kolonagaza7
بقلم عمر البهلول
تشكل القضية الفلسطينية حلقة من الحلقات الرئيسية في الإنتخابات الأمريكية، وتبرز بشكل قوي في تصريحات المرشحين للإنتخابات الرئاسية، عبر إطلاق الوعود بالحفاظ على أمن الصهاينة، وتحقيق حل الدولتين، وتجريد الدولة الفلسطينية من كل عوامل القوة والسيادة حتى لا تشكل أي خطر على أمن الصهاينة في المستقبل، ومؤخرا قال أحد المرشحين للرئاسة الأمريكية أن الشعب الفلسطيني هو شعب مصطنع ولا وجود له على أرض الواقع، وأن الصهاينة هم أصحاب الأرض الحقيقيين، في تزوير صريح للتاريخ، ومحاولة لقلب الحقائق التي لم يستطع حتى الصهاينة أنفسهم إيجاد دليل واحد يؤكد أنهم أصحاب الأرض والمستحقين لها، الساسة الأمريكان يعرفون الحقيقة جيدا، ولكن الواقع الأمريكي والعقلية التي تحكم وتمنح صكوك الغفران والنجاح، تحتم عليهم المرور من إمتحان إختبار الولاء والطاعة للدولة الصهيونية ومدى إستعدادهم وقدرتهم على دعم الصهاينة في حال وصولهم الى مركز صنع القرار، وفي هذه الحالة يظهر وكأن الشعب الأمريكي خارج اللعبة تماما، فالأزمة الحاصلة في الداخل الأمريكي سببها الرئيسي هي الحروب التي يقودها الأمريكان، والدعم المالي الكبير للصهاينة الذي يكلف الخزينة الأمريكية المليارات، وما التعديلات الأخيرة التي قام بها اوباما في المؤسسة العسكرية، وتقليص الدعم المالي لها إلا خير دليل على ذلك، ولكن في نفس الوقت لم يعلن عن تقليص المساعدات العسكرية للصهاينة، لأنه إن فعل ذلك فلن يبقى دقيقة واحدة في السلطة،المرشحون للرئاسة الأمريكية يشغلون المواطن الأمريكي بمشاكله الداخلية، ويعدونه بوضع حلول لها في أقرب وقت، وإيجاد وظائف جديدة، وطبعا حمايته من الإرهاب المتمثل في تنظيم القاعدة، الى غير من ذلك من الوعود، وبعدها يتفرغون للأمور الخارجية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وهنا يعملون بجد لكسب رضى المنظمات الصهيونية العالمية، التي تتحكم دواليب الإدارة الأمريكية وتبسط نفوذها في كل المؤسسات الفاعلة، وكما رئينا في أيام الحرب على غزة كان الجميع ينتظر موقفا حازما من الرئيس الأمريكي الجديد أوباما، لكن كان يبدو وكأنه مكبل لا يملك من أمره شيئ، بل أخذ يهاجم المقاومة ويحملها المسؤولية الكاملة عن هذه الحرب، ومن حقنا هنا أن نسأل عن موقف السلطة الفلسطينية من تصريحات المرشح الأمريكي المهينة للشعب الفلسطيني.؟!! هل يمكن أن نرى نهجا جديدا في التعامل مع الأمريكان..؟؟ أم أن الأردن سيكون هو الوسيط البديل.؟؟ لقد فشل محمود عباس في الحصول على دولته المزعومة بعد عقود من التفاوض مع الرؤساء الذين تعاقبوا على الإدارة الأمريكية، ولأنه يدرك أن الرئيس الأمريكي القادم لن يكون أحسن من أوباما، بل أكثر تطرفا، لذلك هو يحاول أن يحرك المياه الراكدة ويذوب الجليد بينه وبين الصهاينة، وهذه المرة بوساطة أردنية تسهيلا لمهمة الرئيس الأمريكي القادم.في الوقت الذي يبحث فيه الأمريكان سبل نصرة الصهاينة، تنشغل الحركات الإسلامية الفائزة في الإنتخابات بطمئنة المجتمع الدولي وأنها لن تخرق إتفاقيات السلام الموقعة مع الصهاينة بل ستحافظ عليها وستحترمها، هل هذه التطمينات مجرد تكتيك سياسي مثلا..؟؟ أم أنه دليل على أن الدول العربية لا يمكنها أن تقف ضد أمريكا، ولا يمكن للحركات الإسلامية الفائزة في الإنتخابات أن تغير كل شيئ بين ليلة وضحاها، وحتى ذلك الوقت يكون الصهاينة قد قطعوا أشواطا مهمة في تهويد القدس والأقصى وتهديم البيوت، وتشريد الناس في الشتات، وإستباحة الأرض والعرض، لا نريد أن نثقل على إخواننا لأن هذا الواقع المزري والمرير الذي تعيشه أمتنا لم تصنعه الحركة الإسلامية، ولكن صنعه الحكام العرب الذين عملوا مع الأمريكان لعقود من الزمن ضد القضية الفلسطينية... ومحاولة تصفيتها، ولأنهم كانوا يعتمدون على الأمريكان في كل شيئ، في السياسة والإقتصاد والدعم العسكري لذلك من الصعب على أي وافد جديد للسلطة أن يغير معالم 30 سنة من الحكم، ويدخل في مواجهة مع أمريكا هكذا دون مقدمات.رغم هذا الربيع العربي الذي أسقط الطغاة العرب وأوصل الحركات الإسلامية الى السلطة، ورغم هذا التفائل، لكن المستقبل يبقى مجهولا خصوصا مع تزايد عمليات التهويد في القدس، والتهديد الصهيوني بهدم باب المغاربة، وإنشغال الحكام الجدد في المشاكل الداخلية، ومحاولة خلق نوع من الإستقرار الداخلي، حتى تتمكن من إصلاح ما أفسده الأخرون، ومن تما يمكن التفرغ لدعم القضية الفلسطينية، وفي الحقيقة أرى أن أي دعم للقضية يبقى مجرد دعم شكلي، لا يسمن ولا يغني من جوع، الدعم الحقيقي لن يكون إلا عندما تصبح الدول العربية قادرة على قول لا لأمريكا، وتدعم المقاومة الفلسطينية بالسلاح والعتاد، وحتى نصل الى هذا المستوى من الدعم ينتظرنا عمل طويل، وطويل جدا، ولا نملك ونحن على هذا الحال، إلا أن نطلب الإعتذار من فلسطين ومن القدس وندعوا الله أن ينصر المقاومة نصرا عزيزا