الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

لماذا يمنع النظام السوري بعض وسائل الإعلام من تغطية الأحداث؟؟؟؟؟



kolonagaza7

ضرار البستنجي
منذ بدأت الأحداث في سورية ولشهور عديدة ظل هذا السؤال ملحا" وبلا إجابة مدروسة متأنية ، وظلت الإجابة الوحيدة المتداولة أن النظام السوري يخشى كشف حقيقة مايجري على الأرض ولا يريد لرواية غير روايته أن تخرج للملأ.
ولكن، ومع الوقت ومع اتضاح بعض التفاصيل المهمة والحساسة باتت الإجابة على السؤال تتطلب مزيدا" من التأني والاتزان، فمع تمكن الإعلام الرسمي السوري من تقديم رواية مقنعة لما يحصل على الأرض وتناقض إلى حد كبير ماذهبت إليه معظم القنوات الفضائية الأخرى –الناطقة منها بالعربية بالذات- : وفي حين تبنت الفضائيات الكبرى –الجزيرة- مثلا رواية المعارضة السورية المقيمة في الخارج –على علاتها- بشكل كامل مصورة مايحصل وكأنه حرب يشنها النظام السوري بأجهزته الأمنية والعسكرية على الشعب الأعزل الذي يطالب بحريته وبإصلاحات محقة من خلال خروجه للشارع بأعداد كبيرة وبشكل مستمر ومكثف في مدن سورية ومحافظاتها كافة: يروي الإعلام السوري بالصورة والنقل المباشر رواية مختلفة تتحدث عن مظاهرات محدودة وعن اصلاحات –لم تذكرها فضائيات الموقف المسبق- والأهم عن مجموعات مسلحة تمارس النهب والسلب وتقتل رجال الامن والجيش السوري وتمثل بجثثهم مقدمة صورا واعترافات ومقاطع فيديو لايرقى لها شك.
ففي حين يقدم الاعلام السوري روايات لشهود ميدانيين من المواطنين وجرحى الامن والجيش ومشاهد القتل وحمل السلاح والترويع تصر الجزيرة-مثلا"- على الاستناد في (موقفها) على شهادات ما تسميهم (شهود العيان) –والذين اصطلح الشعب السوري على تسميتهم شهود العميان- والذين لايقدموا مايثيت ان شهاداتهم صحيحة وتستند الى مشاهدة مباشرة فعلا" ناهيك عن تناقضها وسهولة اكتشاف كذبها احيانا"، بل إن العلام السوري –المستقل منه بالذات- قدم في معظم الأحيان مايثبت (فبركة) هذه الشهادات كما الكثير من المشاهد ومقاطع الفيديو إضافة إلى إثبات انتهاج هذه الفضائيات للتحريض وتهويل مايجري على الأرض.
ودون الخوض في تقييم مكيالي الفضائيات الناطقة بالعربية اللذان تكيل بهما لدى تغطية الأحداث الأخيرة في بعض الأقطار العربية كتصدر مايجري في سورية -بشكله المهول والمشوه- لتغطيات هذه الفضائيات في حين يغيب الحدث البحريني –أويكاد- وتتراجع تغطية أحداث اليمن مثلا"-رغم وضوح الصورة هناك على عكس ما هي عليه في سورية-.
وبعيدا"-أيضا"- عن الخوض في تجربتي الشخصية التي تكونت من زيارتين لسورية خلال الأسبوعين الماضيين زرت فيهما دمشق وريفها وحماة وتأكدت شخصيا" من (كذب) الفضائيات الناطقة بالعربية في نقلها مايجري هناك : يظل من المهم البحث في التقارير المختصة التي يمكن أن تجعل صورة موقف القنوات المذكورة من الأحداث في منطقتنا أكثر وضوحا"،
فالكثير من التقارير ترى في الجزيرة –مثلا- طرفا في المعادلة التي تجري على الأرض لا إعلاما" محايدا" ، بل يرى بعض المختصين أنها تقدم مادة إرشادية وتحريضية للجهات التي استغلت الحراك الذي بدأ شرعيا" قبل أن تركبه وتحرف بوصلته وهو مايعني-وفق تقارير- ان النظام السوري قد يكون مصيبا" في رفض دخول هذه الفضائيات باعتبارها قد حسمت أمرها بالوقوف ضده والعمل على إسقاطه بتحريف الحقائق –دون مادة مقنعة تقدمها من قلب الحدث – فما بالك لو كانت متواجدة على الأرض فعلا"؟.
ومن متابعتي لتقارير مختصة أورد (بعضا") من أهم النقاط التي تحلل موقف الإعلام المذكور من الأحداث وحقيقة دورها :
------- في مصر مثلا" كان واضحا دور الجزيرة –مثلا- في تبني وجهة نظر الحراك في الشارع ويرى أحد التقارير أنها كانت تصنع الحدث هناك أكثر من نقله أو تغطيته (بشيء) من الحياد المهني وبغض النظر اتفقنا مع الحراك أم لم نتفق يذهب التقرير إلى تأكيد دورها في حسم الواقع هناك ضد نظام مبارك وفي مثال مهم على ذلك-وفق التقرير- أن الجزيرة حين بثت خبرا" عاجلا" مفاده أن قوات الشرطة قد أخلت ميدان التحرير لم يكن الخبر صحيحا" ولم تكن الشرطة قد أخلته فعلا" ويرى التقرير أن الغاية من الخبر كانت دفع المواطنين المصريين للنزول إلى الميدان سواء من باب الفضول أو من باب المشاركة بعد الشعور بالأمان واقتراب الحسم –وهو الأهم- وهو ما حصل وما جعل أعداد المتظاهرين هناك تتزايد بشكل هائل تسبب حينها بإخلاء الميدان فعلا" من الشرطة تحت ضغط عدم التكافؤ العددي –ربما- ، إضافة إلى توجيه المتظاهرين للتحرك باتجاه بعض المفاصل الحساسة في البلاد من خلال بث أخبار (استباقية) مفادها أن المتظاهرين بدأوا بالتوجه باتجاه هذا المبنى أو ذاك.. أي أن التقرير يرى أن الجزيرة كانت المحرك للخطوات الاحتجاجية وتوقيت تصعيدها.
------ أما في ليبيا –كمثال آخر مهم- فقد شاهدنا جميعا" كيف أصرت الفضائيات على الرواية الكاذبة للمتمردين المسلحين حول اعتقالهم لسيف الإسلام نجل الزعيم القذافي موردة ذلك مع خبر وصول مجموعة من المتمردين إلى باب العزيزية في طرابلس، وإن كان لا ذنب للجزيرة –ربما- في نقل خبر الاعتقال المزعوم –رغم محاولات مذيعيها تبريره كخدعة في حرب لاحقا"- يرى بعض المتابعين ان خبر دخول المتمردين إلى باب العزيزية كان له دور مفصلي جدا" في حسم المعركة وترجيح كفة المتمردين على الأرض رغم عدم صحته فالأخطر في الموضوع –وفق ذات المصدر- أن بعض المتابعين نفوا صحة الصور التي بثت على أنها احتفالات للمتمردين في ساحة باب العزيزية ويذهب البعض إلى القول أنها صور لمجسمات وديكورات لمنطقة باب العزيزية تم بناؤها لهذا الغرض بل وتعرض بعض المواقع الالكترونية مقارنة لصور إرشيفية لباب العزيزية مع الصور التي بثت أخيرا" مظهرة اختلافات واضحة لمن يتنبه للمقارنة او للسيناريو المذكور ويستند احد التقارير في تأكيد وجهة نظره إلى أن الفضائيات لم تبث صورا" للمتمردين في الساحة الخضراء مثلا –حتى ذلك الوقت على الأقل- مضيفا" إلى ذلك كله التعتيم على حجم الدمار الذي ألحقته ضربات الناتو المكثفة على طرابلس بشكل عام وباب العزيزية خصوصا" في اليومين الأخيرين وهما ذاتهما اللذان كنا جميعا نعتقد خلالهما بأن طرابلس قد سقطت وانتهى الأمر وهو ما أسهم بشكل مفصلي في حسم المعركة على الأرض بفعل الوضع النفسي السيء الذي تركته هذه الأخبار المزعومة على معنويات عناصر الجيش الليبي الذين رمى جزء منهم السلاح وفر جزء آخر باتجاه تونس خاصة وان الاتصالات –كما الكهرباء- كانت قد قطعت عن طرابلس لمنع نظام القذافي من بث ما يكذب هذه الأخبار، إلى أن خرج سيف الإسلام القذافي مفندا" كل المزاعم.. ولكن، بعد فوات الأوان،وينوه التقرير هنا إلى تجنب الحديث بشكل كامل عن المجازر التي ارتكبت كما السلب والنهب من قبل المتمردين بل وعن الانزالات الجوية التي قامت بها طائرات الناتو على الأرض وعن مشاركة جنوده في معركة الحسم في طرابلس..
يرى التقرير في خلاصته أن الأحداث منذ بدأت في ليبيا تم تغطيتها من الفضائيات المذكورة بشكل غير مهني ولا محايد مصورة المتمردين بالثوار الملائكة-رغم انكشاف عدم صدقية ذلك- والجيش الليبي بالقاتل الذي حرق الأرض والبشر –رغم عدم قدرتها على نشر صورة واحدة تثبت قصف الطيران الليبي لبنغازي –مثلا- حتى تاريخه ،بل أن صورة واحدة للمتمردين وهم يطلقون النار من عرباتهم المسلحة- بأسلحة لم تعرفها ليبيا قبلا"- لم تنشر بشكل يوضح الهدف الذي تطلق هذه النيران الكثيفة عليه فكل الصور كانت جانبية تظهر المطلق دون إظهار الهدف ، وأشياء كثيرة أخرى كتجنب بث صور المدربين الاجانب الذين تولوا تدريب المتمردين رغم أن وسائل غربية بثت العشرات منها وربما المئات. في الخلاصة يرى أحد التقارير أن أكبر خدعة إعلامية تعرض لها العالم في العصر الحديث كانت (الثورة) في ليبيا.
