kolonagaza7
محمود عبد الرحيم:
في الوقت الذي يتم فيه تقويض ثورة يناير الشعبية، وتهيئة المشهد لتحويل حلم المصريين بالتغيير الديمقراطي والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية إلى كابوس مفزع يمتد مفعوله ربما لعقود مقبلة، تسارع قوى في الداخل والخارج إلى تزييف الحقائق واختلاق وقائع وخلق أدوار مصطنعة وبطولات وهمية، وكتابة تاريخ حدث لم ينته بعد، بشكل استباقي يحمل كل معاني التزوير، أو بالاحرى جريمته المفضوحة.
وإن كنت في مقال أخير قد أشرت إلى الدور الأمريكي في إحتواء الثورات العربية واجهاضها، خاصة الثورة المصرية، فإنني هنا ألفت إلى محاولة الدفع بشخصيات لا وزن سياسي لها، معظمها مجهول بالفعل، إلى صدارة المشهد، وصناعة هالة حولهم عبر وسائل الاعلام المحلية والدولية، لخلق جماعات مصالح جديدة من الجيل الجديد الذي اكتشف الأمريكان وحلفاؤهم الاوروبيون قبل الثورة بوقت مبكر أن لديهم استعدادا للعب أدوار تخدم المصالح الغربية حاليا ومستقبلا، عبر اجتيازهم اختبار الانتهازية، والدخول في دورات تدريبية لجهات أمريكية وأوروبية عليها ألف علامة استفهام، وقبول التمويل الأجنبي، لجهة التوغل بين الجماهير.
وبالتأكيد هذا التعميد لهؤلاء الذي يطلق على بعضهم باحث سياسي وآخر ناشط أو مدون، جرى بتنسيق مع أجهزة الأمن المصرية وُصنعوا علي عينه، وساهم إعلام نظامه البوليسي، الذي لم يسقط بعد بجناحيه الحكومي والخاص، في صناعة وجودهم الملفت، تارة بالهجوم المصطنع، وتارة أخرى بالإحتفاء المبالغ فيه، وتارة بالجوائز الدولية والتكريمات التى تنسب فضلا ليس لهم.
وحين يطل أسم سعد الدين إبراهيم ويكتب من فوق انقاض الثورة، ويتغني بوائل غنيم ويصفه ب"قائد الثورة المصرية"، ثم يطلق دعوة للسفر إلى النرويج ليروي من شارك في الثورة تجربته.. علينا أن نتوقف وننظر بتوجس لتسويقه التلفيق، ولمثل هذه المبادرات المثيرة للريبة من شخصية معروف صلتها بواشنطن ودوائر صنع القرار بها.
وحين تضع مجلة "تايم" الأمريكية وائل غنيم ضمن قائمة المائة الاكثر تأثيرا في العالم، بإعتباره "مفجر ثورة يناير" وتفرد موسوعة"ويكيبديا" مساحة للتعريف بإنجازاته، ثم يحصل على جائزة "جون كينيدي للسلام"، وأخيرا يتم ترشيحه، إلى جانب إسراء عبد الفتاح وحركة 6 ابريل، لجائزة "نوبل"، فعلينا أن نفضح هذا التزييف للتاريخ الذي لم يكتب بعد، و نواجه محاولة نسبة الثورة الشعبية التى جرى تقويضها لغياب القيادة عنها، إلى أسماء وحركات عليها علامات استفهام لا أول لها ولا أخر.
فحملات التسويق لهؤلاء بإعتبارهم ابطال وفاتحين دون غيرهم ممن لعبوا ادوارا حقيقيية على مدى سنوات، تثير الشكوك والتوجس.
وفي مقدمتهم وائل غنيم "غاندي مصر" المزعوم، رغم أنه لا دور سياسي له قبل ولا بعد الثورة التى أتت كتراكم نضالات ممتد من السبعينات، ووصول الغضب الشعبي إلى حافة الانفجار، بعد سنوات من القمع والاحباط، علاوة على أخطاء إدارة الأزمة من قبل نظام فاشل، وليس من صفحة الكترونية مشكوك أصلا في كون غنيم المدير لها أو من جماعة لا حضور جماهيري لها.
