kolonagaza7
محمد الحنفي
إلى:
ـ
نساء، ورجال التعليم، العاملات، والعاملين في التعليم العمومي، المخلصات،
والمخلصين في أداء رسالتهم، الحريصات، والحريصين على تطوير أدائهم.
ـ
التلميذات، والتلاميذ، الصامدات، والصامدين في إعطاء أهمية لدراستهم في التعليم
العمومي، من أجل إعطاء وجه مشرف لهذا التعليم في المغرب.
ـ
الأمهات، والآباء، والأولياء، والإدارة التربوية، والمراقبة التربوية، الحريصات،
والحريصين جميعا، على إنجاح العملية التربوية التعليمية التعلمية، في إطار المدرسة
العمومية.
محمد الحنفي
مفهوم الأزمة التعليمية:....1
وبما أن التعليم العمومي، وبالمفهوم
الذي طرحناه، والذي لا يوجد إلا على مستوى التصور، غير قائم على أرض الواقع، فإن
ما هو قائم، لا يمكن تسميته بالتعليم العمومي، نظرا لاختلاف الشروط التي تحكمه،
فإنه، وكما سميناه، تعليم شبه عمومي، وشبه خصوصي، أي أنه يمزج بين ما هو عمومي،
وما هو خصوصي. وهذا المزج لا يمكن أن يجعل منه إلا تعليما مأزوما. والتعليم
العمومي المأزوم، هو الذي يصعب فيه تجاوز وضعية التدهور، التي تطال أزمة التعليم
العمومي، الذي انتفت فيه كل العلاقات التربوية / الإنسانية، التي تعتبر شرطا لقيام
تواصل بين الطاقم التربوي، وبين الآباء من جهة، وبينه وبين التلاميذ من جهة ثانية،
وبين مختلف مكوناته من جهة ثالثة. فالعلاقات التربوية التعليمية التعلمية، إذا لم
تكن محترمة فيما بين أطراف العملية التربوية التعليمية التعلمية. تبدأ الأزمة
التعليمية في شقها الأولي، والأساسي.
والأزمة التعليمية، كذلك، تبدأ مع
اعتماد تصور نقيض للتصور الديمقراطي الشعبي، المعبر عن طموحات الشعب المغربي. ذلك
أن اعتماد التصور اللا ديمقراطي، واللا شعبي، يجعل من التعليم في المغرب، وسيلة
لإفراز النخبة، التي لا تخدم إلا مصالح التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف،
ومصالح الطبقة الحاكمة، وسائر المستغلين، والمستفيدين من الاستغلال، ومصالح أجهزة
الدولة المخزنية، في الوقت الذي تدعي فيه الطبقة الحاكمة، أنها تسعى إلى جعل
التعليم العمومي، متاحا لجميع أبناء الشعب المغربي، ولصلحهم، ولصالح الشعب
المغربي. وهذا التناقض القائم بين جعل التعليم يفرز النخبة، التي تخدم مصالح
معينة، وبين التعليم الذي يدعي فيه أنه يخدم مصالح الشعب، ومصالح أبنائه، هو الذي
يجسد جوهر الأزمة، في مظاهرها المختلفة، فيما يسمى ادعاء بالتعليم العمومي. وهو،
في الواقع، ليس إلا تعليما شبه عمومي، وشبه خصوصي، على مستوى الواقع، وعلى مستوى
الفعل اليومي، وعلى مستوى النتائج.
ذلك أن التعليم الذي يدعي المسؤولون
عنه، أنه عمومي، هو تعليم لا يخدم مصالح أبناء الشعب المغربي، لعدم توفر الشروط
المناسبة لأداء جيد للأساتذة، وفي جميع مستويات التعليم، بما في ذلك التعليم
الجامعي. فالاكتظاظ القائم في مختلف المستويات التعليمية، لا يمكن أن يكون مساعدا
على إنجاز العملية التربوية التعليمية التعلمية، خاصة، وأن أجرأة العملية
المذكورة، لا تتجاوز أن تكون شكلية فقط؛ لأن الاكتظاظ، يحول مهمة الأستاذ إلى مهمة
أمنية، والمهمة الأمنية، ليست هي المهمة التربوية، وهي فعلا معبرة عن اعتبار
التعليم مجرد سجن مرحلي، يهدف إلى الحراسة السجنية، إلى حين مغادرة التلاميذ
للمدرسة بصفة نهائية، لسبب، أو لآخر، خاصة، وأن الأستاذ، لا يمكنه أن يجعل جميع
تلاميذ الحجرة الدراسية المكتظة، مساهمين في العملية التربوية التعليمية التعلمية،
كما لا يمكنه أن يضبطهم ضبطا تربويا في نفس الوقت، مما يجعله يتحول إلى ضابط أمن،
خلال تواجده بالحجرة الدراسية، كما يتحول أعضاء الإدارة التربوية إلى ضباط أمن،
عندما يتواجد التلاميذ في الساحة المدرسية؛ لأن الشروط التربوية غير قائمة.
