الأحد، 9 أكتوبر 2011

زراعة الحمص في ليبيا

kolonagaza7


هادي جلو مرعي
فعلت ذلك نزولا عند رغبة مسؤول ليبي رفيع طلب إلي عدم نشر عمود بهذا العنوان (زراعة الحمص في ليبيا).
كان ذلك قبل عام من إندلاع الثورة في ليبيا ,ثم محوته من البريد الألكتروني الخاص بي حيث كنت أحتفظ به لعلي أنشره في وقت لاحق ومحوته لأنني لم أجد فيه نفعا في حينه طالما أن المسؤول الذي وعدته بعدم النشر قد يطلع عليه صدفة فأكون في مظهر الخائن للعهود . المسؤول ما زال يتبوأ ذات المنصب الذي عرفته فيه لكنه لم يعد يخشى من نشر عمود لكاتب عراقي يهاجم القذافي مادام قد إنهار ..
كانت الفكرة الموغلة في العمود تتلخص في نقد العقل العربي الحاكم الذي يثير السخرية, والوجع, والألم حد فقدان الشعور بجميع الآلام المتراكمة ,وأمثالها كثير في المنظومة العربية وهي حكاية تنوء بالتفاهة لكنها مفيدة .. العقيد القذافي يحضر مؤتمرا لما يسمى اللجان الشعبية ,وكان وزراء من الحكومة حاضرين .بادر العقيد بسؤال لوزير الزراعة في بلد كله صحراء من طبرق حتى رأس جدير, وهي مساحة ممتدة على طول الساحل شرقا حيث مصر, وغربا حيث تونس ,ويوغل أكثر في الصحراء جنوبا وشمالا حتى الحدود مع تشاد والنيجر والجزائر والسودان ولا أدري كيف يحاسب العقيد وزير زراعته في بلد يمكن أن يتولى مسؤولية الزراعة فيه أي أحد.
سأل العقيد وزيره: إشرح لي كيف تتم زراعة الحمص ؟ .طبعا الوزير وقف بدهشة ,وقد حار في الجواب ,وما جدوى الحديث عن الحمص ؟ وكان بالإمكان السؤال عن زراعة الحنطة أو الشعير, وحتى بعض أنواع من الفواكه والخضر وربما النخيل ! الوزير لم يعرف طريقا الى إجابة السؤال ؟
سأله العقيد عن تخصصه العلمي ؟ وكان مهندسا في الميكانيك ,ثم قرر إقالته في اللحظة .
العقيد يهتم بزراعة الحمص في بلد صحراوي مساحته تبلغ مليوني متر مربع يمكن أن تضيع في كثبانه أجساد كتلك التي قتل أصحابها في سجن بوسليم ,أو غيبوا كما حصل للزعيم الديني اللبناني موسى الصدر, ورفيقيه, أو طائرات كالتي هوت ,وكان على متنها رئيس منظمة التحريرالفلسطينية ياسر عرفات ,او قبائل كالطوارق التي تملك الصحراء لآلاف الأميال دون أن تخشى من شيء ,وهي ذات الصحراء التي آوته ,وزبانيته بعد هروبه المذل من طرابلس الغرب .
لم يهتم العقيد بتطوير البنى التحتية في مجال التربية ,والتعليم ,والثقافة, والأدب, ولا بنهضة الصناعة ,أو استقدام الشركات المتخصصة بتحويل مساحات من الصحراء الى مزارع غناء , ولا حتى بالمستوى المعيشي لشعبه البالغ تعداده أربعة ملايين لا نعرف كم منهم أتيحت له الفرصة للهرب طوال العقود الأربعة من حكمه البغيض ؟ ثم ليصطدم العالم بالبنية التحتية المتهاوية ,وبالرمال التي تحيط بالمدن والقرى, وحتى الرابض منها على ساحل المتوسط, وبشعب محروم مصدوم تحكمه القبيلة ,والبداوة ,ولا يملك رؤية لمستقبله. شعب جمعته رغبة التخلص من حاكم حولّه الى ركام من أجساد مرهقة, ونفوس محطمة. حاكم كان يسخر من الجموع, ويتحدث لها عن الحمص, وعن الخضرة في الرمال, وعن مستقبل العالم الذي لم يكن الليبيون يملكون أدنى فكرة عن المسيرة التي قطعها في مجال العلوم والتكنلوجيا والتحضر ...
hadeejalu@yahoo.com

مشاركة مميزة