kolonagaza7
بقلم: م. بدر الدين حمدي مدوخ
الإسلاميون قادمون للحكم، أمرٌ أصبح واقعاً بعدما كان يراه المعظم حلماً ، لكنها سنة الله في الخلق، يشرق الفجر حينما تزداد عتمة الليل، هذا الواقع أراد البعض أن يقلل من أهميته و يشكك في جدواه، فأخذوا يراهنون على فشل الإسلاميين بحجة عدم درايتهم بالسياسة و باللعبة الدولية ، وبمتطلبات الشعوب من مأكل و مشرب لا من مفهوم العدل و الحرية.لا أشك أن الإسلاميين سينجحون في الحكم إن شاء الله، و سيقدمون نموذجاً ستأخذ به دول أخرى غير الإسلامية، فالإسلاميون يملكون عوامل ذاتية للنجاح و القدرة على الحكم ، وهذه العوامل الذاتية هي التي أبقتهم في الساحة السياسية و الإجتماعية للأمة برغم المحاولات التي مُورست لإقصائهم، و هذه هي الأسباب:1- أنهم جاءوا بإرادة حرة من الشعوب، لم يأتوا بانقلاب عسكري، ولا بمساعدة قوى خارجية، بل اختارتهم شعوبهم بطريقة حرة، وهذا يعني أن أي حصار لهم وأي وقوف في وجههم هو حصار لمن اختارهم أي لشعوبهم وهو رفض لحرية الرأي و الإختيار، أي سيجعل الشعوب تلتف حولهم أكثر و تحمي مشروعهم لأن الشعوب بذلك تحمي قرارها.2- أن الفكر الإسلامي هو فكر الأمة الأصيل و الصحيح و الذي يحمله كل فرد منها حتى من هو على غير دين الإسلام، فغير المسلمين في منطقتنا الإسلامية و إن كانوا غير مسلمي العقيدة فمعظمهم مسلمو الثقافة.3- أن الإسلاميين جزء من هذه الأمة، وقادتها هم الأقرب للشعوب، يصلون معهم في المساجد، بيوتهم مفتوحة لهم ، يقدمون لهم ما يستطيعون ، و خير مثال على ذلك الوضع في غزة، حيث يشاهد جميع المسلمين كيف رئيس الوزراء هو إمامهم في الصلوات و كيف الوزراء هم الخطباء و الوعاظ، حيث لم تغيرهم المناصب و لا غيرها.4- أن مؤسسات الإسلاميين هي الأنقى و الأطهر و الأفضل قبل الحكم، وبالتأكيد سينعكس ذلك عليهم بعد الحكم. قد نجد من فرد هنا و هناك بعض الشوائب، لكن المجموع الأطهر، بعكس غيرهم حيث نجد بعض المخلصين لكن المجموع فاسد و الناس ترقب و ترى. و كما أجاب أردوغان على سؤال :كيف استطعت أن تنتقل بتركيا إلى هذا النمو الإقتصادي، قال لهم لأني لا أسرق.5- أن منهج الإسلاميين هو الأفضل بلا منازع، بل لا يقارن بمناهج غيرهم، فمنهجهم مستمد من القرآن الكريم و السنة المطهرة، وهو المنهج الوحيد الذي يملك الحلول لشتى أنواع المشاكل، لأن الإسلام عقيدته ثابتة لا اجتهاد فيها، لكن قوانينه – أي الفقه- و إن كانت قواعده ثابتة كذلك، لكنها تحمل مرونة تجعلها تتعامل مع كل حالة في أي مجال على أي بقعة كانت.6- أن موضوع الحكم هو جزء أصيل عندهم وإن أُقصوا عنه منذ أكثر من 80 عاماً، فكل آية في القرآن أو حديث نبوي نجده يتكلم في إحدى الجزيئيات المكونة لنظم الدولة، كالنظام العقائدي و السياسي و المالي و الإقتصادي و الثقافي و التعليمي و الرياضي و الأمني و العسكري و العلمي و غيرها، وما كان فعل الرسول و الخلفاء الراشدين من بعده إلا نموذجاً لذلك. كما أن هذا المنهج حكم أربعة عشر قرنا. وحتى الحركة الإسلامية الحديثة لم تغفل هذا الأمر