وبالإضافة إلى الاكتظاظ القائم في الحجرة
الدراسية، نجد أن التلاميذ، وأساتذتهم، وآباءهم، وأمهاتهم، وأولياءهم، لا رأي لهم
في البرامج التعليمية المعتمدة في التدريس في المدرسة العمومية، لكون التعليم
المغربي المسمى عمومي، غير ديمقراطي، وغير شعبي، مما يجعل كل شيء فيه يسقط من
السماء، بعيدا عن إرادة الشعب، وعن إرادة المعنيين به بالخصوص.
والبرامج التي لا تعكس إرادة
التلاميذ، والآباء، والأولياء، والأساتذة، وكل المعنيين بالعملية التربوية
التعليمية التعلمية، بطريقة ديمقراطية، لا يمكن أن تكون برامج ديمقراطية شعبية، ولا
يمكن أن تساهم في إعداد الأجيال الصاعدة إعدادا جيدا، ولا يمكن أن تكون في مستوى
متطلبات الشروط الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية القائمة في هذا الواقع، من
منطلق كونها مملاة من فوق، ومفروضة على المدرسين، وعلى التلاميذ في نفس الوقت، وما
على الآباء إلا أن يلزموا أبناءهم بضرورة استيعابها، من أجل أن يحلم كل واحد منهم
بصيرورته من النخبة، التي تصير في خدمة الطبقة الحاكمة، والتحالف الطبقي
البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وسائر المستغلين، وباقي المستفيدين من الاستغلال.
وحتى يعوض أبناء الأثرياء، من
التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، والطبقة المتوسطة، التي صارت تحسب عليها
فئات مهمة من نساء، ورجال التعليم المرتفعي الدخل، من الأجرة، والحصص الإضافية،
والعمل في المدارس الخصوصية، وجزء مهم من العاملين في مختلف الإدارات المرتشين،
النقص الذي يعانون منه، يلجأون، باتفاق مع أساتذتهم من عديمي الضمير المهني، إلى
أخذ الدروس الإضافية في منازلهم، أو في منزل الأستاذ، أو في المدارس الحرة ليلا،
ليصير بذلك أبناء الأثرياء، ومتوسطي الدخل، متميزين عند أساتذتهم، ومستوعبين
للدروس المضاعفة الحصص: (الحصص الرسمية في المدرسة العمومية + الحصص الإضافية
المؤدى عنها)، ليضرب ذلك تكافؤ الفرص في الصفر، على مستوى التلقي، وعلى مستوى
الاستيعاب، وعلى مستوى الاختبار، والامتحان. وهو ما يجعل أبناء الكادحين يتدحرجون
إلى الوراء،
ويفقد معظمهم القدرة على الاستمرار في التعليم، وخاصة على مستوى التعليم
الجامعي، ليتحولوا، بذلك، إلى عاملين لصالح الأثرياء، أو معطلين منخرطين في عملية
المطالبة بالشغل.
ونظرا لاعتماد تصور نقيض للتصور
الديمقراطي الشعبي، ونظرا لكون التعليم المسمى عمومي، لا يخدم مصالح أبناء الشعب
المغربي الكادح، بقدر ما يخدم مصالح أبناء الأثرياء، ونظرا لتميز حجر ما يسمى
بالتعليم العمومي، بالاكتظاظ الذي يحول الأساتذة إلى مجرد حراس، لسجن التلاميذ في
المدرسة المسماة عمومية، ونظرا لضرب مبدإ تكافؤ الفرص، بسبب لجوء أبناء الأثرياء
إلى تلقي حصص إضافية، مدفوعة الثمن، فإن الأزمة التعليمية، هي التي تبقى متحكمة في
المدرسة المسماة عمومية، كامتداد للأزمة المجتمعية، التي يقف وراءها اعتماد
اختيارات لا ديمقراطية، ولا شعبية، ليتكرس بذلك تعليم لا ديمقراطي، ولا شعبي.