إلى جانب أن الظهور المفاجئ والاختفاء المفاجئ لغنيم بعد لقاءات تليفزيونية في برامج جماهيرية كان يديرها جهاز أمن الدولة، ومخاطبة الجماهير باللعب على الوتر العاطفي على نحو ممنهج ، ثم حملات تسويقه على الفور كقائد للثورة، فمطالبته بالتفاوض مع عمر سليمان في ذروة الاحتجاجات الشعبية، فسفره للخارج مع زوجته الأمريكية، وسط المد الثوري، وما تبع ذلك من تكريمات، كلها معطيات تكشف أنه صنيعة استخباراتية شارك فيها الأمريكان بقوة مع رجال مبارك، وقُصد منها خلق قيادة لثورة بلا قيادة، وحين فشل المخطط أبتعد غنيم عن المشهد، لكن من وقت لآخر يُطرح أسمه، وإن كان في المرة الأخيرة يشاركه وجوه من نفس الفصيل يجرى تسليط الأضواء عليها في سياق تزييف الوعي وتزوير حقائق الثورة التى لعبت واشنطن الدور الأكبر في إجهاضها بمعاونة بقايا نظام مبارك.
ونريد أن نذكر بشكل عابر بمن هي "حركة6 ابريل"، وكيف تمت صناعتها في ذروة صعود حركة "كفاية" ومواجهتها الشرسة ل"مشروع التوريث والتمديد" المباركي، ككيان شبابي منافس يعمل على السحب من قوة هذه الحركة الوطنية المقاومة"كفاية"، فيما إسراء عبد الفتاح لايزال الارشيف الصحفي والتليفزيوني يحتفظ بتوسلاتها هي وأمها لأجهزة الأمن ولزوجة مبارك ليطلقوا سراحها، ثم توجيه الشكر للجميع، لأنه لم يتم ايذاؤها، فهمها الأساس وقتئذ كفتاة ريفية لا علاقة لها بالسياسة ولا بالنضال والثورية ومقتضياتهم وتضحياتهم المطلوبة، كان عدم مس شرفها، والتبرأ من فعل لم تقدر تبعاته حسب قولها.
وكلنا يعرف قصة التوظيف الأمني في مصر، وصناعة نشطاء، والدور الذي عليهم أن يلعبوه ولصالح من، وكذبة البطولة التى يتم نفخها حتى تصير قابلة للتصديق في مجتمع غالبيته أمي ابجديا و سياسيا.
*كاتب صحفي مصري
Email:mabdelreheem@hotmail.com
في الوقت الذي يتم فيه تقويض ثورة يناير الشعبية، وتهيئة المشهد لتحويل حلم المصريين بالتغيير الديمقراطي والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية إلى كابوس مفزع يمتد مفعوله ربما لعقود مقبلة، تسارع قوى في الداخل والخارج إلى تزييف الحقائق واختلاق وقائع وخلق أدوار مصطنعة وبطولات وهمية، وكتابة تاريخ حدث لم ينته بعد، بشكل استباقي يحمل كل معاني التزوير، أو بالاحرى جريمته المفضوحة.
وإن كنت في مقال أخير قد أشرت إلى الدور الأمريكي في إحتواء الثورات العربية واجهاضها، خاصة الثورة المصرية، فإنني هنا ألفت إلى محاولة الدفع بشخصيات لا وزن سياسي لها، معظمها مجهول بالفعل، إلى صدارة المشهد، وصناعة هالة حولهم عبر وسائل الاعلام المحلية والدولية، لخلق جماعات مصالح جديدة من الجيل الجديد الذي اكتشف الأمريكان وحلفاؤهم الاوروبيون قبل الثورة بوقت مبكر أن لديهم استعدادا للعب أدوار تخدم المصالح الغربية حاليا ومستقبلا، عبر اجتيازهم اختبار الانتهازية، والدخول في دورات تدريبية لجهات أمريكية وأوروبية عليها ألف علامة استفهام، وقبول التمويل الأجنبي، لجهة التوغل بين الجماهير.
وبالتأكيد هذا التعميد لهؤلاء الذي يطلق على بعضهم باحث سياسي وآخر ناشط أو مدون، جرى بتنسيق مع أجهزة الأمن المصرية وُصنعوا علي عينه، وساهم إعلام نظامه البوليسي، الذي لم يسقط بعد بجناحيه الحكومي والخاص، في صناعة وجودهم الملفت، تارة بالهجوم المصطنع، وتارة أخرى بالإحتفاء المبالغ فيه، وتارة بالجوائز الدولية والتكريمات التى تنسب فضلا ليس لهم.