منذ تأسيسها، فحسن البنا يجعل ركن العمل الركن الثالث في دعوته ، ويمر هذا الركن بسبعة مراحل: إصلاح الفرد، إصلاح الأسرة، إصلاح المجتمع، إصلاح الحكومة، البعد عن هيمنة الغير عن الأمة الإسلامية ، وأستاذية العالم. بل إن المفكرين و المنظرين الإسلاميين كتبوا في الحكم و نظمه من وجهة نظر إسلامية من عشرات السنين، بل إن الإسلام لا يمكن أن يطبق كاملاً إلا إذا حكم. والإسلاميون تدرجو في المشاركة في الحكم عبر إدخال بعض النواب أو الوزراء في هذه البلد أو تلك، حتى حسن البنا رشح نفسه للإنتخابات البرلمانية في مصر آنذاك.7- أن منهج الإسلام قائم على التعايش مع اختلاف الآراء بين المسلميين أنفسهم من ناحية، ولذلك كانت الشورى كأحد أعمدة نظام الحكم في الإسلام ((وأمرهم شورى بينهم)) و كانت المذاهب الفقهية المتعددة التي تصل لأحد عشر مذهباً معتمداً ، و المنهج قائم من ناحية أخرى على التعايش مع العقائد و الأفكار الأخرى المكونة للمجتمع من غير المسلمين كاليهود و النصارى و غيرهم ، و الإسلام لا يقوم على التعدي على عقائد الآخرين أو الهيمنة عليهم ناهيك عن ثقافاتهم ((لكم دينكم و لي دين))، ولذلك لا نجد في التاريخ الإسلامي أقواماً أجبروا على ترك دينهم أو عاداتهم أو لغاتهم ، بل كل المسلمين من غير العرب يتكلمون العربية بجانب لغتهم ، بل إن كل قرية لها عاداتها و تقاليدها التي ورثتها من قبل الفتح الإسلامي لبلدانهم، بعكس ما فعله الإنجليز و الفرنسيون و الأسبان و البرتغال عندما احتلوا بلاد المسلمين و غير المسلمين جاءوا غزاة ليأخذوا خيرات الشعوب ويفرضوا لغتهم وثقافتهم.8- أن الإسلاميين هم أكثر من عانى و تحمل و صبر و ضحى من اجل الأمة ككل، وهم من كان دائماً يتكلم عن الوحدة و الأمة الواحدة بجانب بعض المخلصين من أبناء الأمة، لأن المنهج الإسلامي يقوم على قاعدة الأمة الواحدة التي لا تحدها الحدود و لا السدود فهي كالجسد الواحد. الإسلاميون هم أكثر من قدم الشهداء و أكثر من ضحى بأبنائهم في المعتقلات و أكثر من وقف في وجه الظلم و الظالمين، وأكثر من صبر على من عاداهم و تنكأ لوعوده معهم ، لسبب بديهي و هو أن هذا كان منهج رسول الله – صلى الله عليه وسلم.9- لأنهم هم وحدهم من تصدى لموجات التغريب و الإلحاد و العلمنة و الهيمنة. وهم من ملكوا و ما زالوا يملكون أدوات المجابهة الفكرية و العلمية و الثقافية في وجه هذه الموجات. بل بنوا لذلك مؤسسات في قلب الغرب نفسه لغزوه فكرياً و عقائدياً و لتخفيف الهجمة على الأمة بأسرها.10-لأن الإسلاميين هم وحدهم من يشكل الخطر الحقيقي على الأعداء و هم الوحيدون القادرون على التصدي لهم في جميع المجالات ، فلا فكر و لا عقيدة و لا منهج غير ما يملكون قادر على الصمود و الثبات في وجه الأعداء. هذه – في نظري – أهم العوامل التي ستجعل الإسلاميين ينجحون في الحكم إن شاء الله تعالى و يقدموا نموذجاً طال إنتظار البشرية له ، فالإسلاميون دعوتهم عالمية لأن رسولهم أُرسٍل رحمةً للعالمين ((وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين))