الثلاثاء، 13 سبتمبر 2011

وجاء دور النقب



kolonagaza7

توفيق أبو شومر
يعمد الإسرائيليون دوما إلى جعل الفلسطينيين يركزون على أحداثٍ ثانوية، بينما ينفذ الإسرائيليون عمليات جراحية خطيرة غايتها طرد أهلنا الصامدين في أرضهم وبيوتهم منذ عام 1948 ، فقد تمكن الإسرائيليون من جعلنا نعتاد أخبار تهجير سكان القدس، والاستيلاء على الأرض لإقامة المستوطنات، وتوسيع المستوطنات وتدمير قرية العراقيب في النقب، وصار تدمير الجرافات للقرية حدثا مُكررا يُثير النفور، لدرجة أننا فقدنا الحمية بعد تسعة وعشرين مرة من تدمير هذه القرية.
وهناك قرية أخرى –للأسف- أقل شهرة من العراقيب ، وتقع القرية في النقب أيضا، قد دُمرتها الجرافات الإسرائيلية واحدا وخمسين مرة، وهي قرية طويل أبو جرول، وبهذا فإن طويل أبو جرول تستحق أن تدخل كتاب غينس للأرقام القياسية في عدد مرات التدمير!!
لم نعد نركز هذه الأيام على جدار الفصل العنصري، بعد أن انشغلنا بذم سياسة الحكومة الإسرائيلية العنصرية اليمينية المتطرفة، وصار أحداث بلعين ونعلين وغيرها روتينا تتقيؤه نشراتُ أخبارنا بصعوبة بالغة، على الرغم من أن قصص جدار الفصل العنصري وأفلامه الوثائقية قد تكون أشد أسلحتنا الإعلامية فتكا!!
وها نحن اليوم نشهد جدار فصل عنصريا جديدا سيقام بوسائل وتكنيكات أخرى، تختلف عن الجدار الإسمنتي الحديدي السابق، والجدار الجديد، هو جدار طرد بدو النقب الفلسطينيين، وتقليصهم وتدجينهم وتطويعهم ، بحجة تحضيرهم وإسكانهم في المدن والقرى المعترف بها!!
فخطة براور الجديدة تهدف لطرد ثلاثين ألف بدوي من النقب واغتصاب أرضهم، تحت شعار تحويلهم من بدو رُحَّل إلى متحضرين!! وسوف تتحول الخطة إلى قانون في الكنيست، وهذا القانون العنصري الجديد يطالب البدو بإثبات ملكيتهم للأرض حتى عام 1979 لهدف تعويضهم عنها أو إسكانهم في مناطق أخرى من النقب.
وينص مشروع قانون براور، على أن إثبات ملكية الأرض لا يعني منح صاحبها حق البناء عليها!!
سأظل أتذكر مشاريع إسكان الحارديم في النقب، وتخطيط مدن لهم ، وعلى رأس تلك المدن مدينة تل عراد المتوقع إنشاؤها بعد أقل من عشر سنوات، والتي ستتسع لعشرة آلاف ساكن، والغاية كما أشارت وزارة الإسكان هو تقوية النقب!!
وصانع القرار الإسرائيلي هو الذي يعرف معنى تقوية النقب، والذي يشير بالدرجة الأولى إلى أن هذه التقوية، لا يمكن أن تتم بلا تهجير بدو النقب الفلسطينيين، واغتصاب ممتلكاتهم!
وأن شعار تقوية النقب لا يعني إلا ملء النقب بالمستوطنات، وربطها ببعضها بشبكات طرق ووسائل مواصلات، مع حرمان أصحاب الأرض الحقيقيين من الحياة، فأكثرهم يعيشون منذ سنوات بلا ماء ولا كهرباء، ولا يتمكنون من إرسال أبنائهم للدراسة، وهم محرومون من الخدمات الصحية والاجتماعية في دولة إسرائيل الديمقراطية!!
كما أن تقوية النقب من وجهة نظر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، ومن وجهة نظر صاحب خطة تهجير بدو النقب براور ومستشار نتنياهو يعقوب عميدرور، تعني إزالة عشرين قرية بدوية من النقب، واغتصاب خمسمائة ألف دونم من أراضي بدو النقب الفلسطينيين، على أن يُحشروا في مائة ألف دونم فقط بعد أن يتنازلوا عن حقوقهم في أرضهم!
نعم إن تقوية النقب لا تعني سوى الإبادة الجماعية لحقوق بدو النقب، كما أبادت دائرة أراضي إسرائيل في عام 2004 حوالي تسعة وعشرين ألف دونم كانت مزروعة بالقمح والشعير في أراضي النقب، تمت إبادتها بطائرات الرش الزراعية التي أمطرت الحقول المزروعة بمبيد ( راوند أب) من الجو، ولم يتمكن إعلامنا من تسليط الضوء على هذه الجريمة النكراء في حق البيئة الفلسطينية والبيئة العالمية، ولم أسمع عن جمعيات ومؤسسات بيئية قامت بتوثيق هذه الإبادة، مع العلم بأن آثار رش المزروعات بالراوند أب تتجاوز إبادة الاخضرار، فهي تبيد أيضا أغنام البدو وكل الطيور والحيوانات البرية!
نعم كل هذا حدث بالفعل ، ونحن مشغولون تارة بالمفاوضات، وطورا آخر بالمبادرات السياسية والاقتصادية،وبالنزاعات الحزبية والحكومية، وبالشخصية التي يمكن أن تتولى رئاسة الوزارة!!
شكرا جزيلا لمنظمة أمنستي الحقوقية الدولية التي بادرت إلى الإعلان بأن خطة براور عميدور، هي اعتداء على حرية البدو، كما أن الخطة تنتهك حقوق الإنسان، وتسيء إلى علاقات اليهود والعرب.
أما نحن فقد تقلصت أمانينا وطموحاتنا، وأصبح كل مبتغانا وما نرجوه من حكومة إسرائيل اليوم، هو أن تجود علينا (بتجميد) البناء في المستوطنات!!
أما بدو النقب، وفلسطينيو الجليل فلهم الصبرُ والسلوان!!





مشاركة مميزة