فما هو مفهوم الأزمة؟
وما هو مفهوم الأزمة التعليمية؟
إننا عندما نطرح مفهوم الأزمة للنقاش،
فإننا نجد أن غياب الحلول الناجعة، والعلمية، للمشاكل الاقتصادية، والاجتماعية،
والثقافية، والسياسية، يشكل في حد ذاته أزمة. فانتشار العطالة، والتعطيل بين
الشباب، وخريجي الجامعات، يعتبر أزمة، وتراكم الديون الخارجية، والداخلية على
الشعب المغربي، في ظل توالي الحكومات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، يشكل أيضا أزمة
خدمة للديون الخارجية، عن طريق الفوائد التي تؤدى عنها، والتي يحرم منها الشعب
المغربي، ويحرم من توظيفها في التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، يشكل
أزمة، وضعف أجور العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعدم تمتيعهم بكافة
حقوقهم المنصوص عليها في مدونة الشغل، وفي المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق
الإنسان، يشكل أزمة، وتدهور مختلف مستويات التعليم، بشكل أزمة، وعدم مواجهة
الأمراض الشائعة في المجتمع، ومعالجتها، والعمل على القضاء عليها، يشكل أزمة،
وارتفاع قيمة التنقل العمومي المحلي، والجهوي، والوطني، يشكل أزمة... إلخ.
فالأزمة، تتجسد في استمرار انعدام
الحلول للمشاكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وعدم القدرة على
إيجاد تلك الحلول على المستوى المتوسط، والقريب، دون أن نذكر المستوى البعيد، الذي
يحتمل أن تتغير فيه الشروط الموضوعية، التي تصير مساعدة على إيجاد الحلول الجذرية
للمشاكل القائمة في المجتمع، مما يؤدي بالضرورة إلى تجاوز الأزمة، والعمل على جعل
المجتمع يعمل على إيجاد الحلول للمشاكل الطارئة بصفة تلقائية، نظرا للتحول الذي
تعرفه القوانين المختلفة، من أجل أن تصير في خدمة مصالح الشعب، الذي تصير له
السيادة، التي تجعله يقرر مصيره الاقتصادي ،والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مما
يجعله يتجاوز كل المشاكل التي كان يعاني منها، وأن المشاكل التي تصير مطروحة، قد
لا تتحول إلى أزمة، نظرا لقدرة الشعب على إيجاد الحلول المناسبة لمختلف المشاكل.
وبالنسبة للأزمة التعليمية، فإننا
نجد أن هذه الأزمة، تتجسد في مختلف المشاكل التي يعاني منها التعليم، المسمى
عمومي، بصفة عامة، والمشاكل التي تعاني منها المدرسة العمومية، بصفة خاصة.
فالبرنامج التعليمي، اللا ديمقراطي،
واللا شعبي، الذي يعاني منه التعليم المسمى عمومي، بسبب عمق المشاكل التي لا حلول
لها، يشكل أزمة تعليمية.
والتوجهات الكبرى، التي تحكم مجال
التعليم المسمى عمومي، كما هو الشأن بالنسبة للتوجهات الواردة في الميثاق الوطني
للتربية والتكوين، وما كان يسمى بالبرنامج الاستعجالي، ومختلف التصورات التربوية،
التي يتم تجريبها في مجال التعليم، لا لتثبت نجاعتها، بل لتثبت فشلها، مما يجعل كل
ذلك يشكل أزمة تعليمية.
وما تعاني منه المدرسة العمومية من
اكتظاظ، ومن العمل المزدوج للمدرسين في المدرسة العمومية، وفي المدرسة الخصوصية،
ومن إعطاء الدروس الإضافية المؤدى عنها في البيوت، لأبناء الأثرياء، ومن انعدام
تكافؤ الفرص، والطرق التربوية التعليمية التعلمية، التي لا تراعى تربية القدرات
المختلفة عند التلاميذ، والطلبة في مختلف المواد المدرسية، والجامعية، وفي مختلف
التخصصات، لا يمكن أن يعبر إلا عن قيام أزمة تعليمية، في المدرسة العمومية.
وعدم قدرة الإدارة التربوية، التي
تتحول إلى مجرد إدارة أمنية، على التواصل مع الآباء، والأمهات، والأولياء،
والأساتذة، وتدبير النظام في المدرسة المسماة عمومية، لا يمكن أن يعبر إلا عن قيام
الأزمة التعليمية.