الاثنين، 1 أغسطس 2011

قراءة 'غير موفقة' للأحداث الأخيرة: هل مازال الأسد يحكم سوريا؟

kolonagaza7

ميدل ايست أولاين
يبدو وكأن الرئيس السوري يحكم البلاد من لندن. فرغم ما يحدث من كوارث، لا يزال بعيدا عن الاحساس بخطورة ما يجري على الأرض. هذا الأمر يدركه من يحيطون به من المقربين ويفهمه أكثر العلويون من الشباب العاطل والمحروم و'المحسوب' زورا على النظام. لا أحد في سوريا لديه أي نفع بالأسد.
ميدل ايست أونلاين


بقلم: محمد الثائر
عشرات السوريين يقتلون يوميا برصاص قوات الأمن، والأسد مازال صامتا!
الجيش السوري يُعيد "احتلال" بعض المدن في شمال وجنوب وشرق وغرب ووسط سوريا، ودباباته "تدك" البيوت والبشر، والأسد مازال صامتا!
مواجهات مسلحة بين الجيش وبعض السوريين، و"عناصر تخريبية" تنسف أنبوبا للنفط وآخر للغاز في مدينتي حمص ودير الزور، والأسد مازال صامتا!
هل مازال بشار الأسد يحكم سوريا؟
سؤال يبدو منطقيا وربما يطرحه الآلاف السوريين على أنفسهم أو في حواراتهم اليومية في وقت يبدو فيه النظام مفككا ويلجأ لمزيد من القمع ليحافظ على استمراره ولو لأمد قصير.
"السبات الصيفي" الذي يعتمده الأسد وسط "حوار الدبابات" الذي يمارسه نظامه مع الشعب يقلق معظم السوريين، ويدفعهم للتساؤل عن مصيرهم في وقت تتجه فيه البلاد نحو أفق مسدود.
ولكن ما الذي يدفع الأسد لالتزام الصمت إزاء ما يحدث في بلاده؟
قبل أحد عشر عاما وجد طبيب العيون نفسه فجأة في سدة الحكم، فقاد الرئيس الشاب ما سمي في تلك الفترة "انقلاب أبيض" حاول من خلاله تحسين بعض أوجه الحياة السياسية والاقتصادية وإطلاق الحريات، وتفاءل المعارضون قبل المؤيدين بخطاب القسم الذي وعد فيه بعدد كبير من الإصلاحات لم يجد إلا جزءا يسير منها طريقه إلى التطبيق بعد أن اصطدمت بصخرة "الحرس القديم" الذي يعتقد بعض المحللين أنه جاء ببشار إلى السلطة ليحافظ على استمرار "الحقبة الأسدية" التي مازالت تحكم سوريا بقبضة حديدية منذ نصف قرن تقريبا.
وبغض النظر عن "الإنجازات" التي يقول البعض إن الأسد حققها خلال العقد الفائت، فإن هذه الأخيرة "تسقط" أمام ما يحدث الآن في سوريا وخاصة أنه يتحمل مسؤولية كبيرة في "المجازر" التي يرتكبها النظام تجاه المدنيين في عدد من المدن السورية، الأمر الذي يدفع البعض لدعوة الأسد للتنحي لحقن الدماء ومنع البلاد من الانجراف نحو حرب أهلية.
وإذا كان بعض المراقبين يرون أن الرئيس السوري "لا حول له ولا قوة" تجاه ما يحدث في بلاده، على اعتبار أن "صقور النظام" من أمثال ماهر الأسد وآصف شوكت وسواهم هم من يديرون عمليات "القتل الجماعي" في عدد من المدن، فإن البعض يرون أن خطابات الأسد الثلاثة تؤكد أنه مازال يحكم سوريا من لندن (مقر إقامته السابق قبل أن يصبح رئيسا)، بدليل أنه لم يعِ خطورة ما يحدث في بلاده، ومازال متمسكا بنظرية المؤامرة التي تحاك من الداخل بدعم خارجي.
وتأتي أحداث حماه مؤخرا لتعيد للأذهان "حقبة الثمانينات" وما رافقها من تمرد مسلح للإخوان المسلمين والرد القاسي من قبل النظام.
