الأحد، 11 سبتمبر 2011

ورا العيد




kolonagaza7
بشرى الهلالي

بعد مضي اسبوع واحد فقط من رمضان، سرت في دوائر الدولة ومؤسساتها جملة تجدها على لسان كل موظف هي (ورا العيد).
ورغم ان العيد على بعد ثلاثة اسابيع اضافة الى اسبوع عطلة العيد الذي اصبح من الطبيعي ان يتمدد ليوم او يومين بسبب رؤية الهلال التي لم ولن يتفق عليها الطرفان، اصبح العيد سببا لايقاف عجلة الحياة. قبل سنوات كنت اسمع ان بلدان الخليج العربي واليمن الذي كان سعيدا يتخذون من رمضان عطلة تمتد الى مابعد العيد اي مايقارب اربعين يوما، ولهم الحق في ذلك، فهم شعوب الله (البطرانة) التي استقرت الحياة فيها منذ زمن بعيد فصارت تسير وفق آلية معروفة لن يضرها عطلة شهر او اكثر، وربما لان معظم العاملين والموظفين في هذه البلدان هم من جنسيات اخرى مما يجعل غياب ابناء البلد في اجازة امرا غير ملحوظ تماما. اما في بلد مازال يعرج، ومازالت مشاريع البناء والاعمار فيه تزحف فان اضاعة يوم واحد يعيد العجلة دورة او عشرات الدورات، والعجلة (مناقصة) كونها (تجميع) وليست اصلية.
كنت اظن بان المعاملة التي انجزها هي الوحيدة التي القي بمصيرها بعد العيد، كون الموظفة اللطيفة بابتسامتها الودودة قالت: ليس رمضان او العيد هوالسبب بل ان هنالك خطأ في آلية المعاملات اعترض عليه االسيد المدير العام فطلب مهلة من المراجعين الى مابعد العيد ليتم اعادة فرمتة او (فبركة) المعاملات وفق ماترتأيه مصلحة العمل او مصلحة اقاربه واصدقاءه وجيرانه وكل من له مصلحة في ان يحصل على حصة من الغنيمة التي اسعى للحصول على (فتافيت) منها كوني مواطنة صالحة لااملك (واسطة) ولم اتجرأ على عرض رشوة على الموظفة اللطيفة، ولم يكن في اليد حيلة سوى الانتظار لما بعد العيد وانا اعد الليالي الثلاثين او اكثر التي تفصلني عن معرفة نتيجة المعاملة.
وشيئا فشيئا ادركت اني لست الوحيدة في طابور انتظار لما بعد العيد، فجارنا الذي كان يسعى للحصول على مولدة من الدولة في بداية رمضان، عاد خائبا وهويحمل اجابة المسؤول ان التوزيع سيكون (ورا العيد)، ونفس الاجابة نالها وهو يحاول الحصول على وقود مجاني رغم ان الحصص المجانية ستتوقف في ايلول، لكن هذه الحسابات التي تتعلق بمصلحة المواطن عادة ما تغيب عن اذهان المسؤولين الذين أرهقهم صيام شهر رمضان في حر آب، وذلك لان اجهزة التكييف العملاقة التي اصابتني بانفلونزا -اثناء زيارتي لاحدهم- تجبرهم على النوم اثناء النهار، كونهم قضوا ليلهم في السحور والقيام على ايقاع المسلسلات التي تستمر حتى الفجر.
وانطلاقا من نفس المبدأ، توقف مشروع تبليط محلتنا وتحول الشارع الى ممر حجري لكثرة ماتناثر فيه من الحصى وقطع البلاط والحجر لتتحول احلام سياراتنا بشارع معبد الى الام في الصدر يفتح باب رزق جديد ل(الفيترية). ولم يقتصر الامر على الدوائر والمشاربع والمعاملات، بل ان اغرب ماسمعته ان بعض المدارس رفضت اتمام معاملات النقل وغيرها الا بعد ان ينتهي العيد، وسرت على نهجها النقابات التي اجلت تجديد الهويات واصدارها حتى نهاية العيد. وبما ان رمضان والعيد اصبحا عطلة اجبارية، فكان من الافضل اقفال الوزارات والدوائر وتوفير الاموال لدعم الاقتصاد الوطني الذي يشكو الفقر دوما عوضا عن انفاق ملايين الدولات على خطوط النقل والكهرباء وغيرها، خصوصا وان السيد الوزير بنفسه رفض النظر في المعاملات حتى ينتهي العيد والسادة اعضاء مجلس النواب في اجازة لما بعد العيد.
ربما تكون عطلة شهر او حتى اسبوع قليلة في نظر المسؤولين (المتعبين)، لكنها قد تتسبب في معاناة ارملة وجوع عائلتها التي تنتظر اكمال معاملة التقاعد بفارغ الصبر. لم يتبق لنا ونحن نرثي الكثير من الامال والاحلام التي تتحطم على صخرة الانتظارالا ان نحمد الله كوننا استطعنا مساواة شعوب الله (البطرانة) فقط في ابتكار عطلة سنوية من منطلق (صيت الغنى ولا صيت الفكر). وتضامنا مع نهج المسؤولين وسياساتهم الجديدة في دولتنا الجديدة، أصر هذا المقال الاعلان عن نفسه (ورا العيد).
مركز النور
جريدة الناس

مشاركة مميزة