الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

رمضان بنكهة حارة

kolonagaza7
عدنان نصر
يتسابق مئات الغزيين لدور العبادة، طمعا في أجواء إيمانية تلطفها المكيفات بهوائها العليل، فمساكنهم تضجر من الرطوبة الشديدة التي تزيد حدتها مع انقطاع التيار الكهربائي، لدرجة تمنعهم من المكوث في بيوتهم لسويعات قليلة.شهر رمضان المبارك تزامن مع موجة حرارة اشتد وطيسها تلك الأيام، ما فاقم من معاناة السكان المحليين الذين يعيشون في شريط ساحلي ضيق تفرض "إسرائيل" عليه حصار مضن منذ ما يزيد عن أربع سنوات، بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية مطلع 2006م. الأجواء شديدة الحرارة عاشها الغزيون قبل ربع قرن بالتحديد، مع مفارقة كبيرة، إذ أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي تلفح وجوه الصائمين عند تناول طعام الافطار أو السحور في هذه الأيام، علاوة على ضيق الحال الذي يكتنف 60% من المواطنين يعيشون على المعونات الإنسانية. أزمة انقطاع التيار الكهربائي تولدت منذ أن قصفت " إسرائيل" محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع المحاصر؛ بعد أن أسرت ثلاث فصائل فلسطينية الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في عملية "الوهم المتبدد" النوعية على تخوم قطاع غزة في صيف 2006م ، وزادت الأمور سوءا بعد الانقسام السياسي في حزيران 2007م ، حيث حملت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة سلطة رام الله بتسييس قضية الكهرباء، وتقنين كمية السولار الصناعي الذي ترسله لتشغيل المحطة، في حين اتهمتها الأخرى بعدم زيادة نسبة أموال جباية الكهرباء المرسلة إليها من المواطنين."تزداد الطين بله" مع ارتفاع ضجيج المولدات الكهربائية في ساعات متأخرة من الليل، إما لتناول طعام السحور، أو لأزمة ليست أهون من سابقتها وهي ضخ المياه الى مساكن المواطنين، وغالبا ما يشتري المواطنون مياه تحلية " مفلترة" للتناقض الصريح بين برنامجي توزيع الكهرباء، وتزويد المواطنين بمياه البلدية.يشتعل لهيب الحرارة في البيوت المستورة التي لا تملك فائضا من المال لشراء مولد كهربائي، ما يجعل حياتهم جحيما لا يطاق بين جدران منازلهم، فتزيد من عصبية الأسرة التي لا تكفيها كؤوسا عديدة من الشراب المثلج عند الافطار، وفي الضواحي الشعبية يقضي السكان أوقاتهم في حلقات قبل آذان المغرب، يتناولون همومهم الغير منتهية بعيدا عن أتون الحرارة المشتعلة ، ، وفي المساء تنعشهم المراوح والمكيفات في صلاة التراويح.في أغلب الأحيان يضطر كثيرون للنوم بدون كهرباء، أو مولدات كهربائية يتقلبون في فراشهم، يهرب النوم من جفونهم مع شدة الحرارة، فهم لا يملكون خيارا أفضل، لا سيما في ظل أجواء حارة لم تشهدها البلاد من ذي قبل كما ذكرت دائرة الأرصاد الجوية. الأسبوع الماضي قدمت حكومة غزة مبادرة خلال الأيام الفائتة تنص على تعميق الجباية بحيث تخصم مبلغ (170) شيقل من موظفيها الذين يتجاوز راتبهم الـ(1500) شيقل وكذلك تفعل حكومة رام الله، إضافة لأن تجري مفاوضات مع مؤسسات أخرى كالجامعات ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" ليجري الخصم على موظفيها أيضًا.في الختام ينتظر المواطنون أن تثمر الاتصالات بين حكومتي غزة ورام الله، فيما يتعلق بتلك المبادرة ، ليسدل الستار على أزمة توشحت القطاع بالسواد الحالك منذ أربع سنوات.

مشاركة مميزة