الجمعة، 19 يوليو 2013

في علاقة الوجداني والعرفاني بالتعلم

kolonagaza7
الاستاذ : محمد رضا الغيلوفي
كان يعتقد في  ما مضى من الزمن ان العواطف تعيق الفكر العقلاني وتشيع الاضطراب فيه  لكن الابحاث العلمية الحديثة ادت الى التخلي هذا الاعتقاد الخاطئ  النابع من حقل التصورات الاجتماعية  ، في الاثناء ظلت  نماذج التعلم والتصورات حول النمو العرفاني متاثرة بنماذج معالجة المعلومة المستوحاة من الذكاء الاصطناعي والتي تهمل الخصائص الانسانية  ( علم نفس العرفاني) لكنّ الانسان  مقود باهتمامات ومحفزات وقيم و وتحكمه ايضا حاجات وانفعالات  تجمّع تحت ما يمكن تسميته نزوعي «  conatif ».
 ان معالجة المعلومة  والتعلم عموما موجه بما هو نزوعي وهذا ما يمثل المكونات الداخلية المفسرة للسلوك الانساني ، لقد اثبتت الدراسات العلمية  ان التمشي  الوجداني  يرافق التمشي العرفاني اثناء عملية التعلم والتعليم  ، يرى الباحث   «  Boekaerts »
 ان التمشي الوجداني هو نظام متكون من اربع عناصر  الثلاث الاولى تمثل موارد معلومات  ينهل منها المتعلم وهي على التوالي متطلبات المهمة ( المعارف الاجرائية الضرورية للوضعية الجديدة ) وكفاءة المتعلم ( معارفه وتصوراته  المخزنة في الذاكرة طويلة المدى ) ومفهوم الذات وصورتها  ، اما  العنصر الرابع فيتمثل في تقييم الفرد للوضعية  حيث يعمد الفرد الى اصدار احكام ما وراء عرفانية  فيقيم قلقه وقدرته  على تحقيق اهدافه والتغلب على المهمة   ، وهذا ما يجعله اثر ذلك  ينخرط في عملية  التعلم الجديدة  او يبدي رفضا حفاظا على صورة الذات.
 في الاثناء يرى الباحث wiener »  ان المتعلم يقيم الوضعية الجديدة للتعلم اثناء تفعيل التمشي الوجداني من خلال الاعزاءات السببية لنتائج تعلمه  بينما  يذهب «laird » الى التاكيد انّ الحالة الوجدانية في التعلم ناتجة عن تفاعل موارد متمثلة في تحليل الوضعية وتاويلها وتحليل السلوك التعبيري الذي يصدر عن المتعلم اثناء مباشرتها.
 من المعلوم ايضا ان التعلم قد شهد تحولات فمن ظاهرة ارتباط مع « Ebbinghaus »  الى ظاهرة اشراط  مع بافلوف  ثم الى ظاهرة  تعبر عن تغيير حاصل في السلوك الظاهر مع السلوكية والسلوكية الحديدة ، حيث يعرف « kimble » التعلم  كونه تغيير نسبي ودائم في القدرة على التصرف واتيان السلوك نتيجة لممارسات وتعزيزات . تاريخيا عوض مفهوم التعلم مفهوم المعرفة انطلاقا من سنة 1909 فصار التعلم موضوع بحث علمي نفسي وغدا التعلم  مبحثا ينبع من تقليدين هامين : الابستمولوجيا ( بياجي)  والفيزيولوجيا . جاءت البنائية والبنائية الاجتماعية عقب السلوكية ثم  ظهرت المقاربة العرفانية «  J.F.Richard »   لتعرف التعلم على اساس تعديلي للمعارف والسلوك ايضا  وهذا ما يستدعي  اثناء معالجة المعلومة  القيام بانشطة ذهنية متعددة ( استدلال ، حكم ، برهنة ........)
اكد ( Bloom) ان للتعلم ثلاث محددات هامة : السلوك العرفاني المتوفر في بداية التعلم ويمثل 50 بالمائة  من  النسبة الجملية  ،  الخصائص الوجدانية للمتعلم ( ثقته في نفسه- احساسه بالامن – ادراكه وتقديره لذاته....) وتمثل 25 بالمائة  من النسبة الجملية ، نوعية التعلم والمقصود بها ملامح المعلم وتعزيزه واجراءات التصحيح التي يقوم بها  وتمثل 25 بالمائة  المتبقية.
