين لتشير إلى عدد مرات هدمها!!
وتقف الجرافات على بعد أمتار من بيوت الصفيح التي ينام فيها الأحفاد البدو فوق رفات أجدادهم، لكي تُمارس سطوة تدميرها!!
والجرافات لم تعد تخشى بعد أن، تأكَّدتْ بأن العربَ هم أكرم الناس، وأشجع الأقوام، وأبلغ الشعوب، وأسمح الأمم، وأنهم أيضا أكثر الناس اعتيادا على الصبر واحتمالا على الظلم والقهر، وهم فوق هذا كله سريعو النسيان والغفران أيضا !!

مشاركة مميزة