الأربعاء، 31 أغسطس 2011

الليبراليون السعوديون، بين غموض النشأة والواقع المشوه 2-2 / رمضان الغنام

kolonagaza7

المختصر/
قلة قليلة من الكُتَّاب الليبراليين الشرفاء يُعدون على الأصابع كان يزعجهم الذي يحدث لكنهم لا يستطيعون تغيير شيء .."
يقول صاحب كتاب نقد الليبرالية:"أما من حيث علاقة الليبرالية بالأخلاق فقد أكدنا فقر المعنى الأخلاقي داخل هذه الفلسفة، بل ذهبنا إلى أبعد من ذلك فقلنا: إن "الأخلاق "الليبرالية هي الأحق بأن تنعت بالأبيقورية – ليس بمدلولها الأصيل عند أبيقور ، بل بمدلولها الشائع كطلب للالتذاذ الحسي والنزوع الفرداني -؛لأنها تنظر إلى الكائن الإنساني جسدا، وتستجيب له بوصفه كينونة جسدية ذات غرائز تطلب الالتذاذ والإشباع .هذا دون أن تضع في الحسبان الأبعاد المعنوية في كينونة الإنسان، وهي الأبعاد التي أبصرتها الحكمة الدينية،والفلسفة منذ أقدم تجلياتها الفكرية"(12)
علاقة الليبراليين السعوديين بالحكومات الغربية :
سأكتفي هنا بذكر عدة وقائع تداولتها الصحف، وعلق عليها الكثير من الكتاب، أولى هذه الوقائع التي تشهد بعمالة الليبراليين السعوديين للغرب مع حدث مع سيدة الأعمال السعودية المعروفة "حصة العون التي ترأس مجلس إدارة شركتين تجاريتين، وأربع جمعيات أهلية، وهي الأمين العام لمجلس اتحاد المستثمرات العرب.
ففي شهر سبتمبر من العام 2006م وعلى الفضائية اللبنانية LBC روت الأستاذة حصة العون حادثة واقعية مرت بها وقالت:(إي نعم السفارة الأمريكية أنا زارتني أكثر من مرة، وحاولوا معي أكثر من مرة، وطلبوا كمان يعطوني دعم مادي، ويعطوني قروض، ويعطوني تسهيلات كثيرة، ورفضتها، وزارتني القنصل أكثر من مرة في مكتبي)(13).
وقد علق على هذه الحادثة الكاتب خالد السليمان، بقوله:(قنبلة حصة العون تكتسب دويها من كونها واقعة شخصية انتقلت بالمسألة بعيداً عن الجدال الذي لم يتخطّ سابقا حدود الاتهامات العامة والمبهمة..، ويجب التأكيد أن سلوك مثل هذه السفارات ليس ابتداعا جديداً، بل هو جزء من أسلوب عمل بعض أجهزتها لخدمة مصالح دولها في أغلب دول العالم، ويتخذ مثل هذا السلوك أشكالا مختلفة ابتداءً من الاحتفاء ومد الجسور الشخصية، وصولاً إلى التجنيد التام، مرورا بتقديم الهدايا التي لا تخلو من المشروبات الروحية)(14).
أما الحادثة الثانية فكانت مع القنصل البريطاني ، حيث(قدمت الحكومة البريطانية دعما بملغ 700 ألف ريال لدعم برامج مركز خبراء المستقبل للتدريب والتطوير في جدة، وذلك لتغطية نفقات 25 دورة تدريبية مجانية تقام في جدة وحائل والمدينة المنورة وأبها، لتطوير مهارات السعوديات، يستفيد منها نحو ألف سيدة سعودية..، وقام السيد "جيرارد راسل" القنصل البريطاني العام في جدة، بتوقيع العقد مع المالكة-المدير العام للمركز، في احتفال أقيم بهذه المناسبة في مقر القنصلية في جدة)(15)
وهناك العديد من الأخبار التي تثبت العمالة من أجل المال أو الشهرة من قبل كثير من دعاة الليبرالية، حيث تستخدمهم كثير من الدول الغربية لنشر أفكارها، أو في عمليات التجسس والإحصاء .
نقد الليبرالية السعودية من قبل الكتاب السعوديين ، والليبراليين أنفسهم:
إن أكثر ما يوضح واقع الليبرالية في السعودية هو مقال لنادين البدير ذات التوجه الليبرالي تحت اسم " العفن الليبرالي السعودي" وكما يقال: "الحق ما شهدت به الأعداء".
قالت نادين البدير في مقالة لها واصفة للظاهرة الليبرالية في السعودية، إن صح التعبير، لأن الليبرالية لم تكن يوما ولن تكون ظاهرة في الأراضي السعودية، وإنما هي بعض الأفواه والأقلام المتسكعة على أرصفة الصحف، وشاشات القنوات، قالت: "الليبراليون في السعودية نائمون، جبناء.. لا يقوون على معارضة السائد ولا يجرؤون على انتقاد حشرة، الليبراليون مشتتون. ضائعون...."
إن هذا المقال لم تكتبه صاحبته لتعلن فيه تبرؤها من الليبرالية؛ وإنما لتعلن فيه خيبة أملها في الليبراليين السعوديين، وجبنهم وضعفهم، وتحاول بهذا المقال استثارتهم، بحيث ينتقل فكرهم من مرحلة التنظير إلى مرحلة الفعل والعمل على أرض الواقع، فكشفت بذلك كذب دعواهم، وخطر ما يحملون من فكر .
ثم تابعت بقولها: ليبراليو السعودية مختلفون عن ليبراليي العالم العربي وإن كانوا جميعهم متفقين بمسألة واحدة هي عدم امتلاكهم لمشروع حقيقي أو عدم البدء به،... الليبراليون كاذبون، منافقون، متقلبون ...
ثم تصف الكاتبة أخلاقهم بقولهم : ما يزرعونه هو النفاق والالتواء... يحبون الليالي الحمراء، صاروا مشهورين بتلك الليالي، الأمر الذي يجعل الفرد أمام خيارين، فإما أن ينضم لقائمة الإسلاميين والمحافظين وإما أمامه حياة لا تسير على مبدأ"، تقصد بذلك حياة تتسم بالإباحية والعهر والشذوذ كما هو معروف في الفكر الليبرالي .
ثم تشير الكاتبة بنت جلدتهم، إلى صنف من كتاباتهم بقولها :" أقصى مشاركة جريئة يقوم بها (الليبرالي)، كتابة رواية جنسية تفصل العلاقة الجسدية، وبلوغ النشوة بين رجل وامرأة، أو تصور تفاصيل حميمة لعلاقة مثلية نشأت بسبب التطرف والمحافظة"
وإلى هذا التناقض أشار أيضا حسين بن سالم أحد الليبراليين السعوديين معقبا على مقال نادين البدير بقولة :" أما الاتهام بالتناقضات في المشهد الليبرالي السعودي مع القيم الليبرالية الحقيقية والاهتمام بالقضايا الثانوية، الذي أشار إليه المقال فهو حق نسبي يصدق ربما على كثير من الشعاراتيين الذين امتطوا صهوة الليبرالية لتحقيق بعض الأغراض أو المكاسب، وهم من الأكثر تناقضاً كما أشارت الكاتبة مع مبادئها وقيمها... "
وقال الدكتور عبد الله الغذامي :"إن الليبراليين السعوديين أثبتوا لنا أنهم يطالبون بحق التعبير لأنفسهم، ويحرمون الطرف الآخر من هذا الحق نفسه، ونفى الغذامي اعتبار تيار ما سماهم "المبدعين والكتاب والمثقفين" السعوديين بالليبراليين، لأنهم لا يتعاملون بالليبرالية مع الطرف المخالف لهم، ولا يقدمون صيغة جديدة، وإنما يمارسون إرهابا معاكسا ضد من يحاولون التعارض معهم".(16)
__________________________

(12) نقد الليبرالية–الطيب بوعزة-ص:152-كتاب مجلة البيان -1430م،2009م.
(13) حصة العون، قناة إل بي سي، سبتمبر2006م.
(14) خالد السليمان، صحيفة عكاظ، 24 سبتمبر 2006م .
(15) صحيفة الاقتصادية، 11 مارس 2007م.
(16) موقع قناة العربية بتاريخ الثلاثاء 8 محرم 1432هـ - 14 ديسمبر 2010م، تحت عنوان : الناقد عبد الله الغذامي: الليبرالية في السعودية هوية من لا هوية له.
المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث

مشاركة مميزة