------ وبالعودة إلى موضوع الحديث -سورية- وبعيدا" عن الفبركات التي تم كشفها تباعا" وبعيدا" عن التعتيم على ضحايا الجيش والأمن وشهادات جرحاهم أو عن اعترافات المسلحين أو (الشهداء الأحياء) الذين ترد أسماؤهم على أن الأمن قتلهم ليخرجوا في اليوم التالي على التلفزيون السوري متفاجئين من أخبار (موتهم أو قتلهم) أو شهادات عناصر أمن تحدثوا للتلفزيون عن قصص إجبارهم على تصوير مقاطع لانشقاقهم تحت التهديد.. بعيدا عن كل هذا يعرض تقرير مختص مثالا"على دور قناة الجزيرة في أحداث سورية في الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك فيقول أن ما بثته الجزيرة صبيحة السابع والعشرين من رمضان كخبر عاجل مفاده أن حشودا" من المواطنين السوريين -الذين انهوا قيام ليلة القدر- تتجه نحو ساحة العباسيين ودوار كفرسوسة في دمشق كان هدفه توجيه الراغبين من السوريين أو الجهات التي تنتظر تعليمات التحرك-وفق التقرير- للتجمع في الساحتين المذكورتين في محاولة لحسم الأمر ونشر الفوضى في الشارع السوري ،ففي الوقت الذي بدأ الإعلام السوري ببث مشاهد مباشرة من أرض الحدث –المفترض- ونقل شهادات المواطنين من هناك-والتي تؤكد عدم وجود أي تحرك يذكر- ظلت الجزيرة –مثلا"- مصرة على روايتها وماضية في استقبال –أو ربما إرسال- مكالمات شهود العيان إياهم.
وفي حين يرى البعض أن الرواية ربما استندت إلى شهود مفترضين ضللوا القناة يظهر التساؤل لماذا الإصرار رغم تفنيد الرواية بشكل قاطع؟؟ وهنا يرى التقرير أن ما حصل هو تحريض وتوجيه للحراك في محاكاة لقصة ميدان التحرير في مصر!! معتبرا" هذا المثال واحدا" من عشرات الأمثلة المشابهة.
وإذا ما أضفنا إلى كل ما سبق رفض بعض وسائل الإعلام دعوة الحكومة السورية للمشاركة في الجولة الإعلامية الميدانية التي توجهت إلى جسر الشغور ودير الزور وغيرها للوقوف على حجم الدمار والتخريب وحرق مراكز الدولة ولنقل مشاهد المقابر الجماعية التي ضمت جثث من سقطوا من الأمن وقوات حفظ النظام-وهم بالعشرات- بل وامتناع وسائل الإعلام التي لبت الدعوة –تلك التي تأخذ موقفا" مسبقا" بالذات- عن نشر ما وقفت عليه هناك –يلبا" أو إيجابا"- نجد بأن هناك تفسيرا" آخر منطقي لمنع هذه الوسائل من العمل داخل الأراضي السورية،
خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التقارير التي تبثها فضائية (روسيا اليوم) الروسية الناطقة بالعربية أو (الجديد) اللبنانية وغيرهما من مختلف محافظات سورية والتي تتحدث بشكل واضح عن كذب الأخبار التي تبث على أنها تقع هناك والتي تثبت أن المنع لم يطل الجميع وان الغاية منه ليست المنع -ربما- بقدر ما هي منع الفئة المعادية والمضللة من الحصول على فرصة ذهبية لبث فتنها وتحريضها الذي لاتترك جهدا" في بثه دون وجودها فما بالك لو تواجدت على الأرض مع إمكانياتها الهائلة لفبركة المشاهد والروايات وتصنيع الأفلام!!
وختاما" وفي ظل تردد تسريبات عن استعدادات إعلامية لبث أفلام متقنة تظهر ما سيقال انه انشقاق كبير في الجيش ورجال الدولة الكبار وبانتظار ما ستقدمه الجزيرة لسورية وشعبها هدية(خبيثة) في العيد الذي يحل بعد ساعات هل يكون من المنطقي توقع أن يضع النظام السوري هذه الأفاعي في جيب سورية ومواطنيها- وإن ادعت الحرص عليهما -.. شخصيا" لا أتوقع بل ولا أقبل.
وختاما"... كل عام وامتنا واحدة موحدة عصية على الفتن ومشاريع العمالة والارتزاق.

مشاركة مميزة