وربما يدعو البعض الأسد لإعادة قراءة مذكرات والده بشكل جيد، لأن الابن –على ما يبدو- لم يقدر حتى الآن خطورة جماعة الإخوان في ظل وجود معلومات عدة عن دعوات لـ"الجهاد المسلح ضد النظام" في عدد من المدن السورية، واستغلال جماعة الإخوان للاحتجاجات الشعبية أملا في إسقاط النظام وإقامة "دولة سوريا الإسلامية" وتقويض "علمانية الدولة" التي يدّعي النظام المحافظة عليها.
ولكن على من يعّول الأسد للبقاء في الحكم؟
إذا افترضنا جدلا أن بشار الأسد مازال يعتمد على مجموعة من الشخصيات السياسية والعسكرية والدينية لتبرير استمراره في الحكم، فإن مولاة هؤلاء الأشخاص (المشكوك بها أصلا) قد لا تستمر طويلا وسط العنف اليومي الذي يمارسه النظام السوري ضد المدنيين.
وإذا استبعدنا سيناريو 1984 (محاولة انقلاب رفعت على أخيه حافظ الأسد) على اعتبار عدم وجود مؤشرات تؤكد ذلك (حتى الآن) فإننا نستغرب اعتماد الأسد على بعض الشخصيات الدينية المتذبذبة في انتماءاتها من أمثال محمد حبش والبوطي الذي يفتي تارة بمنع مسلسل أساء للإسلام (ما ملكت أيمانكم)، وتارة أخرى يقول بجواز السجود على صور الأسد "إذا دعت الضرورة لذلك".
وأمام هشاشة الحلقة الضيقة المحيطة بالرئيس السوري، يبدو أن رصيده الطائفي بدأ بالنفاد، في ظل وجود تذمر كبير وخوف في آن من قبل الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد، وخاصة في ظل استمرار البطش لشبيحة النظام في المناطق السنية والعلوية على السواء عملا بـ"سياسة التخويف" التي يلجأ لها جزء من النظام لضمان الاصطفاف الطائفي إلى جانبه.
علوي.. بعثي.. ماذا قدم لي الأسد؟
ويتجلى خوف الطائفة العلوية في مواقف عدد كبير من الشباب والمثقفين الذي فضلوا عدم الانجراف مع المنطق الطائفي الذي يروج له بعض أقطاب النظام. وقبل أيام أصدر عدد من الشباب يطلقون على أنفسهم "شباب الطائفة العلوية" بيانا على الإنترنت أكدوا فيه رفضهم الشديد "لأي سلوك أو تحريض يقوم على أساس مناطقي أو ديني أو طائفي"، محملين "النظام وأدواته من الزعران والشبّيحة من كافّة الطوائف المسؤولية الكاملة عمّا جرى في مدينة حمص من قتل وتخريب وتحريض على الكراهيّة".
وأشار البيان إلى أن "اتهام الطائفة العلوية بولائها المطلق للنظام يصبّ في خدمة النظام الذي يحاول تجيير الطائفة إلى مصلحته عبر تخويفها من التغيير، في وقت يعلم الجميع كم من التضحيات التي قدّمها ويقدّمها الآلاف من أبناء الطائفة في صفوف المعارضة طيلة عقود قارعوا فيها الاستبداد وذاقوا من التعذيب والتشرّد والاعتقال الكثير".
ويرى عدد كبير من المراقبين أن التصعيد الطائفي الذي يمارسه النظام السوري (أو بعض أفراده) سينعكس سلبا بالدرجة الأولى على الطائفة العلوية التي تعد من أفقر الفئات الاجتماعية في سوريا على عكس ما يعتقد البعض.
وربما يؤيد ما ذكرناه آنفا حالة التذمر المنتشرة بين الأقليات في سوريا ومنها الطائفة العلوية وخاصة الشباب.
وقبل أيام لفتني جواب لأحد الشباب التقيته في دمشق حين سألته عن رأيه في ما يحدث الآن في سوريا وعما إذا كان يؤيد الأسد رغم سقوط مقولة أنه "الضامن الوحيد للأمن في البلاد"، فأجاب محدثي بتذمر لا يخلو من القلق "وهل بقي ثمة أمن في هذا البلد؟ ولماذا أؤيد الرئيس؟ أنا شاب علوي.. بعثي.. جامعي وعاطل عن العمل منذ حوالي عقد..ماذا قدم لي بشار الأسد؟"
محمد الثائر
كاتب سوري

مشاركة مميزة