السبت، 29 أكتوبر 2011

مهيب النواتي ... نعترف بأننا مقصرون

kolonagaza7

بقلـم / رمزي صادق شاهين
تتسارع الأيام والأشهر ، ولازال زميلنا الصحفي مهيب النواتي مختطفاً لدى أجهزة القمع والإرهاب السورية ، هذا النظام الزائل بإذن الله اختطف مهيب أوائل العام 2011م ، ورفض الإفصاح عن مكان وجوده أو سبب اعتقاله ، ضارباً بعرض الحائط كُل القوانين والمواثيق ، ملتفاً على كُل الأخلاق والأعراف التي تؤكد حق أي معتقل بزيارة من قبل محاميه أو المؤسسات الحقوقية أو عائلته .
وبرغم معرفتنا التامة بأن النظام البعثي السوري هو أشد قسوة وإجرام من أي نظام عربي آخر ، حتى بلغت فيه المسألة إلى التجبر على خالق البشرية ، ونحن نشاهد كُل من يحصل لشعبنا السوري الشقيق الذي يموت يومياً وتُقصف مساجده وبيوته ، وتُنتهك أعراضه أمام مرأى ومسمع هذا العالم الذي يدعى الحرية والعدالة والديمقراطية ، فقد ظهرت ديمقراطية بشار الأسد الدموية من أجل البقاء في سده الحُكم ، وكأنه أصبح حجراً أصم وهو يرى أسلافه من الزعماء العرب المخلوع منهم والمقتول ، في ظل إرادة شعبية لا يمكن لها أن تتنازل عن حقها في إسقاط نظامه الذي مارس القتل والإرهاب ضده ، ونهب ثرواته ، هذا كله أعطانا جرعة سلبية وجعل حالة التفاؤل في أدنى مستوياتها عن إمكانية الإفراج عن مهيب وغيره من المعتقلين الفلسطينيين والعرب في السجون السورية .
إننا أمام مسألة إنسانية ، أخذت جزء من الإهتمام الإعلامي ، فقضية مهيب وبرغم توليها من قبل بعض الأصدقاء والزملاء إلا أنها قضية تتطلب موقف ومساعي رسمية من قبل الجهات الفلسطينية المسئولة وعلى رأسها الرئاسة الفلسطينية ووزارة الخارجية وكذلك فصائل العمل الوطني الفلسطيني التي تتمتع بعلاقات مع النظام السوري .
أخي مهيب النواتي ، نعلم جيداً معاناتك ، ونعلم معاناة عائلتك وأطفالك الذين ينتظرون لحظة لقائك بفارغ الصبر ، خاصة أنهم تعذبوا من ألم البعد عن الوطن والعائلة ، وهاهم يعانون من ألم بُعد الأب الحنون ، هذا المناضل الفلسطيني الذي قدم الكثير من أجل فلسطين ، وضحى كباقي أبناء شعبنا فكان الأسير والمقاتل والمثقف والصحفي الذي يناضل بقلمه لينقل معاناة شعبنا إلى خارج الحدود .
مهما حاولنا التبرير ، إلا أننا قصرنا في قضية مهيب النواتي ، فالجسم الصحفي والإعلامي بدأ خطوة أولى لدعم المطالبة بالإفراج عن مهيب ، إلا أن هذه الخطوة توقفت نتيجة حالة الإهمال العام التي تعصف بقضايا كثيرة في هذا الوطن ، فتاريخ تقصيرنا في مناضلينا وأسرانا وشهداؤنا طويل ، وهو تاريخ سيُحاسب عليه أصحاب القرار الذين تولوا المسؤوليات الرسمية ، ومن تم انتخابهم كممثلين للمواطن الفلسطيني في المجلس التشريعي ، هؤلاء الذين أخذوا على عاتقهم الدفاع عن حقوقهم وحمايته وصون كرامته .
لا بد لنا اليوم إلا التذكير بقضية زميلنا مهيب النواتي ، هذه القضية التي جاءت لتفتح ملف من أخطر الملفات وهو المفقودين الفلسطينيين والعرب في السجون السرية السورية ، فبعض هؤلاء مفقود منذ عشرات السنوات ، ومنهم من قُتل أثناء التعذيب ، ومنهم من يُعاني الأمراض وسوء المعاملة الطبية والإنسانية ، في ظل ظروف لا يعلمها إلا الله .
تحية لكُل من وقف إلى جانب الزميل مهيب النواتي ، الذين سخروا أقلامهم ومواقعهم من أجل الدفاع عن قضية مواطن فلسطيني يتعرض للموت البطيئ وعائلته وأطفاله في الإنتظار ، والخزي والعار لكُل المسئولين الذين يحملون أمانة المسؤولية ولا يؤدون واجبهم بشكل يُرضى الله ، والعهد لكُل الأحرار على مواصلة النضال لتحرير كافة الأسرى من السجون الإسرائيلية والمختطفين بدون وجه حق في السجون العربية .
صحفي وكاتب فلسطيني
Ramzi.s.shaheen@gmail.com

مشاركة مميزة