الاثنين، 15 أغسطس 2011

ثورات الشعوب وتلون الإيدولوجيات والطائفيين




kolonagaza7

رؤية

بقلم / عبدالرحمن الكنهل
أهم ما يميز الثورات العربية أنها لا تعبر عن تنظيرات المثقفين ولا أصحاب الإيدولوجيات ، لا تستأذن أحداً منهم ولا تأخذ موافقة ، و لا تتأثر كثيراً ولا قليلاً بأحاديث وآراء وإتهامات وتهويلات المثقفين وأصحاب الإيدولوجيات حول حكايات المؤامرات.
الثورات قرارات الشعوب وتوقها للحرية ورفض القمع والإستبداد والفساد بدون النظر إلى هوية النظام الإيدولوجية ولا يهم الشعوب إذا كان يخدم مصالح ذلك التيار أو ذاك، قوى ممانعة أو إعتدال.
فبعض الليبراليون العرب الجدد شعروا و كأن كارثة حلت بهم عندما قامت الثورة المصرية مرددين أنها فوضى وأن مبارك و قمع أمن الدولة والفساد هو الإستقرار ، فقيمهم الليبرالية ليست لأجل فردانية وحرية وكرامة الإنسان كما هو الحال بالنسبة للموقف الليبرالي في نسخته الأصلية (الكلاسيكية) المتجردة من المواقف الإيدولوجية والسياسية المسبقة ، بل مواقفهم يحددها أجندة مستقبل الشرق الأوسط الجديد وفق الرؤية الأمريكية ، لذا كان سقوط الحارس الأمين لحدود إسرائيل مروعاً لهم.
بعض (سلفيي) اليسار العرب كانوا مع ثورة الشعب المصري ، وليس موقف الجميع يمارسه لأسباب أخلاقية ومواقف ومبادئ تتعلق بحقوق وكرامة الشعوب ، بل منطلق إيدولوجي و موقف سياسي مسبق ، بدليل أن بعضاً منهم بدأ يذرف الدموع على نظام حزب البعث وبشار الأسد ، فهو قرر أن الثورة في مصر وتونس شعبية ، ولكنها في سوريا مؤامرة ، بينما بعض الليبراليون العرب الجدد الذين ألمحوا أو صرحوا أن ما يحدث في مصر مؤامرة أو فوضى ، يتعاطفون اليوم تماماً مع الشعب السوري ، ليس لأسباب أخلاقية أو تعاطف مع حقوق وكرامة الشعب ، بل لأجل ممارسة موقف سياسي صرف.
وهكذا الطائفيين تسقط لديهم القيم وتتجزأ وتتلون ، فتجد بعض من كان مع ثورة كل شعب و يرفض مقولات المؤامرة ويسخر منها أصبح فجأة ضد ثورة الشعب البحريني بحجة أنها مؤامرة!! .. والحقيقة أنه يرفض حق الشيعي في الثورة لأسباب طائفية صرفة.
كذلك بعض الشيعة وقفوا إلى جانب مجازر بشار ضد الشعب السوري لأسباب طائفية في نفس الوقت الذي يذرفون فيه الدموع على قمع ثورة شعب البحرين.
وليس ببعيد عنهم وعاظ السلاطين ، فالثورة في بلد حرام ، وفي آخر مباركة تستحق الدعاء لها ، فهو لا يستمد رأيه ولا موقفه من الشريعة بل من مصالح الحاكم ، بعضهم كان يحث على الجهاد عندما تؤيد أمريكا فتؤيده بالتالي حكوماتهم ، ثم يعودون لتحريمه إذا كان ضد أمريكا فحرمته حكوماتهم ، فمواقف بعض رجال الشريعة كذلك في الثورات حسب المصالح رغم أن القمع والظلم واحد هنا أو هناك.
ويجدر التنبيه أنني لا أعمم ، فبعض اليساريين والقوميين العرب أتخذوا مواقف معتدلة بل ومشرفة وساندوا الشعوب أياً كان النظام ، وكذلك بعض الليبراليين العرب الجدد الذين سعدوا بالثورات وبدايات التغيير ، ولم يعتبروا التدخل الأمريكي شرطاً لصحة وسلامة التغيير.

مشاركة مميزة