 اثبت الباحث "Tardif " ان البعد الوجداني في علاقة بتعلم التلميذ وبمجاله العرفاني والماوراء عرفاني ، فالتعلم يواجه قلقا واضطرابا يكون متحفزا للانجاز اذا لقي استحسان المعلم واحس بالامن وهذا ما يجعله يتغلب على المهمة الجديدة ، اذ يعالج المتعلم الوضعية وينشا تمشيا وجدانيا يصاحبه تنشيط فيزيولوجي حيث يقيم الفرد الوضعية ككل قبل ان يصدر عنه نشاط عرفاني.
في  نفس الاتجاه يرى "  Viau"  ان للفرد ثلاث خصائص فردية : عرفانية ، وجدانية ، نزوعية  متفاعلة فيما بعضها فقيم المتعلم وحاجاته وقلقه ودافعيته  متفاعلة مع اساليبه العرفانية واساليب التعلم عنده ومع معارفه السابقة المخزنة في ذاكرته طويلة المدى وتصوراته .
في المقابل اثبت "Brien" ان الحاجة هي مصدر التمشي الوجداني عند الفرد  لانّها دافع لتحديد الاهداف  الجديدة المشبعة للحاجات  مما يجعله يقارن الوضعية المتعامل معها مع  تصوراته المخزنة  وهذا ما يجعله يفقد توازنه  او يستعيده مرفوقا بانفعالات ممتعة  او  منفرة تمكنه فيما بعد من اشباع حاجاته او بالعكس تضل الحاجة دون تحقيق وهذا ما يجعل الفرد يكرر مسعاه من جديد.
دور المعلم في المجال الوجداني
  يرى " Audy  " انه على المعلم ان يعمل على تطوير المجال الوجداني عند المتعلم  بمساعدته على مراقبة تسرعه والتحكم في توتره والتغلب على العقبات فيجازيه عند النجاح ويدعوه الى المواظبة والمراهنة الايجابية .
درس "La fortune" علاقة العامل الوجداني بتعلم الرياضيات واكد ان المتعلم هو نتاج تفاعل سماته الشخصية وتمثلاته الخاصة بالمادة  وخصائصه العرفانية والوجدانية ايضا ، ومثلما يقع التفاعل يكون المتعلم:  امّا واثقا من نفسه مستقلا وذا دافعية عالية ، وامّا  حاملا نظاما من الاعزاءات الخارجية التي لن تمكنه لاحقا اذا حافظ عليها من تحقيق تقدم  وتحسين مردوده ، ففي الحالة الاولى  يصر الفرد على حل المشكل الرياضي  ويضاعف مجهوداته ويصمد اما م  الصعوبات  الدراسية  التي تعترضه ، اما في الحالة الثانية فيجتاحه الذهول  والذعر ويغدو شاعرا  بخطر خيالي احيانا او واقعي يكبله لاحقا على تعلم المادة.
يذهب "  vallerand" الى التاكيد على ان احساس المتعلم بالكفاءة يقوي لديه الدافعية تجاه مادة التعلم  ويعمق مسؤوليته وقدرته وهذا ما يبرز دور  المعلم في هذا الاتجاه من خلال تعميق ذلك الاحساس لدى المتعلم من خلال  التعزيز الايجابي والحوار والصبر على الاخطاء واعتماد التقييم التكويني سبيلا للدعم والعلاج والتعلم .
في الاثناء تعتقد " Gattusso" ان القيمة التي يسبغها المتعلم على مادة الرياضيات  تعبر مكونا من مكونات  مفهوم الذات المدرسية لذا على المتعلم ان يقدم المادة على انها في متناول المتعلم فينشا وسطا رياضيا حقيقيا به الوضعيات المفتوحة  والاساليب العرفانية المتنوعة ، كما عليه ان ينقل الحقائق التاريخية التي ادت الى تطور المادة وإظهار دورها في تطور البشرية  ودعم بقية الحقول المعرفية.
 اظهرت دراسات عديدة  ان الصعوبات المدرسية وثيقة الاتصال بتقدير المتعلم لذاته  من ناحية وبالخصائص النفسية الاسرية  من ناحية اخرى ، كما تتصل ايضا بالنتائج المدرسية الحاصلة للتلميذ ، فللعائلة دور هام في بناء ابنها مشروعه المدرسي وتحسين صورة الذات المدرسية وهذا ما يشكل البعد الوجداني الوثيق الصلة بالبعد العرفاني  والذي يمثل المتغير الحاسم في تعلم المتعلم  وتحقيقه مشروعه المدرسي.

 المراجع :    A. ben naceur   Psy chologie d apprentissage
 Psychologie de les emotions- A. ben naceur               

مشاركة مميزة