وحين يطل أسم سعد الدين إبراهيم ويكتب من فوق انقاض الثورة، ويتغني بوائل غنيم ويصفه ب"قائد الثورة المصرية"، ثم يطلق دعوة للسفر إلى النرويج ليروي من شارك في الثورة تجربته.. علينا أن نتوقف وننظر بتوجس لتسويقه التلفيق، ولمثل هذه المبادرات المثيرة للريبة من شخصية معروف صلتها بواشنطن ودوائر صنع القرار بها.
وحين تضع مجلة "تايم" الأمريكية وائل غنيم ضمن قائمة المائة الاكثر تأثيرا في العالم، بإعتباره "مفجر ثورة يناير" وتفرد موسوعة"ويكيبديا" مساحة للتعريف بإنجازاته، ثم يحصل على جائزة "جون كينيدي للسلام"، وأخيرا يتم ترشيحه، إلى جانب إسراء عبد الفتاح وحركة 6 ابريل، لجائزة "نوبل"، فعلينا أن نفضح هذا التزييف للتاريخ الذي لم يكتب بعد، و نواجه محاولة نسبة الثورة الشعبية التى جرى تقويضها لغياب القيادة عنها، إلى أسماء وحركات عليها علامات استفهام لا أول لها ولا أخر.
فحملات التسويق لهؤلاء بإعتبارهم ابطال وفاتحين دون غيرهم ممن لعبوا ادوارا حقيقيية على مدى سنوات، تثير الشكوك والتوجس.
وفي مقدمتهم وائل غنيم "غاندي مصر" المزعوم، رغم أنه لا دور سياسي له قبل ولا بعد الثورة التى أتت كتراكم نضالات ممتد من السبعينات، ووصول الغضب الشعبي إلى حافة الانفجار، بعد سنوات من القمع والاحباط، علاوة على أخطاء إدارة الأزمة من قبل نظام فاشل، وليس من صفحة الكترونية مشكوك أصلا في كون غنيم المدير لها أو من جماعة لا حضور جماهيري لها.
إلى جانب أن الظهور المفاجئ والاختفاء المفاجئ لغنيم بعد لقاءات تليفزيونية في برامج جماهيرية كان يديرها جهاز أمن الدولة، ومخاطبة الجماهير باللعب على الوتر العاطفي على نحو ممنهج ، ثم حملات تسويقه على الفور كقائد للثورة، فمطالبته بالتفاوض مع عمر سليمان في ذروة الاحتجاجات الشعبية، فسفره للخارج مع زوجته الأمريكية، وسط المد الثوري، وما تبع ذلك من تكريمات، كلها معطيات تكشف أنه صنيعة استخباراتية شارك فيها الأمريكان بقوة مع رجال مبارك، وقُصد منها خلق قيادة لثورة بلا قيادة، وحين فشل المخطط أبتعد غنيم عن المشهد، لكن من وقت لآخر يُطرح أسمه، وإن كان في المرة الأخيرة يشاركه وجوه من نفس الفصيل يجرى تسليط الأضواء عليها في سياق تزييف الوعي وتزوير حقائق الثورة التى لعبت واشنطن الدور الأكبر في إجهاضها بمعاونة بقايا نظام مبارك.
ونريد أن نذكر بشكل عابر بمن هي "حركة6 ابريل"، وكيف تمت صناعتها في ذروة صعود حركة "كفاية" ومواجهتها الشرسة ل"مشروع التوريث والتمديد" المباركي، ككيان شبابي منافس يعمل على السحب من قوة هذه الحركة الوطنية المقاومة"كفاية"، فيما إسراء عبد الفتاح لايزال الارشيف الصحفي والتليفزيوني يحتفظ بتوسلاتها هي وأمها لأجهزة الأمن ولزوجة مبارك ليطلقوا سراحها، ثم توجيه الشكر للجميع، لأنه لم يتم ايذاؤها، فهمها الأساس وقتئذ كفتاة ريفية لا علاقة لها بالسياسة ولا بالنضال والثورية ومقتضياتهم وتضحياتهم المطلوبة، كان عدم مس شرفها، والتبرأ من فعل لم تقدر تبعاته حسب قولها.
وكلنا يعرف قصة التوظيف الأمني في مصر، وصناعة نشطاء، والدور الذي عليهم أن يلعبوه ولصالح من، وكذبة البطولة التى يتم نفخها حتى تصير قابلة للتصديق في مجتمع غالبيته أمي ابجديا و سياسيا.
*كاتب صحفي مصري
Email:mabdelreheem@hotmail.com