الثلاثاء، 2 أغسطس 2011

الجامعات الفلسطينية تنافس وتعدد في الاختصاصات

kolonagaza7

كتب: محمد داود
الإسلام هو دين العلم والمعرفة، دفع الإنسان من حضيض الجهل والأمية إلى أعلى مستويات العلم والكمال من خلال تشجيعه على القراءة والكتابة والتعلم والتدبر في آثار الكون ومظاهر الطبيعة، ونبذ التقليد في تبني العقيدة، فأراد للإنسان حياة نابضة بالفكر والثقافة والازدهار وتحقيق التوازن الثقافي والحضاري، يستشف ذلك من خلال إصرار الملك جبريل عليه السلام أمين الوحي إلى الأنبياء و المرسلين وسفارة بين الله تعالى ورسله ونزلَ ومعه الكتبُ السماويةُ على أنبياءِ الله وتوقف عند نبينا محمد "صلى الله وعليه وسلم" وأمره بأن يقرأ ويردد قوله.
وقد أذن الله تعالى لنوره أن ينتشر في أرض الرسالات ومهد الحضارات الإنسانية، "أرض فلسطين" وكان القرار الحكيم بإنشاء جامعات فلسطينية، وكتب لها أن تتحدى الحصار والمنع وقصف الاحتلال وبالفعل تمكنت من أداء دورها في حمل الأمانة والرسالة السماوية الجليلة وتألقت وباتت تستعرض تخصصات علمية ومهنية وتطبيقية نوعية، فخرجت من عباءة المحلية المحدودة إلى الوطنية والإقليمية وأصبحت تستقبل طلاباً من داخل وخارج فلسطين، مما يخفض من أعداد الطلبة الفلسطينية الذين يلتحقون بالدراسة الجامعية المكلفة في الخارج واجتذابهم للدراسة داخل فلسطين، وفي تصنيف لقياس مستوى الجامعات العربية تبين أن جامعاتنا الفلسطينية هي من الجامعات المتقدمة وحظيت بمرتبة متحضرة من حيث النجاح والجودة، متوهجة بأنشطتها العلمية مقارنة مع الآف الجامعات العالمية. كما وتزخر بعض جامعاتنا العملاقة بإمكانات كبرى ومزايا عظمى، كالمباني الفخمة والواسعة، والمنشآت المتعددة، والأجهزة الكثيرة المتطورة. وبذلك أصبح لفلسطين الشرف بأن تفتخر بتراثها العريق الذي يدور في فلك النظام السياسي الفلسطيني ويحمل رسالة الوطن المحتل ويبحث عن التحرير ومن أدوات هذا التحرير سلاح العلم.
هذا النجاح منح جامعاتنا الثقة بين دول العالم بفضل الله ثم بفضل الخريجين الذين حققوا نقلة نوعية في ميادين العلم والعمل وقد تبوأت فلسطين المراكز المتقدمة وكان لها شرف الصدارة في تحقيق المراكز المتقدمة، في إعداد كوادر علمية وطنية فاعلة، واعية ومبدعة منتمين إلى وطنهم معتزين بفلسطينيتهم وعروبتهم متحلين بروح المسؤولية، من خلال توفير بيئة تسمح بتحقيق التطوير المستمر للبرامج التعليمية والبحثية والتربوية، وتدعم حركة البحث العلمي والتفاعل المعرفي بغية التواصل المستمر مع التطور العلمي والثقافي في العالم، وتلبي احتياجات المجتمع المتجددة بما يحقق التنمية البشرية الشاملة المستدامة ويمكّن من المنافسة الوطنية والإقليمية والعالمية.
وفي خطوة تعتبر وطنية مسؤولة جسدت بعض الجامعات الفلسطينية ملاحم الوحدة الفلسطينية بإجراء انتخابات اتحاد طلبة الجامعة وندوات اتسمت بالشفافية والعدالة والديمقراطية الحقيقية, وأفرزت مجالس اتحاد يمثل معظم التيارات الموجودة على الساحة الفصائلية الفلسطينية وجسدوا مثلاً رائعاً في المصالحة والمشاركة والتعاون الوطني والنضالي والثقافي المشترك ونبذ العنف والحزبية الضيقة وتعزيز ارتباطهم بالوطن الذي ينتمون إليه، وترسيخ هذه المفاهيم في عقولهم وقلوبهم بالوسائل المتاحة، وفق آلية منهجية وبرامج عملية.
هذا التنافس يبعث على الأمل والازدهار في ظل تعدد التخصصات والمهارات التقنية بعد تزايد عدد الجامعات وتعدد التخصصات التي تتطلبها حاجة المجتمع وسوق العمل والتعامل مع مستجدات العصر، من تخصصات حيوية مرتبطة بخطط التنمية وقد ارتأت الجامعات والكليات من اجل تخفيف الضغط القائم على الجامعات الفلسطينية الفتية الأخرى التي تفرض شروطاً وتضطر لقبول أعداد متزايدة يفوق طاقتها الاستيعابية.
ففي هذه اللحظات بدأت الجامعات حملاتها الإعلانية لاستقطاب الآف من طلبة الثانوية العامة "التوجيهي"، وفي خطوة جريئة قامت بعض الجامعات الحديثة بتقديم عروض مغرية لطلاب التوجيهي بمنحهم مزيداً من الفرص أهمها القبول بهم رغم تدني معدلاتهم، وقبولهم في تخصصات كانوا يحلمون بها، لم تمنح في الماضي. فرغم اختلاف توقعات العديد من الطلبة وتبدد أحلام الكثيرون وحلموا بأن يدخلوا جامعات وتخصصات مميزة، اليوم هم أمام فرصة ثانية بعد أن تعددت الجامعات والتخصصات ليحققوا ولو جزءاً من أحلامهم وطموحهم... إن في ازدهار جامعاتنا وتطور الصرح العلمي والانفتاح الجامعي يؤكد على اهتمام شعبنا الفلسطيني بالعلم والتعلم، حتى تميز مجتمعنا الفلسطيني عن المجتمعات والشعوب المجاورة الأكثر استقراراً. ويمكن تلخيص هذا الاهتمام إلى :
1- اهتمام الآباء والأهالي بتعليم أبنائهم
2- تراجع المهن الأخرى لصالح التعليم
3- إغلاق سوق العمل الإسرائيلي
4- حاجة سوق العمل
5- تعدد التخصصات ومجالاته
6- غير مكلف مقارنة بالجامعات الخارجية
7- وفرة الجهات المانحة والداعمة لصندوق الطالب وإقراضه.
8- إتاحة الفرصة أمام تعليم الإناث
9- إتاحة الفرصة أمام تعليم كبار السن.
إن رسالة الجامعات الفلسطينية هو بناء الطالب البناء الإيجابي علمياً وفكرياً وأخلاقياً واجتماعياً ومهنياً وسياسياً، ومن ثم تخرجه عنصراً فاعلاً إيجابياً نافعاً لنفسه وأسرته ومجتمعه، وأما غير ذلك من الأعمال والجهود هي بمثابة أدوات ووسائل لتحقيق هذا الهدف المنشود.
وكل عام وأنتم بخير
كاتب وباحث

مشاركة مميزة