الثلاثاء، 18 أكتوبر 2011

أنشودة للقدس في عيد المظال



kolonagaza7

بقلم/ توفيق أبو شومر
عيد (العُرش) أو عيد المظال في إسرائيل ، يصادف في منتصف شهر أكتوبر من كل عام، حيث يبني بنو إسرائيل العرش خارج بيوتهم ويقضون فيها سبعة أيام، وهم يلوحون بسعف النخيل وفاكهة الأترج، ويذهبون للكُنس وهم يحملون أربعة ثمار، ويتلون الأدعية والصلوات في كل يوم، وهو كذلك عيد الثمار والمحاصيل.
هو لا يشبه معظم أعياد اليهود الحزينة، بل هو عيد فَرحٌ وسرور، يفرح فيه اليهود لنجاتهم من الفرعون، حيث أسكنهم اللهُ المظال.
ويجب التنويه أولا إلى أن براعة زعماء إسرائيل ومؤسسيها لا تتمثل فقط في اختيار نتنياهو هذه المناسبة لإبرام صفقة غلعاد شاليت، ولكن براعة إسرائيل تجاوزت ذلك منذ عقود عندما حوَّلت إسرائيلُ عيدَ المظال إلى مناسبة للتضامن مع دولة إسرائيل.
فقد تمكن زعماء إسرائيل من توظيف الأعياد الدينية، لخدمة سياسة إسرائيل، وتحويل الحج الديني إلى بيت المقدس، ليصبح مهرجانَ تأييدٍ سياسي، ومؤتمرا لنصرة إسرائيل، وكرنفالا لجمع المال، وذلك بحشد الحجاج من كل أقطار العالم ليُنشدوا لإسرائيل، نشيد الرفعة والتفوق والسمو!
فقد وفد إلى إسرائيل هذه السنة 2011 عشرات آلاف الحجاج المسيحيين من كل أنحاء العالم، من القارات الخمسة، من طوائف الأنجليكان والمسيحيين الصهيونيين، وحتى من الكنيسة الكورية الجنوبية والتي أرسلت ثلاثة آلاف مسيحي كوري، بالإضافة إلى سفارة المسيحيين الدولية في القدس والتي أشرفت على إستقدام المسيحيين من ثمانين بلدا ليحجوا إلى جبل الهيكل، في انتظار عصر اليوبيل وعودة الماشيح المنتظر!
وكانت أولى الواجبات (الدينية)، لا السياسية!! أن تجمع الحجاج في حيفا أولا ووجهوا دعواتهم الخالصة إلى عائلة غلعاد شاليت، ودعوا له بالسلامة، واجتنبوا الدعاء لأسرى الحرية في العالم ولألاف الأسرى الفلسطينيين المقهورين المعذبين، حتى لا تفسد أدعيتُهم ويزول مفعولُها!
وتلا منسق حملة الحجيج في القدس جورغن بوهلر وفق ما نشرته صحيفة الجورسلم بوست 17/10/2011 سفر الولاء والخضوع لحكومة نتنياهو وقال:
" إننا نحضر للقدس لنوصل رسالة تقول:
إسرائيل ليست معزولة، فملايين المسيحيين يدعمونها، وها نحن نشاركها في عيد المظال"
إذن هذه هي إسرائيل ( واحة الديمقراطية) في الشرق الأوسط، أو لعلها كما يسميها كثيرون الدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط كله!
هي نفسها الدولة الديمقراطية التي تحرم سكان القدس الفلسطينيين من هوياتهم ، وتصادر بيوتهم وتطردهم، وهي ذاتها التي تمنع المُصلين في كل جمعة من الصلاة في القدس، وتعتدي على الكنائس فيها!
هي هي التي تحظر الحج إلى المسجد الأقصى، هي هي التي تخنق القدس بالمستوطنات، وتشنق تراثها غير اليهودي، وتزيل ملامحها التقليدية، لأن فيها شبها بأهلها وأصحابها!
هي إسرائيل ذاتها التي تمكنت من تحويل القدس، من مدينة السلام، إلى مدينة الخصام، ونثرت متطرفيها في كل شوارع القدس يضربون ويطردون ويصادرون، بشرط أن يكون المضروبون من غير أبناء وأحفاد الدولة الديمقراطية الوحيدة!
إنها إسرائيل نفسها التي تحتفل فرحا وطربا بعيد المظال، بينما يعتصم المبعدون في ظلال جدران بيوتهم المهدومة، ويتوسدون حجارتها تحت رؤوسهم، ويضرب الأسرى الفلسطينيون عن الطعام احتجاجا على سوء معاملتهم!!
نعم إنها إسرائيل الديمقراطية الوحيدة، التي أقامتْ ديمقراطيتها الفريدة بواسطة جرَّافات التطهير العرقي والإثني، لكل من هو على غير مذهبها الديمقراطي!!

مشاركة مميزة