kolonagaza7
منْ كان يصدّق ان الشعب السوري سينتفض. منْ كان يصدّق ان ثورته ستكون امّ الثورات العربية وانه يصنع بالفعل الربيع العربي من المحيط الى الخليج؟ لدى التمعّن بالاحداث العربية التي لا سابق لها والتي شهدها العام 2011، يمكن القول بسهولة ان حدث الاحداث كان الشعب السوري. كان رجل السنة وكلّ سنة. فاجأنا الشعب السوري بقدرته على المقاومة والممانعة في وجه نظام لم يكن له هدف سوى القضاء عليه وتطويعه وحرمان افراده من حقّ المواطنة. نعم، ان الشعب السوري كان رجل العام 2011 وهو رجل السنة 2012. منْ كان يتصوّر ان الشعب السوري سيصمد كلّ هذا الوقت في مواجهة نظام لم يكن لديه من همّ سوى مصادرة ارادته وتحويله الى مجرّد ارقام على غرار ما هو حاصل في كوريا الشمالية حيث خلف كيم جونغ ايل والده كيم ايل سونغ، ثم خلف كيم جونغ اون والده كيم جونغ ايل!
سوريا ليست كوريا الشمالية، علما ان الشعب الكوري يمكن ان يفاجئنا يوما. سوريا شعب يقاوم النظام ويرفض الخضوع له. تضم سوريا مجموعة من المكونات لا تزال تسعى الى قيام دولة ديموقراطية تعيش بشكل طبيعي في الشرق الاوسط بعيدا عن وهم اسمه وهم الدور الاقليمي الذي لا وجود له. بكلام اوضح، سئم الشعب السوري من المتاجرة به ومن عملية الهروب المستمرة الى امام التي لم تنطل عليه يوما. كان الشعب السوري يعرف ان كلّ ما في الامر انّ الكلام عن “مقاومة” او “ممانعة” ليس سوى مبرر لتدجينه وافقاره وانتزاع حقوقه البديهية وتحويله الى مجرد قطيع. لذلك انتفض الشعب السوري. كان مفاجأة الربيع العربي الذي لم يزهّر ولن يزهّر الا في دمشق. لا قيمة للربيع العربي اذا لم يزهّر في دمشق وينتج نظاما جديدا يكون قدوة للعرب وغير العرب في المنطقة بعيدا عن اي نوع من الظلم او التعصّب او العنصرية او التزمت الديني.
قليلون راهنوا على الشعب السوري. معظم العرب والاجانب اعتقدوا ان لا امل يرتجى من سوريا وان النظام القائم قادر على مقاومة ايّ انتفاضة شعبية. فاجأ السوريون معظم العرب وغير العرب، بما في ذلك اوروبا والولايات المتحدة. نزل السوريون الى الشارع. سينزلون باعداد اكبر على الرغم من القمع والظلم والاعتقالات العشوائية التي لم توفّر بعض انقى السوريين واكثرهم تعلّقا بالوطن والعروبة الحضارية. في النهاية، لن يصحّ الا الصحيح. لم يكن ممكنا الاّ ان ينفجر الوضع في سوريا لاسباب موضوعية. في طليعة هذه الاسباب ان النظام لم يكن قادرا على ايجاد حلّ لايّ مشكلة من المشاكل المطروحة منذ سنوات عدة بدءا بحرية التعبير وانتهاء برغيف الخبز مرورا في طبيعة الحال بتأمين حدّ ادنى من المساواة بين المواطنين بعيدا عن الطائفية والمذهبية.
كان السوري العادي يعرف تماما ان الشعارات التي يستخدمها نظام غير قادر لا على الحرب ولا على السلام انما تصب في خدمة عائلة ومجموعة تابعة لها لا هدف لها سوى البقاء في السلطة. كان همّ النظام محصورا في بقائه في السلطة. لم يفهم هذا النظام معنى الخروج العسكري من لبنان نتيجة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه. لم يفهم معنى التغيير الاستراتيجي الذي شهدته المنطقة والذي يتمثّل في انه اصبح، نتيجة الاغتيال، تحت رحمة ايران في لبنان. لم يتعلّم شيئا من التجارب التي مرّ بها. على العكس من ذلك، تمسّك بالكتاب القديم الذي يقرأ منه اركان النظام والذي يقوم على فلسفة الغاء الاخر.
بقي النظام يقرأ من هذا الكتاب الى ان فوجئ باليوم الذي اكتشف فيه انه لم يعد امامه سوى الغاء شعبه. الى الآن، لم يستطع النظام استيعاب ان ذلك ليس ممكنا وان الغاء الشعب السوري لن يحلّ المشكلة العضوية التي يعاني منها تاريخيا، اي منذ نشوء الكيان السوري. كلّ ما في الامر ان على النظام في سوريا مواجهة الحقيقة المرّة المتمثلة في انه اوصل البلد الى ازمة نظام وكيان في الوقت ذاته وان تعليم السوريين في المدارس ان لبنان وفلسطين والاردن ولواءالاسكندرون جزء من سوريا الطبيعية ليس سوى نكتة. ربما تكمن المشكلة في ان النكتة طالت اكثر مما يجب وانه آن اوان مواجهة الواقع.
يقول الواقع بكلّ بساطة ان النظام السوري الذي قام على سياسة الابتزاز غير قابل للاصلاح وان الشعب السوري يعرف ذلك. اكثر من ذلك، اذا كان النظام يراهن على الانقسامات في صفوف العارضة، فأنّ هذا الرهان ليس في محله. لا مكان لمثل هذا النوع من الرهانات لانّ مشكلة النظام ليست مع المعارضة. انها مع الشعب اوّلا واخيرا. لم يعد الشعب السوري يقبل العيش في قفص. انه يعرف ما يدور في العالم ومطّلع على ادق التفاصيل. انه يعرف ان النظام الذي ينادي بالعلمانية في سوريا لا يمكن ان يكون صادقا مع شعبه عندما يدعم “القاعدة” في العراق وحزبا مذهبيا مسلحا تابعا لايران في لبنان.
خلال نحو نصف قرن من جود هذا النظام السوري الذي بدأ في العام 1963 بعثيا مدنيا وانتهى نظاما عائليا- بعثيا، لم يتغيّر شيء. كان الهدف منذ البداية الغاء الشعب السوري. تبيّن ان الشعب السوري لا يقبل الغاء نفسه وان سوريا ليست كوريا الشمالية. فاجأ السوريون النظام مثلما فاجأه قبل ذلك اللبنانيون. تبيّن ان السوريين، مثل اللبنانيين، متعلّفون بثقافة الحياة وانهم يرفضون الشعارات الطنانة التي لا تنطلي على احد. انّهم رجل السنة وكلّ سنة. ستظلّ سوريا قلب العروبة النابض. لكنّ الكلام هنا عن العروبة الحضارية وليس عن عروبة المزايدات التي لا تصبّ سوى في خدمة دولة عنصرية اسمها اسرائيل لا اكثر ولا اقلّ.
خير الله خير الله
سوريا ليست كوريا الشمالية، علما ان الشعب الكوري يمكن ان يفاجئنا يوما. سوريا شعب يقاوم النظام ويرفض الخضوع له. تضم سوريا مجموعة من المكونات لا تزال تسعى الى قيام دولة ديموقراطية تعيش بشكل طبيعي في الشرق الاوسط بعيدا عن وهم اسمه وهم الدور الاقليمي الذي لا وجود له. بكلام اوضح، سئم الشعب السوري من المتاجرة به ومن عملية الهروب المستمرة الى امام التي لم تنطل عليه يوما. كان الشعب السوري يعرف ان كلّ ما في الامر انّ الكلام عن “مقاومة” او “ممانعة” ليس سوى مبرر لتدجينه وافقاره وانتزاع حقوقه البديهية وتحويله الى مجرد قطيع. لذلك انتفض الشعب السوري. كان مفاجأة الربيع العربي الذي لم يزهّر ولن يزهّر الا في دمشق. لا قيمة للربيع العربي اذا لم يزهّر في دمشق وينتج نظاما جديدا يكون قدوة للعرب وغير العرب في المنطقة بعيدا عن اي نوع من الظلم او التعصّب او العنصرية او التزمت الديني.
قليلون راهنوا على الشعب السوري. معظم العرب والاجانب اعتقدوا ان لا امل يرتجى من سوريا وان النظام القائم قادر على مقاومة ايّ انتفاضة شعبية. فاجأ السوريون معظم العرب وغير العرب، بما في ذلك اوروبا والولايات المتحدة. نزل السوريون الى الشارع. سينزلون باعداد اكبر على الرغم من القمع والظلم والاعتقالات العشوائية التي لم توفّر بعض انقى السوريين واكثرهم تعلّقا بالوطن والعروبة الحضارية. في النهاية، لن يصحّ الا الصحيح. لم يكن ممكنا الاّ ان ينفجر الوضع في سوريا لاسباب موضوعية. في طليعة هذه الاسباب ان النظام لم يكن قادرا على ايجاد حلّ لايّ مشكلة من المشاكل المطروحة منذ سنوات عدة بدءا بحرية التعبير وانتهاء برغيف الخبز مرورا في طبيعة الحال بتأمين حدّ ادنى من المساواة بين المواطنين بعيدا عن الطائفية والمذهبية.
كان السوري العادي يعرف تماما ان الشعارات التي يستخدمها نظام غير قادر لا على الحرب ولا على السلام انما تصب في خدمة عائلة ومجموعة تابعة لها لا هدف لها سوى البقاء في السلطة. كان همّ النظام محصورا في بقائه في السلطة. لم يفهم هذا النظام معنى الخروج العسكري من لبنان نتيجة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه. لم يفهم معنى التغيير الاستراتيجي الذي شهدته المنطقة والذي يتمثّل في انه اصبح، نتيجة الاغتيال، تحت رحمة ايران في لبنان. لم يتعلّم شيئا من التجارب التي مرّ بها. على العكس من ذلك، تمسّك بالكتاب القديم الذي يقرأ منه اركان النظام والذي يقوم على فلسفة الغاء الاخر.
بقي النظام يقرأ من هذا الكتاب الى ان فوجئ باليوم الذي اكتشف فيه انه لم يعد امامه سوى الغاء شعبه. الى الآن، لم يستطع النظام استيعاب ان ذلك ليس ممكنا وان الغاء الشعب السوري لن يحلّ المشكلة العضوية التي يعاني منها تاريخيا، اي منذ نشوء الكيان السوري. كلّ ما في الامر ان على النظام في سوريا مواجهة الحقيقة المرّة المتمثلة في انه اوصل البلد الى ازمة نظام وكيان في الوقت ذاته وان تعليم السوريين في المدارس ان لبنان وفلسطين والاردن ولواءالاسكندرون جزء من سوريا الطبيعية ليس سوى نكتة. ربما تكمن المشكلة في ان النكتة طالت اكثر مما يجب وانه آن اوان مواجهة الواقع.
يقول الواقع بكلّ بساطة ان النظام السوري الذي قام على سياسة الابتزاز غير قابل للاصلاح وان الشعب السوري يعرف ذلك. اكثر من ذلك، اذا كان النظام يراهن على الانقسامات في صفوف العارضة، فأنّ هذا الرهان ليس في محله. لا مكان لمثل هذا النوع من الرهانات لانّ مشكلة النظام ليست مع المعارضة. انها مع الشعب اوّلا واخيرا. لم يعد الشعب السوري يقبل العيش في قفص. انه يعرف ما يدور في العالم ومطّلع على ادق التفاصيل. انه يعرف ان النظام الذي ينادي بالعلمانية في سوريا لا يمكن ان يكون صادقا مع شعبه عندما يدعم “القاعدة” في العراق وحزبا مذهبيا مسلحا تابعا لايران في لبنان.
خلال نحو نصف قرن من جود هذا النظام السوري الذي بدأ في العام 1963 بعثيا مدنيا وانتهى نظاما عائليا- بعثيا، لم يتغيّر شيء. كان الهدف منذ البداية الغاء الشعب السوري. تبيّن ان الشعب السوري لا يقبل الغاء نفسه وان سوريا ليست كوريا الشمالية. فاجأ السوريون النظام مثلما فاجأه قبل ذلك اللبنانيون. تبيّن ان السوريين، مثل اللبنانيين، متعلّفون بثقافة الحياة وانهم يرفضون الشعارات الطنانة التي لا تنطلي على احد. انّهم رجل السنة وكلّ سنة. ستظلّ سوريا قلب العروبة النابض. لكنّ الكلام هنا عن العروبة الحضارية وليس عن عروبة المزايدات التي لا تصبّ سوى في خدمة دولة عنصرية اسمها اسرائيل لا اكثر ولا اقلّ.
خير الله خير الله